هيا بنا نستعرضُ شيئاً من أقوال السلف رضي الله عنهم فى الدعاء:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إنى لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ـ ذكره فى اقتضاء الصراط المستقيم (2/706).
وعنه رضي الله عنه قال: بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح ـ جامع العلوم والحكم (1/276).
وعن عبد الله بن مسعود قال: إن الله لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، إن الله تعالى لا يقبل من مسمع، ولا مراء ، ولا لاعب، ولا لاه، إلا من دعا ثبت القلب ـ شعب الإيمان (2/50-51).
وعن أبى الدرداء قال: ادع الله فى يوم سرائك ، لعله يستجيب لك فى يوم ضرائك ـ أخرجه أحمد فى الزهد (ص135).
وعن الحسن أن أبا الدرداء كان يقول: جدوا بالدعاء فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ـأخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (2/52).
وعن حنيفة قال: ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/24).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : دعوة المسلم مستجابة ما لم يدع بظلم أو قطيعة رحم أو يقول: قد دعوات فلم أجب ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/133).
عن أبى ذر رضي الله عنه قال: يكفى من الدعاء مع البر، كما يكفى الطعام من الملح ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/40).
وعن محمد بن واسع قال: يكفى من الدعاء مع الورع اليسير، كما يكفى القدر من الملح ـ شعب الإيمان (2/53-54).
وعن عبد الله بن أبى صالح قال: دخل على طاووس يعودنى فقلت له: ادع الله لى يا أبا عبد الرحمن، فقال: ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ـ صفة الصفوة لابن الجوزى (2/289).
وكان يحيى بن معاذ الرازى يقول: إلهى أسألك تذللاً ، فاعطنى تفضلاً.
ويقول: كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع بالذنب من العطاء.
ويقول: لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت، وقد سددت طرقها بالذنوب شعب الإيمان (2/54).
عاد بكر بن عبد الله المزنى مريضاً، فقال المريض لبكر: ادع الله عز وجل لى، فقال: ادع لنفس فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ـ أخرجه الطبرانى فى الدعاء (1137).
وعن أبى بكر الشبلى فى قوله تعالى: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (غافر: 60) قال : ادعونى بلا غفلة، أستجب لكم بلا مهلة ـ شعب الإيمان (2/54).
عن الحسن فى قوله عز وجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) قال : اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله عز وجل أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ـ أخرجه الطبرى فى تفسيره (2/94).
وعنه قال: كانوا يجتهدون فى الدعاء ولا تسمع إلا همساً ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/109).
قال رجل لطاووس: ادع لنا، فقال: ما أجد لقلبى خشية فأدعو لك ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/142).
وعن سعيد بن المسيب قال: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/119).
وعن إبراهيم التيمى قال: كان يقال : إذ بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد وجب ، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/24).
وعن النخعى قال: كان يقال: إذا دعوت فابدأ بنفسك ، فإنك لا تدرى فى أى دعاء يستجاب لك ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/33).
وعن وهب بن منبه قال: مثل الذى يدعو بغير عمل، مثل الذى يرمى بغير وتر ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/39)، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/53).
وعنه قال: من سره أن يستجيب الله دعوته فليطب طعمته ـ جامع العلوم والحكم (1/275).
وعن الأوزاعى قال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه ـ شعب الإيمان (2/38).
وعن مورق العجلى قال: ما وجدت للمؤمن مثلاً إلا كمثل رجل فى البحر على خشبة فهو يدعو : يا رب ، يا رب ، لعل الله عز وجل أن ينجيه ـ الطبقات الكبرى لابن سعد (7/161)، شعب الإيمان (2/39).
وعن السرى السقطى قال: كن مثل الصبى ، إذا اشتهى على أبويه شهوة فلم يمكناه، فقعد يبكى عليها، فكن أنت مثله، فإذا سألت ربك فلم يعطه، فاقعد فابك عليه ـ شعب الإيمان (2/53).
وعن ابن عيينة قال: لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)(الحجر:36-37) ـ شعب الإيمان (2/53).
الذين يستجيب الله تعالى دعاءهم ، وبم يستجاب؟
(1)المضطر: قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) (النمل: 62)
(2)المظلوم مطلقاً ولو كان فاجراً أو كافراً: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات لا شك في إجابتها: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده". أخرجه الترمذي وحسنه، أبو داود رقم (1536) وحسنه الألبانى ، وفي "الصحيحين" يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" وسنذكر نماذج من دعاء المظلومين فى مقالٍ قادم بمشيئة الله تعالى للعبرة والعظة. البخارى رقم (2316) ومسلم رقم (19)
(3)الوالد على ولده والإمام العادل.
(4)، (5)الرجل الصالح، والمسلم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحمه.
(6)الولد البار بوالديه: ويدل على ذلك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا الله بصالح أعمالهم، وكان أحدهم باراً بوالديه فتوسل إلى الله تعالى بذلك فأجاب دعاءه، وهذا الحديث في "الصحيحين مطولاً. البخارى برقم (2102) ومسلم برقم (2743) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح فى الجنة فيقول: يا رب أنى لى هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك" (أخرجه أحمد وصحح إسناده ابن كثير) أحمد برقم (10618) وابن ماجة برقم (3660).
(7)، (8)المسافر والصائم، وقد تقدم ذكرهما في أحاديث كثيرة.
(9)دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك مثل ذلك" أخرجه مسلم برقم (2732).
(10)التائب؛ لأنه يغفر له ما قد سلف، فيستجاب له الدعاء.
(11)من بات طاهراً على ذكر الله: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهراً، فيتعار من الليل ، فيسأل الله خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه" أبو داود برقم (5042)، وأحمد برقم (22101)، وصححه الألبانى.
(12) من دعا بدعوة ذى النون: عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعوة ذى النون إذ دعا بها وهو فى بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم فى شئ قط إلا استجاب الله له الترمذى برقم (3505) ، والحاكم برقم (1462) وصححه الألبانى.
(13)دعوة المستيقظ من النوم: ودعاؤك بالمأثور عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير ، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم اغفر لى أو دعا استجيب له، فإن عزم وتوضأ قبلت صلاته" البخارى برقم (1103)، وغيره.
(14)دعوة الحاج والمعتمر والغازى فى سبيل الله: لحديث ابن عمر رضى الله عنهما ـ عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الغازى فى سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم" (رواه ابن ماجة برقم (2893) وحسنه الألبانى).
(15)دعوة الذاكر الله كثيراً: عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يرد دعاؤهم: الذاكر لله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط" (رواه البيهقى، والطبرانى فى الدعاء جـ392 ، وحسنه الألبانى فى السلسلة الصحيحة رقم (1211).
(16)دعوة من أحبه الله ورضى عنه: عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال : من عادى لى ولياً فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى مما افترضته عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذتى لأعيذنه، وما ترددت فى شئ أنا فاعله ترددى عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته" (رواه البخارى) برقم (6137).
فضل التسليم لله فى استجابة الدعاء وقضاء الحوائج:
قال ابن عقيل فى الفنون: قد ندب الله إلى الدعاء وفيه معان: الوجود والغنى والسمع والكرم والرحمة والقدرة، فإن من ليس كذلك لا يدعو، ومن يقول بالطبائع يعلم أن النار لا يقال لها كُفِّى، ولا النجم لا يقال له أصلح مزاجى؛ لأن هذه عندهم مؤثرة طبعاً لا اختيارا، فشرع الدعاء والاستسقاء ليبين كذب أهل الطبائع،وقال سبحانه: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ)(الحجر:21)
حتى لا يطلب إلا منه سبحانه وتعالى، ثم أحب أن يظهر جواهر أهل الابتلاء فقال لذا: اذبح ولدك وقرن هذا بالبلاء ليحملهم على الدعاء واللجاء.
