الشهور والفصول في الأمثال الشعبية السورية
في كتابها المرجعي تقول الباحثة جمانة طه /يمكن لأي باحث اجتماعي أن يتوصل إلى طبيعة المعيشة في المجتمع بعد دراسة أمثاله الشعبية التي تساعد على استخلاص واستكناه تلك المعارف الشعبية والتاريخية.. فالمثل الشعبي وكما يقول الدكتور خالد صناديقي في كتابه /المثل والكلام في حديث أهل الشام/ بأنه صور كاريكاتورية لحالة اجتماعية أو لسلوك إنساني خاص استحق الاهتمام والتصوير وقد صور لنا المثل الإنساني الشامي في حكمته وجنونه، وفي سماحته وحقده، وفي تبذيره واقتصاده، وفي انفتاحه وتعصبه في مختلف مجتمعاته وأدوار حياته ولعل من أحسن الأدلة على اتفاق العرب في الصفات الجوهرية من المحيط إلى الخليج، أن الأمثال عندهم تكاد تكون واحدة، وقد تكون نبعت من موقف واحد.
وفي الواقع أنه لم يتم الاعتناء بالأمثال إلا في العصر العباسي، عصر إزدهار العلوم وتمازج الثقافات، وقد نبهت هذه النهضة الحضارية بعض اللغويين والأدباء إلى ضرورة حفظ التراث المثلي والحكمي الذي يمثل الهوية القومية لأية أمة.
وأقدم كتاب وصل غلينا في الأمثال هو كتاب /المفضل بن محمد الضبي ت 168هـ/ وكتاب الأمثال للمؤرخ /السدوسي ت 195هـ/وفي مطلع القرن العشرين نشأ في الرب أدب يسمى /أدب الفولكلور/ يعنى بجمع التراث والمأثور ودراستهما، ومن جديد رأوا في الأمثال الشعبية مرجعاً أساسياً للتعرف على هوية المجتمع، أي مجتمع، ومكوناته.
وهكذا بدأت الرجعة بلا ارتداد، وصار ابن البلد خلافاً للمثل الغربي يقول: /أتمنى أن أكون الثاني في ضيعتي، ولا الأول في روما/ فالذي لا يكون ابن قريته أو محلته أو مدينته، لا يمكن أن يصل إلى العالمية فكيف نعرف الأمثال:
إنها أقوال لها مكانة أدبية رفيعة لدى كل الشعوب والأمم باعتبار أنها تمثل حكمتها وخلاصة تجاربها. والأمة العربية أمة أمثال قديماً وحديثاً. وإذا كان الشعر هو ديوان العرب، فالأمثال تأتي بعده في الأهمية. يدل على هذا أن العلماء الذين دونوا الأدب الجاهلي في العصور الإسلامية جعلوا من بين اهتماماتهم جمع الأمثال وتدوينها وممن اهتم بذلك: عبيد بن شربة /ت نحو 67هـ، 186م/ في العصر الأموي، والميداني /ت 518هـ، 1124م/ الذي الف أشهر كتاب في هذا الموضع، وهو كتابه المسمى مجمع الأمثال. والمثل، مفرد الأمثال، يدل في اللغة على منى المثل والنظير. أما في الاصطلاح الأدبي، فهو: قول موجز عن سائر صائب المعنى تشبه به حالة لاحقة بحالة سابقة وهو، بهذا المعنى، جنس أدبي قائم بذاته، كالشعر والخطابة والقصة وللمثل مضرب ومورد، فضرب المثل يعني إطلاقه أو استخدامه في الحالات اليومية المتجددة التي تشبه الحالة الأولى. ويشبه مورد المثل الحالة الأصلية التي قيل فيها ابتداءً.
وليس من الضروري أن يكون لكل مثل مورد أو قصة كما يعتقد بعض الناس. فهناك أمثال كثيرة لا ترتبط بحادثة معينة، مثل تلك المأخوذة من أبيات الشعر صدراً أو عجزاً، أو في أصلها حكم، أو التي على وزن /أفعل من../
أنواع الأمثال العربية:
المثل الموجز: وهو الذي ينطبق عليه التعريف السابق وهو أول ما يتبادر إلى الذهن عند إطلاق لفظة المثل ويدخل فيه الحكم الموجز التي شاعت حتى أصبحت أمثالاً مثل السر أمانة /العود أحمد/ وقد أعذر من أنذر/ كما يدخل فيه أبيات الحكم كقول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
وقول الآخر:
المستجير بعمر وعند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار
ويدخل في هذا النوع أيضاً الأمثال التي علة وزن /أفعل من../ كقولهم: أجود من حاتم /ابلغ من سحبان/ أعيا من باقل.
المثل القياسي: وهو ذلك السرد الوصفي الذي يستهدف توضيح فكرة أو البرهنة عليها عن طريق التشبيه أو التمثيل. وهذا النوع يكاد يكون معدوماً في مدونات الأمثال العربية القديمة، ولكنه موجود بكثرة في القرآن الكريم كقوله: /مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة/ البقرة 261.
المثل الخرافي: هو تلك الكلمات الموجزة السائدة التي أجراها العرب على ألسنة الحيوان أو ينوها على قصص خرافية نسجوها حوله، ومنها قول الضب حين احتكم إليه الأرنب والثعلب حول ثمرة /في بيته يؤتى الحكم/. الموسوعة الدينية العلمية الجزء 2 ص 676.
أبخل من منو الشتا حيث الناس في الشتاء يتطلبون الدفء.. ويقولون أن النار فاكهة الشتاء.. فهم يريدون منها حرارة أكثر من المعتاد.. ولكنها لا تعطيهم غلا المعتاد.. وقد لا تعطيهم في بعض الاحيان غلا أقل من المعتاد بسبب رطوبة الحطب.. أو برودة الجو الشديد، التي تذهب بكثير من الحرارة./وهذا يضرب مثلاً لمن تريد منه الكثير فلا يعطيك غلا القليل/ ص 26.
- أبرد من كانون في أيام الشتا: /يضرب هذا مثلاً للكلام الذي لا معنى له. أو للتصرف الممقوت/.
- أطول من ليل الشتا وهذا المثل يضرب للشيء الطويل الممل الذي يجب أن يتحمله الإنسان بالرضا أو بالكره.
- برد الصيف توقه وبرد الصيف تلقه.
- ص 458 جمانة طه /موسوعة الأمثال الشعبية العربية/ فإلى الله تعالى /إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً/ سورة الأعراف 32/ .
لم نغفل البيئة العربية شأن الطبيعة وتقلباتها، بل خصتها باهتمام ودراية، ومنحت فصولها وشهورها القاباً وأمثالاً وعبارات طريفة ما زالت متداولة ومحببة إلى نفوس الناس يستعيدونها في مناسباتهم. فمن ذلك:
- الصيف كيف.
- الشتا شدة.
- الربيع ينبوع.
- الدفا عفا والبرد جنون.
وبحسب التقويم الشرقي الذي كان متبعاً، يقسم الشتاء إلى قسمين: المربعانية وهي أربعون يوماً والخمسينية وهي خمسون.
فالمربعانية تبدأ في 21 كانون الأول وتنتهي في نهاية كانون الثاني ومن المعروف أن درجات الحرارة تتدنى كثيراً في هذه الفترة وينصحون بالبقاء في المنزل.
- بين كانون وكانون عند صاحبك لا تكون.
- في كانون كن بيتك وكتر خبزك وزيتك.
أما الخمسينية فتعلن عن نفسها برياح باردة، وتصبح:
- الدروة احسن من فروة.
وتبدأ هذه المرحلة مع شهر شباط.
- شباط حلف ما يخلي غسيل برا/ ومنه إشارة إلى كثرة الأخطار والهواء/.
- شباط اللباط.
- شباط إذا شبط ولبط روايح الصيف فيه/ بمعنى أنه مهما اشتد برده، فأواخره تؤذن ببشائر الربيع/.
- الصيت لشباط والفعل لآذار.
- آذار يقول لشباط: ثلاثة منك وأربعة مني، تخلي دولاب العجوز يغني /بمعنى أنها تنشط/ فيجيبه شباط: يابن عمي أربعة منك وثلاثة مني تخلي العجوز تشعل دولابها وتقضي حاجتها ورا بابها.
-هوا الخمسان يشقق القمصان.
- الدنيا بآذارها مثل العروس بدارها.
- عمك آذار أبو الزدايع والأمطار.
- خبي فحماتك الكبار لعمك آذار.
- بآذار تمشي السيول من تحت الأحجار.
- بآذار يعشعش الدوري وتورق الأشجار.
- مية آذار يحيي الزرع والأشجار.
- في عشرين آذار يتساوى الليل مع النهار.
- إن أقبلت آذار وراها وإن أمحلت آذار وراها. /وفيه غشارة إلى هطول الأمطار أو انحباسها/
وغالباً ما يكون الجو في شهر نيسان بارداً على الرغم من أنه يحمل الربيع على راحتيه.
- عقارب نيسان /إشارة إلى الهواء البارد الذي يلسع الوجوه كالعقارب/.
- مطرة نيسان تحيي الإنسان.
- مية نيسان تحيي السكة والفدان. /إشارة إلى فائدتها الزراعية/
وللحياة أيضاً نصيب في أمثال الطبيعة. فهي تقول: شمس شباط لكنتي، وشمس آذار لأختي وشمس نيسان غلي ولبنتي.ويبدا شهر أيار، وتبقى آثار البرودة:
- برد أيار يخرب الديار.
- المطرة بأيار تمون الفلاح وبقراته وتجوز أولاده ونباته.
- بأيار اقعد بين الورد واتذكر ليالي البرد.
- إذا صارت ورقة التين قد رجل البطة نام ولا تتغطى.
- في أيار ارم الخس للحمار.
ويبدأ الصيف ويبدأ الحر.
- حر الصيف أحد من السيف. ولكن أيامه حلوة سلسة.
- حصيرة الصيف واسعة.
حزيران شهر البسط والكيف. أوله ربيع وآخره صيف بحزيران ينزل المشمش ويكبر الرمان.
- حزيران الهادي /كثير الهوا/.
- تموز الشادي /شديد الحرارة/.
- بتموز تغلي المية في الكوز.
- آب اللهاب خلص آب الصيف عاب /انتهى/.
وعن العشرة الأولى من شهر آب يقولون:
- عشر من آب يبس المسمار بالباب /لشدة جفافه/
وعن العشر الثاني: عشرة من آب تنقل الأعناب وتكثر الإرطاب /أي التمور/
وفي العشر الثالث: عشرة من آب افتح للشتا باب.
ويطل علينا فصل الخريف في الثاني والعشرين من أيلول، ويتغير الجو وتختلف نواميس الطبيعة.
- ايلول ذنبه مبلول.
- وبعد رطوبة الجو ولطافته، تعود الحرارة إلى الارتفاع قليلاً خلال شهري تشرين:
- بين تشرين وتشرين صيف ثاني.
- اللي ما شبع عنب وتين يشبع من مية تشرين.
لكن على الإنسان ألا يثق بالطقس، والوقاية خير من العلاج لأن:
- برد تشارين يهز المصارين /أي الأمعاء/.
- أبخل من ضو الشتا.
- أبرد من برد كوانين.
في الجزيرة العربية /أبرد من الكانون في أيام الشتا/.
- أبرد من طينة الشتا /فلان ثقيل طينة / في الجزيرة العربية
- عش رجباً ترى عجباً اما في الجزيرة العربية/ عش تشوف /.
- في الصيف حريق وفي الشتا غريق.
- ما عم يبكي على رمضان، يبكي على أكلاته.
- هالشتوية ورثت هالوحلة.
- ما يعجبه العجب ولا الصيام برجب والميداني يقول: 1/485/ العجب كل العجب بين جمادى ورجب/.
- مثل ليالي الشتا طويلة وباردة / للدلالة على الثقل والغلاظة.
- مثل لحاف الشتا طويل وثقيل / لضرورة احتمال بعض الثقلاء.
وبقي أن تعرف ما هو الفرق بين المثل والحكمة التي قال عنها الفقهاء اللغويين أنها أي الحكمة على وزن فعلة. والحكمة هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها، حكم والفرق بين المثل والحكمة/ وقد يتجاوزها أحياناً بعمقه ومدلوله. فهو يعبر في ظاهره عن مرحلة زمنية وتاريخية معينة وفي باطنه يحمل روح الردع والاحتجاج والتوعية.
ويصدر عن أي فرد في المجتمع. نتيجة موقف محدد أو معاناة فردية، يعتمد على التشبيه والتصوير.
أما الحكمة فهي عامة في الأقوال والأفعال، وتولد عن تفكر وتبص في شؤون الحياة، لمحاولة كشف أسرارها,. وغالباً يكون قائلها معروفاً في محيطه، ويتمتع بقدر من الفصاحة والعلم والحكمة والفلسفة. وتحمل الحكمة رسالة التنبيه والتوجيه والإعلام.
يتشابه المثل والحكمة، من حيث الإنجاز والتكثيف المحكم في العبارة فقد تتجاوز الحكمة هذا الإيجاز فيطول أسلوبها قليلاً. (ص34 جمانة)
ليبقى المثل في عمومه يعكس صورة المجتمع وأوضاعه وأحواله. يعكس تاريخ الامة. تقاليدها وعاداتها وسلوكياتها وأخلاقها يتناقله العامة والخاصة من الناس، له الدور الأكبر في التعبير عما في مكنون النفس..
ويبقى السؤال: هل سيحفظ أبناء الجيل الذي اختلفت طباعه وعاداته وسلوكيته يحكم التطور والاختلاف الحضاري والمعيشي أم أن الأمثال لها سريان الشعوب واستمرار الحياة.. وهذا ما وددنا الإجابة عليه من مقالتنا هذه ونسأل الله التوفيق.
في كتابها المرجعي تقول الباحثة جمانة طه /يمكن لأي باحث اجتماعي أن يتوصل إلى طبيعة المعيشة في المجتمع بعد دراسة أمثاله الشعبية التي تساعد على استخلاص واستكناه تلك المعارف الشعبية والتاريخية.. فالمثل الشعبي وكما يقول الدكتور خالد صناديقي في كتابه /المثل والكلام في حديث أهل الشام/ بأنه صور كاريكاتورية لحالة اجتماعية أو لسلوك إنساني خاص استحق الاهتمام والتصوير وقد صور لنا المثل الإنساني الشامي في حكمته وجنونه، وفي سماحته وحقده، وفي تبذيره واقتصاده، وفي انفتاحه وتعصبه في مختلف مجتمعاته وأدوار حياته ولعل من أحسن الأدلة على اتفاق العرب في الصفات الجوهرية من المحيط إلى الخليج، أن الأمثال عندهم تكاد تكون واحدة، وقد تكون نبعت من موقف واحد.
وفي الواقع أنه لم يتم الاعتناء بالأمثال إلا في العصر العباسي، عصر إزدهار العلوم وتمازج الثقافات، وقد نبهت هذه النهضة الحضارية بعض اللغويين والأدباء إلى ضرورة حفظ التراث المثلي والحكمي الذي يمثل الهوية القومية لأية أمة.
وأقدم كتاب وصل غلينا في الأمثال هو كتاب /المفضل بن محمد الضبي ت 168هـ/ وكتاب الأمثال للمؤرخ /السدوسي ت 195هـ/وفي مطلع القرن العشرين نشأ في الرب أدب يسمى /أدب الفولكلور/ يعنى بجمع التراث والمأثور ودراستهما، ومن جديد رأوا في الأمثال الشعبية مرجعاً أساسياً للتعرف على هوية المجتمع، أي مجتمع، ومكوناته.
وهكذا بدأت الرجعة بلا ارتداد، وصار ابن البلد خلافاً للمثل الغربي يقول: /أتمنى أن أكون الثاني في ضيعتي، ولا الأول في روما/ فالذي لا يكون ابن قريته أو محلته أو مدينته، لا يمكن أن يصل إلى العالمية فكيف نعرف الأمثال:
إنها أقوال لها مكانة أدبية رفيعة لدى كل الشعوب والأمم باعتبار أنها تمثل حكمتها وخلاصة تجاربها. والأمة العربية أمة أمثال قديماً وحديثاً. وإذا كان الشعر هو ديوان العرب، فالأمثال تأتي بعده في الأهمية. يدل على هذا أن العلماء الذين دونوا الأدب الجاهلي في العصور الإسلامية جعلوا من بين اهتماماتهم جمع الأمثال وتدوينها وممن اهتم بذلك: عبيد بن شربة /ت نحو 67هـ، 186م/ في العصر الأموي، والميداني /ت 518هـ، 1124م/ الذي الف أشهر كتاب في هذا الموضع، وهو كتابه المسمى مجمع الأمثال. والمثل، مفرد الأمثال، يدل في اللغة على منى المثل والنظير. أما في الاصطلاح الأدبي، فهو: قول موجز عن سائر صائب المعنى تشبه به حالة لاحقة بحالة سابقة وهو، بهذا المعنى، جنس أدبي قائم بذاته، كالشعر والخطابة والقصة وللمثل مضرب ومورد، فضرب المثل يعني إطلاقه أو استخدامه في الحالات اليومية المتجددة التي تشبه الحالة الأولى. ويشبه مورد المثل الحالة الأصلية التي قيل فيها ابتداءً.
وليس من الضروري أن يكون لكل مثل مورد أو قصة كما يعتقد بعض الناس. فهناك أمثال كثيرة لا ترتبط بحادثة معينة، مثل تلك المأخوذة من أبيات الشعر صدراً أو عجزاً، أو في أصلها حكم، أو التي على وزن /أفعل من../
أنواع الأمثال العربية:
المثل الموجز: وهو الذي ينطبق عليه التعريف السابق وهو أول ما يتبادر إلى الذهن عند إطلاق لفظة المثل ويدخل فيه الحكم الموجز التي شاعت حتى أصبحت أمثالاً مثل السر أمانة /العود أحمد/ وقد أعذر من أنذر/ كما يدخل فيه أبيات الحكم كقول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
وقول الآخر:
المستجير بعمر وعند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار
ويدخل في هذا النوع أيضاً الأمثال التي علة وزن /أفعل من../ كقولهم: أجود من حاتم /ابلغ من سحبان/ أعيا من باقل.
المثل القياسي: وهو ذلك السرد الوصفي الذي يستهدف توضيح فكرة أو البرهنة عليها عن طريق التشبيه أو التمثيل. وهذا النوع يكاد يكون معدوماً في مدونات الأمثال العربية القديمة، ولكنه موجود بكثرة في القرآن الكريم كقوله: /مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة/ البقرة 261.
المثل الخرافي: هو تلك الكلمات الموجزة السائدة التي أجراها العرب على ألسنة الحيوان أو ينوها على قصص خرافية نسجوها حوله، ومنها قول الضب حين احتكم إليه الأرنب والثعلب حول ثمرة /في بيته يؤتى الحكم/. الموسوعة الدينية العلمية الجزء 2 ص 676.
أبخل من منو الشتا حيث الناس في الشتاء يتطلبون الدفء.. ويقولون أن النار فاكهة الشتاء.. فهم يريدون منها حرارة أكثر من المعتاد.. ولكنها لا تعطيهم غلا المعتاد.. وقد لا تعطيهم في بعض الاحيان غلا أقل من المعتاد بسبب رطوبة الحطب.. أو برودة الجو الشديد، التي تذهب بكثير من الحرارة./وهذا يضرب مثلاً لمن تريد منه الكثير فلا يعطيك غلا القليل/ ص 26.
- أبرد من كانون في أيام الشتا: /يضرب هذا مثلاً للكلام الذي لا معنى له. أو للتصرف الممقوت/.
- أطول من ليل الشتا وهذا المثل يضرب للشيء الطويل الممل الذي يجب أن يتحمله الإنسان بالرضا أو بالكره.
- برد الصيف توقه وبرد الصيف تلقه.
- ص 458 جمانة طه /موسوعة الأمثال الشعبية العربية/ فإلى الله تعالى /إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً/ سورة الأعراف 32/ .
لم نغفل البيئة العربية شأن الطبيعة وتقلباتها، بل خصتها باهتمام ودراية، ومنحت فصولها وشهورها القاباً وأمثالاً وعبارات طريفة ما زالت متداولة ومحببة إلى نفوس الناس يستعيدونها في مناسباتهم. فمن ذلك:
- الصيف كيف.
- الشتا شدة.
- الربيع ينبوع.
- الدفا عفا والبرد جنون.
وبحسب التقويم الشرقي الذي كان متبعاً، يقسم الشتاء إلى قسمين: المربعانية وهي أربعون يوماً والخمسينية وهي خمسون.
فالمربعانية تبدأ في 21 كانون الأول وتنتهي في نهاية كانون الثاني ومن المعروف أن درجات الحرارة تتدنى كثيراً في هذه الفترة وينصحون بالبقاء في المنزل.
- بين كانون وكانون عند صاحبك لا تكون.
- في كانون كن بيتك وكتر خبزك وزيتك.
أما الخمسينية فتعلن عن نفسها برياح باردة، وتصبح:
- الدروة احسن من فروة.
وتبدأ هذه المرحلة مع شهر شباط.
- شباط حلف ما يخلي غسيل برا/ ومنه إشارة إلى كثرة الأخطار والهواء/.
- شباط اللباط.
- شباط إذا شبط ولبط روايح الصيف فيه/ بمعنى أنه مهما اشتد برده، فأواخره تؤذن ببشائر الربيع/.
- الصيت لشباط والفعل لآذار.
- آذار يقول لشباط: ثلاثة منك وأربعة مني، تخلي دولاب العجوز يغني /بمعنى أنها تنشط/ فيجيبه شباط: يابن عمي أربعة منك وثلاثة مني تخلي العجوز تشعل دولابها وتقضي حاجتها ورا بابها.
-هوا الخمسان يشقق القمصان.
- الدنيا بآذارها مثل العروس بدارها.
- عمك آذار أبو الزدايع والأمطار.
- خبي فحماتك الكبار لعمك آذار.
- بآذار تمشي السيول من تحت الأحجار.
- بآذار يعشعش الدوري وتورق الأشجار.
- مية آذار يحيي الزرع والأشجار.
- في عشرين آذار يتساوى الليل مع النهار.
- إن أقبلت آذار وراها وإن أمحلت آذار وراها. /وفيه غشارة إلى هطول الأمطار أو انحباسها/
وغالباً ما يكون الجو في شهر نيسان بارداً على الرغم من أنه يحمل الربيع على راحتيه.
- عقارب نيسان /إشارة إلى الهواء البارد الذي يلسع الوجوه كالعقارب/.
- مطرة نيسان تحيي الإنسان.
- مية نيسان تحيي السكة والفدان. /إشارة إلى فائدتها الزراعية/
وللحياة أيضاً نصيب في أمثال الطبيعة. فهي تقول: شمس شباط لكنتي، وشمس آذار لأختي وشمس نيسان غلي ولبنتي.ويبدا شهر أيار، وتبقى آثار البرودة:
- برد أيار يخرب الديار.
- المطرة بأيار تمون الفلاح وبقراته وتجوز أولاده ونباته.
- بأيار اقعد بين الورد واتذكر ليالي البرد.
- إذا صارت ورقة التين قد رجل البطة نام ولا تتغطى.
- في أيار ارم الخس للحمار.
ويبدأ الصيف ويبدأ الحر.
- حر الصيف أحد من السيف. ولكن أيامه حلوة سلسة.
- حصيرة الصيف واسعة.
حزيران شهر البسط والكيف. أوله ربيع وآخره صيف بحزيران ينزل المشمش ويكبر الرمان.
- حزيران الهادي /كثير الهوا/.
- تموز الشادي /شديد الحرارة/.
- بتموز تغلي المية في الكوز.
- آب اللهاب خلص آب الصيف عاب /انتهى/.
وعن العشرة الأولى من شهر آب يقولون:
- عشر من آب يبس المسمار بالباب /لشدة جفافه/
وعن العشر الثاني: عشرة من آب تنقل الأعناب وتكثر الإرطاب /أي التمور/
وفي العشر الثالث: عشرة من آب افتح للشتا باب.
ويطل علينا فصل الخريف في الثاني والعشرين من أيلول، ويتغير الجو وتختلف نواميس الطبيعة.
- ايلول ذنبه مبلول.
- وبعد رطوبة الجو ولطافته، تعود الحرارة إلى الارتفاع قليلاً خلال شهري تشرين:
- بين تشرين وتشرين صيف ثاني.
- اللي ما شبع عنب وتين يشبع من مية تشرين.
لكن على الإنسان ألا يثق بالطقس، والوقاية خير من العلاج لأن:
- برد تشارين يهز المصارين /أي الأمعاء/.
- أبخل من ضو الشتا.
- أبرد من برد كوانين.
في الجزيرة العربية /أبرد من الكانون في أيام الشتا/.
- أبرد من طينة الشتا /فلان ثقيل طينة / في الجزيرة العربية
- عش رجباً ترى عجباً اما في الجزيرة العربية/ عش تشوف /.
- في الصيف حريق وفي الشتا غريق.
- ما عم يبكي على رمضان، يبكي على أكلاته.
- هالشتوية ورثت هالوحلة.
- ما يعجبه العجب ولا الصيام برجب والميداني يقول: 1/485/ العجب كل العجب بين جمادى ورجب/.
- مثل ليالي الشتا طويلة وباردة / للدلالة على الثقل والغلاظة.
- مثل لحاف الشتا طويل وثقيل / لضرورة احتمال بعض الثقلاء.
وبقي أن تعرف ما هو الفرق بين المثل والحكمة التي قال عنها الفقهاء اللغويين أنها أي الحكمة على وزن فعلة. والحكمة هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها، حكم والفرق بين المثل والحكمة/ وقد يتجاوزها أحياناً بعمقه ومدلوله. فهو يعبر في ظاهره عن مرحلة زمنية وتاريخية معينة وفي باطنه يحمل روح الردع والاحتجاج والتوعية.
ويصدر عن أي فرد في المجتمع. نتيجة موقف محدد أو معاناة فردية، يعتمد على التشبيه والتصوير.
أما الحكمة فهي عامة في الأقوال والأفعال، وتولد عن تفكر وتبص في شؤون الحياة، لمحاولة كشف أسرارها,. وغالباً يكون قائلها معروفاً في محيطه، ويتمتع بقدر من الفصاحة والعلم والحكمة والفلسفة. وتحمل الحكمة رسالة التنبيه والتوجيه والإعلام.
يتشابه المثل والحكمة، من حيث الإنجاز والتكثيف المحكم في العبارة فقد تتجاوز الحكمة هذا الإيجاز فيطول أسلوبها قليلاً. (ص34 جمانة)
ليبقى المثل في عمومه يعكس صورة المجتمع وأوضاعه وأحواله. يعكس تاريخ الامة. تقاليدها وعاداتها وسلوكياتها وأخلاقها يتناقله العامة والخاصة من الناس، له الدور الأكبر في التعبير عما في مكنون النفس..
ويبقى السؤال: هل سيحفظ أبناء الجيل الذي اختلفت طباعه وعاداته وسلوكيته يحكم التطور والاختلاف الحضاري والمعيشي أم أن الأمثال لها سريان الشعوب واستمرار الحياة.. وهذا ما وددنا الإجابة عليه من مقالتنا هذه ونسأل الله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق