Image Background

اخترنا لك

لَمّا بَلّطت البَحر: عن تعامل الأطفال مع الأمثال الشعبيّة

اخترنا لك: كتب


كتب: لؤي وتد

يبدأ كتاب "لَمّا بَلّطت البَحر" بجملة توضح مغزاه ورسالته، "أحيانًا كثيرة أنا لا أفهم ما تقوله ماما". في الكثير من الأحيان نستعمل، نحن البالغين، الأمثال الشعبية لنعبر عن رسالة معيّنة أو لنصف حدثًا معيّنًا، وفي غالبية هذه الأحيان، يكون المثل بعيدًا كل البعد عن المغزى الدقيق الذي يسعى إليه.
لربما تبدو لنا هذه الأمثال، مثل "إن كان حبيبك عسل ما تلحسه كله" أو "أعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصه"، واضحة وجزءًا مركزيًّا من حديثنا اليوميّ. إلا أنها تعتمد على تشبيه ومجاز، يبقى مبهماً على مسمع آذان الطفل الذي يتعامل مع هذه الأمثال بمفهومها المجرّد. يعتمد هذا الكتاب على هذه الفجوة بين المعنى الذي يقصده البالغ والمفهوم الذي يحصل عليه الطفل عند سماع المثل الشعبي.
هذا الكتاب، من تأليف الكاتبة اللبنانية رانيا زغير، ورسومات جويس عكاوي، هو فرصة مثاليّة للأهالي لكشف هذه الفجوة والتعامل معها بفكاهة من خلال تفكير الطفل الراوي الذي يجرد الأمثال من معانيها ويأخذ مفهومها الأكثر إلفة له، ومن خلال رسومات عكاوي الفكاهيّة.
في النصّ تظهر تجربة الراوي مع هذه الأمثال، حيث يحكي لنا في كل صفحة عن أعماله وأفعاله اليوميّة، وعن الأمثال الشعبيّة التي تستعملها الماما لوصف هذه الأفعال. بالمقابل، نرى في الرسومات وصفًا حرًّا للمثل الشعبيّ ومحاولة تطبيقه على الحدث نفسه. مثلاً، في إحدى الصفحات يشاركنا الطفل الراوي قائلاً:

لمّا لبسنا أنا وصديقي ثيابًا غريبةً، وصبغنا شعرنا بالأصفر والأحمر والأزرق، وتصرفنا كمخلوقات فضائية، قالت ماما: "طُنجرة ولاقَت غطاها".

في الرسمة المقابلة نرى الطفل الراوي وصديقه بشعر ملوّن، يقف أحدهما على رأس الآخر، وكلاهما في داخل طنجرة وغطاها فوق رؤوسهم. حتى ملابسهما تحولّت إلى ملابس كائنات فضائيّة كما نشاهدها في الأفلام.

هكذا، تضفي الرسومات طابعًا ذكيًّا ومضحكًا على النص يأخذها إلى مكان آخر مختلف عمّا قد يتخيل البالغ القارئ، ولكنه قريب وممتع ومضحك للقارئ الصغير.

صدر الكتاب عام 2008 عن دار الخيّاط الصغير، وحصل على إصدار جديد عن "جبينة للانتاج الفني" بشكل خاصّ لمشروع مكتبة الفانوس، الذي تعامل معه بجدية وحرفية في عرضه فعاليات يمكن للأهالي القيام بها مع أطفالهم، أو للمربين والمربيات للقيام بها في الروضات والبساتين.

من نشاطات مكتبة الفانوس للأهالي:
- إنْ كان حَبيبَك عَسَل ما تِلْحَسُه كُلُّه نقرأ الموقف المذكور في الكتاب بدون ذكر المثل. نتحادث مع طفلنا حول طلبات بطل القصّة: هل هي معقولة؟ وهل تستطيع الأمّ تلبيتها؟ نقرأ المثل ونتأمّل الرّسمة المرافقة له: من العسل في الرّسمة؟ وماذا تقول الرّسمة للطفل؟ نفكّر في مواقف شبيهة في عائلتنا: ماذا نفعل حتّى "لا نلحس كلّ العسل"؟
- طُنْجَرَة ولاقَتْ غَطاها نتحادث مع الطّفل حول الصّديقين المذكورين في الموذات قف: هل يحبّان الألعاب؟ نتأمّل الرّسمة ونتحدّث عن التّشابه بين مطابقة الطنجرة لغطائها وبين مطابقة ميول الصّديق لميول صديقه. ننحادث عن أصدقائنا الّذين يمكن أن يكونوا "أغطية لطناجرنا": ماذا نحبّ أن نعمل معهم؟

من نشاطات مكتبة الفانوس للمربيات:
- من المهمّ قراءة كلّ مشهد والمثل الذي يتضمنّه، والتّوقف للحوار مع الأطفال. يمكن للعناصر التالية في الحوار أن تساهم في تقريب معنى المثل للطفل: أولاً أن يفهم الأطفال ما يحدث في المشهد، وثانيًا أن يلائموا بين الطفل وأمّه وبين العناصر في المثل ( الأم- العسل، والطفّل- طنجرة وصديقه الغطاء، الطفل-جمل يعرج من شفّته) تساعد الرّسومات في فهم هذه الملاءمة لأنها تترجم المثل حرفيًا. المرحلة الأخيرة هي توسيع معنى المثل ليخرج من دائرة المشهد المذكور في الكتاب إلى حياة الأطفال في البيت وخارجه ( هل يحدث ذلك معنا أيضًا؟).
- تساعد الدراما في ترجمة المثل إلى محسوس، إضافة إلى ما تثيره من مرح وفكاهة. يمكن اختيار أمثال ٍ مألوفة للأطفال يسهل تمثيلها، مثل: كل زيت وانطح حيط.

لنشاطات أخرى في موقع مكتبة الفانوس

ويمكن للأهالي، أيضًا، إعداد كتيّب صغير مع أطفالهم، يعرض الأمثال الشعبية التي تستعملها العائلة بشكل خاص، مع ارفاق رسومات الأطفال حول مفاهيمها. فعالية كهذه بمشاركة الأجداد والجدات قد تكون نشاطًا اجتماعيًّا عائليًّا هامًا جداً للأطفال وللبالغين سواء، حيث أنّهم أيضًا الكثير من الأمثال من غير أن يتعمقّوا أو يتفكروا في معانيها وفي مصدرها.
ننصح جداً بهذا الكتاب، لأجيال 5 سنوات وما فوق، حيث يوسع آفاق الأطفال ويطوّر ثروتهم اللغوية، كما يكشفهم بشكل عميق وفكاهي للثقافة الشعبية المألوفة للبالغين بحكم جيلهم وتجربتهم.

يوسع آفاق الأطفال ويطوّر ثروتهم اللغوية، ويكشفهم بشكل عميق وفكاهي للثقافة الشعبية المألوفة للبالغين بحكم جيلهم وتجربتهم
  •  التاريخ: 17/09/2017
  •  كلمات مفتاحية: كتب