google.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0 حكم أمثال أقوال قصص: الأمثال الشعبية.. وثيقة تاريخية لحكمة العرب oogle.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 يوليو 2018

الأمثال الشعبية.. وثيقة تاريخية لحكمة العرب

الأمثال الشعبية.. وثيقة تاريخية لحكمة العرب

السبت، 17 فبراير 2018( 11:07 ص - بتوقيت UTC )

الموروث الشعبي غير المادي ينقسم إلى أربعة أشكال لا خامس لها. أولها، المثل الشعبي، وثانيها، الحكاية الشعبية وما يندرج تحتها من سير وملاحم، وثالثها ورابعها، الأغنية والحرز (الفزورة) على التوالي.
ليست مصادفة أن يبدأ الأكاديميون العرب مؤلفاتهم أو أحاديثهم عن هذا الموروث، بالمثل. ربما لأنه أكثر الأشكال اختزالاً، حيث أنه ببضع كلمات يمكن تلخيص كم كبير من التجارب والخبرات العميقة. ربما أيضًا لأنه الأسهل تداولاً وتناقلاً جيلاً وراء جيل، شفاهًا أو كتابةً. وربما لأنه قاسم مشترك في التراث الشعبي للشعوب عمومًا، لا يتفرد به شعب عن آخر. ربما لأنه "حكمة العرب" كما ذهب أبو الفضل النيسابوري، المعروف بالميداني، في بداية كتابه الأشهر "مجمع الأمثال"، المرجع الأول للأمثال الشعبية العربية.

حكمة الشعوب
ما قاله النيسابوري الذي عاش في القرن الخامس الهجري، أي قبل نحو تسعة قرون كاملة، صالح إلى الآن، فيقول عبدالقادر شرشار في دراسته الحديثة "المثل الشعبي وانعكاساته على ثقافة المجتمع" إن المثل فن يُصاغ انطلاقًا من تجارب وخبرات، ويحمل تراث أجيال متلاحقة، كما يعمل على توحيد الوجدان والطبائع والعادات، ولذلك يعده البعض "حكمة الشعوب"، وينبوعه الذي لا ينضب، بل ويُنظر إليه باعتباره وثيقة تاريخية واجتماعية تجريبية.
المثل قد يكون حكاية حدثت بالفعل. فيُطلق مثل "عاد بخفي حنين" على كل من عاد من مهمة ما خائبًا. وحكاية المثل قصة شعبية روتها كتب التاريخ العربية، وكان بطلها عراقي صانع أحذية يُدعى حنين، جاء إلى حانوته، أعرابيٌ، فأرهقه في الحديث عن النعال والأحذية وأسعارها وجودتها ما تسبب في ضياع الزبائن منه، وذهب ولم يشتر شيئًا، فاشتاط حنين غيظًا من الأعرابي، فقرر الانتقام منه، وبالفعل لحق به وسلك طريقا أسرع ليصبح أمامه. وضع حنين أحد خفين كان يريدها الأعرابي على الطريق، ومشى مسافة أمتار أخرى، ووضع الخف الثاني. فوجد الأعرابي الخف الأول، وقال لنفسه "ما أشبه هذا بخفي حنين، لو أني وجدت الاثنين معا لأخذتهما، لكن هذا خف واحد" وتركه وأكمل طريقه، وبعد مسافة وجد الخف الآخر، قال "كأنه هذا الخف الثاني من خفي حنين"، فأخذه وعاد إلى الخف الأول وترك بعيره المحمل بنتاج تجارته، فاستولى عليها حنين، وعاد الأعرابي لأهله بخفي حنين.
صون التراث
نشأة المثل الشعبي ليست واضحة تاريخيًا تمامًا، فليس هناك من يُجزم بأمر في تاريخ نشأته ومكانه، والأرجح أن يكون نشوء المثل قد ترافق مع ذيوع الكتابة. وقد تحدث الباحثون عن تنوع مصادره، فبعضها تفرزه حكاية شعبية أو نكتة لا يعرف قائلها، وبعضها الآخر مقتبس عن الفصحى مع ما يصحب هذا الاقتباس من تحريف وتصحيف وتعديل.
وتعتبر الأمثال الشعبية عنصرًا حيويًا من عناصر الموروث غير المادي، تقوم على ما تنتجه جماعة لغوية في ظروف تاريخية وجغرافية معينة، وحرصًا على الحفاظ على هذا الموروث تسعى المؤسسات العلمية المتخصصة إلى خلق قنوات للتواصل فيما بينها بقصد تجميع وصيانة هذا الموروث، وقد أوصت هيئة اليونسكو عام 1989 بتبني هذه المبادرة والعمل على مساعدة الجهات المختصة للقيام بما من شأنه أن يصون هذا الموروث ويحافظ عليه.
وعلى ذلك فإن المثل مادة "مرنة"، تتعرض كلماتها للحذف وللإضافة، وربما للنسف وإعادة التشكيل، وفقًا لثقافة الشعوب التي تتداولها، وهو ما يشير إلى أن أمر البقاء أو الاندثار، يتوقف على استخدام المثل وقدرة تطويعه للحادث المستخدم فيه.
وتعتبر أشهر محاولتين لجمع الأمثال الشعبية العربية حدثت في مصر والعراق، وخاصة في كتاب العلامة أحمد تيمور باشا "الأمثال العامية"، وكذلك كتاب الشيخ جلال الحنفي وكيل جامع الخلفاء ببغداد "جمهرة الأمثال البغدادية"، وفي هاتين المحاولتين جمع الباحثان باقة شاملة من الأمثال المتداولة على ألسنة الأهالي على مرّ العصور، والتي تفصح في الكثير من معانيها عن الحالة الاجتماعية للمجتمع المصري والعراقي، بل وتظهر حكايات أخرجت من قاع المدن والقرى.
المثل والحكمة
تطابق اللفظتين (المثل والحكمة) به نوع من الاستسهال، إذ يختلف المثل في التعريف عن الحكمة أو كما يسميها البعض "الموعظة"، فكما يقول محمد توفيق أبو علي في كتابه "الأمثال العربية والعصر الجاهلي - دراسة تحليلة" إن المثل فيه الحقيقة الناتجة عن تجربة، تلك التي نعتبرها أُمًا لجميع أنواع المعرفة، أما الحكمة فهي تحديد شرط سلوكي وقيمة أخلاقية، وقد تصدر عن رؤية حدسية دون تجريب واقعي.
ويضيف "إن في المثل عمقًا خاصا لا تدركه الحكمة، مع أن كليهما من جوامع الكلم، إلا أن الحكمة تفيد معنى واحدًا بينما يفيد المثل معنيين؛ ظاهرا وباطنا، أما الظاهر فهو ما يحمله من إشارة تاريخية إلى حادث معين كان سبب ظهوره، وأما الباطن فهو ما يفيد معناه من حكمة وإرشاد وتشبيه وتصوير".

ليست هناك تعليقات: