"يا عم ده حتى طباخ السم بيدوقه " مثل شعبي قديم اخترعه المصريين للدلالة على ان الجزاء من جنس العمل وكل ما فعلته سيرد لك مرة أخرى او كما نقول " كما تدين تدان" بالتأكيد سمعته في حياتك ولو لمره واحدة ربما في مشهد من فيلم قديم عندما توفى ابن تاجر المخدرات بجرعة زائدة من المخدرات التي يتاجر بها والده او من عجوز تلقى بالأمثال الشعبية في أي موقف يمرعليها اومن صديق خلال موقف مشابه لمعنى المثل مر عليكما او حتى كانت استهلاله افتتاحية في بداية احد البرامج التليفزيونية او المقالات النقدية التي كان يسرد فيها الإعلامي قصه الشخص الذى حاول تفجير احد الأماكن فقتل بنفس الرصاص الذى استخدمه او أي موقف كان .
ربما قرأت \ سمعت الجملة في البداية ومرت عليك مرور الكرام ولم تهتم بها فقط اكتفيت بهز رأسك ثم عدت لتكمله حديثك مره أخرى او ربما كنت تعرف معنى القول مسبقا واكتفيت أيضا بموافقه الشخص برأيه وتحيته على وجهه نظره السديدة , الحقيقة انى قرأت المثل لأول مره اثناء كتابه احد الحلقات الاذاعية عن معنى الامثال الشعبية خلال فتره الجامعة ولم اعره أي انتباه يذكر فقط قرأته ثم عدت لتكملة أعمالي مرة أخرى حتى قرأت مقال منذ فتره قصيره عن مارك زوكربيرج مؤسس موقع الفيس بوك عن تخصيص وقته للقراءة وإدارة اعماله وتكليف فريق كامل لمتابعه حسابه على موقع الفيس بوك ونشر الصور الخاصة به وتحديث حالته ونشره غيره من التحديثات الخاصة به .
مؤسس موقع الفيس بوك الذى نقضى امام شاشته عدد كبير من الساعات يصل الى حد الإدمان لا يدمنه هو بل حتى لا يضيع وقته في تصفحه الا قليلا بينما نحن نفعل عكس ما يفعل تماما , القصة هنا ليس في مارك وحده انما الامر جعلني افكر في كل طباخين السم حولنا وهل يتذوقوه فعلا مثلما نفعل ام انهم يعرفون جيدا خطره وتأثيره فيمتنعون عنه ولا يرتشفون حتى جرعات صغيره منه ؟
مارك مثله مثل باقي مخترعين اغلب وسائل التواصل الاجتماعي الذين وضعوا لنا مصيده بدأت بقطعه جبن صغيره اعجبنا طعمها في البداية ثم وقعنا في حبها ثم ادمناها في البداية ووقعنا في اسر تلك المصيدة ولم نعرف طريق الخروج منها يوما , دائما أيضا ما افكر في مخترع الفاست فود وهل يتنقل بين المطاعم ليستمتع بطعامه الشهي المشبع بالدهون والسعرات الحرارية ام ان طعامه يقتصر على السلطات والاكل الصحي يستمتع هو بصحته معافيه وصحية وينظر الينا نظره شفقة على السموم التي تدخل اجسادنا من جراء تلك المأكولات , هل مخترع العاب الفيديو تضيع حياته امامه كما نفعل اثناء ممارستنا لتلك الألعاب طوال الليل والنهار انما يدرس ويعمل ويستمتع بحياته الفعلية بعيدا عن سجن الانترنت هذا , تصنع هي كافه أنواع مستحضرات التجميل التي نلهث وراءها وننفق مئات الجنيهات لشرائها وتجدها اغلب الوقت لا تضع حتى احمر شفاه ربما لأنها تعلم اضراره فهي من صنعته ونحن نغفلها بالطبع .
الامر أيضا لا يقتصر على المخترعين والصناع انما على نماذج من حياتنا تصنع لنا اشهى اطباق السموم دون ان تعرف هي طعمه او حتى تشم رائحته من بعيد , فالمذيع الثرى ابن الاكابر الذى يرتدى احدث الملابس اجنبية الصنع ويرتدى افخم الساعات تجده ينصح الفقراء بتقليل مصروفاتهم وعدم الانجاب الكثير وترشيد احتياجاتهم حتى تنهض البلد وتتقدم بهم هل يطبق ذلك هو في حياته غالبا ما ستكون الإجابة لا فهو بعد ان ينهى وصله النصح تلك يتركهم ليقضى سهرته بصحبه اصدقائه وينفق بها الالاف الجنيهات مثله مثل صديقه المذيع أيضا الذى ورث المهنة عن والده الإعلامي الكبير الذى يستضيف الفقراء ويظهر بمظهر صديقهم الذى يظهر بمظهر المساعد لهم وهو في الحقيقة يخدم بهم مصالحه فقط فهو لم ولن يعرف بما يشعرون ولا يهتم بذلك من الأساس .
ولا ننسى أيضا اللص سارق الأراضي وشاهد الزور هذا الذى يطل علينا يوميا ليخرج ويحدثنا عن الشرف والامانه ووجوب محاسبه كل ما يخرج عن هذا الطور حسابا عسيرا حتى لوكان فعل هذا بسبب فقره وعدم قدرته على تحمل ظروف الحياه نعم فالمبدأ لا تتجزأ والكل يجب ان يحاسب ثم يحيه زميله على حديثه ليأخذ منه ما تم الاتفاق عليه مسبقا من أموال نظير حديثه المزيف هذا ويعود بعدها لينعم بممتلكاته التي نهبها مسبقا .
هذا لاعب الكره الشهير الذى يخرج علينا يوميا بشعارات الانتماء والتضحية وحب الفريق وهو الذى اختار الفريق في البداية لأنه كان العرض الأعلى سعر وسيتركه أيضا ويرحل لمن يدفع اكثر في المستقبل تجده لا يؤدى واجبه ولا يستفيد منه فريقة وعندما يهاجمه جمهوره وهو حقهم الطبيعي يلفق لهمل التهم ويتهمهم "بالقبض لسبه هو لا يعلم بما يشعرون فهو لم يكن يوما مثلهم ولن يكون .
وتلك الفتاه التي تدعو الفتيات الى قبول مبدأ التعدد وبل ومساعده زوجها في اختيار عروس تصلح له وهى التي اذا نظر زوجها الى امرأه أخرى فقط نظره عابرة "تسود عيشته" وأخرى تكره الفتيات في الزواج وتسرد عليهم عيوبه التي لا تعد ولا تحصى كل يوم وهى تنعم بحياة هادئة مستقرة فقط تريدهم الا يشعرون بما تشعر .
وغيرهم حولنا في كل مكان نراهم نسمعهم ونصدقهم ونفعل مثلما يملون علينا فعله بدقة وهم لا يفعلون هم لا يقتربون حتى مما ينصحونا بفعله , فطباخ السم يعلم جيدا ما يوجد به يعلم خطورته وتأثيره السيء لذلك يبتعد عنه ولا يرتشف منه حتى جرعات صغيره انما نبتلعه نحن كله على جرعات ونحن نتلذذ ونستمتع به وكأنه شيء جميل وهو في الحقيقة سم مدسوس بداخل عسل نرتشف قطرات العسل حتى ينتهى ولا يبقى الا حبات السم التي سنستمتع معها بالموت البطيء ونعانى معه بكل اعراضه منذ البداية وحتى النهاية التي لن تكون سعيدة .
فقط انظر حولك لتعلم ان طباخ السم لا يتذوقه نحن فقط من نفعل هم يصنعون اشهى الاطباق ونحن نأكل بكل حب وتلذذ , ينصحونا بما لا يفعلون , يصنعون ما يضرنا ويدمر حياتا ولا ينظرون عليه حتى من بعيد , طباخ السم يتذوقه فقط في الأفلام العربية الرخيصة التي يدخل السارق السجن بعد ان يتم احتجاز امواله وتجريده من كل شيء يملكه , يموت ابن تاجر المخدرات بعد جرعه زائده لتنتهي حياته بعده حزنا عليه , يقع الشخص في الفخ الذى نصبه لصديقة واخيه ,يشعر الناس ببعضهم البعض ويقدرون معاناتهم وآلامهم ولا يتاجرون بها اما في الحقيقة فيحدث عكس ذلك تماما كل منهم سيكمل حياته كما بدأها ونحن فقط من سنخسر وتدمر حياتنا وهذا لماذا لأننا صدقناهم وارتشفنا جرعات السم الذى اعدوه لنا وحرصوا هم الا يتذوقوا ولو قطره صغيره منه ,لذلك احترس ولا تصدق كل ما تراه وتسمعه فطباخ السم غالبا لا يتذوقه ..
- 6
- سلمى آدمصحفية , أعشق السينما والموسيقى والكتب الجيدة .. أحب المناقشات المثمرة وأتقبل جميع الاراء بصدر رحب . قلمى سيفي وعقلى سلاحي ..
التعليقات
بالتوفيق :)