google.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0 حكم أمثال أقوال قصص: كتاب مجمع الامثال oogle.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 أبريل 2018

كتاب مجمع الامثال

صدر هذا الكتاب آليا بواسطة الموسوعة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة الموسوعة الشاملة على الإنترنت)

الكتاب : مجمع الأمثال
المؤلف : الميداني
مصدر الكتاب : الوراق

[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد، فقيل له: ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو، فكف حتى انتهى إليهم الرجل فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه فقال له: ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل؟ قال: الوفاء. قال: وما دعاك إلى الوفاء؟ قال: ديني قال النعمان: وما دينك؟ قال النصرانية. قال النعمان: فأعرضها علي، فعرضها عليه فتنصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون، وكان قبل ذلك على دين العرب، فترك القتل منذ ذلك اليوم وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريين وعفى عن قراد والطائي وقال: والله ما أدري أيهما أوفى وأكرم أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه، والله لا أكون ألأم الثلاثة. فأنشد الطائي يقول:
ما كنت أخلف ظنه بعد الذي ... أسدى إلي من الفعال الخالي
ولقد دعتني للخلاف ضلالتي ... فأبيت غير تمجدي وفعالي
إني أمرؤ مني الوفاء سجية ... وجزاء كل مكارم بذال
وقال أيضاً يمدح قراداً:
ألا إنما يسموا إلى المجد والعلا ... مخاريق أمثال القراد بن أجدعا
مخاريق أمثال القراد وأهله ... فإنهم الأخيار من رهط تبعا
إن أخاك من آساك
(1/30)

يقال: آسيت فلاناً بمالي أو غيره، إذا جعلته أسوة لك، وواسيت لغة فيه ضعيفة بنوها على بواسي. ومعنى المثل، أن أخاك حقيقة من قدمك وآثرك على نفسه. يضرب في الحث على مراعاة الإخوان. وأول من قال ذلك خزيم بن نوفل الهمداني، وذلك أن النعمان بن ثواب العبدي، ثم الشني، كان له بنون ثلاثة سعد وسعيد وساعدة، وكان أبوهم ذا شرف وحكمة وكان يوصي بنيه ويحملهم على أدبه، أما ابنه سعد فكان شجاعاً بطلاً من شياطين العرب لا يقام لسبيله ولم تفته طلبته قط ولم يفر عن قرن، وأما سعيد فكان يسبه أباه في شرفه وسؤدده، وأما ساعدة فكان شراب وندامي وإخوان، فلما رأى الشيخ حال بنيه دعا سعداً وكان صاحب حرب فقال: يا بني أن الصارم ينبو والجواد يكبو والأثر يعفو فإذا شهدت حرباً فرأيت نارها تستعر وبطلها يخطر وبحرها يزخر وضعيفها ينصر وجبانها يجسر فأقلل المكث والانتظار فإن الفرار غير عار إذا لم تكن طالب نار فإنما ينصرون هم، وإياك أن تكون صيد رماحها ونطيح نطاحها. وقال لابنه سعيد، وكان جواداً، يا بني لا يبخل الجواد فابذل الطارف والتلاد وأقلل التلاح تذكر عند السماح وأب لإخوانك فإن وفيهم قليل واصنع المعروف عند محتمله. وقال لابنه ساعدة: وكان صاحب شراب، يا بني إن كثرة الشراب تفسد القلب، وتقلل الكسل، وتجد اللعب، فابصر نديمك واحم حريمك واعن غريمك، واعلم أن الظمأ القامح خير من الرأي الفاضح، وعليك بالقصد فإن فيه بلاغاً. ثم أن أباهم النعمان ابن ثواب توفي فقال ابنه سعيد: وكان جواد سيداً، لآخذن بوصية أبي ولأبلون أخواني وثقاتي في نفسي، فعمد إلى كبش فذبحه ثم وضعه في ناحية خبائه وغشاه ثوباً ثم دعا بعض ثقاته فقال: يا فلان إن أخاك من وفي لك بعهده وحاطك بوفده ونصرك بوده. قال: صدقت فهل حدث أمر. قال: نعم إني قتلت فلاناً وهو الذي تراه في ناحية الخباء ولا بد من التعاون عليه حتى يواري. فما عندك؟ قال: يا لها سوأة وقعت فيها. قال: فإني أريد أن تعينني عليه حتى أغيبه. قال: لست لك في هذا بصاحب، فتركه وخرج. فبعث إلى آخر من ثقاته فأخبره بذلك وسأله معونته فرد عليه مثل ذلك حتى بعث إلى عدد منهم كلهم يرد عليه مث لجواب الأول. ثم بعث إلى رجل من إخوانه يقال له خزيم بن نوفل فلما أتاه قال له: يا خزيم مالي عندك. قال: ما يسرك وما ذاك قال: إني قتلت فلاناً وهو الذي تراه مسجي. قال: أيسر خطب، فتريد ماذا؟ قال: أريد أن تعينني حتى أغيبه. قال: هان ما فزعت فيه إلى أخيك، وغلام لسعيد قائم معهما، فقال له خزيم هل أطلع على هذا الأمر أحد غير غلامك هذا؟ قال: لا. قال: أنظر ما تقول. قال: ما قلت: إلا حقاً، فأهوى خزيم إلى غلامه فضربه بالسيف فقتله، وقال: ليس عبد بأخ لك، فأرسلها مثلاً، وارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه. فقال: ويحك ما صنعت؟ وجعل يلومه. فقال خزيم: أن أخاك من آساك، فأرسلها مثلاً، قال سعيد: فإني أردت تجربتك. ثم كشف له عن الكبش وأخبره بما لقي من إخوانه وثقاته وما ردوا عليه. فقال خزيم: سبق السيف العذل، فذهبت مثلاً.
ألا من يشتري سهراً بيوم
(1/31)

قالوا: إن أول من قال ذلك، ذو رعين الحميري، وذلك أن حمير تفرقت على ملكها حسان وخالفت أمره لسوء سيرته فيهم، ومالوا إلى أخيه عمرو، وحملوه على قتل أخيه حسان وأشاروا عليه بذلك، ورغبوه في الملك، ووعدوه حسن الطاعة والمؤازرة. فنهاه ذو رعين من بني حمير عن قتل أخيه. وعلم أنه إن قتل أخاه ندم ونفر عنه النوم وانتقض عليه أموره، وأنه سيعاقب الذي أشار عليه بذلك، ويعرف غشهم له. فلما رأى ذو رعين أنه لا يقبل ذلك منه وخشي العواقب، قال هذين البيتين وكتبهما في صحيفة وختم عليها بخاتم عمرو وقال: هذه وديعة لي عندك إلى أطلبها منك، فأخذها عمرو وقد دفعها إلى خازنه وأمره برفعها إلى الخزانة والاحتفاظ بها إلى أن يسأل عنها. فلما قتل أخاه وجلس مكانه في الملك، منع منه النوم، وسلط عليه السهر. فلما أشتد ذلك عليه لم يدع باليمن طبيباً ولا كاهناً ولا منجماً ولا عرافاً ولا عائفاً إلا جمعهم ثم أخبرهم بقصته وشكا إليهم ما به فقالوا له: ما قتل رجل أخاه أو ذا رجم منه على نحو ما قتلت أخاك إلا أصابه السهر ومنع منه النوم، فلما قالوا له ذلك، أقبل على من كل أشار عليه بقتل أخيه وساعده عليه من أقيال حمير فقتلهم حتى أفناهم، فلما وصل إلى ذي رعين قال له: أيها الملك أن لي عندك براءة مما تريد أن تصنع بي. قال: وما براءتك وأمانك؟ قال: مر خازنك أن يخرج الصحيفة التي استودعتكها يوم كذا وكذا! فأمر خازنه فأخرجها فنظر إلى خاتمه عليها ثم فضها فإذا فيها:
ألا مهن يشتري سهراً بنوم ... سعيد من يبيت قرير عين
فأما حمير غدرت وخانت ... فمعذرة الإله لذي رعين
ثم قال له: أيها الملك قد نهيتك عن قتل أخيك وعلمت أنك إن فعلت ذلك أصابك الذي قد أصابك فكتبت هذين البيتين براءة لي عندك مما علمت أنك تصنع بمن أشار عليك بقتل أخيك. فقبل ذلك منه وعفا عنه وأحسن جائزته. يضرب لمن غمط النعمة وكره العافية.
إنك لا تهرش كلباً
يضرب لمن يحمل الحليم على الثوئب.
إن الذليل من ذل في سلطانه
يضرب لمن ذل في موضع التعزيز، وضعف حيث تنظر قدرته.
إن كنت كذوباً فكن ذكوراً
يضرب للرجل يكذب ثم ينسى فيحدث بخلاف ذلك.
إذا اشتريت فاذكر السوق
يعني، إذا اشتريت فاذكر البيع لتجنب العيوب.
إنه لقبضة رفضة
يضرب للذي يتمسك بالشيء ثم يلبث أن يدعه.
إن لم يكن معلماً فدحرج
أصل هذا المثل، أن بعض الحمقى كان عرياناً فقعد في جب، وكان يدحرج، فحضره أبوه بثوب يلبسه فقال: هل هو معلم؟ قال: لا. فقال: إن لم يكن معلماً فدحرج. فذهب مثلاً. يضرب للمضطر يقترح فوق ما يكفيه.
إياك والسآمة في طلب الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها
قال أبو عبيد: يروي عن أبجر بن جابر العجلي أنه قال فيما أوصى به ابنه حجازاً يا بني إياك والسآمة. يضرب في الحث على الجد في الأمور، وترك التفريط فيها.
إذا ما القارظ العنزي آبا
قال بن الكلبي: هما قارظان كلاهما من عنزة، فالأكبر منهما هو يذكر ابن عنزة لصلبه، والأصغر هو رهم بن عامر بن عنزة. كان من حديث الأول أن خزيمة بن نهد، ويروى خزيمة، كذا رواه أبو الندي في أمثاله، كان عشق فاطمة ابنة يذكر. قال، وهو القائل فيها:
إذا الجوزاء أردفت الثريا ... ظننت بآل فاطمة الظنونا
قال: ثم أن يذكر وخزيمة خرجا يطلبان القرظ فمر بهوة من الأرض فيها نحل. فنزل يذكر ليشتار عسلاً، ودلاه خزيمة بحبل، فلما فرغ قال يذكر لخزيمة: أمددني لأصعد. فقال خزيمة: لا والله حتى تزوجني ابنتك فاطمة. فقال: أعلي هذه الحال لا يكون ذلك أبداً. فتركه خزيمة فيها حتى مات. قال: وفيه وقع الشر بين قضاعة وربيعة. قال: وأما الأصغر منهما فإنه خرج لطلب القرظ أيضاً فلم يرجع ولا يدري ما كان من خبره. فصار مثلاث في أمتداد الغيبة. قال بشر بن أبي حازم لابنته عند موته:
فرجي الخير وانتظري أيابي ... إذا ما العنزي آبا
؟إنه لمشل عون المشل، الطرد. والعون، جمع عانة، أي أنه ليصلح أن تشل عليه الحمر الوحشية. يضرب لمن يصلح أن تناط به الأمور العظام.
؟إنه لمخلط مزيل
يضرب للذي يخالط الأمور ويزايلها ثقة بعلمه واهتدائه فيها.
إنه الليل وأضواج الوادي
(1/32)

الضوج، بالضاد المعجمة والجيم، منعطف الوادي. والصوح، بالصاد المضمومة والحاء، حائط الوادي وناحيته. وهذا المثل مثل قولهم: الليل وأهضام الوادي.
إنك لا تعدو بغير أمك
يضرب لمن يسرف في غير موضع السرف.
إنك لو ظلمت ظلماً أمماً
الأمم، القرب. أي لو ظلمت ظلماً ذا قرب لعفونا عنك، ولكن بلغت الغاية في ظلمك.
إن كنت الحالبة فاستغزري
أي، إن قصدت الحلب فاطلبي ناقة غزيرة. يضرب لمن يدل على موضع حاجته.
إن أخا الخلاط أعشى بالليل
الخلاط، أن يخلط إبله بإبل غيره ليمنع حق الله منها. وفي حديث " لا خلاط ولا وراط " أي لا يجمع بين متفرقين. والوراط، أن يجعل غنمه في ورطة، وهي الهوة من الأرض، لتخفقي والذي يفعل الخلاط يتحير ويدهش. يضرب مثلاً للمريب الخائن.
إن أمامي ما لا أسامي
أي، ما لا أساميه ولا أقاومه. يضرب للأمر العظيم ينتظر وقوعه.
إن كنت حبلى فلدي غلاماً
يضرب للمتصلف يقول هذا الأمر بيدي.
إنما طعام فلان القفعاء والتأويل
القعفاء، شجرة لها شوك. والتأويل، نبت يعتلفه الحمار. يضرب لمن يستبلد طبعه، أي إنه بهيمة في ضعف عقله وقلة فهمه.
إياك وصحراء الإهالة
أصل هذا، أن كسرى أغزي جيشاً إلى قبيلة أياد وجعل معهم لقيطاً الأيادي ليدلهم، فتوه بهم لقيط في صحراء الإهالة فهلكوا جميعاً، فقيل في التحذير: إياك وصحراء الإهالة.
إنه لينتجب عضاة فلان
الإنتجاب، أخذ النجبة، وهي قشر الشجر. يضرب لمن ينتحل شعر غيره.
آخ الأكفاء وداهن الأعداء
هذا قريب من قولهم: خالص المؤمن وخالق الفاجر.
إذا قرح الجنان بكت العينان
هذا كقولهم: البغض تبديه لك العينان.
إنما يحمل الكل على أهل الفضل
الكل، الثقل، أي، تحمل الأعباء على أهل القدرة.
إذا تلاحت الخصوم تسافهت الحلوم
التلاحي، التشاتم، أي عنده يصير الحليم سفيهاً.
إنه ينبح الناس قبلاً
يضرب لمن يشتم الناس من غير جرم. ونصب قبلاً على الحال، أي مقابلاً.
إن السلاء لمن أقام وولد
يقال: سلأت السمن سلأ إذا أذبته، والسلاء بالمد المسلوء، يعني أن النتاج ومنافعه لمن أقام وأعان على النولادة لا لمن غفل وأهمل. يضرب في ذم الكسل.
أنت بين كبدي وخلبي
يضرب للعزيز الذي يشفق عليه. والخلب، الحجاب الذي بين القلب وسواد البطن.
آخر سفر أولاً. أي ننظر كيف يكون نشاطك آخراً. وقوله: أملك أي أحق بأن يملك فيه النشاط.
إنك ريان فلا تعجل بشربك
يضرب لمن أشرف على أدراك بغيتة فيؤمر بالرفق.
إن كنت ناصري فغيب شخصك عني
يضرب لمن أراد أن ينصرك فيأتي بما هو عليك لا لك.
أخذه على قل غيظه
أي، على أثر غيظ منه في قلبه.
إذا لم تسمع فألمع
أي، إن عجزت عن الإسماع لم تعجز عن الإشارة.
إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر
يروى هذا عن ابن شهاب الزهري حين مدحه شاعر فأعطاه مالاً وقال هذا القول.
إنما الشيء كشكله
قاله أكثم بن صيفي: يضرب للأمرين، أو الرجلين، يتفقان في أمر فيأتلفان.
أنت عليه أم اللهيم
أي، أهلكته الداهية، ويقال المنية.
أكلتم تمري وعصيتم أمري
قال عبد الله بن الزبير.
أين بيتك فتزاري
يضرب لمن يبطئ في زيارتك.
إن الهوى شريك العمى
هذا مثل قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم.
إذا أعياك جاراتك فعوكي على ذي بيتك
قاله رجل لامرأته، أي إذا أعياك الشيء من قبل غيرك فاعتمد على ما في ملكك. وعوكي، معناه اقبلي.
أخذني بأطير غيري
الأطير، الذنب. قال مسكين الدارمي:
اتضربني بأطير الرجال ... وكلفتني ما يقول البشر
إن دون الطلمة خرط قتاد هوبر
الطلمة، الخبزة تجعل في الملة، وهي الرماد الحار. وهو بر، مكان كثير القتاد. يضرب للشيء الممتنع.
إنه ديس من الديسة
أصل ديس دوس من الدروس والدياسة، أي أنه يدوس منه ينازله. يضرب للرجل الشجاع. وبني قوله، من الديسة؛ على قوله، ديس، وإلا فحقه الواو.
إن الرأي ليس بالتظني
يضرب في الحث على التروية في الأمر.
أنا ابن كديها وكدائها
وكدي وكداء، جبلان بمكة. والهاء راجعة إلى مكة، أو إلى الأرض. وهذا مثل يضربه من أراد الافتخار على غيره.
أخر البز على القلوص
(1/33)

البز، الثياب. والقلوص، الأنثى من الإبل الشابة. وهذا المثل مذكور في قصة الزباء في حرف الخاء.
ما جاء على إفعل من هذا الباب
أعلم أن لأفعل إذا كان للتفصيل ثلاثة أحوال، الأول: أن يكون معه. من نحو، زيد أفضلا من عمرو. والثاني: أن تدخل عليه الألف واللام. نحو: زيد الأفضل. والثالث: أن يكون مضافاً. نحو: زيد أفضل القوم وعمرو أفضلكم. فإذا كان مع من، استوى فيه الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: زيد أفضل منك، والزيدان أفضل منك، والزيدون أفضل منك، وكذلك هند افضل من دعد، والهندان أفضل، والهندات أفضل. قال الله تعالى: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " . وإنما كان كذلك، لأن تمامه بمن، ولا يثني الاسم ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولهذا لا يجوز أن تقول: زيد أفضل، وأنت تريد من الأخر، إذا دلت الحال عليه، فحينئذ أن أضمرته جاز. نحو قولك: زيد أفضل من عمرو وأعقل، تريد واعقل منه، وعلى هذا قوله تعالى: " يعلم السر وأخفى " . أي وأخفى من السر، ما أسررت في نفسك. و أخفى منه، ما لم تحدث به نفسك مما يكون في غد علم الله فيهما سواء، فحذف الجار والمجرور، لدلالة الحال عليه. وكذلك، " هن أطهر لكم " ، أي من غيرها. وإذا كان مع الألف واللام ثني وجمع وأنث. تقول: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون. وإن شئت الأفاضل، وهند الفضلى، وهندان الفضليان، والهندات الفضليات، وإن شئت الفضل، قال تعالى: " إنها لإحدى الكبر " . والألف واللام تعاقبان من، فلا يجوز الجمع بينهما. لا يقال زيد الأفضل من عمرو. ولا يستعمل فعلى التفضيل إلا بالألف واللام. لا يقال جاءتني فضلى. وقد غلطوا أبا نواس في قوله:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
وإنما استعمل من هذا القبيل أخرى. قال الله تعالى: " ومنها نخرجكم تارة أخرى " . وقالوا: دنيا، في تأنيث الأدنى. ولا يجوز القياس عليهما: قال الأخفش: قرأ بعضهم: " وقولوا للناس حسنى " . وذلك لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين. وإذا كان أفعل مضافاً ففيه وجهان. أحدهما أن يجري مجراه إذا كان معه من فيستوي فيه التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. تقول زيد أفضل قومك، والزيدان أفضل قومك، والزيدون أفضل قومك، وهند أفضل بناتك، والهندان أفضل بناتك، والهندات افضل بناتك. وهذا الوجه شائع في النثر والشعر. قال الله تعالى: " ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. ولم يقل، أحرصي، وقال ذو الرمة:
ومية أحسن الثقلين جيداً ... وسالفة وأحسبته قذالا
ولم يقل حسنى الثقلين نولا حسناه. وقال جرير:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنساناً
(1/34)

وعلى هذا قول الناس: أولى النعم بالشكر وأجل النعم عندي كذا وكذا. والوجه الثاني في إضافته، أن يعتبر فيه حال دخول الألف واللام فيثنى ويجمع ويؤنث. فيقال: زيد أفضل قومك، والزيادا أفضلا قومك، والزيدون أفضلو قومك، وهند فضلى بناتك، والهندان فضليا بناتك، والهندات فضليات بناتك. فهذه الأحوال الثلاثة أثبتها مستقصاة. ومن شرط أفعل هذا أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعض منه. كقولك زيد أفضل الرجال، وهند أفضل النسا. ولا يجوز على الضد، ولهذا لا يجوز، زيد أفضل أخوته، لأن الإضافة تخرجه من جملتهم. ويجوز، زيد أفضل لإخوته. والإضافة في جميع هذا ليست بمعنى اللام، ولا بمعنى من، جاز أن تقول: الرجال أفضل القوم. كان زيد واحداً منهم. وإذا قلت: زيد أفضل من القوم. كان خارجاً من جملتهم. فهذا هو الفرق بين اللفظين. ومن شرطج أفعل هذا أيضاً، أن يكون مصوغاً من فعل ثلاثي. نحو: زيد أفضل وأكرم وأعلم من عمرو. وذلك أن بعض ما زاد على ثلاثة أحرف يمتنع أن يبنى منه أفعل نحو: دحرج واستخرج وتدحرج وتخرج وأشباها. وبعضه يؤدي إلى اللبس. كقولك: زيد أكرم وأفضل وأحسن من غيره، وأنت تريد بها الزيادة في الأفضال والأكرام والإحسان، فأتوا بما يزيل اللبس والامتناع، وهو أنهم بنوا من الثلاثي لفظاً ينبئ عن الزيادة، وأوقعوه على مصدر ما أرادوا تفضيله فيه فقالوا: زيد أكثر إفضالاً وإكراماً وأعمإ، حساناً وأشد استخراجاً وأسرع انطلاقاً، وما أشبه ذلك. ولا يبنى أفعل من المفعول إلا في الندرة. نحو قولهم: أشغل من ذات النحيين، وأشهر من الأبلق، والعود أحمد، ومنا أشبهها، وذلك أن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان. وكذلك حكم ما كان خلقه، كالألوان والعيوب. لا تقول: زيد أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عواً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عوراً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي من عمرو، ولا فلان أرجل من فلان. قال الفراء: إنما ينظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أفعل دليلاً على الكثرة والزيادة، ألا ترى أنك تقول: زيد أجمل من فلان، إذا كان جماله يزيد على جماله. ولا تقول للأعميين: هذا أعمى من ذاك. فأما قوله تعالى: ومن كان في هذه أعمى. فإنما جاز ذلك لأنه من عمى القلب. تقول: عمي يعمي عمى فهو عم، وأعمى، وهم عمون وعمي وعميان. قال الله تعالى: بل هم منها عمون. وقال تعالى: " صم بكم عمي " . وقال: لم يخروا عليها صماً وعمياناً. فالأول في الآية اسم. والثاني تفضيل، أي من كان في هذه، يعني في الدنيا، أعمى القلب عما يرى من قدرة الله في خلق السموات والأرض وغيرها مما يعانيه فلا يؤمن به، فهو عما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى أن يؤمن به، أي أشد عمى. ويدل على هذا قوله تعالى: " وأضل سبيلاً " . وقرأ أبو عمرو. ومن كان في هذه أعمى، بالإمالة، فهو في الآخرة أعمى، بالتفخيم. أراد أن يفرق بين ما هو اسم، وبين ما هو أفعل منه بالإمالة وتركها. وكل ما كان على أفعل صفة لا يبنى منه أفعل التفضيل. نحو قولهم: فلان أحمق من كذا. فهو من الحمق. لأنه يقال، رجل حمق، كما يقال، رجل أحمق. ومنه قول يزيد بن الحكم:
قد يقتر الحول التقي ... ويكثر الحمق الأثيم
وكذلك قوله تعالى: " فهو في الآخرة أعمى " . من قولك: هذا أعمى وهذا أعمى منه. وحكم ما أفعله وأفعل به في التعجب، حكم أفعل في التفضيل في أنه أيضاً لا يبنى إلا من الثلاثي. ولا يتعجب من الألوان والعيوب إلا بلفظ مصوغ من الفعل الثلاثي، كما تقدم، فلا يقال: ما أعوره ولا ما أعرجه. بل يقال: ما أشد عوره وأسوأ عرجه وما أشد بياضه وسواده. وقل من قال: أبيض من أخت بني أباض.
وقول الآخر:
أما الملوك فأنت اليوم الأمهم ... لؤماً وأبيضهم سربال طباخ
(1/35)

محمولان على الشذوذ. وكذلك قولهم: ما أعطاه، وما أولاه للمعروف، وما أحوجه. يريدون ما أشد احتياجه. على أن بعضهم قال: ما أحوجه، من حاج يحوج حوجاً، أي احتاج. وقال بعضهم: إنما فعلوا هذا بعد حذف الزيادة ورد الفعل إلى الثلاثي. وهذا وجه حسن. وحكم أفعل به في التعجب حكم ما أفعله. لا يقال أعور به كما لا يقال ما أعوره بل يقال أشدد بعوره. ويستوي في لفظ أفعل به المذكر والمؤنث التثنية والجمع. تقول: يا زيد أكرم بعمرو ويا هند أكرم بزيد ويا رجلان أكرم ويا رجال أكرم، كما كان في ما أحسن زيداً وما أحسن هنداً وما أحسن الزيدين وما أحسن الهندات. كذلك قال أبو عبد الله حمزة ابن الحسن في كتابه المعنون، بأفعل ، حاكياً عن المازني أنه قال: قد جاءت أحرف كثيرة مما زاد فعله على ثلاثة أحرف فأدخلت العرب عليه التعجب قالوا ما اتقاه لله وما أنتنه وما أظلمها وما أضوأها وللفقير ما أفقره وللغني ما أغناه، وإنما يقال في فعلهما افتقر واستغنى، وقالوا للمستقيم ما أقومه وللمتمكن عند الأمير ما أمكنه وقالوا ما أصوبه وهذا على لغة من يقول صاب بمعنى أصاب وقالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقولون خطئت في معنى أخطأت. وقال: " يا لهف هند إذا خطئن كلاهما " وقالوا ما أشغله وإنما يقولون في فعله شغل وما أزهاه وفعله شغل وما أزهاه وفعله زهي. وقالوا ما آبله، يريدون، ما أكثر إبله. وإنما يقولون تأبلاً إبلاً، إذا اتخذها. وقالوا ما أبغضه لي وما أحبه إلي وما أعجبه برأيه. وقال بعض العرب: ما إملأ القربة. ما حكاه عن الماغزني. ثم قال وقال أبو الحسن الأخفش: لا يكادون يقولون في الأرسح ما أسحه ولا في الأسته ما أستهه. قال: وسمعت منهم من يقول: رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أسته. قلت: في بعض هذا الكلام نظر. وذلك أن الحكم، بأن هذه الكلمات كلها من المزيد فيه، غير مسلم. لأن قولهم: ما أتقاه لله، يمكن أن يحمل على لغة من يقول: تقاه يتقيه، بفتح التاء، من الميتقبل، وسكونها. حتى قد قالوا أتقي الأتقياء. وبنوا منه تقي يتقي، مثل، سقى يسقى. إلا أن المستعمل تحريك التاء من يتقي، وعليه ورد الشعر، كما قال:
زيادرتنا نعمان لا تنسينها ... تقي الله فينا والكتاب الذي تتلو
وقال آخر:
ولا اتقي الغيور إذا رآني ... ومثلي لزبا لحمس الربيس
فلما وجدوا الثلاثي منه مستعملاً بنوا عليه فعل التعجب، وبنوا منه فعيلاً كالتقي، وقالوا منه على هذه القضية، ما اتقاه لله، وقولهم، ما أنتنه، إنما حملوه على أنه من باب نتن ينتن نتناً وهي لغة في أنتن ينتن. فمن قال نتن قال في الفاعل منتن، ومن قال منتن بناه على أنتن. هذا قول أبي عبيد عن أبي عمرو. وقال غيسره: منتن في الأصل منتين فحذفوا المدة فقالوا منتن والقياس أن يقولوا نتن فهو ناتن أو نتين ولو قالوا نتن فهو نتن على قياس صعب فهو صعب، كان جائزاً. وقولهم: ما أظلمها وأضوأها، من هذا القبيل أيضاً، لأن ظلم يظلم ظلمة لغة في أظلم وكذلك ما أضوأها يعنون الليلة إنما هو من ضاء يضوء ضوءاً أو ضواء وهي لغة في أضاء يضيء إضاءة. وإذا كان الأمر على ما ذكرت كان التعجب على قانونه. وأما قوله قاوا للفقير ما أفقره فيجوز أن يقال أنهم لما وجدوه على فعيل توهموه من باب فعل، بضم العين، مثل صغر فهو صغير، وكبر فهو كبير، أو حملوه على ضده فقدروه من باب فعل بكسر العين كغني فهو غني كما حملوا عدوة الله على صديقة وذلك من عادتهم أن يحملوا الشيء على نقيضه كقوله:
إذا رضيت علي بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها
(1/36)

فوصل رضيت بعلي لأنهم قالوا في ضده سخط علي، ومثل هذا موجود في كلتامهم. أو حملوه على فعيل بمعنى مفعول فقد قالوا: إنه المكسور الفقار. وإذا حمل على هذا الوجه كان في الشذوذ مثله إذا حمل افتقر. وأما قولهم: ما أغناه، فهو على النهج الواضح لأنه من قولهم غني يغنى غني فهو غني، فلا حاجة بنا إلى حمله على الشذوذ. وأما قولهم للمستقيم ما أقومه فقد حملوه على قولهم شيء قويم، أي مستقيم، وقام بمعنى استقام صحيح. قال الراجز وقال ميزان النهار فاعتدل. ويقولون دينار قائم، إذا لم يزد على مثقال ولم ينقص، وذلك لاستقامة فيه، فعلى هذا الوجه ما أقومه غير شاذ. وقولهم للمتمكن عند الأمير ما أمكنه. إنما هو من قولهم: فلان مكين عند فلان وله مكانة عنده أي منزلة. فلما رأوا المكانة، وهي من مصادر فعل، بضم العين، وسمعوا المكين، وهو من نعوت هذا الباب. نحو كرم فهو كريم وشرف فهو شريف. توهموا أنه من مكن مكانة فهو مكين. مثصل متن متانة فهو متني. فقالوا: ما أمكنه! وفلان أمكن من فلان. وليس توهمهم هذا بأغرب من توهمهم الميم في التمكن والإمكان والمكانة والمكان وما اشتق منها أصلية. وجميع هذا من الكون وهذا كما أنهم توهموا الميم في المسكين أصلية فقالوا تمسكن، ولهذا نظائر. وأما قولهم ما أصوبه على لغة من يقول صاب، يعني أصاب. ولم يزيدوا على هذا فإني أقول هذا اللفظ، أعني لفظ صاب، مبهم لا ينبئ عن معنى واضح. وذلك أن صاب يكون من صاب المطر يصوب صوباً، إذا نزل. وصاب السهم يصوب صيبوبة، إذا قصد، ولم يجر. وصاب السهم القرطاس، يصيبه صيباً لغة في أصاب. ومنه المثل: مع الخواطيء سهم صائب. فإن أرادوا بقولهم صاب هذا الأخير كان من حقهم أن يقولوا ما أصيبه لأنه يائي. وأن أرادوا بقولهم أصاب، أي أتى بالصواب من القول، فلا يقال فيه صاب يصيب. ومإما قوله قالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقول خطئت في معنى أخطأت فهو على ما قال. وأما ما أشغله فلا ريب في شذوذه لأنه أن حمل على الاشتغال كان شاذاً، وإن حمل على أنه من المفعول فكذلك. وأما ما أزهاه وحمله على الشذوذ من قولهم زهى فهو مزهو فإن ابن دريد قال يقال زها يزهو زهواً أي تكبر. ومنه قولهم ما أزهاه وليس هذا من زهى لبأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه. هذا كلامه. وأمر آخر وهو أن بين قولهم ما أشغله وما أزهاه إذا حمل على زهو فرقاً ظاهراً، وذلك أن المزهو وأن كان مفعولاً في اللفظ فهو في المعنى فاعل لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شغله غيره، فلو حمل ما أزهاه على التعجب من الفاعل المعنوي لم يكن بأس. وأما قولهم ما آبله أي ما أكثر إبله ثم قوله وإنما يقولون تأبل إبلاً إذا اتخذها ففي كل واحد منهما خلل. وذلك أن قولهم ما آبله ليس من الكثير في شيء إنما هو تعجب من قولهم أبل الرجل يأبل إبالة مث لشكس شكاسة فهو أبل وآبل أي حاذق بمصلحة الأبل. وفلان آبل الناس، أي من أشدهم تأنقاً في رعية الإبل وأعلمهم بها، فقولهم ما آبله معناه ما أحذقه وأعلمه بها. وإذا صح هذا فحمله ما آبله على الشذوذ سهو، ثم حمله على معنى كثر عنده الإبل سهو ثان. وقوله تأبل أي اتخذ إبلاً سهو ثالث. وذلك أن التأبل لفا هو امتناع الرجل من غشيان المرأة ومنه الحديث: لقد تأبل آدم على ابنه المقتول كذا عاماً. وتأبلت الإبل، اجتزئت بالرطب عن الماء والصحيح في اتخاذ الإبل واقتنائها قول طفيل الغنوي:
فأبل واسترخى به الخطب بعدما ... أساف ولولا سعينا لم يؤبل
(1/37)

أي لم يكن صاحب إبل، ولا اتخذها قنوة. وقوله ما أبغضه لي، ويروى ما بغضه إلي. وبين الروايتين فرق بين. وذلك أن ما أبغضه لي يكون من المبغض، أي ما أشد إبغاضه لي. وما أبغضه إلي يكون من البغيض بمعنى المبغض أي ما اشد إبغاضي له. وكلا الوجهين شاذ. وكذلك ما أحبه إلي. أن جعلته من حببته أحبه فهو حبيب ومحبوب، كان شاذاَ. وإن جعلته من أحببته فهو محب، فكذلك. وقولهم ما أعجبه برأيه هو من الإعجاب لا غير، يقال أعجب فلان برأيهن على ما لم يسم فاعله، فهو معجب. وأما قول بعض العرب، ما املأ القربة. فهو أن حملته على الامتلاء أو على المملوء، كان شاذاً. وأما قول الأخفش لا يكادون يقولون في الأرسح ما أرسحه ولا في الأسته ما أستهه فكلام مستقيم لأنه من العيوب والخلق. وقد تقدم هذا الحكم. قال: وسمعت منهم من يقول رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أستهه. قلت: أنهم إذا بنوا من فعل يفعل صفة على فعل قالوا في مؤنثه فعلة نحو أسف فهو أسف والمرأة اسفة وسحاب نمر وللمؤنث نمرة ولم يسمع امرأة رسحة ولا ستهة بل قالوا رسحاء وستهاء. فهذا يدل على أن المذكر أرسح وأسته. هذا وقد شذا حرف يسيرة في كتابي هذا عن باب افعل من كذا، وكان من حقها أن تكون فيه نحو من قولهم أقبح هزيلين المرأة والفرس وأسوأ القول الإفراط وأشباههما لكنها، لما زلت عن أماكنها، تجوزت فيها إذا لم تكن مقرونة بمن كما تجوز همزة في إيراد قولهم أكذب من دب ودرج وأعلم بمنبت القصيص وأسد قوي سهماً في أفعل كذا. ولا شك أن الجميع في حكم افعل التفضيل.
آبل من حنيف الحناتم
هو رجل من بني تيم اللات بن ثعلبة وكان ظمئ أبله غبا بعد العشر. وأظماء الناس غب وظاهرة. والظاهرة، أقصر الأظماء، وهي أن ترد الإبل الماء في كل يوم مرة. ثم الغب، وهي أن ترد الماء يوماً وتغب يوماً. والربع، أن ترد يوماً ويومين لا وترد في اليوم الرابع، وعلى هذا القياس إلى العشر. قالوا ومن كلام حنيف الدال على إبالته قوله: من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعي فالشرف في بلاد بني عامر والحزن من زبالة مصعداً في بلاد نجد والصمان في بلاد بني تميم.
آبل من مالك بن زيد مناة
هو سبط تميم بن مرة. وكان يتحمق إلا أنه كان آبل أهل زمانه ثم أنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها فقال مالك.
أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الأبل
فأجدابه سعد وقال:
تظل يوم وردها مزعفرا ... وهي خناطيل تجوس الخضرا
آكل من حوت
قال حمزة أنهم قالوا آكل من حوت، ولم يقولوا أشرب من حوت، ولكن قد قالوا أروى من حوت. قال وأما قولهم:
آكل من السوس
فقد قالوا في مثل آخر: العيال سوس المال. وقيل لخالد بن صفوان بن الأهتم: كيف إبنك؟ فقال: سيد فتيان قومه ظرفاً وأدباً. فقيل: كم ترزقه في كل شهر؟ قال: ثلاثين درهماً. فقيل: وأين يقع منه ثلاثون درهماً هلا تزيد وأنت تستغل ثلاثين ألفاً. فقال: الثلاثون أسرع في هلاك مالي من السوس في الصوف بالصيف. فحكى كلامه للحسن فقال: ما أشهد أن خالداً تميمي لرشده. وإنما قال الحسن ذلك لأن بني تميم معروفون بالبخل والنهم. وأما قولهم:
آكل من ضرس
فربما قالوا: من ضرس جائع. ويقولون:
آكل من الفيل وآكل من النار
وآكل من لقمان
يعنون لقمان العادي. زعموا أنه كان يتغدى بجزور ويتعشى بجزور وهذا من أكاذيب العرب.
آمن من الأرض
من الأمانة، لأنها تؤدي ما تودع. ويقال: أكتم من الأرض وأحمل واحفظ من الأرض ذات الطول والعرض. وأما قولهم:
آمن من حمام مكة
فمن الأمن، لأنها لا تثار ولا تهاج قال: شاعر الحجاز، وهو النابغة: والمؤمن العائذات الطير يمسحها ركبان مكة بين الغيل والسند ويقولون:
آمن من ظبي الحرم ومن الظبي بالحرم
ويقولون:
آلف من حمام مكة وآلف من كلب
آلف من غراب عقدة
وهي، أرض كثيرة النخل لا يطير غرابها. هذا قول محمد بن حبيب. وقال ابن الأعرابي: كل أرض ذات خصب عقدة. فعلى هذا يجب أن تكون عقدة بالخفض والتنوين. والعقدة من الكلا ما يكفي الإبل. وعقدة الدور والأرضين من ذلك، لأن فيها البلاغ والكفاية. وعقد كل شيء أحكامه. ويقولون:
(1/38)

آلف من الحمى آكل من معاوية ومن الرحى
وقال الشاعر:
وصاحب لي بطنه كالهاوية ... كأن في أمعائه معاوية
وقال آخر:
ومعدة هاضمة للصخر ... كأنما في جوفها ابن صخر
آنس من حمى الغين
قالوا: الغين، موضع وأهله يحمون كثيراً. ويقولون أيضاً:
آنس من الطيف ومن الحمى
قلت: وقد أورد حمزة هذا الحرف، أعني، آنس في باب النون وليس بالوجه.
المولدون
" إنه لضيق الحوصلة إن لم تراحم لم يقع في الخرج شيء " " إن للحيطان آذاناً إنما السلطان سوق إن ليتاً وإن لوا عناء " " إن استوى فسكين وإن اعوج فمنجل " يضرب في الأمر ذي الوجهين المحمودين.
" إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين " " إذا قال المجنون سوف أرميك فأعد له رفادة " " إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا " " إذا لم ينفعك البازي فانتف ريشه " " إذا تمنيت فاستكثر إذا ذكرت الذئب فألتفت " " إذا شاورة العاقل صار عقله لك " " إذا افتقر اليهودي نظر في حسابه العتيق " " إذا تعود السنور كشف القدور فأعلم أنه لا يصبر عنها " " إذا جاء أجل البعير حام حول البير " " إذا دخلت قرية فأحلف بأهلها " " إذا لم يكن لك أست فلا تأكل الهليلج " " إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق " " إذا وجدت القبر مجاناً فأدخل فيه " " إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل " " إذا تفرقت الغنم قادتها العنز الجرباء " يضرب في الحاجة إلى الوضيع.
" إذا عاب البزاز ثوباً فأعلم أنه من حاجته " " إذا كذب القاضي فلا تصدقه " " إذا أردت أن تطاع ففسل ما يستطاع " " إنما يخدع الصبيان بالزبيب " " إن البيان لدى الطبيب " " إن الأسد ليفترس العير فإذا أعياه صاد الأرنب " " إذا أصطلح الفأرة والسنور خرب دكان البقال " يضرب في تظاهر الخائنين.
" إذا رزقك الله مغرفة فلا تحرق يدك " يضرب لمن كفي بغيره.
" إن الندى حيث ترى الضغاط " أي، الزحام.
" إن يكن الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة "
إن غلا اللحم فالصبر رخيص ... إياك والعينة فإنها لعينة
قاله: المهلب. قال: ولقد تعينت مرة أربعين درهماً فلم أتخلص منها إلا بولاية البصرة.
" إذا صدئ الرأي صقلته المشورة " " إذا قدم الإخاء سمج الثناء إلى كم سكباج " يضرب عند التبرم.
" إذا لم تجده كم تجلده " " إذا طرت فقع قريباً " " إذا ضافك مكروه فاقره صبراً " " إذا كنت سنداناً فاصبر وإن كنت مطرقة فأوجع " يضرب في مداراة الخصم حتى تظفر به.
" إذا احتاج الزق إلى الفلك فقد هلك " الفلك، جمع فلكة فحركت للإزدواج. يضرب للكبير يحتاج إلى الصغير.
" إلى أن يجيء الترياق من العراق مات الملسوع " " إذا ضربت فأوجع فإن الملامة واحدة " يضرب في الحث على المبالغة.
" إذا رأيت السكران يشم الرمان فاعلم أنه يريد أن يزله " " إنه يسر حسواً في ارتغاء " " أم الكاذب بكر " يضرب لمن حدث بالمحال.
" أمة على حدة في المدح " " إن الأيادي قروض " " الإمارة حلوة الرضاع مرة الفطام " " أي يوم لك مني " يضرب لمن أصابك من جهة سوء.
" أنا لها ولكل عظيمة " " أول الدن دردي " " أنت سعد ولكن سعد الذابح " " أي قميص لا يصلح للعريان " " أي طعام لا يصلح للغرثان " " أول الحجامة تحدير القفا " " أي عشق باختيار " " ألية في برية ما هي إلا لبلية " " إيش في تبت من طرد الشياطين " " أنا أذكره ونصفه طين " " إيش في الضرطة من هلاك المنجل " يضرب في تباعد الكلام من جنسه. وأصله أن امرأة ضرطت عند زوجها، فلامها زوجها. فقالت: وأنت ضيعت منجلاً. فقال: إيش في الضرطة من هلاك المنجل.
الباب الثاني
في
ما أوله باء
بيدين ما أوردها وردها زائدة
بيدين، أي بالقوة والجلادة. يقال: ما لي به يد وما لي به يدان. أي قوة، وما، صلة، وزائدة، اسم رجل. يريد بالقوة والجلادة أورد إبله الماء لا بالعجز. ويجوز أن يريد بقوله بيدين أنه أضبط يعمل بكلتا يديه. يضرب في الحث على استعمال الجد.
به لا بظبي أعفر
الأعفر، الأبيض، أي لتنزل به الحادثة لا بظبي. يضرب عند الشماتة. قاله الفرزدق حين نعي إليه زياد بن أبيه فقال:
أقول له لما أتاتني نعيه ... به لا بظبي بالصريمة أعفرا
به لا بكلب نابح بالسباسب
ومثله:
(1/39)

ببقة صرم الأمر
ببقة، موضع بالشام. وهذا القول قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة الأبرش حين وقع في يد الزباء. والمعنى: قطع هذا الأمر هناك، يعني لما أشار عليه أن لا يتزوجها فلم يقبل جذيمة قوله. وقد أوردت قصة الزباء وجذيمة في باب الخاء عند قوله: خطب يسير في خطب كبير.
بق نعليك وأبذل قدميك
يضرب عند الحفظ للمال وبذل النفس في صونه.
بدل أعور
قيل إن يزيد بن المهلب لما صرف عن خراسان بقتيبة بن مسلم الباهلي، وكان شحيحاً، أعور، قال الناس: هذا بدل أعور. فصار مثلاً لكل من لا يرتضي بدلاً من الذاهب. وقد قال فيه بعض الشعراء:
كانت خراسان أرضاً إذا يزيد بها ... وكل باب من الخيرات مفتوح
حتى أتانا أبو حفص بأسرته ... كأنما وجهه بالخل منضوح
برق لمن لا يعرفك
أي، هدد من لا علم له بك فإن من عرفك لا يعبأ بك. والتبريق، تحديد النظر. ويروى: برقي، بالتأنيث، يقال: برق عينيه تبريقاً إذا أوسعهما كأنه قال برق عينيك، فحذف المفعول. ويجوز أن يكون من قولهم: رعد الرجل وبرق، إذا أوعد وتهدد وشدد أرادة التكثير. أي كثر وعيدك لمن لا يعرفك.
برد غداة غر عبداً من ظماء
هذا قيل في عبد سرح الماشية في غداة باردة، ولم يتزود فيها الماء، فهلك عطشاً. ومن، في قوله، من ظما، صلة غر. يقال من غرك من فلان، أي من أوطأك عشوة من جهته، يعني أن البرد غره من أهلاك الظما إياه فاغتر. ويجوز أن يكون التقدير غر عبداً من فقد ظما. أي قدر في نفسه أنه يفقد الظمأ فلا يظمأ. يضرب في الأخذ بالحزم.
بلغ السيل الزبى
هي جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده. وأصلها الرابية لا يعلوها الماء فإذا بلغها السيل كان جارفاً مجحفاً. يضرب لما جاوز الحد. قال المؤرج: حدثني سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن ابن المعتمر قال: أتي معاذ بن جبل بثلاثة نفر قتلهم أسد في زبية، فلم يدر كيف يفتيهم، فسأل علياً رضي الله عنه، أن للأول ربع الدية، وللثاني النصف، وللثالث الدية كلها. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه فيهم فقال: لقد أرشدك الله للحق.
بصبصن إذ حدين بالأذناب
البصبصة، التحريك. أي حركت الإبل أذنابها لما حدين. يضرب مثلاً في الخضوع والطاعة من الجبان. و الباء، في بالأذناب، مقحمة.
باءت عرار بكحل
يقال: هما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً. وعرار، مبني على التكسر مثل قطام. يضرب لكل مستويين يقع أحدهما بإزاء الآخر. يقال: كان كثير ابن شهاب الحارثي ضرب عبد الله بن الحجاج الثعلبي، من بني ثعلبة بن ذبيان، بالري فلما عزل كثير أقيد منه عبد الله فهتم فاه. وقال:
باءت عرار بكحل فيما بيننا ... والحق يعرفه أولو الألباب
بعد خيرتها تحتفظ
ويروى، بعد خيراتها، والهاء، راجعة إلى الإبل، أي بعد إضاعة خيارها تحتفظ بحواشيها وشرارها. يضرب لمن يتعلق بقليل ماله بعد إضاعة أكثره.
بعد اللتيا والتي
هما الداهية الكبيرة والصغيرة. وكنى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحية، فإنها إذا كثر سمها صغرت، لأن السم يأكل جسدها. وقيل الأصل فيه أن رجلاً من جديس تزوج امرأة قصير فقاسى منها الشدائد، وكان يعبر عنها بالتصغير، فتزوج امرأة طويلة فقاسى منها ضعف ما قاس من الصغيرة، فطلقها وقال: بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبداً. فجرى ذلك منهم رمز.
بعلة الورشان يأكل رطب المشان
بالإضافة، ولا تقل المشان، وهو نوع من التمر يقولون أنه يشبه الفأر شكلاً. يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر.
بيتي يبخل لا أنا
قالته امرأة سئلت شيئاً تعذر وجوده عندها، فقيل لها: بخلت فقالت: بيتي يبخل لا أنا.
بين العصا ولحائها
اللحاء القشر. يضرب للمتحابين شقيقين. ويروى: لا مدخل بين العصا ولحائها ولا تدخل بين وكله. إشارة إلى غاية القرب بينهما.
بين الممخة والعجفاء
يقال: شاة ممخة، إذا بدا في عظامها المخ. يضرب مثلاً في الاقتصاد.
بين الرغيف وجاحم التنور
الجاحم، المكان الشديد الحر. قال أبو زيد: جاحمه جمره. ويضرب للإنسان يدعى عليه.
بين القرينين حتى ظل مقروناً
أي، نزأ بينهما حتى صار مثلهما. يضرب لمن خالط أمراً لا يعنيه حتى نشب فيه.
(1/40)

بينهم داء الضرائر
هي، جمع ضرة. وهو، جمع غريب. ومثله كنة وكنائن. يضرب للعداوة إذا رسخت بين قوم، لأن العصبية بين الضرائر قائمة لا تكاد تسكن.
بينهم عطر منشم
قال الأصمعي: منشم، بكسر الشين، اسم امرأة عطارة كانت بمكة، وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وإذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم فكان يقال أشأم من عطر منشم. يضرب في الشر العظيم.
به داء ظبي
أي، أنه لا داء به كما لا داء بالظبي. يقال: أنه لا يمرض إلا إذا حان موته. وقيل: يجوز أن يكون بالظبي داء ولكن لا يعرف مكانه، فكأنه قيل به داء لا يعرف.
بلغت الدماء الثنن
الثنة الشعرات التي في مؤخر رسغ الدابة يضرب عند بلوغ الشر النهاية كما قالوا بلغ السيلالزبي.
بجنبه فلتكن الوجبة
أي، السقطة. يقال هذا عند الدعاء على الإنسان. قال بعضهم كأنه قال: رماه الله بداء الجنب، وهو قاتل. فكأنه دعا عليه بالموت.
بلغ في الغم أطوريه
أي، حديه. يعني أوله وآخره. وكان أبو زيد يقول: بلغ أطوريه، بكسر الراء، على معنى الجمع، أي أقصى حدوده ومنتهاه.
بأبي وجوه اليتامى
ويروى، وا بأبي، يشير بقوله: وا، إلى التوجع على فقدهم، ثم قال: بأبي. أي أفدي بأبي وجوههم. يضرب في التحنن على الأقارب. وأصله أن سعد القرقرة، وهو رجل من أهل هجر، كان النعمان بن الممنذر يضحك منه، وكان للنعمان فرس يقال له اليحموم يردي من ركبه. فقال يوماً لسعد أركبه وأطلب عليه الوحش، فامتنع سعد، فقهره النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولده وقال هذا القول، فضحك النعمان وأعفاه من ركوبه فقال سعد:
نحن بغرس الودي أعلمنا ... منا بجري الجياد في السلف
يا لهف أمي فكيف أطعنه ... مسمسكاً واليدان في العرف
ويروى، بجر الجياد في السدف. ويروى، في السدف والسلف والسدف. فالسدف، الضوء والظلمة أيضاً، والحرف من الأضداد. والسدف، جمع سدفة وهي اختلاط الضوء والظلمة. والسلف، جمع سالف مثل خادم وخدم وحارس وحرس، وهم آباؤه المتقدمون. والسلف، جمع سلفة وهي الدبرة من الأرض. وقوله: أعلمنا، أراد أعلم منا، وهي لغة أهل هجر، يقولون نحن أعلمنا بكذا منا. وأجود هذه الروايات هذه الأخيرة. أعني، في السلف، لأن سعداً كان من أهل الحراثة والزراعة، فهو يقول نحن بغرس الودي في الديار والمشارات أعلم منا بجري الجياد.
بأذن السماع سميت
يضرب للرجل يذكر الجود ثم يفعله. وتقدير الكلام، بسماع إذن شأنها السماع سميت بكذا وكذا. أي إنما سميت جواداً بما تسمع من ذكر الجود وتفعله. وهذا كقولهم: إنما سميت هانئاً لتهنئ، وأضاف الأذن إلى السماع لملازمتها أياه. والتسمية تكون بمعنى الذكر. كما قال: وسمها أحسن أسمائها. أي واذكرها بأحسن أسمائها. ومعنى المثل: بما سمع من جودك ذكرت وشكرت، يحثه على الجود. قال الأموي: معناه أن فعلك يصدق ما سمعته الأذنان من قولك.
بعض الشر أهون من بعض
هذا من قول طرفة بن العبد حين أمر النعمان بقتله فقال:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض
يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت. وهذا كقولهم: أن من الشر خياراً.
ببطنه يعدو الذكر
يقال أن الذكر من الخيل يعدو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلاً من الأنثى فيكون عدوه أكثر. ويقال: أن أصله أن رجلاً ولده فقربهم، وأراد الباءة فقالت المرأة: ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابقت رجلاً عظيم البطن فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظم بطنك. فقال الرجل: ببطنه يعدو الذكر.
بكل واد أثر من ثعلبة
هذا من قول ثعلبي رأى من قومه ما يسوءه فانتقل إلى غيرهم فرأى منهم أيضاً مثل ذلك.
بالساعدين تبطش الكفان
يضرب في تعاون الرجلين وتساعدهما وتعاضدهما في الأمر. ويروى، بالساعد تبطش الكف. قال أبو عبيدة: أي إنما أقوى على ما أريد بالمقدرة والسعة وليس ذلك عندي. يضربه الرجل شيمته الكرم غير أنه معدم مقتر. قال: ويضرب أيضاً في قلة الأعوان.
بدا نجيث القوم
أي، ظهر سرهم. واصل النجيث تراب البئر إذا استخرج منها، جعل كناية عن السر. ويقال لتراب الهدف نجيث أيضاً، أي صار سرهم هدفاً يرمى.
برح الخفاء
(1/41)

أي، زال. من قولهم ما برح يفعل كذا. أي ما زال. والمعنى، زال السر فوضح الأمر. وقال بعضهم، الخفاء، المتطأطئ من الأرض. والبراح، المرتفع الظاهر. أي صار الخفاء براحاً. وقال:
برح الخفاء فبحت الكتمان ... وشكوت ما ألقى إلى الأخوان
لو كان ما بي هيناً لكتمته ... لكن ما بي جل عن كتمان
بمثل جارية فلتزن الزانية
هو جارية بن سليط، وكان حسن الوجه، فرأته امرأة فمكنته من نفسها وحملت، فلما علمت به أمها لامتها، ثم رأت الأم جمال ابن سليط فعذرت بنتها وقالت: بمثل جارية فلتزن الزانية سراً أو علانية. يضرب في الكريم يخدمه من هو دونه.
بفيه من سار إلى القوم البري
هذا قيل في رجل سرى إلى قوم وخبرهم بما ساءهم. والبري، التراب. ومنه المثل الآخر: بفيه البري وعليه الدبرى وحمى خيبري وشر ما يرى فإنه خيسري. الدبرى، الهزيمة. والخيسري الخسار. وأراد أنه ذو خيسرى. أي، ذو خسار وهلاك. والغرض من قولهم: بفيه البرى، الخيبة. كما قال:
كلانا يا معاذ نحب ليلى ... بقي وفيك من ليلى التراب
أي، كلانا خائب من وصلها.
بلغ السكين العظم
هذا مثل قولهم: بلغ السيل الزبي. ومثلهما:
بلغ منه المخنق
وهو، الحنجرة والحلق. أي، بلغ منه الجهد.
بحمد الله لا بحمدك
هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بنزول آية الأفك. يضرب لمن يمن بما لا أثر له فيه. والباء، في بحمد الله، من صلة الأقرار. أي أقر بأن الحمد في هذا لله تعالى.
بيضة العقر
قيل: أنها بيضة الديك، وإنها مما يختبر به عذرة الجارية، وهي بيضة إلى الطول. يضرب للشيء يكون مرة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة. فبما يقال. قال بشار بن برد:
قد زرتني زورة في الدهر واحدة ... ثني ولا تجعليها بيضة الديك
قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود. كانت بيضة الديك. فإن كان يعطي شيئاً ثم قطعه قيل: للمرة الأخيرة كانت بيضة العقر. وقال بعضهم: بيضة العقر، كقولهم بيض الأنوق والأبلق العقوق. يضرب مثلاً لما لا يكون.
باقعة من البواقع
أي، داهية من الدواهي. وأصله من البقع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبقع، وسنة بقعاء، فيها خصب وجدب. وفي الحديث: بقعان الشأم. قيل أراد سبي الروم لاختلاط بياضهم وصفرتهم. فسمي الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولى. والباقعة، الداهية نفسها لأنها أمر يلصق حتى يرى أثره. وقيل الباقعة طائر حذر إذا شرب الماء نظر يمنة ويسرة. ويضرب للرجل فيه دهاء ومكر.
بيت الأدم
يقال: الأدم، جمع أديم. ويقال: هو الأرض. وقالوا: هو بيت الأسكاف، لأن فيه من كل جلد رقعة. يضرب في اجتماع الأشخاص وافتراق الأخلاق وينشد:
القوم أخوان وشتى في الشيم ... وكلهم يجمعه بيت الأدم
ويروى، الناس وكلهم يجمعهم على أعادة الكناية إلى معنى كل ويجمعه على أعادتها إلى اللفظ. قالوا وبيت الأدم، خباء من أدم. أي يجمعهم على اختلاف ألوانهم وأخلاقهم خباء واحد. يريد أنهم يرجعون فيها إلى أساس واحد وكلهم بنو رجل واحد كما قيل: الأرض من تربة والناس من رجل.
بئت الجبل
قالوا: هي صوت يرجع إلى الصائح ولا حقيقة له. يضرب للرجل يكون مع كل واحد. وإنما أنث فقيل: بنت ذهاباً إلى النتيجة. أي أنها تنتج منه أو إلى الصيحة.
بئس مقام الشيخ أمرس أمرس
يقال: مرس الحبل يمرس إذا وقع في أحد جانبي البكرة. فإذا أعدته إلى مجراه قلت: أمرسته. وتقدير الكلام، بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال له فيه أمرس، وهو أن يعجز عن الاستقاء لضعفه. يضرب لمن يحوجه الأمر إلى ما لا طاقة له به أو يربأ به عنه.
بات بليلة أنقد
وهو القنفد، معرفة لا تدخله الألف واللام. يضرب لمن سهر ليله أجمع.
برض من عد
البرض، القليل. والعد، الماء له مادة، أي قليل من كثير.
بيضة البلد
البلد، أدحي النعام والنعام تترك بيضها. يضرب لمن لا يعبأ به. ويجوز أن يراد به المدح، أي هو واحد البلد الذي يجتمع إليه ويقبل قوله؛ وأنشد ثعلب لامرأة ترثي عمرو بن عبد ود حين قتله علي رضي الله عنه:
(1/42)

لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله من لا يعاب به ... وكان يدعى قديماً ببيضة البلد
بريء حي من ميت
يضرب عند المفارقة. ومثله قول الخفير، إذا بلغت بك مكان كذا:
برئت قائبة من قوب
فالقائبة، البيضة. والقوب، الفرخ. يعني لا عهدة علي. قال أبو الهيثم: القابة الفرخ والقوبة البيضة يقال تقوبت القابة عن قوبها. قلت: أصل القوب الشق والحفر يقال قبت الأرض إذا حفرتها. فمن جعل القائبة البيضة جعل الفعل لها. يعنهي، أنها شقت عن الفرخ وجعل القوب مفعولاً. ومن جعل القابة الفرخ عني أنه الذي قاب البيضة فخرج منها وحذف الياء من القابة كما حذفت من الحاجة، والقوبة على كلا القولين فعلة بمعنى مفعولة كالغرفة من الماء والقبضة من الشيء وأشباههما.
بال حمار فاستبال أحمرة
أي، حملهن على البول. يضرب في تعاون القوم على ما تكرهه.
بئس العوض من جمل قيده
وذلك أن راعياً أهلك جملاً لمولاه ثم أتاه بقيده. فقال: بئس العوض الخ.
بئس الردف لا بعد نعم
الردف، الرديف. أنشد ابن الأعرابي:
لا تتبعن نعم لا طائعاً أبداً ... فإن لا أفسدت من بعد ما نعم
إن قلت يوماً نعم بدأ فتم بها ... فإن أمضاءها صنف من الكرم
قال المهلب بن أبي صفرة لابنه علد الملك: يا بني إنما كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عامتها عدات أنفذها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فلا تبدأ بنعم فإن موردها سهل ومصردها وعر، وأعلم أن لا وأن قبحت فربما روحت وما قدرت فلا توجب الطمع. وقال سمرة بن جندب: لأن أقول للشيء لا أفعله ثم يبدو لي فأفعله أحب إلي من أن أقول أفعله ثم لا افعله. قال المثقب:
حسن قول نعم من بعد لا ... وقبيح قول لا بعد نعم
أن لا بعد نعم فاحشة ... فبلا فابدأ إذا خفت الندم
وإذا قلت نعم فاصبر لها ... بنجاح الوعد أن الخلف ذم
بطني عطري وسائري ذري
قاله رجل جائع نزل بقوم فأمروا الجارية بتطييبه فقال هذا القول. يضرب لمن يؤمر بالأهم.
بغيت لك ووجدت لي
يضرب للمؤتلفين المتوافقين.
بقل شهر وشوك دهر
يضرب لمن يقصر خيره ويطول شره.
بما تجوعين ويعرى حرك
يضرب لمن يغني بعد فقر، ثم يفخر بغناه فيقال له هذا القول، أي هذا الغني بدل جوعك وعريك قبل.
برق لو كان له مطر
يضرب لمن يؤمر بالأهم.
بغيت لك ووجدت لي
يضرب للمؤتلفين المتوافقين.
بقل شهر شوك دهر
يضرب لمن يقصر خيره ويطول شره.
بما تجوعين ويعري حرك
يضرب لمن يغني بعد فقر، ثم يفخر بغناه فيقال له هذا القول، أي هذا الغني بدل جوعك وعريك قبل.
برق لو كان له مطر
يضرب لمن له رواء ولا معنى وراءه.
بقطيه بطبك
التبقيط، التفريق. والبقط، ما سقط وتفرق من التمر عند الصرام. وأصل المثل أن رجلاً أتى عشيقته في بيتها فأخذه بطنه فأحدث في البيت، ثم قال لها: بقطيه بطبك، أي بحذقك وعلمك، أي فرقيه لئلا يفطن له. يضرب لمن يؤمر بأحكام أمر بعلمه ومعرفته.
بين الحذيا والخلسة
الحذيا، العطية وكذلك الحذية. وكان ابن سيرين إذا عرض عليه رؤيا حسنة قال: الحذيا الحذيا. يعني هات العطية اعبرها لك. والخلسة، اسم المختلس. يضرب لمن يستخرج منه عطاء برفق وتأنق في ذلك كأنه يقول تحذوني أو اختلس.
بال فادر فبال جفره
الفادر، الوعل المسن. وجفره، ولده. ويقال لولد المعز أيضاً جفر وذلك إذا قوي وبلغ أربعة أشهر. يضرب للولد ينسج على منوال أبيه.
بمثلي تطرد الأوابد
أصل الأوابد الوحش، ثم استعيرت في غيرها. ومنه قول الناس: أتى فلان في كلامه بآبدة، أي بكلمة وحشية. وتأبد المكان توحش. ومعنى المثل: بمثلي تطلب الحاجات الممتنعة.
بلدة يتنادى أصر مالها
يقال للذئب والغراب الأصرمان. قال ابن السكيت: لأنهما انصرما من الناس، أي انقطعا. وأنشد للمرار:
على صرماء فيها أصرماها ... وخريت الفلاة بها مليل
والصرماء، المفازة التي لا ماء فيها. يضرب لمن أخلاقه تنادي عليه بالشر.
بكرت شبوة تزبئر
(1/43)

شبوة، اسم للعقرب، لا تدخلها الألف واللام، مثل محوة للشمال، وخضارة للبحر. وتزبئر، تنتفش. يضرب لمن يتشمر للشر. أنشد ابن الأعرابي:
قد بكرت شبوة تزبئر ... تكسو إستها لحماً وتقمطر
بقي أشده
ويروى، بقي شدة. قيل كان من شأن هذا المثل أنه كان في الزمان الأول هر أفنى الجرذان وشردها فاجتمع ما بقي منها فقالت: هل من حيلة نحتال بها لهذا الهر لعلنا ننجو منه؟ فاجتمع رأيها على أن تعلق في رقبته حلجلاً حتى إذا تحرك لها سمعن صوت الجلجل فأخذن حذرهن. فجئن بالجلجل فقال بعضهن أينا يعلق الآن فقال الآخر بقي أشده أو قال شده. يضرب عند الأمر يبقى أصعبه وأهوله. وهذا مما تمثل به العرب عن السن البهائم.
بات هذا الأعرابي مقروراً
يضرب لمن يهزأ بمن هو دونه في الحاجة، كمن بات دفيئاً وغيره مقرور. يقال: أقره الله فهون مقرور على غير قياس. وقريب من هذا المثل قولهم: هان على الأملس ما لاقى الدبر.
بُعدُ الدار كبُعدِ النسب
أي إذا غاب عنك قريبك فلم ينفعك فهو كمن لا نسب بينك وبينه.
بلغ منه المخنق
يضرب لمن يحمل عليه حتى يبلغ منتهاه.
بعين ما أرينك
أي أعمل كأني أنظر إليك. يضرب في الحث على ترك البطء. وما صلة دخلت للتأكيد ولا جلها دخلت النون في الفعل. ومثله: ومن عضة منا ينبتن شكيرها.
بالرفاء والبنين
قال أبو عبيد: الرفاء، الالتحام والاتفاق من رفيت الثوب. قالوا: ويجوز أن يكون من رفوته إذا سكنته. قال أبو خراش الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
وهنأ بعضهم متزوجاً فقال: بالرفاء والثبات والبنين لا البنات، ويروى بالنبات والثبات.
ابنك ابن بوحك
يقال: البوح، النفس، فإن صح هذا فيجوز كسر الكافين وفتحهما. ويقال: البوح، الذكر. فعلى هذا لا يجوز الكسر. يقال ابنك ابن بوحك يشرب من صبوحك. يعني ابنك من ولدته لا من تبنيته. وقيل: البوح، اسم من باح بالشيء إذا أظهره. أي ابنك من بحت بكونه ولداً لك. وذلك أن بعض العرب كانوا يأنون النساء فإذا ولد لأحدهم الحقته المرأة بمن شاءت فربما ادعاه وربما أنكره لأنها كانت لا تمتنع ممن ينتابها. فالمعنى ابنك من بحت به أنت وباحت به أمه بموافقتك. ويقال: البوح، جمع باحة. أي ابنك من ولد في فنائك ومثل البوح في الجمع نوق وسوح ولوب في جمع ناقة وساحة ولابة.
بنت برح
للشر والشدة. يقال: لقيت منه بنات برح وبني برح. أي شدة واذي وبرح بي هذا الأمر إذا غلظ واشتد. يضرب للأمر يستفظع.
بحازج الأروى
جمع بحزج، وهو ولد البقرة الوحشية وغيرها. يضرب لما لا يرى إلا فلتة.
برز نارك وإن هزلت فارك
الفار، ههنا عضل العضدين تشبيهاً بالفار كما تشبه به أيضاً فارة المسك لانتفاخها. يقول: آثر الضيف بما عندك وأن نهكت جسمك.
بدت جنادعه
يقال: الجنادع، دواب كأنها الجنادب تكون في حجر الضب، فإذا كاد ينتهي الحافر إلى الضب بدت الجنادع، فيقال: قد بدت جنادعه والله جادعه، قالوا: والجندع أسود له قرنان في رأسه طويلان. يضرب مثلاً لما يبدو من أوائل الشر.
باتت بليلة حرة
العرب تسمي الليلة التي تفترع فيها المرأة ليلة شيباء. وتسمى الليلة التي لا يقدر الزوج فيها على افتضاضها ليلة حرة. فيقال: باتت فلانة بليلة حرة، إذا لم يغلبها الزوج. وباتت بليلة شيباء إذا غلبها فافتضها. يضربان للغالب والمغلوب.
برئت منه مطر السماء
أي، برئت من هذا الأمر ما كانت السماء تمطر. أي أبداً.
بسلاح ما يقتلن القتيل
قاله عمرو بن هند حين بلغه قتل عمرو بن مامه، فغزا مراداً، وهم قتلة عمرو، فظفر بهم وقتل منهم فأكثر فأتى بابن الجعيد سالماً فلما رآه أمر به فضرب بالغمد حتى مات. فقال عمرو: بسلاح ما يقتلن القتيل. فأرسلها مثلاً. يضرب في مكافأة الشر بالشر، يعني، يقتل من يقتل بأي سلاح كان. وقوله: يقتلن، دخلته النون لمكان ما، وهي مؤكدة. ويجوز أن يكون أراد بسلاح ما يقتلن قاتل القتيل فحذف. ويجوز أن يريد ابن الجعيد الذي قتل بين يديه، فتكون الألف واللام للعهد.
أبدأهم بالصراخ يفروا
(1/44)

قال أبو عبيد: هذا مثل لقد ابتذلته العامة وله أصل، وذلك أن يكون الرجل قد أساء إلى الرجل فيتخوف لأئمة صاحبه فيبدؤه بالشكاية والتجني ليرضى منه الآخر بالسكوت. يضرب للظالم يتظلم ليسكت عنه.
أبدئيهن بعفال سبيت
أي، أبدئهن بقولك عفال. قال المفضل: سبب هذا المثل أن سعد ابن زيد مناة كان تزوج رهم بنت الخزرج بن تيم الله بن رفيدة بن كلب ابن وبرة، وكانت من أجمل النساء، فولدت له مالك بن سعد وكانت ضرائرها إذا ساببنها يقلن لها يا عفلاء. فقالت لها أمها: إذا ساببنك فأبدئيهن بعفال سبيت. فأرسلتها مثلاً. فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت لها رهم: يا عفلاء. فقالت ضرتها: رمتني بدائها وانسلت. وعفال، يجوز أن يكون كخبات ودفار. ويجوز أن يكون أرادت عفليها، أي انسبيها إلى العفلة، وهي القرن الذي اختصم فيه إلى شريح في جارية بها قرن، فقال: أقعدوها، فإن أصاب الأرض فهو عيب وإن لم يصب الأرض فليس بعيب. فجعلت عفان أمراً، كما يقال، دارك بمعنى أدرك. ويجوز أن ينون ويجعل مصدراً كالسراح بمعنى التسريح، والسلام بمعنى التسليم. وقولها: سبيت، دعاء عليها بالسبي على عادة العرب. وبنو مالك بن سعد رهط العجاج كان يقال لهم بنو العفيل.
بعد الهياط والمياط
قال يونس بن حبيب: الهياط، الصياح. والمياط، الدفع. أي بعد شدة وأذى. ويروى، بعد الهيط والميط. قال أبو الهيثم: الهيط، القصد. والميط، الجور. أي بعد الشدة الشديدة. قال: ومنهم من يجعله من الصياح والجلبة.
أبدي الصريح عن الرغوة
أبدي، لازم ومتعد، يقال: أبديت في منطقك. أي جرت. فعلى هذا يكون المعنى: أبدي الصريح نفسه. وهذا المثل لعبيد الله بن زياد قاله لهانئ ابن عروة المرادي، وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب، رحمه الله، قد استخفى عنده أيام بعثة الحسين بن علي، رضوان الله عليهما، فلما عرف مكانه عبيد الله قال عبيد الله: أبدي الصريح عن الرغوة. أي وضح الأمر وبان.
قال نضلة:
ألم تسل الفوارس يوم غول ... بنضلة وهو موتور مشيخ
رأوه فازدروه وهو حر ... وينفع أهله الرج القبيح
ولم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الصريح
المصالة، الصول. ومعنى البيت: رأوني فازدروني لدمامتي فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا ظاهراً. يضرب عند انكشاف الأمر وظهوره.
أبرماً قروناً
البرم، الذي لا يدخل مع القوم في الميسر لبخله. والقرن، الذي يقرن بين الشيئين. وأصله أن رجلاً كان لا يدخل في الميسر لبخله ولا يشتري اللحم، فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله فأقبل يأكل معها بضعتين بضتين ويقرن بينهما. فقالت امرأته: أبرما قروناً. أي أراك برماً وقرونا. يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين. قال عمرو بن معدي كرب لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه يشكو قوماً نزل بهم: أبرام يا أمير المؤمنين. قال: وكيف ذاك؟ قال: نزلت بهم فما قروني غير ثورة وقوس وكعب. فقال عمر: أن في ذلك لشبعاً. الثورة، قطعة من الأقط. والقوس، بقية التمر يبقي في الجلة. والكعب، قطعة من السمن. أراد عمرو أنهم لم يذبحوا لي حين نزلت بهم.
بعت جاري ولم أبع داري
أي، كنت راغباً في الدار إلا أن جاري أساء جواري فبعت الدار. وقال الصقعب بن عمرو النهدي، حين سأله النعمان. ما الداء العياء؟ قال: جار السوء الذي أن قاولته بهتك وأن غبت عنه سبعك.
إباد الله خضراءهم
قال الأصمعي: معناه أذهب الله نعمتهم وخصبهم. ومنهم من يقول: أباد الله خضراءهم. أي همتهم، خيرهم وخصبهم. وقال بعضهم: أي بهجتهم وحسنهم. وهو مأخوذ من الغضاره، وهي البهجة والحسن. قال الشاعر:
أحثو التراب على محاسنه ... وعلى غضارة وجهه النضر
برز الصريح بجانب المتن
يضرب في جلية الأمر إذا ظهرت. والمتن، ما استوى من الأرض.
بقبقة في زقزقة
البقبقة، الصخب. والزقزقة، الضحك. يضرب للنفاج الذي يأتي بالباطل.
بحسبها أن تمتذق رعاؤها
امتذق، إذا شرب مذقة من لبن. يقال هذا في الإبل المراويد، وهي التي قلت ألبانها. يضرب للرجل يطلب منه النصر أو العرف، أي حسبه أن يقوم بأمر نفسه.
بسالم كانت الوقعة
سالم، اسم رجل أخذ وعوقب ظلماً. يضرب في نجاة المستحق للوقعة وأخذ من لا يستحقها ظلماً.
(1/45)

بقيت من ماله عناص
العناص، جمع عنصوة، وهي البقية من الشيء. يضرب لمن بقي من ماله بقية تنجيه من شدائد الدهر.
بت على كعب حذر قد سئل بك
يضرب لمن عمل في هلاكه وهو غافل، أي كن على حذر.
برز عمان فلا تمار
عمان، اسم رجل برز على أقرانه بكرمه وخلقه، أي قد ظهرت شمائله فلا تمار فيه. يضرب لمن أنكر شيئاً ظاهراً جداً.
بمثلي ينكأ القرح
أي، بمثلي يداوي الشر والحرب. قال الشاعر:
لزاز حروب ينكأ القرح مثله ... يمارسها تاراً وتاراً يضارس
بينهما بطحة الإنسان
أي، قدر طوله على الأرض. يضرب في القرب بين الشيئين.
بين المطيع وبين المدير العاصي
يضرب لمن لا يكاشف بعداوة ولا يناصح بمودة.
بينهم أحلقي وقومي
يضرب للقوم بينهم شر وعداوة. وأصل المثل قول الراجز:
أبا ابن نخاسية أتوميوم أديم بقة الشريمأحسن من يوم أحلقي وقومي
وهما يومان أحدهما شر من الآخر. وبقية، اسم امرأة. والشريم، المفضاة.
برد على ذلك الأمر جلده
أي، استقر عليه واطمأن به. وبرد، معناه ثبت. يقال: برد لي عليه حق، أي ثبت. وسموم بارد، أي ثابت دائم. وقال:
اليوم يوم بارد سمومه ... من جزع اليوم فلا نلومه
بعض الخدب امرأ للهزيل
يضرب لمن لا يحسن احتمال الغنى بل يطغي فيه.
بغير اللهو ترتتق الفتوق
يضرب في الحث على استعمال الجد في الأمور.
بكل عشب آثار رعي
أي، حيث يكون المال يجتمع السؤال.
بكل واد بنو سعد
هذا مثل قولهم: بكل واد أثر من ثعلبة. وقد مر ذكره.
بلغ الغلام الحنث
أي، جري عليه القلم. والحنث، الاسم، ويراد به ههنا المعصية والطاعة.
بقي من بني فلان إقفية خشناء
أي، بقي منهم عدد كثير. والأثفية؛ مثل لاجتماعهم. والخشناء، مثل لكثرتهم. ومنه كتيبة خشناء، أي كثيرة السلاح.
بعض القتل إحياء للجميع
يعنون، القصاص. وهذا مثل قولهم: القتل أنفى للقتل. وكقوله تعالى: " ولكم في القصاص حياة " .
البضاعة تيسر الحاجة
يضرب في بذل الرشوة والهدية لتحصيل المراد.
بينهم رمياً ثم حجيزى
أي، تراموا بالحجارة أو بالنبل ثم تحاجزوا أي أمسكوا.
أبدى الله شواره
هذا كلمة يقولها الشاتم والداعي على الإنسان. والشوار، الفرج.
البغل نغل وهو لذلك أهل
يقال: نغل الأديم فهو نغل إذا فسد وإنما خفف للإزدواج. ويقال فلان نغل إذا كان فاسد النسب. يضرب لمن لؤم أصله فخبث فعله.
البطنة تأفن الفطنة
يقال: أفن الفصيل ما في ضرع أمه إذا شرب ما فيه. يضرب لمن غير استغناؤه عقله وأفسده.
به الورى وحمى خيبرى
الوري، بسكون الراء، أكل القيح للجوف، وبالتحريك، الاسم. وقال:
وراهن ربي مثل ما قد ورينني ... وأحمى على أكبادهن المكاويا
بعض البقاع أيمن من بعض
قاله أعرابي تعرض لمعاوية في طريق وسأله فقال معاوية: ما لك عندي شيء، فتركه ساعة ثم عاوده في مكان آخر فقال ألم تسألني آنفاً قال بلى ولكن بعض البقاع أيمن من بعض فأعجبه كلامه ووصله.
بعد إطلاع إيناس
قاله قيس بن زهير حين قال له حذيفة بن بدر، يوم داحس، سبقتك يا قيس فقال قيس:ِ بعد إطلاع إيناس. يعني بعد أن يظهر الأمر تعرف الخبر. أي إنما يحصل اليقين بعد النظر. أنشد ابن الأعرابي:
ليس بما ليس به باس باسولا يضير البرما قال الناسوإنه بعد إطلاع إيناس
ويروى، بعد طلوع.
بؤساً له وتوساً له وجوساً له
كله بمعنى. فالبؤس، الشدة. والتوس، إتباع له. والجوس، الجوع. يقال عند الدعاء على الإنسان. وانتصبت كلها على أضمار الفعل، أي ألزمه الله هذه الأشياء.
بئس ما أفرعت به كلامك
أي، بئس ما ابتدأت كلامك به. ومنه افتراع المرأة لأول ما نكحت. والفرع أول ولد تنتجه الناقة.
بمثلي زابني
أي، دافعي من الزبن وهو الدفع. قيل مر مجاشع بن مسعود السلمي بقرية من قرى كرمان فسأل أهلها القوم أين أميركم؟ فأشاروا إليه. فلما رأوه ضحكوا منه، وكان دميماً، وأزدروه فلعنهم وقال: أن أهلي لم يريدوني ليحاسنوا بي وإنما أرادوني ليزابنوا بي. أي، ليدافعوا بي. أنشد ابن الأعرابي:
بمثلي زابني حلماً وجوداً ... إذا التقت المجامع والخطوب
(1/46)

بعيد حولي قلبي ... عظيم القدر متلاف كسوب
فإن أهلك فقد أبليت عذرا ... وأن أملك فمن عضبي قضيب
أي، أن فرعي من أصلي. يريد أنه من أصل كريم.
البطن شر وعاء صفراً وشر وعاء ملآن
يعني، أن أخليته جعت وأن ملأته آذاك. يضرب للرجل الشرير أن أحسنت إليه آذاك، وأن أسأة إليه عاداك.
بألم ما تختنن
أي، لا يكون الختان إلا بألم. ومعناه، أنه لا يدرك الخير ولا يفعل المعروف إلا باحتمال مشقة. ويروى بألم ما تختننه. وهذا على خطاب المرأة، والهاء للسكت، ودخلت النون في الروايتين لدخول ما على ما ذكرنا قبل. والعرب، تدخل نون التأكيد مع ما كقولهم: ومن عضة ما يدخل نون التوكيد مع ما كقولهم: ومن عضة ما ينبتن شكيرها.
أبغض بغيضك هوناًمّا
البغيض بمعنى المبغض، كالحكيم بمعنى المحكم. وهوناً، أي قليلاً سهلاً. ونصب على صفة المصدر، أي بغضاً هوناً غير مستفصى فيه فلعلكما ترجعان إلى المحبة فتستحييا من بعضكما. ودخلت، ما، للتوكيد.
بئس السعف أنت يا فتى
قال النضر: سعوف البيت، النور والقصعة والقدر. وهي من محقرات متعاع البيت. ومعنى المثل: بئس السلعة وبئس الخليط أنت.
بالأرض ولدتك أمك
يضرب عند الزجر عن الخيلاء والبغي، وعند الحث على الاقتصاد.
بنان كف ليس فيها ساعد
يضرب لمن له همة ولا مقدرة له على بلوغ ما في نفسه.
أبرم طلح نالها سراف
الطلح، شجر والواحدة طلحة. والبرمة، ثمره. وأبرم، إذا خرجت برمته. والسراف، من قولهم سرفت الشجرة إذا وقعت فيها السرفة وهي دويبة تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من دقاق العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها ثم تدخل فيه وتموت. يقال: سرفت تسرف سرفاً وسرافاً. يضرب لمن ارتاشت حاله وكثر ماله بعد القلة.
بيضاء لا يدجي سناها العظلم
أي، لا يسود بياضها الظلم، وهو نبت يصبغ به، يقال هو النبل، ويقال الوسمة. والعظلم أيضاً، الليل المظلم وهو على التشبيه. يضرب للمشهور لا يخفيه شيء.
بايع بعز وجهه ملثم
المغطى باللثام، هو الملثم، وأراد بقوله بايع بعز بع عزا ولا ترده. يكون بهذه الصفة أي لا ترغب في مواصلة قوم لا قديم لهم فعزهم مستور لا يعرف إلا في هذا الوقت.
بنت صفاً تقول عن سماع
بنت الصفا، مثل قولهم بنت الجبل، يعنون بهما الصدى، وهو صوت يسمع من الجبل وغيره. يضرب لمن لا يدعي إلى خير أو شر إلا أجاب كما أن صدى الجبل يجيب كل صوت.
يجن قلع يغرس الوادي
جن العهد، حدثانه وأوله، وكذلك جن كل شيء يضرب لمن يؤمر بطلب الأمر قبل فوته.
بقدر سرور التواصل تكون حسرة التفاصل
البلايا على الحوايا
قاله عبيد بن الأبرص يوم لقي النعمان بن المنذر في يوم بؤسه. والحوية والسوية، كساء يحشى بالثمام ونحوه ويدار حول سنام البعير. والحوية لا تكون إلا للجمال، فأما السوية فأنها تكون لغيرها. ومعنى المثل البلايا تساق إلى أصحابها على الحوايا، أي، لا يقدر أحد أن يفر مما قدر له.
البغي آخر مدة القوم
يعني، أن الظلم إذا امتد مداه آذن بانقراض مدتهم.
ابن زانية بزيت
أصله، أن قوماً من اللصوص جلبوا قحبة، فلما قضوا منها أوطارهم أعطوها قربة زيت كانت عندهم إذا لم يحضرهم غيرها. فقالت المرأة: لا أريدها لأني أحسبني علقت من أحدكم وأكره أن يكون مولودي ابن زانية بزيت. فذهب قولهم مثلاً. قال الشاعر:
إذا ما الحي هاجى حشو قبر ... فذلكم ابن زانية بزيت
بات فلان يشوي القراح
يعني، الماء القرا، وهو الخالص الذي لا يخالطه شيء. يضرب لمن ساءت حاله ونفد ماله فصار بحيث يشوي الماء شهوة للطبيخ. وأصله، أن رجلاً اشتهى مأدوماً ولم يكن عنده سوى الماء، فأوقد ناراً ووضع القدر عليها وجعل فيها الماء وأغلاه وأكب على الماء يتعلل بما يرتفع من بخاره، فقيل له: ما تصنع. فقال: اشوي الماء. فضرب به المثل.
بحيث العين ترنو ما يضر
يريد حيث تنظر العين ترى ما يضر، والباء، في بحيث زائدة كما تزاد في بحسبك. يضرب لمن أن جاملته أو جاملت عليه فهو لك منكر ومنك نفور.
بيت به الحيتان والأنوق
وهما لا يجتمعان. يضرب لضدين اجتمعا في أمر واحد.
بئس محلاً بت في صريم
(1/47)

الصريم، الليل. والصريم، الصبح. وهذا الحرف من الأضداد. يريد بئس المحل محلاً بت فيه، ثم حذف في فصار بته، ثم حذف الهاء. يضرب لمن سكن إلى من لا يوثق بمثله.
بشر كحنة العلوق الرائم
البشر، رونق الوجه وصفاء لونه. والعلوق، الناقة التي ترأم الولد بأنفها وتمنعه درها. يضرب لمن يحسن القول ويقتصر عليه.
بيض قطاً يحضنه أجدل
الأجدل، الصقر، والحضن والحضانة، أن يحضن الطائر بيضه تحت جناحه. يضرب للشريف يؤوي إليه الوضيع.
بنيك حمري ومككيني
قيل: أصاب الناس جدب ومجاعة وأن رجلاً من العرب جمع شيئاً من تمر في بيته وله بنون صغار وامرأة، فكانت المرأة تقوتهم من ذلك التمر تسوي بينهم وتعطي كل واحد جمعة من التمر مثل الحمرة، وأن الرجل لا يغني ذلك عنه شيئاً. فأرادت المرأة يوماً أن تقسم بيهنم. فقال: الحمرة. يضرب لمن يسوي بين أصحابه في العطاء ويختص به قوم فيطعمون في تخصيصه إياهم بأكثر من ذلك.
بلغ الله بك أكلأ العمر
يقال: كلا يكلا كلوأ إذا تأخر ومنه الكالئ للنسيئة لتأخرها. والمعنى بلغك الله أطول العمر وآخره.
بئس محك الضيف إسته
يضرب للئيم. قاله أبو زيد ولم يزد على هذا. ويروى، محل، باللام.
بخ بخ ساق بخلخال
بخ، كلمة يقولها المتعجب من حسن الشيء وكماله الواقع موقع الرضا. كأنه قال ما أحسن ما أراه! وهو ساق محلاة بخلخال. ويجوز أن يريد بالباء معنى مع فيكون التعجب من حسنهما. يضرب في التهكم والهزء من شيء لا موضع للتهكم فيه. وأول من قال ذلك الورثة بنت ثعلبة امرأة ذهل بن شيبان بن ثعلبة. وذلك أن رقاش بنت عمرو بن عثمان من بني ثعلبة طلقها زوجها كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة فتزوجها ذهل بن شيبان زوج الورثة ودخل بها. وكانت الورثة لا تترك له امرأة إلا ضربتها وأجلتها فخرجت رقاش يوماً وعليها خلخالان، فقالت الورثة: بخ بخ ساق بخلخال. فذهبت مثلاً. فقالت رقاش: أجل، ساق بخلخال لا كخالك المختال. فوثبت عليها الورثة لتضربها فضبطتها رقاش وضربتها وغلبتها حتى حجزت عنها. فقالت الورثة:
يا ويح نفسي اليوم أدركني الكبر ... أأبكي على نفسي العشية أم أذر
فوالله لو أدركت في بقية ... للاقيت ما لاقى صواحبك الأخر
فولدت رقاش لذهل بن شيبان، مرة، وأبا ربيعة، ومحلما، والحرث ابن ذهل.
ما على أفعل من هذا الباب
أبلغ من قس
هو قس بن ساعدة بن حذافة بن زهير بن أياد بن نزار الأيادي؛ وكان من حكماء العرب وأعقل من سمع به منهم، هو أول من كتب من فلان إلى فلان، وأول من أقر بالبعث من غير علم، وأول من قال أما بعد، وأول من قال البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وقد عمر مائة وثمانين سنة. قال الأعشى:
وأبلغ من قس وأجري من الذي ... بذي الغيل من خفان أصبح خادراً
وأخبر عامر بن شراحيل الشعبي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن وفد بكر بن وائل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حوائجهم قال: " هل فيكم أحد يعرف قس بن ساعدة الأيادي؟ قالوا: كلنا نعرفه. قال: فما فعل؟ قالوا: هلك. فقال رسول الله صلى الله علية وسلم: كأني به على جمل أحمر بعكاظ قائماً يقول: أيها الناس أجتمعوا واستمعوا وعوا. كل من عاش مات. وكل من مات فات. وكل ما هو آت آت. أن في السماء لخبراً. وإن في الأرض لعبراً. مهاد موضوع وسقف مرفوع. وبحار تموج وتجارة تروج. وليل داج وسماء ذات أبراج. أقسم قس حقاً لئن كان في الأرض رضا ليكونن بعده سخط. وأن لله عزت قدرته ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه. ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا. ثم أنشد أبو بكر رضي الله عنه شعراً حفظه له وهو قوله " :
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
أبخل من مادر
(1/48)

هو، رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة، وبلغ من بخله أنه سقي إبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل فسلح فيه ومدر الحوض به فسمي مادراً لذلك. واسمه مخارق. قال أبو الندي: وذكروا أن بني فزارة وبني هلال بن عامر تنافروا إلى أنس بن مدرك الخنعمي وتراضوا به. فقالت بنو عامر: يا بني فزارة أكلتم أير حمار. فقالت بنو فزارة قد أكلنا ولمن نعرفه. وحديث ذلك أن ثلاثة نفر اصطحبوا فزاري وثعلبي وكلابي فصادوا حماراً. ومضى الفزاري في بعض حاجته فطبخا وأكلا وخبأ للفزاري جردان الحمار، فلما رجع الفزاري قالا قد خبأنا لك فكل، فأقبل يأكله ولا يكاد يسيغه فقال: أكل شواء العبر جوفان. يعني به الذكر. وجعلا يضحكان، ففطن وأخذ السيف وقال: لتأكلانه أو لأقتلنكما. ثم قال لأحدهما، وكان اسمه مرقمة: كل منه فأبى فضربه فأبان رأسه. فقال الآخر: طاح مرقمة. فقال الفزاري وأنت أن لم تلقمه. قال محمد بن حبيب: أراد أن لم تلقمها، فلما ترك الألف ألقى الفتحة على الميم قبل الهاء، كما قالوا ويلم الحيرة، وأي رجال به، أي بها. قلت: إنما قدر الهاء في تلقمها أرادة المضغة أو البضعة وإلا فليس في الكلام الذي مضى تأنيث ترجع الهاء إليه. فقالت بنو فزارة: ولكن منكم يا بني هلال من قرى في حوضه فسقى إبله فلما رويت سلح فيه ومدره بخلابه أن يشرب فضله. فقضى أنس بن مدرك على الهلاليين فأخذا الفزاريون منهم مائة بعير وكانوا تراهنوا عليها. وفي بني فزارة يقول الكميت بن ثعلبة، والكميت من شعراء ثلاثة أقدمهم هذا. ثم كميت بن معروف، ثم كميت بن زيد، وكلهم من بني أسد:
نشدتك يا فزار وأنت شيخ ... إذا خيرت تخطئ في الخيار
أصيحانية أدمت بسمن ... أحب إليك أم أير الحمار
بلى أير الحمار وخصيتاه ... أحب إلى فزارة من فزار
فحذف الهاء من فزارة كما تحذف في الترخيم، وإن كان هذا في غير النداء ويجوز أن يكون أراد، من فزاري، فخفف ياء النسبة. وفي بني هلال يقول الشاعر:
لقد جللت خزيا هلال بن عامر ... بني عامر طرا بسلحة مادر
فأف لكم لا تذكروا الفخر بعدها ... بني عامر أنتم شرار المعاشر
وفي بني فزارة يقول ابن دارة:
لا تأمنن فزاريا خلوت به ... تعلى قلوصك واكتبها بأسيار
لا تأمننه ولا تأمن بواثقه ... بعد الذي أمتل أير العير في النار
أطعمتم الضيف جوفانا مخاتلة ... فلا سقاكم إلهي الخالق الباري
قال حمزة: وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم عن أبي عبيدة أنه قرأ عليه حديث مادر فضحك. قال فقلت له ما الذي أضحكك؟ فقال تعجبي من تسيير العرب لأمثال لها لو سيروا ما هو أهم منها لكان أبلغ لها. قلت: مثل ماذا؟ قال: مثل مادر هذا جعلوه علماً في البخل بفعلة تحتمل التأويل، وتركوا مثل ابن الزبير مع ما يؤثر على لفظه وفعله من دقائق البخل فتركوه كالغفل. من ذلك أنه نظر إلى رجل من أصحابه وهو يومئذ خليفة يقاتل الحجاج بن يوسف على دجولته وقد دق الرجل في صدور أهل الشأم ثلاثة أرماح فقال له يا هذا اعتزل عن حربنا فإن بيت المال لا يقوى على هذا. وقال في تلك الحرب لجماعة من جنده: أكلتم تمري وعصيتم أمري. وسمع أن مالك بن أشعر الرزامي من بني مازن أكل من بعير وحده وحمل ما بقي على ظهره فقال: دلوني على قبره أنبشه. وقال لرجل أتاه مجتدياً وقد أبدع به فشكا إليه حفا ناقته قال أخصفها بهلب وأرقعها بسبب وانجد بها يبرد خفها. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين جئتك مستوصلاً ولم آتك مستوصفاً فلا بقيت ناقة حملتني إليك. فقال: أن وصاحبها. ولهذا الرجل فيه شعر قد نسي. قلت: وفي بعض النسخ من كتاب أفعل كان هذا الرجل عبد الله بن فضالة الأسدي، ولما انصرف من عنده قال:
أرى الحاجات عند أبي خبيب ... تكدن ولا أمية بالبلاد
وما لي حين أقطع ذات عرق ... إلى ابن الكاهلية من معاد
(1/49)

في أبيات. وابن الكاهلية هو عبد الله بن الزبير لأن جدة من جداته كانت من بني كاهل فلما بلغ الشعر ابن الزبير قال لو علم لي أما الأم من عمته لسبني بها. قال أبو عبيدة: فلو تكلف الحرث بن كلدة طبيب العرب أو مالك بن زيد مناة وحنيف الحناتم آبلا العرب من وصف علاج ناقة الأعرابي ما ت كلفه هذا الخليفة لما كانوا يعشرونه. وكان مع هذا يأكل في كل إسبوع أكلة ويقول في خطبته إنما بطني شبر في شبر وعندي ما عسى يكفيني. فقال فيه الشاعر:
لو كان بطنك شبراً قد شبعت وقد ... أفضلت كثيراً للمساكين
فإن تصبك من الأيام جائحة ... لأنبك منك على دنيا ولا دين
أبخل من كلب أبخل من ذي معذرة
هذا مأخوذ من قولهم، في مثل آخر. المعذرة طرف من البخل.
أبخل من الضنين بنائل غيره
هذا مأخوذ من قول الشاعر:
وإن امرأ أضنت يداه على امرئ ... بنيل يد من غيره لبخيل
أبر من فلحس
هو رجل من بني شيبان، زعموا أنه حمل ِأباه، وكان خرفاً كبير السن، على عاتقه إلى بيت الله الحرام حتى أحجه. ويقال أيضاً:
أبر من العملس
وهو رجل كان براً بأمه وكان يحملها على عاتقه.
أبصر من زرقاء اليمامة
واليمامة اسمها، وبهاء سمي البلد. وذكر الجاحظ أنها كانت من بنات لقمان بن عاد وأن اسمها عنز، وكانت هي زرقاء، وكانت الزباء زرقاء، وكانت البسوس زرقاء. قال محمد بن حبيب: هي امرأة من جديس، يعني زرقاء، كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام فلما قتلت جديس طسما خرج رجل من طسم إلى حسان بن تبع فاستجاشه ورغبه في الغنائم، فجهز إليهم جيشاً فلما صاروا من جوة على مسيرة ثلاث ليال صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش وقد أمروا أن يحمل كل رجل منهم شجرة ستتر بها ليلبسوا عليها. فقالت يا قوم قد أتتكم الجر أو أتتكم حمير، فلم يصدقوها. فقالت على مثال رجز:
أقسم بالله لقج دب الشجر ... أو حمير قد أخذت شيئاً يجر
فلم يصدقوها. فقالت: أحلف بالله لقد أرى رجل ينهس كتفاً أو يخصف النعل فلم يصقوها ولم يستعدوا حتى صبحهم حسان فاجتاحهم فأخذ الزرقاء فشق عينيها فإذا فيهما عروق سود من الأثمد، وكانت أول من أكتحل بالأثمد من العرب. وهي التي ذكرها النابغة في قوله:
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثمد
أبعد من النجم ومن مناط العيوق ومن بيض الأنوق
ومن الكواكب
أما النجم، فإنه يراد به الثريا دون سائر الكواكب ومنه قول الشاعر:
إذا النجم وافى مغرب الشمس أحجرت ... مقاري حيي واشتكى العذر جارها
وأما العيوق، فإنه كوكب يطلع مع الثريا قال الشاعر:
وأن صديا والملامة ما مشى ... لكالنجم والعيوق ما طلعا معاً
صدي، قبيلة أي هي أبداً ملومة والملامة تمشي معها لا تفارقها. وأما بيض الأنوق فهو، أعني الأنوق اسم للرخمة وهي أبعد الطير وكراً فضربت العرب به المثل في تأكيد بعد الشيء وما لا ينال قال الشاعر:
وكنت إذا استودعت سراً كتمته ... كبيض أنوق لا ينال لها وكر
أبصر من فرس يهمأن في غلس
وكذلك يضرب المثل فيه بالعقاب فيقال:
أبصر من عقاب ملاع
قال محمد حبيب: ملاع، اسم هضبة. وقال غيره: ملاع، اسم للصحراء. قال: وإنما قالوا ذلك لأن عقاب الصحراء أبصر وأسرع من عقاب الجبال. ويقال للأرض المستوية الواسعة مليع ومليع أيضاً. قال الشاعر، يصف إبلاً أغير عليها فذهبت:
كأن دناراً حلقت بلبونه ... عقاب ملاع لا عقاب القواعل
دنار، اسم راع. والقواعل، الجبال الصغار. وقال أبو زيد: عقاب ملاع، هي السريعة لأن الملع السرعة ومنه يقال ناقة ملوع ومليع أي سريعة. وقال أبو عمرو بن العلاء: العرب تقول أنت أخف يداً من عقيب ملاع وهي عقاب تصطاد العصافير والجرذان.
أبصر من غراب
زعم ابن الأعرابي أن العرب تسمي الغراب أعور لأنه مغمض أبداً أحدى عينيه مقتصر على أحداهما منن قوة بصره. وقال غيره: إنما سموه أعور لحدة بصره على طريق التفاؤل له. وقال بشار بن برد:
وقد ظلموه حين سموه سيداً ... كما ظلم الناس الغربا بأعورا
(1/50)

قال أبو الهيثم: يقال أن الغرباب يبصر من تحت الأرض بقدر منقاره.
أبصر من الوطواط بالليل
أي، أعرف منه. والوطواط، الخفاش. ويقولون أيضاً أبصر ليلاً من الوطواط. ويقال أيضاً للخطاف الوطواط. ويسمون الجبان الوطواط.
أبصر من كلب
هذا المثل رواه بعض المحدثين ذاهباً إلى قول الشاعر وهو مرة بن محكان:
في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا
أبأى من جنيف الحناتم
من البأي، وهو الفخر. وكان بلغ من فخره أن لا يكلم أحداً حتى يبدأه هو بالكلام.
أبأى ممن جاء برأس خاقان
قال حمزة: هذا مثل مولد حكاه المفضل بن سلمة في كتابه المترجم بالكتاب الفاخر في الأمثال. قال: والعامة تقول كأنه جاء برأس خاقان، وخاقان هذا كان ملكاً من ملوك الترك خرج من ناحية باب الأبواب وظهر على أرمينية وقتل الجراح بن عبد الله عامل هشام بن عبد الملك عليها، وغلظت نكايته في تلك البلاد، فبعث هشام إليه سعيد بن عمرو الجرشي، وكان مسلمة صاحب الجيش، فأوقع سعيد بخاقان ففض جمعه واحتز رأسه وبعث به إلى هشام فعظم أثره في قلوب المسلمين وفخم أمره ففخر بذلك حتى ضرب به المثل.
أبر من هرة
ويقال أيضاً: أعق من هرة. وشرح ذلك يجيء في موضع آخر من هذا الكتاب.
أبغض من الطلياء
هذا يفسر على وجهين. يقال: الطلياء، الناقة الجرباء المدلية بالهناء. ويروى هذا المثل بلفظ آخر فيقال أبغض إلي من الجرباء ذات الهناء. وذلك أنه ليس شيء أبغض إلى العرب من الجرب لأنه يعدي. والوجه الآخر أنه يعني بالطلياء خرقة العارك التي تفترمها، من الافترام، وهو الأعتباء والأحتشاء وكله بمعنى واحد. ويقولون هذا المثل بلفظة أخرى وهي: أقذر من معبأة. ويقولون: أهون من معبأة. وهي خرقة الحائض والجمع معابيء.
أبرد من عضرس
وهو الماء الجامد. والعضارس، بالضم، مثله. قال الشاعر:
يا رب بيضاء من العطامس ... تضحك عن ذي أشر عضارس
وفي كتاب العين: العضرس، ضرب من النبات. قال ابن مقبل:
والعير ينفخ في المكنان قد سكنت ... منه جحافله والعضرس الشجر
أي العريض.
أبرد من عبقرٍ
وبعضهم يقول من حبقر، وهما البرد، عند محمد بن حبيب وأنشد فيهما:
كأن فاها عبقري بارد ... أورج روض مسه تنضاح رك
التنضاح، ما ترشش من المطر. والرك، المطر الخفيف الضعيف. وأحسن ما تكون الروضة إذا أصابها مطر ضعيف. فمحمد بن حبيب يروي هذا المثل أبرد من عبقر. وأبو عمرو بن العلاء يرويه أبرد من عب قر. قال: والعب، اسم للبرد. وأنشد البيت على غير ما يراه ابن حبيب فقال:
كأن فاها عب قر بارد ... أوريح روض مسه تنضاح رك
قال: وبه سمي عب شمس. والمبرد يرويه عبقر، ذكر ذلك في كتابه المقتضب في أثناء أبنية الأسماء في الموضع الذي يقول فيه العبقر البرد والعر نقصان نبت. قال غيرهم: عب الشمس، ضوء الصبح. فهذا أغرب تصحيف وقع في روايات علماء اللغة ومتى صحت رواية أبي عمرو وجب أن يجري عبقر على هذا القياس فيقال عب قر. وحجة من يجيز ذلك تسمية العرب البرد بحب المزن وحب الغمام. وجاء ابن الأعرابي فوافق أبا عمرو في هذا المثل بعض الوفاق، وخالفه بعض الخلاف زعم أن عب شمس بن زيد مناة ابن تميم اسمه عبء شمس بالهمز أي عدلها ونظيرها. والعبآن، العدلان. قال: وقال أبو عبيدة عب الشمس ضوءها.
أبرد من غب المطر
يعني أبرد من غب يوم المطر.
أبرد من جربياء
الجربياء، اسم للشمال. وقيل لأعرابي: ما أشد البرد؟ فقال ريح جربياء في ظل عماء غب سماء. قيل: فما أطيب المياه؟ قال: نطفة زرقاء من سحابة غراء في صفاة زلاء، ويروى بلاء، أي مستوية ملساء.
أبطأ من فندٍ
يعنون مولى كان لعائشة بنت سعد بن أبي وقاص. وسأذكر قصته في حرف التاء عند قولهم: تعست العجلة.
أبخر من أسد ومن صقر
وفيه يقول الشاعر:
وله لحية تيس ... وله منقار نسر
وله نكهة ليث ... خالطت نكهة صقر
أبقى من الدهر
ويقال أيضاً: أبقى على الدهر من الدهر. ومن أمثال العرب السائرة: " البئر أبقى من الرشاء " .
أبقى من تفاريق العصا
(1/51)

هذا المثل قد ذكرناه في الباب الأول في قولهم لك خير من تفاريق العصا.
أبطش من دوسرَ
قالوا: أن دوسر إحدى كتائب النعمان بن المنذر ملك العرب وكانت له خمس كتائب، الرهائن والصنائع والوضائع والأشاهب ودوسر. أما الرهائن فإنهم كانوا خمسمائة رجل رهائن لقبائل العرب يقيمون على باب الملك سنة ثم يجيء بدلهم خمسمائة أخرى وينصرف أولئك إلى أحيائهم، فكان الملك يغزو بهم ويوجههم في أموره. وأما الصنائع فبنو قيس وبنو تيم اللات ابني ثعلبة، وكانوا خواص الملك لا يبرحون بابه. وأما الوضائع فإنهم كانوا ألف رجل من الفرس يضعهم ملك الملوك بالحيرة نجدة لملك العرب وكانوا أيضاً يقيمون سنة ثم يأتي بدلهم ألف رجل وينصرف أولئك وأما الأشاهب فأخوة ملك العرب وبنو عمه ومن يتبعهم من أعوانهم، وسموا الأشاهب لأنهم كانوا بيض الوجوه. وأما دوسر فإنها كانت أخشن كتائبه وأشدها بطشاً ونكاية وكانوا من كل قبائل العرب وأكثرهم من ربيعة سميت دوسر اشتقاقاً من الدسر، وهو الطعن بالثقل لثقل وطأتها. قال الشاعر:
ضربت دوسر فيهم ضربة ... أثبتت أوتاد ملك فاستقر
وكان ملك العرب عند رأس كل سنة، وذلك أيام الربيع، يأتيه وجوه العرب وأصحاب الرهائن وقد صير لهم أكلاً عنده وهم ذوو الآكال فيقيمون عنده شهراً ويأخذون آكالهم ويبذلون رهائنهم ويصرفون إلى أحيائهم.
أبرد من أمرد لا يشتهي ومن مستعمل النحو في الحساب ومن برد الكوانين
أبغض من قدح اللبلاب ومن الشيب إلى الغواني ومن ريج السداب إلى الحيات ومن سجادة الزانية ومن وجوه التجار يوم الكساد
أبول من كلب
قالوا: يجوز أن يراد به البول بعينه. ويجوز أن يراد به كثر الولد. فإن البول في كلام العرب يكنى به عن الولد. قلت: وبذلك عبر ابن سيرين رؤيا عبد الملك بن مروان حين بعث إليه أني رأيت في المنام أني قمت في محراب المسجد وبلت فيه خمس مرات. فكتب إليه ابن سيرين أن صدقت رؤياك فسيقوم من أولادك خمسة في المحراب ويتقلدون الخلافة بعدك فكان كذلك.
أبين من فلق الصبح وفرق الصبح
وهما الفجر. وفي التنزيل " قل أعوذ برب الفلق " يعني الصبح وبيانه.
أبطأ من مهدي الشيعة ومن غراب نوح عليه السلام
وذلك أن نوحاً بعثه لينظر هل غرقت البلاد ويأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه نوح بالخوف، فلذلك لا يألف الناس. ويضرب به المثل في الإبطاء.
أبقى من وحي في حجرٍ
الوحي، الكتابة والمكتوب أيضاً. وقال: كما ضمن الوحي سلامها.
أبلد من ثور ومن سلحفاة أبشع من مثل غير سائر
أبغي من الإبرة ومن الزبيب ومن المحبرة
وقال الشاعر:
أبغي من الإبرة لكنه ... يوهم قوماً أنه لوطي
أبقى من النسرين
يعني، النسر الطائر والنسر الواقع ومن العصرين يعني الغداة والعشي.
أبهى من القمرين
يعني الشمس والقمر.
أبهى من قرطين وبينهما وجه حسن أبكر من غراب
وهو أشد الطير بكوراً.
أبكى من يتيم
وفيه المثل السائر: لا تعلم اليتيم البكاء.
أبخل من صبي ومن كسع
قالوا: هو رجل بلغ من بخله أنه كوى إست كلبه حتى لا ينبح فيدل عليه الضيف.
المولدون
" بئس الشعار الحسد ... بين البلاء والبلاء عوافيط
جمع عافية " بيتس أستر لعواتي " يضرب لمن يؤثر العزلة.
" بيت الإسكاف فيه من كل جلد رقعة " يضرب لأخلاط الناس.
" بع الحيوان أحسن ما يكون في عينك " " بع المتاع من أول طلبه توفق فيه " " بعلة الزرع يسقي القرع بعلة الداية يقتل الصبي " " بغاث الطير أكثرها فراخاً بذل الجاه أحد المالين " " بشر مال الشحيح بحادث أو وارث " قال ابن المعتز: " بعض الشوك يسمح بالمن بعض العفو ضعف " " بعض الحلم ذل برئت من رب يركب الحمار " " بلد أنت غزاله كيف بالله نكاله به حرارة " يضرب للمتهم.
" به داء الملوك " مثله: " بين وعده وإنجازه فترة نبي " " بيني وبينه سوق السلاح " يضرب في العداوة.
بدن وافر وقلب كافر بجبهة العير يفدي حافر الفرس "
" بقدر السرور يكون التنغيص بعد البلاء يكون الثناء " " بعد كل خسر كيس باع كرمه واشترى معصره " " بين جبهته وبين الأرض جناية " أي لا يصلي.
" البستان كله كرفس "
(1/52)

يضرب في التساوي في الشر: " البغل الهرم لا يفزعه صوت الجلجل " " ابنه على كتفه وهو يطلبه " " ابن آدم لا يحتمل الشحم ابن عم النبي من الدلدل " يضرب للدعي يدعي الشرف. والدلدل، اسم بغلة النبي عليه الصلاة والسلام. وكذلك يقال: ابن عمه من اليعفور، وهو اسم حمار له صلى الله عليه وسلم.
" البياض نصف الحسن بئس والله ما جرى فرسي " يضرب فيمن قصر أو قصر به.
" بطن جائع ووجه مدهون " يضرب للمتشبع زوراً.
" ابن آدم حريص على ما منع منه البصر بالزبون تجارة " يضرب في المعرفة بالإنسان وغيره.
الباب الثالث
في
ما أوله تاء
ترك الظبي ظله
الظل ههنا، الكناس الذي يستظل في شدة الحر فيأتيه الصائد فيثيره فلا يعود إليه. فيقال: ترك الظبي ظله. أي موضع ظله. يضرب لمن نقر من شيء فتركه تركاً لا يعود إليه. ويضرب في هجر الرجل صاحبه.
تركته على مثل مقلع الصمغة
أي، تركته ولم يبق له شيء. لأن الصمغ إذا قلع لم يبق له أثر. ومثله قولهم:
تركته على مثل ليلة الصدر
وهي ليلة ينفر الناس من منى فلا يبقى منهم أحد. ومثلها:
تركته على أنقى من الراحة
أي، على حال لا خير فيه كما لا شعر على الراحة. يضرب في اصطلام الدهر الناس والمال.
ترك الخداع من أجرى من مائة
أي، من مائة غلوة، وهي إثنا عشر ميلاً. قال الأصمعي: يجري الجذعان أربعين، والثنيان ستين، والربع ثمانين، والقرح مائة ولا يجري أكثر من ذلك. وهذا من كلام قيس بن زهير قاله لحذيفة بن بدر يوم داحس، أي لو كان قصدي الخداع لأجريت من قريب.
تمام الربيع الصيف
أي، تظهر آثار الربيع في الصيف. كما قيل: الأعمال بخواتيمها. والصيف، المطر يأتي بعد الربيع. يضرب في استنجاح تمام الحاجة.
ترك الذنب أيسر من طلب التوبة
يضرب لما تركه خير من ارتكابه.
تركتني خبرة الناس فرداً
الخبرة، الاسم من الاختبار. ونصب فرداً على الحال.
تصنع ف يعامين كرزاً من وبر
الكرز، الجوالق. يضرب مثلاً للبطيء في أمره وعمله.
تجنب روضة وأحال يعدو
يضرب لمن اختار الشقاء على الراحة. وأحال، أي أقبل.
تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها
أي، لا تكون ظئراً وإن آذاها الجوع. ويروى، ولا تأكل ثدييها. وأول من قال ذلك، الحرث بن سليل الأسدي، وكان حليفاً لعلقمة بن خصفة الطائي فزاره فنظر إلى ابنته الزباء، وكانت من أجمل أهل دهرها، فأعجب بها، فقال له: أتيتك خاطباً وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب. فقال له علقمة: أنت كفؤ كريم يقبل منك الصفو ويؤخذ منك العفو، فأقم ننظر في أمرك. ثم انكفأ إلى أمها فقال: أن الحرث ابن سليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً وقد خطب إلينا الزباء فلا ينصرفنّ إلا بحاجته. فقالت امرأته لابنتها: أي الرجال أحب إليك الكهل الجحجاح الواصل المناح، أم الفتى الوضاح؟ قالت: لا، بل الفتى الوضاح. قالت: أن الفتى يغيرك وأن الشيخ يميرك، وليس الكهل الفاضل الكثير النائل كالحديث السن الكثير المن. قالت: يا أمتاه أن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاء أينق الكلا. قالت: أي بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب. قالت: إن الشيخ يبلي شبابي ويدنس ثيابي ويشمت بي أترابي. فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها. فتزوجها الحرث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابتني بها، ثم رحل بها إلى قومه. فبينا هو ذات يوم جالس بفناء قومه، وهي إلى جانبه، إذا أقبل إليه شباب من بني أسد يعتلجون، فتنفست صعداء، ثم أرخت عينيها بالبكاء. فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ. فقال لها: ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. قال أبو عبيد: فإن كان الأصل على هذا الحديث فهو على المثل السائر، لا تأكل ثدييها. وكان بعض العلماء يقول هذا لا يجوز وإنما هو لا تأكل بثدييها. قلت: كلاهما في المعنى سواء، لأن معنى، لا تأكل ثدييها، لا تأكل أجرة ثدييها. ومعنى بثدييها، أي لا تعيش بسبب ثدييها وبما يغلان عليها. ثم قال الحرث لها: أما وأبيك لرب غارة شهدتها وسبية أردفتها وخمرة شربتها، فالحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك. وقال:
تهزأت أن رأتني لابساً كبرا ... وغاية الناس بين الموت والكبر
(1/53)

فإن بقيت لقيت الشسيب راغمة ... وفي التعرف ما يمضي من العبر
وإن يكن قد علا رأسي وغيره ... صرف الزمان وتغيير من الشعر
فقد أروح للذات القنى جذلاً ... وقد أصيب بها عيناً من البقر
عني إليك فإني لا توافقني ... عور الكلام ولا شرب على الكدر
يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال.
بحسبها حمقاء وهي باخسٌ
ويروى، باخسة. فمن روى باخس أراد أنها ذات بخس تبخس الناس حقوقهم. ومن روى باخسة بناه على بخست فهي باخسة. يقال أن المثل تكلم به رجل من بني العنبر من تميم جاورته امرأة فنظر إليها فحسبها حمقاء لا تعقل ولا تحفظ ولا تعرف مالها، فقال العنبري: ألا أخلط مالي ومتاعي بمالها ومتاعها ثم أقاسمها فآخذ خير متاعها وأعطيها الرديء من متاعي فقاسمها بعد ما خلط متاعه بمتاعها فلم ترض عند المقاسمة حتى أخذت متاعها ثم نازعته وأظهرت له الشكوى حتى افتدى منها بما أرادت، فعوتب عند ذلك فقيل له: أختدعت امرأة وليس ذلك بحسن. فقال: تحسبها حمقاء وهي باخسة. يضرب لمن يتباله وفيه دهاء.
تركته في وحش إصْمِتَ. وببلدة إصْمِتْ. وفي بلدة إصمِتَةَ
أي، في فلاة. يضرب للوحيد الذي لا ناصر له.
تركته باست المتن
المتن، ما صلب من الأرض. أي تركته وحيداً.
تالله لولا عتقه لقد بلي
العتق، العتاقة وهي الكرم. يضرب للصبور على الشدائد.
تذكرت رياً ولداً
ريا، اسم امرأة. يضرب لمن يتنبه لشيء قد غفل عنه.
تعجيل العقاب سفه
أي، أن الحليم لا يعجل بالعقوبة.
تشددي تنفرجي
الخطاب للداهية. أي تناهي في العظم والشدة تذهبي. يضرب عند اشتداد الأمر.
تيه مغن وظرف زنديق
يروى هذا عن أبي نواس. وأراد بقوله: ظرف زنديقن مطيع بن إياس ولقبه بذلك بشار بن برد. وكان إذا وصف إنساناً بالظرف قال أظرف من الزنديق، يعني مطيعاً. لأن من تزندق كان له ظرف يباين به الناس. ومن قال فلان أظرف من زنديق فقد غلط.
تسألني برامتين سلجما
رامة، موضع بقرب البصرة. والسلجم، معروف. قال الأزهري: هو بالسين غير معجمة، ولا يقال شلجم ولا ثلجم، وضم رامة إلى موضع آخر هناك فقال: برامتين. كما قال عنترة: شربت بماء الدحرضين، وإنما هو وسيع ودحرض، وهما ماءان أو موضعان، فثني بلفظ أحدهما كما يقال القمران والعمران.
يضرب لمن يطلب شيئاً في غير موضعه.
تجشأ لقمان من غير شبع
تجشأ، أي تلكف الجشاء. يضرب لمن يدعي ما ليس يملك. ويقال: تجشأ لقمان من غير شبع من علبتين وثمان وربع. قال أبو الهيثم: فهذه عشر علب مع ربع لم يعدها لقمان شيئاً لكثرة حاجته إلى الأكل وقد تجشأ تجشؤ غير الشبعان.
تخبر عن مجهوله مرآته
أي، منظره يخبر عن مخبره.
تسقط به النصيحة على الظنة
أي، كثرة نصيحتك إياه تحمله على أن يتهمك.
تعلمني بضب أنا حرشته
تعلمني، بمعنى تعلمني أي تخبرني، ولذلك أدخل الباء كقوله تعالى: " قل أتعلمون الله بدينكم " . وحرش الضب، صيده.
تحمدي يا نفس لا حامد لك
أي، أظهر حمد نفسك بأن تفعل ما تحمد عليه فإنه لا حامد لك ما لم تفعله.
تنزو وتلين هذا من النزو والنزوان، وهما الوثب وليس من النزاء، الذي هو السفاد. وربما قالوا: تنزو وتلين وتؤدي الأربعين.
ذكروا أن أعرابياً حبس فقال:
ولما دخلت السجن كبر أهله ... وقالوا أبو ليلى الغداة حزين
وفي الباب مكتوب على صفحاته ... بأنك تنزو ثم سوف تلين
تخرسي يا نفس لا مخرس لك
أي، اصنعي لنفسك الخرسة، وهي طعام النفساء نفسها. قالته امرأة ولدت ولم يكن لها من يهتم بشأنها.
تحقره وينتأ
يقال: نتأ الشيء إذا ارتفع ينتأ نتوءاً. يضرب لمن يحتقر أمراً وهو يعظم في نفسه.
ترفض عند المحفظات الكتائف
ترفض، أي تتفرق. والمحفظات، المفضبات والحفيظة والحفظة الغضب. والكتائف، السخائم والأحقاد. يقول: إذا رأيت حميمك يظلم أغضبك ذلك فتنسى حقدك عليه وتنصره.
تضرب في حديد بارد
يضرب لمن طمع في غير مطمع.
تمنعي أشهى لك
أي، مع التأني يقع الحرص. وأصله أن رجلاً قال لامرأته تمنعي إذا غازلتك يكن أشهى، أي ألذ. يضرب لمن يظهر الدلال ويغلي رخيصه.
(1/54)

تمرد مارد وعز الأبلق
مارد، حصن دومة الجندل. والأبلق، حصن للسموءل بن عاديا، قيل وصف بالأبلق لأنه بني من حجارة مختلفة الألوان بأرض تيماء. وهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما. فقالت: تمرد مارد وعز الأبلق. فصار مثلاً لكل ما يعز ويمتنع على طالبه. وعز معناه غلب من عز يعز ويجوز أن يكون من عز يعز.
تلدغ العقرب وتصيء
يقال: صأى الفرخ والخنزير والفأر والعقرب يصيء صئياً، على فعيل، إذا صاح. وصاء مقلوب منه. يضرب للظالم في صورة المتظلم.
تشكو إلى غير مصمت
أي، إلى من لا يهتم بشأنك قال:
إنك لا تشكو إلى مصمت ... فاصبر على الحمل الثقيل أو مت
تجاوز الروض إلى القاع القرق
يضرب لمن عدل بحاجته عن الكريم إلى اللئيم. والقرق المستوي.
تحمي جوابيه نقيق الضفدع
الجوابي، جمع جابية وهي الحوض. يضرب للرجل لا طائل عنده بل كله قول وبقبقة.
تشمرت مع الجاري
يقال: تشمرت السفينة، إذا انحدرت مع الماء. وشمرتها أنا إذا أرسلتها. يضرب في الشيء يستهان به وينسى. وقائله كعب بن زهير بن أبي سلمى. قال ابن دريد: ليس في العرب سلمى بالضم إلا هذا. وزاد غيره وأبو سلمى ربيعة بن رباح بن قرط من بني مازن. قلت: والمحدثون يعدون غيرهما قوماً يطول ذكرهم. وإنما قال هذا المثل كعب حين ركب هو وأبوه زهير سفينة في بعض الأسفار فأنشد زهير قصيدته المشهورة وهي: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم وقال لابنه كعب: دونك فاحفظها. فقال: نعم. وأمسيا، فلما أصبحا. قال له يا كعب: ما فعلت العقيلة؟ يعني القصيدة. قال: يا أبت إنها تشمرت مع الجاري، يعني نسيتها فرت مع الماء. فأعادها عليه وقال: إن شمرتها يا كعب شمرت بك على أثرها.
تَهِمُّ ويُهَمُّ بكَ
الهم، القصد. يضرب للمغتر بعمله لا يخاف عاقبته.
تركتهم في كصيصة الظبي
قال اللحياني: كصيصة الظبي، موضعه الذي يكون فيه. وقال غيره: هي كفته التي يصاد بها. يضرب لمن يضيق عليه الأمر. ومثله:
تركتهم في حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ
ويقال: حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ. فالحيص، الفرار. والبوص، الفوت. وحيص من بنات الياء، وبيص من بنات الواو، فصيرت الواو ياء ليزدوجا. يضرب لمن وقع في أمر لا مخلص له منه فراراًِ أو فوتاً.
تلبدي تصيدي
التلبد، اللصوق بالأرض لختل الصيد. ومعنى المثل: احتل تتمكن وتظفر.
تتابعي بقر
زعموا أن بشر بن أبي حازم الأسدي خرج في سنة أسنت فيها قومه وجهدوا. فمر بصوار من البقر، وأجل من الأروى. فذعرت منه، فركبت جبلاً وعراً ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شعب من الجبل وأخرج قوسه، وجعل يشير إليها كأنه يرميها فجعلت تلقي أنفسها فتكسر. وجعل يقول:
أنت الذي تصنع ما لم يصنع ... أنت حططت من ذرا مقنع
كل شبوب لهق مولع
وجعل يقول: تتابعي بقر تتابعي بقر. حتى تكسرت فخرج إلى قومه، فدعاهم إليها، فأصابوا من اللحم ما انتعشوا به. يضرب عند تتابع الأمر وسرعة مره من كلام أو فعل متتابع يفعله ناس، أو خيل، أو إبل أو غير ذلك.
تنهانا أمنا عن الغي وتغدو فيه
يضرب لمن يحسن القول ويسيء الفعل.
تطلب أثراً بعد عين
العين، المعاينة. يضرب لمن ترك شيئاً يراه ثم تبع أثره بعد فوت عينه قال الباهلي: أول من قال ذلك مالك بن عمرو العاملي. وفي كتاب أبي عبيد مالك بن عمرو الباهلي. قال: وذلك أن بعض ملوك غسان كان يطلب في عامله دخلاً فأخذا منهم رجلين يقال لهما مالك وسماك ابنا عمرو فاحتبسهما عنده زماناً ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحدكما فإيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول أقتلني كان أخي. فلما رأى ذلك قتل سماكاً وخلى سبيل مالك فقال سماك حين ظن أنه مقتول:
ألا من شجت لية عامده ... كما أبد ليلة واحده
فأبلغ قضاعة أن جئتهم ... وخص سراة بني ساعده
وأبلغ نزاراً على نأيها ... بأن الرماح هي العائده
وأقسم لو قتلوا مالكاً ... لكنت لهم حية راصده
برأس سبيل على مرقب ويوماً على طرق وارده
فأم سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الوالده
وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زماناً، ثم أن ركباً مروا واحدهما يتغنى بهذا البيت:
(1/55)

وأقسم لو قتلوا مالكاً ... لكنت لهم حية راصده
فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك. أخرج في الطلب بأخيك. فخرج في الطلب فلقي قاتل أخيه يسير في ناس من قومه. فقال: من أحسن لي الجمل الأحمر؟ فقالوا له، وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكف. فقال: لا أطلب أثراً بعد عين. فذهبت مثلاً. ثم حمل على قاتل أخيه فقتله وقال في ذلك:
يا راكباً بلغا ولا تدعا ... بني قمير وإن هم جزعوا
فليجدوا مث لما وجدت فقد ... كنت حزيناً قد مسني وجع
لا أسمع اللهو في الحديث ولا ... ينفعني في الفراش مضطجع
لا وجد ثكلي كما وجدت ولا ... وجد عجول أضلها ربع
ولا كبير أضل ناقته ... يوم توافي الحجيح واجتمعوا
ينظر في أوجه الركاب فلا ... يعرف شيئاً والوجه ملتمع
جللته صارم الحديد كالملح وفيه سفاسق لمع
بين صمير وباب جلق في ... أثوابه من دمائه دفع
اضربه بادياً نواجذه ... يدعو صداه والرأس منصدع
بني قمير قتلت سيدكم ... فاليوم لا رنة ولا جزع
تَطّعَّمْ تطْعَمْ
أي، ذق حتى يدعوك طعمه إلى أكله. يضرب في الحث على الدخول في الأمر. أي أدخل في أوله يدعوك إلى الدخول في آخره، ويرغبك فيه.
توقري يا زلزة
الزلز، القلق والحركة. يضرب للمرأة الطوافة في بيوت الحي.
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه
ويروى: لأن تسمع بالمعيدي خير، وأن تسمع، ويروى: تسمع بالمعيدي لا أن تراه. والمختار: أن تسمع. يضرب لمن خبره خير من مرآه، وأدخل الباء على تقدير تحدث به خير. قال المفضل: أول من قال ذلك المنذر بن ماء السماء. وكان من حديثه أن كبيش نب جابر أخا ضمرة بن جابر من بني نهشل، كان عرض لأمة لزرارة بن عدس يقال لها رشية، كانت سبية أصابها زرارة من الرفيدات، وهم حي من العرب، فولدت له عمراً وذؤيباً وبرغوثاً. فمات كبيش وترعرع الغلمة. فقال لقيط بن زرارة: يا رشية من أبو بنيك؟ قالت: كبيش بن جابر. قال: فاذهبي بهؤلاء الغلمة فعبّسي بهم وجه ضمرة وخبريه من هم. وكان لقيط عدواً لضمرة. فانطلقت بهم إلى ضمرة. فقال: ما هؤلاء؟ قالت: بنو أخيك. فانتزع منها الغلمة. وقال: الحقي بأهلك. فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زرارة، وكان رجلا حليماً، حتى أتى بني نهشل فقال: ردوا علي غلمتي. فسبه بنو نهشل واهجروا له. فلما رأى ذلك انصرف فقال له قومه: ما صنعت؟ قال خيراً، ما أحسن ما لقيني به قومي فمكث حولاً ثم أتاهم فأعادوا عليه أسوأ ما كانوا قالوا له. فأنصرف فقال له قومه: ما صنعت؟ قال خيراً، قد أحسن بنو عمي وأجملوا. فمكث بذلك سبع سنين يأتيهم ف يكل سنة فيردونه بأسوأ الرد. فبينما بنو نهشل يسيرون ضحى إذ لحق بهم لاحق فأخبرهم أن زرارة قد مات. فقال ضمرة: يا بني نهشل إنه قد مات حليم أخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم. ثم قال ضمرة لنسائه: قفن أقسم بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان، وامرأة يقال لها خليدة من بني عجل، وسبية من عبد القيس، وسبية من الأزد من بني طمثان. وكان لهن أولاد غير خليدة فقالت لهند، وكانت لها مصافية: ولي الثكل بنت غيرك. ويروى: ولى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسلتها مثلاً. فأخذ ضمرة شقة بن ضمرة وأمه هند، وشهاب بن ضمرة وأمه العبدية، وعنوة ابن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لقيط بن زرارة وقال لهؤلاء رهن لك بغلمك حتى أرضيك منهم. فلما وقع بنو ضمرة في يدي لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم فقال في ذلك ضمرة بن جابر:
صرمت أخاء شقة يوم غول ... وأخوته فلاحت حلالي
كأني إذ رهنت بني قومي ... دفعتهم إلى الصهب السبال
ولم أرهنهم بدم ولكن ... رهنتهم بصلح أو بمال
صرمت أخاء شقة يوم غول ... وحق أخاء شقة بالوصال
فأجابه لقيط:
أبا قطن إني أراك حزيناً ... وأن العجول لا يبال يحنينا
أفي أن صبرتم نصف عام لحقنا ... ونحن صبرنا قبل سبع سنينا
فقال ضمرة:
لعمرك أنني طلاب حبي ... وترك بني في الشرط الأعادي
(1/56)

لمن نوكي الشيوخ وكان مثلي ... إذا ماضل لم ينعش بهاد
ثم أن بني نهشل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم ن لقيط. فقال لهم المنذر: نحوا عني وجوهكم. ثم أمر بخمر وطعام، ودعا لقيطاً، فأكلا وشربا حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل أختارك الليلة على ندامى مضر؟ قال: وما أقول فيه أقول أنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغلمة. قال المنذر: أما إذا استثنيت فلست قابلاً منك شيئاً حتى تعطيني كل شيء سألتك. قال: فذلك لك. قال: فإني أسألك الغلمة أن تهبهم لي. قال: سلني غيرهم. قال: ما أسألك غيرهم. فأرسل لقيط إليهم فدفعهم إلى المنذر. فلما أصبح لقيط، لامه قومه، فندم. فقال في المنذر:
إنك لو غطيت أرجاء هوة ... معمسة لا يستثار ترابها
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني ... لجئت إليها سادراً لا أهابها
فأصبحت موجوداً على ملوماً ... كأن نضيت عن حائض لي ثيابها
قال: فأرسل المنذر إلى الغلمة، وقد مات ضمرة، وكان صديقاً للمنذر. فلما دخل عليه الغلمة، وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه. فلما رآه قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فأرسلها مثلاً. قال شقة أبيت اللغن وأسعدك الهك. أن القوم ليسوا بجزر، يعني الشاء، إنما يعيش الرجل بأصغريه، لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسره كل ما رأة منه. قال: فسماه ضمرة باسم أبيه فهو ضمرة بن ضمرة. وذهب قوله: يعيش الرجل بأصغريه مثلاً. وينشد على هذا:
ظننت به خيراً فقصر دونه ... فيا رب مظنون به الخير يخلف
قلت: وقريب من هذا ما يحكى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيشفيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أسود، فلما أعجبه ظرفه وبيانه قال متمثلاً:
فإن عرارا أن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل ترى من عرار؟ أنا والله عرار ابن عمرو بن شاس الأسدي الشاعر.
تباعدت العمة من الخالة
وذلك أن العمة خير للولد من الخالة. يقال في المثل: أتيت خالاتي فأضحكنني وأفرحنني، وأتيت عماتي فأبكينني وأحزنني. وقد مر هذا في قولهم: أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك. يضرب في التباعد بين الشيئين.
تركته تغنيه الجرادتان
يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودعة. والجرادتان، قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق. وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة، ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل برعنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر. فلما قدموا، نزلوا عليه، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً. وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه، وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يبعثها غماما
فيسقي أرض عاد إن عادا ... قد أمسوا لا يبينون الكلاما
من العطش الشديد فليس ترجو ... لها الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم أيامى
وإن الوحش يأتيهم جهارا ... ولا يخشى لعاديٍّ سهاما
وأنتم ههنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما
فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما
(1/57)

فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم. فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم. فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء. ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، فاختارها. فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا، لا والداً ولا ولداً. قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد. ونودي لقمان: سل. فسأل عمر ثلاثة أنسر غأعطي ذلك. وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت. وكان آخرها لبد وهو الذي يقول فيه النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد
تبشرني بغلام أعيا أبوه
وذلك أن رجلاً بشر بولد ابن له، وكان أبوه يعقه، فقال هذا. قال الشاعر:
ترجوا الوليد وقد أعياك والده ... وما رجاؤك بعد الوالد الولدا
تركته يصرف عليك نابه
يضرب لمن يغتاظ عليك. ومثله: تركته يحرق عليك الأرم.
تعساً لليدين وللفم
كلمة يقولها الشامت بعدوه. يقال: تعس يتعس تعساً، إذا عثر. وأتعسه الله. ولليدين، معناه على اليدين.
تركته يفت اليرمع
يقال للحصا البيض يرمع، وهي حجارة فيها رخاوة يجعل الصبيان منها الخذاريف. يضرب للمغموم المنكسر.
تربت يداك
قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا قل ماله، قد ترب. أي افتقر حتى لصق بالتراب. وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر. ألا تراهم يقولون: لا أرض لك. ولا أم لك. ويعلمون أن له أرضاً وأما. قال المبرد: سمع أعرابي في سنة قحط بمكة يقول:
قد كنت تسقينا فما بدا لكا ... رب العباد ما لنا ومالكا
أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
قال: فسمعه سليمان بن عبد الملك فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد.
تأبى له ذلك بنات ألببي
قالوا: أصل هذا أن رجلاً تزوج امرأة وله أم كبيرة فقالت المرأة للزوج: لا أنا ولا أنت حتى تخرج هذه العجوز عنا. فلما أكثرت عليه احتملها على عنقه ليلاً، ثم أتى بها وادياً كثير السباع، فرمى بها فيه ثم تنكر لها، فمر بها وهي تبكي فقال: ما يبكيك يا عجوز؟ قالت: طرحني ابني ههنا وذهب، وأنا أخاف أن يفترسه الأسد. فقال لها: تبكين له وقد فعل بك ما فعل هلا تدعين عليه قالت: تأبى له ذلك بنات ألببي. قالوا: بنات ألبب عروق في القلب تكون منها الرقة. قال الكميت:
إليكم ذوي آل النبي تطلعت ... نوازع من قلبي ظلماء وألبب
اتقي بسحله سمرة
أصل ذلك أن رجلاً أراد أن يضرب غلاماً له، يسمى سمرة، فسلح الغلام فترك سيده ضربه، فضرب به المثل.
اتق الصبيان لا تصبك بأعقائها
الأعقاء، جمع العقي وهو ما يخرج من بطن المولود حين يولد. يضرب للرجل تحذره من تركه له مصاحبته. أي جانب المريب المتهم.
اتق خيرها بشرها وشرها بخيرها
الهاء، ترجع إلى اللقطة والضلة يجدها الرجل يقول دع خيرها بسبب شرها الذي يعقبها، وقابل شرها بخيرها تجد شرها زائداً على الخير. وهذا حديث. ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما.
تركته يقاس بالجذاع
يضرب للرجل المسن. أي هو شاب في عقله وجسمه.
تقفز الجعثن بي يا مر زدها قعباً
الجعثن، أصل الصليان. ومر، ترخيم مرة وهو اسم لغلامه. وذلك أن رجلاً كان له فرس وكان يصبحها قعباً ويغبقها قعبا. فلما رآها تقفز الجذامير، وهي أصول الشجر. قال لغلامه: يا مر زدها قعباً. يضرب لمن يستحق أكثر مما يعطي.
تقديم الحرم من النعم
يعنون البنات. وهذا كقولهم: دفن البنات من المكرمات.
أتبع الفرس لجامها والناقة زمامها
(1/58)


ليست هناك تعليقات: