الأمثال الأفريقية.. حكمة للإنسان من وحي الحيوان
2015/2/10 الساعة 17:22 (مكة المكرمة)
يمثل عالم الحيوان رافدا رئيسيا للخطاب المجازي الذي يغذي الأمثال الشعبية للقارة السمراء. صور وتشبيهات تنعكس على الإنسان الأفريقي تشير إلى الكبرياء طورا وإلى رفعة الذوق طورا آخر، ويجد المحبون للبلاغة الشفهية متعة لا تضاهيها متعة في استنباطها وتداولها.
"إذا تبعك النحل فهذا يعني أنك أكلت عسلا". على غرار ما يميز هذا المثل الغابوني، تجمع الإنسان والحيوان في أفريقيا علاقة تكاد تكون عضوية، باعتبار أنهما مرتبطان ارتباطا وثيقا بحكم القرب الجغرافي والبيئي، ولكن بشكل أخص بفضل الارتباط الوجداني والقدسي بين العالمين.
ويعتبر إدموند بيلووا رئيس قسم اللغات الأفريقية واللسانيات بجامعة ياوندي في الكاميرون أن هذا الرابط الجوهري هو الذي يبرر اللجوء إلى استحضار الحيوان في الأمثال الأفريقية.
مرجعية الحيوانات
وشرح بيلووا هذه الميزة قائلا "اعتدنا في ثقافاتنا الاعتماد على مرجعية الحيوانات التي تقاسمنا حياتنا اليومية، لذلك فنحن نقوم بتشخيص هذه الحيوانات في أمثالنا من أجل رسم صورة أكثر وضوحا لتقريبها للإنسان".
وشرح بيلووا هذه الميزة قائلا "اعتدنا في ثقافاتنا الاعتماد على مرجعية الحيوانات التي تقاسمنا حياتنا اليومية، لذلك فنحن نقوم بتشخيص هذه الحيوانات في أمثالنا من أجل رسم صورة أكثر وضوحا لتقريبها للإنسان".
في المجتمعات الأفريقية حيث تسيطر ثقافة المشافهة، يربط الناس بين إتقان فن الكلام وبين الاستخدام الذكي والمناسب لهذه الأمثلة التي تهدف إلى إسداء نصيحة أو نقل موعظة أو بث معرفة.
وتمكّن شخصنة حيوانات البراري والغابات والصحاري من الكشف عن سلوكيات إنسانية، وذلك عبر طرح واستحضار مواضيع الحسد والسخرية والجشع والحب والصبر وغيرها من المواضيع ليتم تقديم حكمة تحت غطاء الهزل.
هي أمثال من نوع "من يثر عش الدبابير عليه أن يجيد الركض" (مثل سنغالي)، أو "اعبر النهر قبل أن تبدأ في التهكم على التمساح" (مثل كونغولي)، أو "القرد الذي لا ينظر إلى مؤخرته يسخر من القردة الآخرين" (مثل إثيوبي).
وأمثال أخرى تقول إن "خرء الدجاج يظل قصرا ذهبيا بالنسبة للديك رغم عطن المكان" (مثل عاجي)، و"نقيق الضفادع لا يمنع الفيل من الشرب"، وأيضا "جميع القطط تنبش في القمامة، ولكن القطط المتهورة فقط هي التي تسقط داخلها" (مثل سنغالي)، أو "السمك يثق بالماء لكنه هو ذاته الماء الذي سيطبخ فيه" (من بوركينافاسو).
هي جميعها أمثال تتوالى لتكشف عن طبيعة بشرية رسمت ببراعة في أدق تجلياتها ومن خلالها ينطق اللسان الأفريقي أثمن الحكم ويأخذ أكثر الدروس قيمة.
وتتجلى القراءة على مستويات عديدة لمتلقي هذه الرسائل، فهذه التفاعلات اللفظية ممتلئة بالهزل والسخرية والحكمة، ترسم ما تكتنزه الذات البشرية من صفات الغيرة والطمع وقلة الصبر.
ثقافة المشافهة
ويقول جيرومي ياوو كوواديو وهو أستاذ محاضر بجامعة "الحسن واتارا" بمدينة "بواكي" وسط ساحل العاج "نحن ما زلنا نعيش في ثقافة المشافهة، ثقافة تتبوأ الحيوانات والنباتات فيها مكانة بارزة. نحن نلجأ إلى ميزات الحيوان لتمرير رسالة ما".
ويقول جيرومي ياوو كوواديو وهو أستاذ محاضر بجامعة "الحسن واتارا" بمدينة "بواكي" وسط ساحل العاج "نحن ما زلنا نعيش في ثقافة المشافهة، ثقافة تتبوأ الحيوانات والنباتات فيها مكانة بارزة. نحن نلجأ إلى ميزات الحيوان لتمرير رسالة ما".
ويوضح أستاذ علم الأمثال بالجامعة العاجية قائلا "يجب أن نفهم المثل وأن نعيشه، المثل هو زهرة اللغة، المثل هو أيضا تعبير جدّيّ يترجم الحكمة، وهو ميزة الحكماء".
ويستنكر الأستاذ إدموند بولووا تقلص تداول الأمثال شيئا فشيئا في عدد من المناطق الأفريقية رغم أنها موروث ثقافي مقدس، قائلا في هذا الصدد "في المناطق الريفية بالكاميرون، حيث تعتبر نسبة التمدرس ضعيفة نسبيا، يتزايد تداول استعمال الأمثال من قبل السكان حتى الشبان منهم، في حين أن تأثير الغرب أثّر على استعمال اللغات الأفريقية في المناطق الحضرية التي تتميز بالتمدرس، وبالتالي أصبح خطر الاندثار محدقا بالتقاليد الشفهية في هذه المناطق".
ويرى الأستاذ كواديو أن هناك أمثالا ستبقى محتفظة بأهميتها خلال مدة زمنية أخرى، على غرار "يبث الفهد الرعب حتى وإن فقد أنيابه"، أو "رجل بلا امرأة كسلحفاة دون قوقعة"، أو "من تعرض لعضة ثعبان يخشى حتى من اليرقة".
ويقول كواديو "رغم الحداثة، فإن اندثار الأمثال لن يكون أمده قريبا لأن الأمثال تعيش بالمشافهة، والكلمة هي التي تصنع المثل الأفريقي".
المصدر : وكالة الأناضول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق