اخبار مصر/ سميحة عبد الحليم
تمضى الاجيال .. وتبقى لنا تجاربها والحكم التى استخلصتها على شكل أمثال تعيش معنا وتتوارثها الاجيال من بعدها ونقدر قيمتها حيث يعيد التاريخ نفسه ..،فعلى الرغم من اختلاف الاجيال الا ان الوقائع التي قيلت فيها الأمثال نعيشها في أي حقبة من الزمان .
وتختلف الأمثال في ألفاظها ولكنها تلتقي في مضمونها مع اختلاف مصادرها وبكل بساطة الأمثال تعبير عفوي عن موقف أو حدث موجز لحد البلاغة .وتعد الامثال من أبرز عناصر الثقافة الشعبية ومن أهم الموروثات السردية الشفهية , وتعود أهمية الأمثال فى الثقافة الشعبية لسهولة تداولها وتناقلها عبر الأجيال،وذلك لبساطة تكوينها, وهى عصارة حكمة الشعوب وأفكارهاومرآة لطبيعة الناس ومعتقداتهم لتغلغلها فى معظم جوانب حياتهم اليومية، وتعكس الأمثال المواقف المختلفة بل تتجاوز ذلك أحياناً لتقدم لهم نموذجا يُقتدى به فى مواقف عديده، والأمثال تساهم فى تشكيل أنمـاط اتجاهات وقيم المجتمع.
الأمر الذى جعلها محوراً أساسياً لاهتمام الكثير من العلماء والباحثين.ورغم أن هناك تغيرا فى مدى ايماننا بالأمثال والاتجاه نحو تنقيحها وتفنيدها ونقدها أحيانا الا انها مازالت مصدرا مهما للتعبير عن آرائنا وقيمنا واتجاهاتنا, كما تعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها انتماءاتها بجانب تجسيدها لعادتها وتقاليدها ومعتقداتها.
والمثل الشعبى عبارة عن قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية، أو حقيقة عامة، أو ملاحظة تجريبية أو حتى موقفا ساخرًا من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسى معين. والذى يصوغ المثل الشعبى شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصة فى استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها. ويجد علماء البلاغة فى كثير من الأمثال الشعبية جمالاً أدبيًا لا يقل بحال من الأحوال عن الجمال الموجود فى أدب الفصحى. ففى الأمثال الشعبية : يوجد السجع ، ويوجد الجناس، ويوجد الطباق ، ويوجد الخيال ، وتوجد الصورة المعبرة بدقة عن الموضوع المجرد المراد الإمساك به فى شبكة الألفاظ ، كما أن الأمثال الشعبية تتميز بالإيجاز الشديد وهو اختصار المعانى الطويلة أو المتعددة فى ألفاظ قليلة معدودة ، بجانب أن صياغة المثل تهدف إلى جريانه على ألسنة العامة ، وسهولة حفظه لمن يسمعه ولو مرة واحدة ، لذلك نذهب إلى أن (مؤلفى الأمثال الشعبية) بالإضافة إلى كونهم حكماء ، كانوا أدباء بامتياز ، ومع ذلك فقد فضلوا عدم ذكر أسمائهم ، والوقوف بصمت وتواضع خلف إنتاجهم الذى كتب له الشيوع والاستمرار .
وتختلف الأمثال في ألفاظها ولكنها تلتقي في مضمونها مع اختلاف مصادرها وبكل بساطة الأمثال تعبير عفوي عن موقف أو حدث موجز لحد البلاغة .،ولكل مثل شعبى يسرى على ألسنة الناس حتى يومنا هذا أصل وقصة مؤثرة تسببت فى بقاؤه حتى الآن.
واذا بحثنا فى التراث المصرى القديم نكتشف مجموعة من القصص والحكايات الغريبة التى نتج عنها مجموعة من أبرز الأمثال الشعبية التى نستخدمها فى حياتنا اليومية، خاصة أن معظم الأجيال الحديثة تتداول هذه الأمثال دون أن تعرف القصة وراءها، فقد كان القدامى يستخلصون حكمة من كل موقف يمرون به، وكانت فصاحة اللسان وطلاقته قادرة على التندر الذى يحتوى على عظات حقيقية أصبحت الآن إرث تراثى لنا.
ولما كان المصريون والعرب قديمًا معروفين بحكمتهم وطلاقة ألسنتهم وفصاحتهم فى التعليق على المواقف، ما جعل تراثهم الشعبى ملئ بالحكايات والقصص التى خرج عن كل منها مثل شعبى نتداوله حتى الآن، وبالرغم من تداول هذه الأمثال الشعبية الآن إلا أن معظمنا يقولها دون أن يعرف أصلها وقصتها.
وفى هذا الملف نحاول ان نبحث على الاصل فى بعض الامثال ..
“اللى اختشوا ماتوا”..
مثل شائع فى مجتمعنا الشرقى يتردد حين يرغب شخص فى فعل شيئ لكنه يستحى من ذلك فيقال له فوراً ” اللى اختشوا ماتوا” كتعبير عن ضرورة تخلصه من الحياء وفعل ما يريد، وقد لا يعرف الكثيرين أصل هذا المثل لكنهم يرددونه فى الكثير من المواقف فى الحياة اليومية.، ووفقاً للروايات المتداولة، فيعود أصل مثل ” اللى اختشوا ماتوا” إلى عصر العثمانين، حينما كانت تستخدم الأخشاب والحطب فى الحمامات القديمة، وفى يوم نشب حريق بإحدى حمامات النساء فسارعت الكثيرات ممن كانوا بالحمام إلى الخروج والهرب وهم عراة لينجوا بأنفسهم من الحريق، ولكن بعضهن استحين من الخروج بهذا المنظر فظلوا فى أماكنهن بالحمام حتى أصابتهن النيران واحترقوا وماتوا داخل الحمام. ،وحين جاء صاحب الحمام ليسأل شهود الحادث، عما إذا كان مات أحداً ، فرد أحد المتفرجين قائلاً ” اللى اختشوا ماتوا”، ومن هنا بدأ هذا المثل ينتشر عبر العصور.
“باب النجار مخلع”
من الأمثلة الشعبية التى يستخدمها الناس كثيراً “باب النجار مخلع” عندما يريدون التعبير عن فشل شخص ما فى مهنته التى من المفترض أن يكون متمكناً بها .،وهناك قصة قديمة وراء هذا المثل حيث يحكى أنه كان هناك نجار ماهر جداً، وذاع صيته فى البلدة بأكملها لخبرته واتقانه لعمله، بعد مرور فترة من الوقت قرر النجار أن يقضى ما تبقى من عمره وسط أسرته الصغيرة ويتقاعد عن العمل.، طلب ذلك من صاحب العمل ولكنه تمسك به و رفض ولكن النجار أصر على قراره ،وبعد إلحاح شديد وافق صاحب العمل ولكنه طلب من النجار أن يقوم ببناء منزل وهذا سيكون آخر عمل يكلفه به.
وبعد إلحاح من صاحب العمل وافق النجار وبدأ بالفعل فى بناء المنزل مستخدماً أسوأ الخامات ولم يتقن عمله تلك المرة لأنه كان يريد أن ينتهى من انجاز ذلك المنزل فى وقت سريع حتى يتمكن من التقاعد عن العمل.
وقام ببناء المنزل الا ان عمله لم يكن بالدقة والكفاءة والجودة التى تعود صاحب العمل من النجار عليها. وعندما انتهى النجار بالفعل من بناء المنزل وسلم مفتاحه إلى صاحب العمل، قام صاحب العمل بإعطائه المفتاح كمكافأة نهاية خدمته معه. عندها صدم النجار من تلك المفاجأة وندم على تسرعه وعدم اتقانه فى بناء المنزل فلم يكن يعلم أنه كان يبنى بيت العمر.
وبالفعل أقام النجار فى ذلك المنزل الذى قام ببنائه بأقل الخامات فكان الناس عندما يرون المنزل يضحكون بسخرية قائلين “صحيح باب النجار مخلع”.
“جحا أولى بلحم ثوره”
من أبرز الأمثال الشعبية التى نسمعها ونتداولها منذ قديم الزمن “جحا أولى بلحم ثوره” ودائمًا ما يقال هذا المثل عند الإشارة إلى أحقية شخص معين بشىء ما، وتعود قصة هذا المثل إلى شخصية جحا الشهيرة التى عرفت بالمواقف الساخرة، ويُقال أن جحا فى أحد نوادره قام بدعوة جيرانه ليطعمهم من لحم ثوره، فطلب منهم أن يجلسون فى صف منتظم، ثم مر عليهم وقال أن الشيخ لن يتمكن من هضم لحم الثور، والمريض سيزيد مرضه بسبب ثقله والدهون الموجودة به، والشاب يمكن أن ينتظر حتى يطعم الفقراء جميعهم ثم يأكل هو، وفى نهاية اليوم طلب من كل المدعوين الانصراف وقال ضاحكًا “جحا أولى بلحم ثوره”، ومنذ هذا الوقت وانتشر هذا المثل وأصبح متداول بين الجميع.
“الضرة مرة ولو كانت جرة”..
مثل شعبى شائع فى مجتمعنا حين يتزوج الرجل على زوجته امرأة أخرى فتشتعل نار الغيرة بقلب ووجدان زوجته الأولى، فقد يضطرها ذلك لافتعال المشكلات حتى على أسباب صغيرة، كى تجعل زوجها يندم على فعلته وزواجه، ليكون هدفها هو إفشال علاقة زوجها بزوجته الثانية بكافة المحاولات.
ويعود ذلك المثل وفقاً للروايات إلى رجل متزوج من امرأة لا تنجب، فطلبت منه أن يتزوج بامرأة أخرى كى ينجب طفلاً كما يحلم، فرفض الزوج هذه الفكرة لأنه لم يكن يرغب فى حدوث مشكلات الغيرة بين الزوجتين مما يعكر صفو حياته، لكن زوجته الأولى صممت على رأيها وأقنعته بالزواج.، وبعد إصرار من الزوجة، وافق الزوج لكنه أخبرها بأنه سيتزوج امرأة غريبة عن مدينتهم حتى لا تقع بينهما أى مشاكل، وبعد فترة عاد الزوج إلى منزله ومعه جرة كبيرة من الفخار وألبسها ثياب امرأة وغطاها وأدخلها إحدى حجرات المنزل وقال لزوجته إنه سيعرفها عليها فى اليوم التالى.
وخرج الزوج لعمله وبعدما عاد فوجئ بزوجته الأولى تشتكى له من زوجته الثانية وتقول له بأنها أهانتها وشتمتها، فتفاجئ الزوج برد فعل زوجته وكذبها وأمسك بعصا غليظة وظل يضرب الجرة الفخارية حتى تهشمت وعرفت زوجته الحقيقة فقالت له ” الضرة مرة ولو كانت جرة”.
“دلق القهوة خير”..
الكياسة والتحايل على المواقف من أهم سمات المصريين التى تميزهم فى التعامل مع ضيوفهم، خاصة أن العرب جميعًا اتصفوا بالكرم وحسن الضيافة لاسيما المصريين الذين يشتهرون بفائق الكرم و الترحاب الغريب والقريب، وهناك كثير من الأقوال المأثورة و الأمثال الشعبية التى نسمعها فى الزيارات العائلية من أبرزها “دلق القهوة الخير” فدائمًا ما تكون القهوة من المشروبات التى تُقدم للضيوف ويتعرض الكثيرون لسكب القهوة أثناء تقديمها أو يسكبها أحد الضيوف فتكون الجملة الأولى للتعليق على الموقف هى “دلق القهوة خير” للتحايل على الأمر وإزالة الحرج بسبب الأثر الذى تتركه القهوة.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن سكب القهوة لا علاقة له بالخير على الإطلاق كما يعتقدون، لكن قصة المثل تعود إلى قصر أحد الأثرياء قديمًا الذى اشتهر بتردد ضيوفه عليه من النبلاء والأغنياء، وكان لديه خادم يُدعى “خير” وكان المسئول عن تقديم القهوة للضيوف، وذات مرة قام بسكب القهوة رغمًا عنه فلما سأل صاحب القصر رد النبلاء “دلق القهوة خير”، ولما تقدم “خير” فى العمر باتت حركته أصعب وتكرر سكبه للقهوة فكان الضيوف فى كل مرة يقولون “دلق القهوة خير” ومن هنا اشتهرت المقولة.
“رجعت ريما لعادتها القديمة”..
من أبرز الأمثال الشعبية التى نتداولها الآن “رجعت ريما لعادتها القديمة” ويقوله البعض “رجعت حليمة لعادتها القديمة” ووراء هذا المثل قصة شهيرة تقسم فى داخلها إلى روايتين حكاهم السابقون وتوارثتها عنهم الأجيال المتلاحقة، ويعود أصل هذا المثل إلى “حليمة او ريما” زوجة “حاتم الطائى” أحد أبرز الرجال الذين اشتهروا بالكرم والسخاء، فى حين اشتهرت زوجته بالبخل الشديد ما جعلها تضع قدر قليل جدًا من السمن فى الطبخ فكان ضيوف زوجها يشعرون برداءة الطعام، فحتى يزيل منها هذه العادة أخبرها أن القدامى كانوا يقولون أن كل ملعقة سمنة تضعها المرأة فى الطعام تزيد من عمرها يومًا، فقامت بزيادة السمن حتى تغير مذاق الطعام وأصبح أفضل، وبعدما توفى ابنها زهدت فى العيش، وأخذت تقلل قدر السمنة فى الطعام حتى تموت أسرع، وبالتالى لاحظ ضيوف زوجها تغير طعم الطعام وعودته إلى شكله الأول فقالوا “رجعت ريما اوحليمة لعادتها القديمة”.
وفى رواية أخرى عن المرأة ذاتها وزوجها حاتم الطائى، ووضعها كمية قليلة من السمن فى الطعام، فاخترع زوجها حيلة وأخبرها أن السابقون قالوا أن كلما وضعت المرأة ملعقة سمنة فى الطعام كلما منع ظهور الشيب فى شعرها، فقامت بزيادة السمنة فى الطعام حتى تغير مذاقه للأفضل، وبعدما كسى المشيب شعرها أدركت الحيلة وعادت إلى وضع السمنة بكميات قليلة فقال الناس “عادت ريما/ حليمة لعادتها القديمة”.
“اللى ميعرفش يقول عدس”..
“مهو اللى ميعرفش يقول عدس” الجملة التى تأتى على ذهن ولسان أى شخص يحكى للآخرين عن موقف تعرض له أو شىء لا يعرفوه فى محاولة منه لأن يوضح لهم حقيقة أفكارهم الخاطئة، ويعود أصل المثل من خلال قصه تاجر للبقوليات هجم عليه لص وسرق أمواله، وهرب وأثناء هروبه تعثر اللص فى جوال للعدس وتبعثر كل ما فيه، بينما كان التاجر يجرى خلفه، وبعدما تعثر اللص وسقط أرضًا التف حوله المارة بالشارع وقالوا للتاجر “بتجرى وراه عشان شوية عدس”، واستطاع اللص الهرب من بين أيديهم، فما كان من التاجر إلا أن يقول لهم “مهو اللى ميعرفش يقول عدس”.
“اكفى القدرة على فمها تطلع البنت لأمها”
من أبرز الأمثال التى نتداولها الآن دون أن نعرف أصلها “اكفى/اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها”، دائمًا ما نقول هذا المثل عندما نجد فتاه تشبه والدتها أو تقلدها فى تصرف ما.
ويروى أن هذا المثل يعود إلى عصر الدولة العثمانية، وذكر عنه روايتين الأولى تقول أن الفتيات قديمًا كن ممنوعات من صعود سطوح المنزل، وكان قاصرًا على النساء المتزوجات فقط، ويقال أن الأم كانت تصعد لتنشر الغسيل فوق السطح، وعندما تحتاج إلى ابنتها تقوم بقلب القِدرة على فمها فتحدث صوت مرتفع تسمع الفتاه فتطلع إلى والدتها ومن هنا جاء “اكفى القدرة على فمها تطلع البنت لأمها”.
أما الرواية الثانية فتقول أن صانع “قدِر الفول” كان يعمل بمساعدة زوجته التى دائمًا ما تسقط القِدر وتتلفها، فتكرر الأمر أكثر من مرة فطلقها، وطلب من ابنته مساعدته فكررت ما فعلته أمها وسقطت منها الأغراض فقيل عنها “اكفى القدِرة على فمها تطلع البنت لأمها”.
“القرد فى عين أمه غزال”..
لجمال الغزال وتميزه يشبهون القرد به حين يرى نفسه أفضل من الجميع، فلم تأتى مقولة “القرد فى عين أمه غزال” من فراغ، فدائماً ما يرددها المصريين فى مواقف كثيرة كالأم التى ترى ابنائها أفضل من الجميع، أو الشخص الذى يرى من يحبه أحلى إنسان رآه، ويرددها الكثير دون أن يحاول أحدهم التفكير فى أصل تلك المقولة الشهيرة.
وتعود مقولة “القرد فى عين أمه غزال” إلى العصر الرومانى، حيث يرجع هذا المثل إلى حكايات “إيسوب”، وهو عبد يونانى عاش فى اليونان القديمة ما بين عامى 620 و560 قبل الميلاد، واشتهر بالأساطير وحكايات الأطفال حول العالم، حيث كان يحاول أن يعلمهم الدروس الأخلاقية والحكم من خلال حكاياته الخرافية التى يرويها لهم.
وفى إحدى قصصه التى رواها، طلب الحاكم الرومانى إقامة مسابقة للجمال وتشارك بها الحيوانات الجميلة بالغابة، لاختيار الفائز وإعطائه جائزة المسابقة، وبالفعل بدأت الحيوانات تشارك فى المسابقة منها الأرنب والزرافة والطاووس والغزال، وفى نهاية المسابقة تفاجئوا بالقرد يجرى على المنصة ليحاول إقناعهم بجمال ابنه القرد الصغير، فضحك الحاكم وقال”القرد فى عين أمه غزال”، ومن هنا بدأت قصة الجميلة التى نقولها جميعاً دون معرفة أصلها.
“ياما جاب الغراب لأمه”..
جملة يرددها المصريين بسخرية حين يفاجئهم شخص ما بشئ لا يرغبون به أو لا ينال إعجابهم، ويتردد كثيراً فى الأفلام والمسلسلات، دون أن يفكر أحداً لماذا الغراب؟ وماذا أحضر الغراب لأمه ليصبح مسخة يستهزأ بها الآخرون؟ لكنه مثله كأى مثل شعبى تناقلته الأجيال وظل يتردد دون البحث عن أصل المثل.
ومثل “ياما جاب الغراب لأمه” ليست له قصة أو حكاية واضحة، لكن بعض الدراسات هى التى فسرت ذلك المثل، فكشفت دراسة متخصصة فى سلوك الغربان أنهم يلتفتون إلى الأشياء التى لها بريق فى الشمس، وأن الغربان بهم صفة وهى الاحتفاظ بالأشياء فى مخزن سرى خاص بهم كثغرة فى شجرة أو فى الحائط.
وتمكن فريق البحث الخاص بالدراسة من الوصول إلى أحد المخازن السرية للغربان وفتشوا بها ليكتشفوا أمور لا قيمة لها مثل قطعة مرآة مكسورة، أو يد فنجان أو قطعة معدن، فهذه الأشياء تصبح لامعة فى الشمس وتجذب نظر الغربان، ومن هنا جاء مثل ” ياما جاب الغراب لأمه” تعبيراً عن من يقدم شئ لا قيمة له.
“موت يا حمار”..
جملة يرددها المصريون تعبيراً عن طولة البال والتأخير فى تنفيذ مهمة ما، دون أن يعرفون لماذا الحمار؟ وما معنى هذه الجملة لكن توارثتها الأجيال خلال السنوات فى نفس المواقف، فكلما جاء شخص يتوعد بتنفيذ أمر ما وهم يعلمون أنه لن ينفذه يطلقون جملة ” موت يا حمار”.
ووفقاً للروايات، يعود ذلك المثل إلى أن أحد الحكام قديماً رأى حماراً يدخل إلى بستانه، فأمر بإحضاره وقتله، فحاول أحد الوزراء إقناعه بأنه حمار حيوان لا يفهم ولا يجوز إعدامه لفعله هذا الأمر، لكن الحاكم أصر على موقفه لكى يعلم الحمار القواعد الملكية.
وللخروج من الموقف، تقدم رجلاً وعرض على الحاكم بأنه سيقوم بتعليم الحمار القواعد الملكية لكن بشرط أن يمنحه الحاكم مدة 10 سنوات وقصراً يعيش به لتعليم الحمار، ووافق الحاكم على هذا العرض مقابل أنه سيقوم بقطع رقبة الرجل إذا فشل فى مهمة تعليم الحمار القواعد الملكية.، فخرج الرجل مسرعاً ليخبر زوجته بما حدث، فسألته عما سيفعل به الحاكم لأنه بالطبع سيفشل فى مهمته، فرد عليها قائلاً : ” بعد 10 سنين إما يموت السلطان أو أموت أنا أو يموت الحمار”، ومن هنا بدأ تداول هذا المثل منذ سنوات طويلة وتوارثته الأجيال.
“الجار قبل الدار”..
كان للعلاقات الاجتماعية والإنسانية نصيب الأسد فى الأمثال التى قيلت عنها، ومن أبرز الأمثال التى نرددها الآن “الجار قبل الدار” ويعود أصل هذا المثل إلى جذور عربية إذ يُردد هذا المثل فى عدد كبير من البلاد العربية لاسيما مصر ويقوله المصريون “اختر الجار قبل الدار”.
وخلف هذا المثل قصة تعود إلى رجل كان جار لأبى دف البغدادى واشتدت حاجة هذا الرجل وكثرت عليه ديونه، فما كان منه إلا أن يلجأ لبيع بيته، وبالفعل عرض منزله للبيع مقابل 1000 دينار، وكان منزله يُقدر بـ 500 دينار فقط، وهكذا أخبره معظم جيرانه ولما كرر عليه أبى دف البغدادى معلومة تقدير المنزل بـ 500 دينار، فقال له إنى أبيع المنزل بـ 500 دينار، والجيران بـ 500 دينار فتفاجأ أبا دف البغدادى برده فما كان منه إلا أن قدم له العون والمساعدة وسدد له ديونه، وأكد الرجل أنه عندما اشترى منزله قبل 20 عام كان يفكر فى الجيرة التى ربطته بهم علاقة أخوة وصداقة ووجد منهم طيبة أصل، ولما تزوج أبنائه ورحلوا عنه رفض أن يترك عشرته وجيرته التى يرى قيمتها من قيمة منزله.
“المتعوس متعوس ولو علقوا فى رقبته فانوس”..
يحكى أن قديماً كان هناك أخوان لديهما تجارتهما وحالهم ميسور، ولكن فى أحد الأيام خسر أحدهما تجارته وأصبح فقيراً، و كان عزيز النفس لا يقبل المساعدة من أى شخص حتى لو كان هذا الشخص هو أخوه.
فقرر الأخ الغنى مساعدته ولكن بشكل غير مباشر ودون أن يعلم حتى لا يتسبب فى إحراجه، ودعاه أن يأتى إليه فى يوم من الأيام وقام بوضع سرة من النقود فى الطريق الذى سيمشى فيه أخاه الفقير، أتى الأخ الفقير ولكن لم يتحدث عن أية أخبار تخص أنه وجد بعض النقود أثناء سيره فى الطريق، وعندما سأله أخوه رد قائلاً: راهنت نفسى اليوم ان أسير مغمضاً عينى وقد نجحت بالفعل. فرد الأخ الغنى : “المتعوس متعوس ولو علقوا فى رقبته فانوس”
ومنذ ذلك الحين أصبح الناس يتداولون هذا المثل الشعبى فى كل موقف يعبر عن سوء الحظ رغم قرب الفرص.
“لا له فى الثور ولا فى الطحين”..
من أبرز الأمثال الشعبية المتداولة ودائمًا ما يقال هذا المثل على الشخص الذى لا علاقة له بموقف معين لكنه يتدخل فيه، أو عندما يقحمه الأشخاص فى شىء لا يعنيه ويطلبون منه أن يتدخل.
وتعود قصة هذا المثل إلى العصور القديمة وتحديدًا فى اوقات الجفاف والتقشف التى عاشها الفلاح المصرى، عندما كان الفقراء والمساكين يتجمعون على أبواب طواحين القمح حتى يعطف عليهم الأغنياء، وكانت الطواحين يجرها ثور كبير الحجم ليتحمل شغل الطاحونة، وعندما يضيق أصحاب الطواحين من الفقراء كانوا يطردونهم ويقولون “لا لكم فى الثور ولا فى الطحين” حتى ينصرفون لعدم وجود فائدة من وقوفهم.
“جت الحزينة تفرح مالقت “إلها” مطرح”..
تعود قصة المثل الشعبى الشهير إلى إحدى القرى العربية التى كانت بها عائلة كبيرة تشتهر بالكرم وحُسن الضيافة وكان لقبها “تفرح”، وكان لديهم بنت فائقة الجمال وتُعرف بحسن خُلقها وتدعى “الحزينة”، وفى إحدى الأيام نزل شاه بندر التجار الذى يسمى “مطرح” إلى هذه القرية، وقرر أن ينام بها ليلة واحدة فما كان من أهل القرية إلا أن وجهوه إلى بيت “تفرح” لكبر مساحته واستيعابه للضيوف والقدرة على حسن استقبالهم، وبعدما وصل إلى المنزل رأى ابنتهم “الحزينة” فقرر أن يخطبها لولده الذى يسمى “إلها” وبالفعل تمت الخطبة، لكن “الحزينة” كان بها عيب وهو “العصبية”، وقبيل العُرس بوقت بسيط نشبت مشاجرة بين “إلها” و”الحزينة” حتى اعتذرت له عن خطئها، وبعدما جاء موعد الفرح قرر “إلها” أن ينتقم منها، فبعدما ارتدت ملابس العُرس جلست تنتظره وتأخر الوقت كثيرًا ولم يأتِ “إلها” فانطلق المعازيم بجملة “جت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”، ويستخدم هذا المثل الشعبى للتعبير عن سوء الحظ.
” جه يكحلها عماها”..
تلك الجملة التى نطلقها على أى شخص أفسد ما يحاول إصلاحه فى موقف ما أو مع أحد الأشخاص.
والحقيقة أن هناك روايتين قيلا حول هذا المثل أولها يحكى أن رجل كان يشك فى حب زوجته له لأنها لا تتحدث أو تضحك معه، فذهب لامرأة عجوز ليخبرها عن أمره، فنصحته بوضع أفعى مغلق فمها بإحكام على صدره وهو نائم، وبالفعل قام بتنفيذ ما نصحته به، حتى تفاجأ بصراخ زوجته وبكائها عليه وهى تحاول إيقاظه بعدما ظنت إنه مات، فتأكد من حبها له ونهض سريعًا ليخبرها إنه لم يمت، فلما علمت الزوجة بالأمر غضبت كثيرًا وأقسمت إنها لن تعود إليه وتركته، ومن هنا أطلق المثل “جه يكحلها عماها”.
أما الرواية الثانية وهى الأكثر تداولًا فتعود إلى أسطورة تقول أن فى أحد قصور الأثرياء قديمًا تواجد قطة وكلب ربطت بينهما علاقة صداقة كبيرة بحكم تربيتهما معًا، وكان الكلب معجبًا بجمال عينى القطة، التى سألها عن جمالها ذات مرة فأخبرته أن عيناها بها كحل، ولما سألها الكلب كيف لكِ ذلك فأحضر الكلب الكحل ليضعه فى عينى القطة لكن مخلبه غار فى عينها ففقعها ثم أطلق المثل “جه يكحلها عماها”.
“شايل طاجن ستك”
ترجع تلك المقولة إلى الزمن القديم فيقال أنها تشير إلى الجدات اللائى كان لا يعجبهن الشىء رغم ما بذل به من مجهود ،فكانت من عادات البيوت المصرية قديماً أن يطبخوا أشهى المأكولات فى الطواجن، وكما اعتادوا تقف الفتاة أو السيدة طوال اليوم للانتهاء من إعداد طاجن شهى تحمله على رأسها وتذهب به إلى جدتها تقديراً لمكانتها فى العائلة. ولكن كعادة الجدات اللائى لا يعجبهن شىء ويمارسون النقد على كل ما يقوم به الأجيال الصغيرة كانت لا يعجبها ما تقدمه لها الفتاة فى الطاجن .فتعلق على الطاجن باستياء وعدم استحسان .،حتى صار “طاجن الست” مصدر دائماً للنكد والحزن ،حيث كانت الفتاة تقف تطهى الطاجن طوال اليوم ويقابل مجهودها بالخزى وعدم الاستحسان، فانتشرت مقولة “شايلة طاجن ستك” منذ تلك القصة للتعبير عن الضيق والحزن.
“امسك الخشب”..
مثل شائع يردده المصريين لدفع الحسد عن شيئ أو شخص، دون أن يعرفوا لماذا الخشب وما مدى تأثيره وقدرته فى دفع الأذى والحسد، فقد تناقله الأجيال وظل يرددونه دون معرفة قصته التاريخية، ولا يردده المصريين فقط بل الأجانب أيضاً، ونسمعه فى الكثير من الأفلام الأجنبية.
ووفقاً للروايات، يعود أصل المثل إلى أنه كان مجرد عادة فى عهد الإمبراطور قسطنطين، حيث كان المؤمنين بالمسيحية يسيرون فى مواكب عامة ويلمسون الصليب الخشبى من أجل التبرك به والشفاء، بشرط أن يتم لمسه ثلاثة مرت متتالية.
وبعد وضع الصليب المركزى الخشبى فى القسطنطينية، تحول الأمر ليصبح عادة وجزءاً من التقاليد أن يتم لمس أى صليب خشبى للتبرك به، وبمرور الوقت تطور الأمر ليتحول إلى عادة لمس أى شىء مصنوع من الخشب، لدفع الضرر والأذى والحسد.
وظل المسيحيون يتناقلون هذه العادة سواء العرب أو الأجانب، حتى تحولت إلى تقليد شعبى يقوم به الجميع للتحصين من الحسد، وذلك بلمس أى شيئ خشبى كالطاولة أو الكرسى، وظل يتناقله الجميع دون معرفة قصته الحقيقية.
“على اد لحافك مد رجليك”..
تجد الناس ينصحون به من آن لآخر فى المواقف التى يحتاج فيها الشخص لإدراك حقيقة وضعه.،ويرجع أصل هذا المثل لقصة حدثت قديماً من حكايات التراث، عندما ورث شاب عن والده ثروة طائلة، ولكنه لم يحسن استخدامها بل أخذ يبعثرها ويصرفها فى اللهو وإقامة الحفلات، فكان كل ليلة يقيم وليمة وحفلاً كبيراً لأصحابه، فكثر أصحاب الرخاء عنده وكثرت سهراتهم كل ليلة وتعالت ضحكاتهم وهم يمدحون هذا الشاب فى وجهه من أجل ماله.
ولكن هذا الحال لم يدم طويلاً فبعد وقت قليل نفذت ثروته وأصبح لا يملك حتى قوت يومه، فانصرف عنه أصدقائه وضاقت عليه الأرض فخرج من بلدته يبحث عن عمل يحصل منه على قوت يومه، وانتهى به المطاف عند صاحب بستان للعمل والمبيت، ولاحظ صاحب البستان أنه لا يعرف شيئاً عن كيفية العمل ولم يسبق له العمل من قبل، فتفهم من هيئته أنه ابن ترف ولكن ظروفه هى التى دفعته لأن يلجأ لهذا الأمر.،فاستدعاه صاحب البستان وسأله عن قصته، فأخبره الشاب بالقصة كاملة، ذهل صاحب البستان حينها لأنه وجد أنه يعرف والد هذا الشاب وأنه صاحب ثروة كبير لا يمكن أن تنفذ بسهولة، ولكن هذا الشاب أنفقها فى غير موضعها حتى انتهى به الوضع إلى هذا الحال، فقال له صاحب البستان: لا أريدك أن تعمل أو تهان وتذل فأنا أعلم أنك ابن فلان. فعقد صاحب البستان للشاب الزواج على ابنته وزوجه إياها وأسكنه بيت صغير قريب من البستان وأعطاه جملاً، وقال له: يا ولدى احتطب وبع وكل من عمل يدك، وأنصحك أن تمد رجلك على قدر لحافك، فأخذ الشاب بتلك النصيحة بالفعل وانصلح حاله بعد فترة من الزمن.
وأصبح المثل منذ ذلك الحين شائع على ألسنة الناس يقدمونه كنصيحة لمن يرونه لا يتصرف بحكمة وتدبر فىيما يملك.
“دخول الحمام مش زى خروجه”..
قد تسمعه كثيراً خلال تفاصيل يومك ،خاصة عندما يغير أحدهم موقفه بعد ما حصل على ما يريد، فهناك قصة وراء شيوع مثل “دخول الحمام مش زى خروجه ” بسبب اختلاط المواطن المصرى بثقافات عديدة لمروره بأنظمة حكم متنوعة على مدار التاريخ .فيرجع أصل هذا المثل لعهد الدولة العثمانية فى عهد انتشار الحمامات العامة التى لا يزال لها وجود حتى الآن ولكن بعدد قليل .
عندما قرر أحد الرجال العثمانيين افتتاح حماماً تركياً جديداً ،ومن أجل جذب الزبائن بطريقة مبتكرة للحمام قام بتعليق لافته كبيرة كتب عليها “دخول الحمام مجاناً”،ذاع صيت الحمام الجديد فى البلدة بأكملها وتهافت الناس عليه.وبعد دخول الزبائن إلى الحمام كان يحتجز الرجل ملابسهم وبعد أن ينتهى الزبون و يقرر أن يخرج يرفض صاحب الحمام تسليم الملابس له إلا بعد دفع ثمن استخدام الحمام .
هنا فوجىء الزبائن بتراجع الرجل عما كتبه على اللافته بان دخول الحمام مجاناُ ،وعندما واجهوه بما كتب على الباب رد قائلاً “دخول الحمام مش زى خروجه، وأصبح رد صاحب الحمام مثلاً يتداوله الناس عندما يتورط شخص فى مشكلة بالرغم من أن بدايتها لم تكن تنبأ بنهايتها .
“رش المياه عداوة”..
اللى يرشنا بالمية نرشه بالدم”، تلك الأمثال والمقولات التى اعتدنا على سمعاها فى المجتمع المصرى منذ عشرات السنين، دون وجود سبب واضح لارتباط الماء بالحب والكراهية، وتوارثت الأجيال على مر السنين تلك المقولات تعبيراً عن الغضب، حيث اعتبروا أن “رش الماء” أمر سيئ ويعبر عن كراهية الشخص الفاعل لذلك لغيره، ليأتى مثل أخر يُكمل العبارة ليكون الدم هو مقابل “رش الماء”، وهى كناية عن التمسك بالحق والإصرار على رده بأى طريقة.
وتعود مقولة ” رش المية عداوة” إلى عادة مصرية فى الأحياء الشعبية قديماً ، وهى استخدام الماء طريقة لفض العراك فى الشوارع، حين كان يتم ملأ الشوارع بالماء كى يفضوا الاشتباك، ثم تطورت لتصبح وسيلة لبدء الشجار بين طرفين، إذا قام أحدهم برش الماء على الأخر، لتؤدى فى النهاية إلى معركة كبيرة بينهما.
كذلك كان يتم استخدام الماء كوسيلة لتفريق الأطفال عند لعبهم بالشوارع، لمنعهم من اللعب، ليأخذ الأطفال انطباعاً بأن ذلك موقف عنيف تجاههم.،ومن ضمن العادات المعروفة لدى المصريين، إذا قام أحدهم برش الماء على الأخر فى وقت الغضب والعراك، يتحول الأمر إلى معركة كبيرة بين الطرفين، كذلك من العادات الشائعة أيضاً قيام بعض النساء برش ماء الغسيل الخاص بها من بلكونتها فى الشارع، حتى تنشب مشاجرة بينها وبين إحدى جيرانها بسبب هذا الفعل، ومن هنا ارتبط “رش المية” بالعداوة فى أذهان المصريين.
“آخر خدمة الغز علقة”..
ويشار بهذا المثل إلى النذالة ونكران الجميل و الرد بالشر على أفعال الخير، وتأتى كلمة “غُز” من كلمة “الغزاة”، وتعود قصة المثل إلى القرى المصرية قديمًا التى كان يدخلها الغزاة يسرقوها وينهبون خيراتها ويأخذون أموال الغلابة والفلاحين، ويسرقون الغلال ويجبرون أهل البلد على العمل لديهم بالقهر ودون أجر ويعاملوهم بشكل سىء، وبعدما يقضون على كل ما فى القرية ويتأكدون إنها أصبحت مدمرة، يقومون بضرب أهالى القرية ضربًا مبرحًا ويتركون فيهم جروحًا كثيرة، وكان الغزاة يكررون ذلك فى كل قرية يذهبون إليها حتى خرج أهل القرى بجملة “آخرة خدمة الغز علقة”.
“اللى تحسبه موسى يطلع فرعون”..
فى هذا المثل إشارة واضحة ومباشرة إلى قصة سيدنا موسى عليه السلام وفرعون الحاكم الظالم، ولكن القدامى استخدموا هذا المثل عندما وجدوا البعض يقوم بأفعال صالحة كثيرة أمامهم ثم اكتشفوا فيما بعد أن هذه الأفعال غير صالحة كما تبدو أمامهم على الإطلاق، فشبهوا البداية والأعمال الصالحة بأخلاق الرُسل، ثم جاءوا فيما بعد ليشبهوا حقيقة هذه الأفعال السيئة بأخلاق فرعون، نظرًا لاختلافها بشكل كلى عن البداية، ومن هنا أخذوا جملة “اللى تحسبه موسى يطلع فرعون” حتى أدرجوها ضمن قائمة الأمثال الشعبية الخاصة بهم.
«عامل نفسه من بنها»..
أصل هذا المثل يكمن في «قطار وجه بحري» الذي لابد وأن يمر على بنها ويقف بها أيًا كانت وجهته، وهو ما يعني أن أول محطة بعد القاهرة هى بنها، واعتاد الركاب المتوجهين لبنها ممن لم يمكنهم الحصول على مقعد، الاستئذان من الجالسين ليسمحوا لهم بالجلوس هذه المسافة التي لا تستغرق دقائق معدودة، بعدها ينزل البنهاويون ويستأنف ركاب «بحري» جلوسهم، ومن هنا ظهرت الحيلة التي لجأ إليها أغلب الركاب المتوجهين لمحافظات أبعد للحصول على مقاعد، حيث جرت عادة الاستئذان من الجالسين في القطار ليسمحوا لهم بالجلوس مكانهم، بحجة أنهم سيغادرون القطار في محطة بنها، ولأنها محطة تقابل خطوط قطارات أخرى، فالقطار عادة ما يغادره ركاب كثيرون، معظمهم ليسوا من أهل بنها الذين استأذنوا للجلوس، فيجد من قاموا من مجالسهم أنهم يستانفون الجلوس ولكن في غير مقاعدهم التي تنازلوا عنها، وعلى مثل هذا صار الأمر، فمن أراد أن يجلس على كرسي قطار مزدحم «يعمل نفسه من بنها».
“كداب كدب الابل”..
يرجع لأيام البدو، عندما كانو يتجولون فى الصحراء بإبلهم، وكانت الإبل تقوم أحيانًا بتحريك فمها يمينًا ويسارًا كأنها تأكل الطعام، وهو الأمر الذي كثيرًا ما كان يضلل رعاة الإبل، الذين كانوا ينظرون حولها اعتقادًا أنها وجدت حشائش أو شئ تأكله فى وسط الصحراء قبل أن يكتشفوا أنها لا تأكل أصلاً وإنما تلاعب شفتيها، ومن هنا ظهرت كلمة «كذب الابل»، لكل من يضلل شخصًا ويوهمه بأكاذيب وأقاويل زائفة.
“إحنا دفنينه سوا”..
يحكى أنه كان يوجد تاجران زيت يبيعان بضاعتهما على حمار، وفي يوم من الأيام مات الحمار فظنا أن تجارتهما توقفت، فاقترح أحدهما أن يدفنا الحمار ويشيدان فوقه مقام، ويدعيان أنه ضريح أحد أولياء الله الصالحين، ليأتي إليه الناس بالقرابين، وفي أحد الأيام سرق أحدهم القرابين دون مشاركة صاحبه، فهدده الثاني بأن يدعو عليه صاحب المقام، فضحك الأول قائلا: “أي صاحب مقام! إحنا دفنينه سوا”، ويقال أن مثل “تحت القبة شيخ” يرجع لنفس القصة.