وقال أيضا فى الفنون: تستبطئ الإجابة من الله تعالى لأدعيتك فى أغراضك التى يجوز أن يكون فى باطنها المفاسد فى دينك ودنياك، وتتسخط بإبطاء مرادك مع القطع على أنه سبحانه لا يمنعك شحاً ولا بخلاً ولا نسياناً، وقد شهد لصحة ذلك مراعاته لك.
ولا لسان ينطق بدعاء، ولا أركان لعبده، ولا قوة تتحرك بها فى طاعة من طاعاته، فكيف وجملتك وأبعاضك وقف على خدمته، ولسانك رطب بأذكاره؟ لكن إنما أُخَّر رحمة لك وحكمة ومصلحة.
فكن بالله كاليتيم، مع الولى الحميم، تسترح من كد التسخط، وتنجو من مأثم الاعتراض والتحير وليس يمكنك هذا إلا بشدة بحث ونظر فى حبك وقدرك.
فإذا علمت أنك بالإضافة إلى الحكمة الربانية والتدبير الإلهي دون اليتيم بالإضافة إلى الولي بكثير صح لك التفويض والتسليم، واسترحت من كد الاعتراض ومرارة التسخط والتدبير. وقد أشار إلى ذلك بقوله: ( وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الإسراء : 65).
وكل حال خص الله تعالى فى قلب المؤمن فينبغى أن يغتنم تلك اللحظة فإنها ساعة إجابة. فحضور ذكر الله تعالى بقلب العبد حضور واستحضار، وخير أوقات الطلب استحضار الملوك، ومن اشتدت فاقته فدعا، أو اشتد خوفه فبكى، فذلك الوقت الذى ينبغى أن يدعو فيه فإنه ساعة إجابة وساعة صدق فى الطلب وما دعا صادق إلا أجيب.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إنى لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ـ ذكره فى اقتضاء الصراط المستقيم (2/706).
وعنه رضي الله عنه قال: بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح ـ جامع العلوم والحكم (1/276).
وعن عبد الله بن مسعود قال: إن الله لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، إن الله تعالى لا يقبل من مسمع، ولا مراء ، ولا لاعب، ولا لاه، إلا من دعا ثبت القلب ـ شعب الإيمان (2/50-51).
وعن أبى الدرداء قال: ادع الله فى يوم سرائك ، لعله يستجيب لك فى يوم ضرائك ـ أخرجه أحمد فى الزهد (ص135).
وعن الحسن أن أبا الدرداء كان يقول: جدوا بالدعاء فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ـأخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (2/52).
وعن حنيفة قال: ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/24).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : دعوة المسلم مستجابة ما لم يدع بظلم أو قطيعة رحم أو يقول: قد دعوات فلم أجب ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/133).
عن أبى ذر رضي الله عنه قال: يكفى من الدعاء مع البر، كما يكفى الطعام من الملح ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/40).
وعن محمد بن واسع قال: يكفى من الدعاء مع الورع اليسير، كما يكفى القدر من الملح ـ شعب الإيمان (2/53-54).
وعن عبد الله بن أبى صالح قال: دخل على طاووس يعودنى فقلت له: ادع الله لى يا أبا عبد الرحمن، فقال: ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ـ صفة الصفوة لابن الجوزى (2/289).
وكان يحيى بن معاذ الرازى يقول: إلهى أسألك تذللاً ، فاعطنى تفضلاً.
ويقول: كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع بالذنب من العطاء.
ويقول: لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت، وقد سددت طرقها بالذنوب شعب الإيمان (2/54).
عاد بكر بن عبد الله المزنى مريضاً، فقال المريض لبكر: ادع الله عز وجل لى، فقال: ادع لنفس فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ـ أخرجه الطبرانى فى الدعاء (1137).
وعن أبى بكر الشبلى فى قوله تعالى: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (غافر: 60) قال : ادعونى بلا غفلة، أستجب لكم بلا مهلة ـ شعب الإيمان (2/54).
عن الحسن فى قوله عز وجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) قال : اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله عز وجل أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ـ أخرجه الطبرى فى تفسيره (2/94).
وعنه قال: كانوا يجتهدون فى الدعاء ولا تسمع إلا همساً ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/109).
قال رجل لطاووس: ادع لنا، فقال: ما أجد لقلبى خشية فأدعو لك ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/142).
وعن سعيد بن المسيب قال: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/119).
وعن إبراهيم التيمى قال: كان يقال : إذ بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد وجب ، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/24).
وعن النخعى قال: كان يقال: إذا دعوت فابدأ بنفسك ، فإنك لا تدرى فى أى دعاء يستجاب لك ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/33).
وعن وهب بن منبه قال: مثل الذى يدعو بغير عمل، مثل الذى يرمى بغير وتر ـ أخرجه ابن أبى شيبة (7/39)، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/53).
وعنه قال: من سره أن يستجيب الله دعوته فليطب طعمته ـ جامع العلوم والحكم (1/275).
وعن الأوزاعى قال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه ـ شعب الإيمان (2/38).
وعن مورق العجلى قال: ما وجدت للمؤمن مثلاً إلا كمثل رجل فى البحر على خشبة فهو يدعو : يا رب ، يا رب ، لعل الله عز وجل أن ينجيه ـ الطبقات الكبرى لابن سعد (7/161)، شعب الإيمان (2/39).
وعن السرى السقطى قال: كن مثل الصبى ، إذا اشتهى على أبويه شهوة فلم يمكناه، فقعد يبكى عليها، فكن أنت مثله، فإذا سألت ربك فلم يعطه، فاقعد فابك عليه ـ شعب الإيمان (2/53).
وعن ابن عيينة قال: لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)(الحجر:36-37) ـ شعب الإيمان (2/53).
الذين يستجيب الله تعالى دعاءهم ، وبم يستجاب؟
(1)المضطر: قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) (النمل: 62)
(2)المظلوم مطلقاً ولو كان فاجراً أو كافراً: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات لا شك في إجابتها: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده". أخرجه الترمذي وحسنه، أبو داود رقم (1536) وحسنه الألبانى ، وفي "الصحيحين" يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" وسنذكر نماذج من دعاء المظلومين فى مقالٍ قادم بمشيئة الله تعالى للعبرة والعظة. البخارى رقم (2316) ومسلم رقم (19)
(3)الوالد على ولده والإمام العادل.
(4)، (5)الرجل الصالح، والمسلم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحمه.
(6)الولد البار بوالديه: ويدل على ذلك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا الله بصالح أعمالهم، وكان أحدهم باراً بوالديه فتوسل إلى الله تعالى بذلك فأجاب دعاءه، وهذا الحديث في "الصحيحين مطولاً. البخارى برقم (2102) ومسلم برقم (2743) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح فى الجنة فيقول: يا رب أنى لى هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك" (أخرجه أحمد وصحح إسناده ابن كثير) أحمد برقم (10618) وابن ماجة برقم (3660).
(7)، (8)المسافر والصائم، وقد تقدم ذكرهما في أحاديث كثيرة.
(9)دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك مثل ذلك" أخرجه مسلم برقم (2732).
(10)التائب؛ لأنه يغفر له ما قد سلف، فيستجاب له الدعاء.
(11)من بات طاهراً على ذكر الله: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهراً، فيتعار من الليل ، فيسأل الله خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه" أبو داود برقم (5042)، وأحمد برقم (22101)، وصححه الألبانى.
(12) من دعا بدعوة ذى النون: عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعوة ذى النون إذ دعا بها وهو فى بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم فى شئ قط إلا استجاب الله له الترمذى برقم (3505) ، والحاكم برقم (1462) وصححه الألبانى.
(13)دعوة المستيقظ من النوم: ودعاؤك بالمأثور عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير ، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم اغفر لى أو دعا استجيب له، فإن عزم وتوضأ قبلت صلاته" البخارى برقم (1103)، وغيره.
(14)دعوة الحاج والمعتمر والغازى فى سبيل الله: لحديث ابن عمر رضى الله عنهما ـ عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الغازى فى سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم" (رواه ابن ماجة برقم (2893) وحسنه الألبانى).
(15)دعوة الذاكر الله كثيراً: عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يرد دعاؤهم: الذاكر لله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط" (رواه البيهقى، والطبرانى فى الدعاء جـ392 ، وحسنه الألبانى فى السلسلة الصحيحة رقم (1211).
(16)دعوة من أحبه الله ورضى عنه: عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال : من عادى لى ولياً فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى مما افترضته عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذتى لأعيذنه، وما ترددت فى شئ أنا فاعله ترددى عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته" (رواه البخارى) برقم (6137).
فضل التسليم لله فى استجابة الدعاء وقضاء الحوائج:
قال ابن عقيل فى الفنون: قد ندب الله إلى الدعاء وفيه معان: الوجود والغنى والسمع والكرم والرحمة والقدرة، فإن من ليس كذلك لا يدعو، ومن يقول بالطبائع يعلم أن النار لا يقال لها كُفِّى، ولا النجم لا يقال له أصلح مزاجى؛ لأن هذه عندهم مؤثرة طبعاً لا اختيارا، فشرع الدعاء والاستسقاء ليبين كذب أهل الطبائع،وقال سبحانه: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ)(الحجر:21)
حتى لا يطلب إلا منه سبحانه وتعالى، ثم أحب أن يظهر جواهر أهل الابتلاء فقال لذا: اذبح ولدك وقرن هذا بالبلاء ليحملهم على الدعاء واللجاء.
وقال أيضا فى الفنون: تستبطئ الإجابة من الله تعالى لأدعيتك فى أغراضك التى يجوز أن يكون فى باطنها المفاسد فى دينك ودنياك، وتتسخط بإبطاء مرادك مع القطع على أنه سبحانه لا يمنعك شحاً ولا بخلاً ولا نسياناً، وقد شهد لصحة ذلك مراعاته لك.
ولا لسان ينطق بدعاء، ولا أركان لعبده، ولا قوة تتحرك بها فى طاعة من طاعاته، فكيف وجملتك وأبعاضك وقف على خدمته، ولسانك رطب بأذكاره؟ لكن إنما أُخَّر رحمة لك وحكمة ومصلحة.
فكن بالله كاليتيم، مع الولى الحميم، تسترح من كد التسخط، وتنجو من مأثم الاعتراض والتحير وليس يمكنك هذا إلا بشدة بحث ونظر فى حبك وقدرك.
فإذا علمت أنك بالإضافة إلى الحكمة الربانية والتدبير الإلهي دون اليتيم بالإضافة إلى الولي بكثير صح لك التفويض والتسليم، واسترحت من كد الاعتراض ومرارة التسخط والتدبير. وقد أشار إلى ذلك بقوله: ( وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الإسراء : 65).
وكل حال خص الله تعالى فى قلب المؤمن فينبغى أن يغتنم تلك اللحظة فإنها ساعة إجابة. فحضور ذكر الله تعالى بقلب العبد حضور واستحضار، وخير أوقات الطلب استحضار الملوك، ومن اشتدت فاقته فدعا، أو اشتد خوفه فبكى، فذلك الوقت الذى ينبغى أن يدعو فيه فإنه ساعة إجابة وساعة صدق فى الطلب وما دعا صادق إلا أجيب.
- tweet
- Save
تسجيل الدخول
البحث
القائمة الجانبية
- الرئيسية
- سيرة الشيخ
- المرئيات
- مقالات
- علاج نبوي
- الإصدارات
- رمضانيات
- رمضان 1434
- مقالات رمضانية
- رمضان 1436
- الفتاوى
- المكتبة