قيل في الطعام والإطعام (أمثال شعبية دمشقية)
الشام المدينة العتيقة , تقف شامخة بأزقتها وبأقواس بيوتها القديمة تذكر بالتاريخ بما فيها من أشجار الياسمين والليمون والكباد والنارنج ودوالي العنب الزيني , وبأسماء حاراتها التي نزعت من التاريخ الشيء الكثير ولم تترك منه للأخرين سوى النزر اليسير .
في تلك الأزقة الضيقة بحماماتها وأسواقها الأثرية وبما يستمتع الناظر معه إلى القمريات والمندلونات والصاليات والمربعات .
ومن داخل أسواق القرماني والبذورية والمناخلية والسوق العتيق وسوق ساروجة , ومن حارات البحصة والفوال والميدان والورد والشاغور وبريدي والعمارة والقنوات والسويقة وباب مصلى وبندق والسمانة .
ومن تلك المشاهد التي تعشقت وضمت بين ثناياها تراث أمة تغني امجداها وأمثالها الشعبية معا , نقول : من تلك الزوايا اقتبسنا باقة مما قيل من الأمثال الشعبية تصب في الطعام والإطعام , والتي مازال يرددها الكثيرون تعبيرا عن تراث موروث تناقلته الأجيال عبر الأزمان .
لقد أوردت الكاتبة السيدة الفاضلة سهام ترجمان في كتابها الموسوم "يا مالي الشام" عددا من تلك الأمثال , عززها الكاتب الفاضل مطيع المرابط بما ورد في كتابه المعنون "أمثال دمشق الشعبية" ونحن إذ نشرح لتلك الأمثال ارتأينا تصنيفها ضمن عدد من عناوين وفقرات وتوردها باللهجة الشامية .
( قيل في الدعوة للولائم )
- ابن الخير بيهجم عالأكل مثل الطير .
فمن كرم الشخص وحسن خلقة أن يلبي الدعوة اذا ما هو دعي إلى وليمة .
- لائي لي ولا تطعمني .
فبعض الناس يفضلون أن يحسن استقبالهم وان يرحب بهم على أن يدعون إلى وليمة أو طعام.
- اذا كان الأكل مو الك بطنك مو الك ؟
اذا دعي بعض الجشعين إلى وليمة , فانهم يصابوا بالتخمة كنتيجة للإكثار من الطعام ومما ينقلب جشعهم عليهم .
- طعم التم بتستحي العين .
وقد ورد هذا المثل ضمن الأمثال غير الأخلاقية , فاذا كان المراد من الدعوة للوليمة أن تعكس كرم الضيافة للتقرب من المضيف دون مصلحة ترجى منه فنعم الطعام في تلك الحالة .
- حضرت وما حضر واجبك .
والمثل إشارة إلى اعتذار لطيف للضيف بان مكانته اكبر بكثير مما قدم له من طعام.
- ليش ما عزمتو شو معلألتو بتزرب .
وفيه شيء من العتاب إلى عدم دعوة شخص بعينه لوليمة في الوقت الذي كان من المفروض أن لا تهمل دعوته.
- البطن لا تحمل منيتين .
إشارة إلى أن الضيف تكفيه منية الطعام ولا مجال للمزيد.
- يلي بدو ياكل جاج الناس بدو يسمن جاجو .
فهي كتابة إلى من يلبي دعوة الوليمة , فعليه إن لباها أن يستعد أن يقابلها بالمثل , وضرب المثل لضرورات كرم الأخلاق .
- الأكل على أد المحبة .
القول بالمألوف من العادات وسجايا الكرم بان إكثار الضيف من أكله للطعام (فوق طاقته) هو دليل محبته لمضيفة, حتى وان كان ذلك سببا في إزعاجه أو مرضه.
- كل عيش الو كريش .
يقال للضيف لشبعه وعند اعتذاره عن تناول الفواكه والحلويات بعد الطعام , حيث أن لكل نوع من الطعام مكانه في المعدة .
- كول اكل الجمال وأوم ابل الرجال .
وقد لا يتناسب هذا المثل مع قواعد الصحة العامة وآداب الطعام المتعارف عليها , فقد يؤدي الأكل السريع إلى تلبكات معوية .
- أكله واتسمت عليك كول وبحلئ عنيك .
قد يضرب هذا المثل من باب المنن من قبل المضيف بان على الضيف أن يأكل ما يستطيع دون تواني ,فإلا فهو الخاسر .
- عند البطون طارت العؤول .
في حالة الضيف الجائع جدا, فعند وقوفه أمام المائدة يتجمد الكلام في حلقه وتتركز جميع حواسه عند الطعام.
- الإيدين مفاتيح التم .
يضرب للضيف لتحفزه بالبدء والشروع بالطعام حتى وان كان لا شهية له.
- يلي بتاكلو راح , ويلي بطعميه فاح .
أن ما تقدمه للضيف من طعام يفوح صيته بما أنت فيه من الكرم, أما الطعام الذي تأكله فانه يذهب سداً.
- يلي بدو ياكل خبز السلطان بدو يحارب بسيفو .
ويضرب هذا المثل لمن ياكل الطعام عند الأخرين فعليه أن يدافع مستميتا عنهم وعن مصالحهم ويحارب أعدائهم حتى وان كان على باطل .
- من دعاك وجب حأو عليك .
ويقال في أن للمضيف حق على الضيف يتمثل في أن دعوته له تستوجب من الضيف الاعتذار في حال عدم قبول الدعوة.
( قيل في أنواع الطعام )
- الرز أن تهدا للملوك بيتودا والبرغل أن تهدا للجاج بيتودا .
والمثل كناية عن وصفه لتحضير الرز بشكل لائق , فهو إن وضع في آخر مراحل تحضيره على نار هادئة طاب طعمة أكله على احسن ما يكون .
- اذا فاتك الضاني عليك بالحمصاني .
فاذا فاتك تناول اللحم لسبب أو لآخر فالبديل المناسب الحمص و الفول ففيهما من البروتين ما يغني عن اللحم .
- اذا فاتك اللحم عليك بالمرأ .
يقال بان ما فقد جله لا يترك كُله, فعليه فان فقدان معظم الشيء لا يعني عدم إمكانية الإفادة مما تبقى وان كان يسيرا.
- العز للرز والبرغل شنأ حالو .
يضرب المثل عموما في أفضلية ما هو صالح على ما هو اصلح منه , فرغم فائدة البرغل فان البعض يفضل عليه الرز .
- البرغل بسامير الركب .
وهذا المثل يدخل في باب النصائح الغذائية لمن اعتاد تناول البرغل, إذ أن فوائده عديدة.
- الخبز الحاف بعرض الكتاف .
وهو يدخل في باب تمني النفس وكذلك باتباع حياة التقشف وبمحض الإرادة , ورغم إن ما في الخبز من فوائد غذائية إلا انه لا يمكن اعتباره غذاءً كاملاً .
- خبز وماء اكل العلماء .
وهو كالمثل السابق يضرب من باب الأماني باتباع حياة التقشف . والإشارة إلى العلماء الزاهدين باكتفائهم الماء والخبز رغم أن الخبز لا يمكن اعتباره غذاءً كاملاً باي شكل من الأشكال .
- الأكل الدلع ما بينبلع .
وهو كناية عن أن الاحاديث غير المنطقية لا يمكن للعقل تقبلها , كما هو الحال مع الأكل الذي لا يضاف إليه الملح لا يمكن اعتباره مستساغاً .
- ألا يامرا طبخي طيب آلتلو يا رجّال كتر إدام .
الادام كناية عن السمن واللحوم والمثل يضرب لأولئك الذين يريدون أن تلبى طلباتهم فعليهم أن يهيئوا ما يسهل تلبيته وتنفيذه .
- خبز ولبن عافية بالبدن .
والمثل يدخل أيضا في باب التقشف وتمني النفس بالقبول بما قليل دون النضر إلى ابعد من ذلك .
( قيل في الطعام من أمثال وحكم )
- مين خبا غدا لعشا ما بتشمت فيه عدا .
ويصح في هذا المثل وجهان: فهو أما أن يدخل في باب التوفير وباب الشح والبخل, وإما في باب الحيطة والحذر من المفاجئات.
- اكل ثنين بيطعمي تلاتة .
والمثل يدخل أيضا في باب التوفير والتقنين, فنعزي النفس بان ما يتم تجهيزه من غذاء لشخصين يمكن أن يكفي لثلاث.
- عيار الشبعان أربعين لئمة .
من العادات الشائعة الضغط على الضيف بمختلف الإيمان ليزيد من الأكل حتى وان اظهر شبعة .
- كثرت الأيادي بتحرق لطعام .
أن كثرة الآراء المتضاربة تفسد كل امر وتقده بدل من أن تساعد في حله .
- مأسوم لا تاكل وصحيح لا تئسم وكول لتشبع .
فان العروض والخيارات على كثرتها هي على سبيل التعجيز وحسب وذلك لاستحالة تنفيذها.
- يا مستر خص اللحم عند المرأ بتندم .
والمثل كناية عن البخل الذي يجعل صاحبه يقتني المواد والسلع الرخيصة ذات النوعية الرديئة, إذ أن فسادها سيكون سبباً للندم.
- يلي معو فلفل برش عالمخلوطة .
وهذا المثل كناية عن النظر الذي يدعو صاحبه المكتفي أصلا بالحاجات الأساسية أن يكون له الخيار في ممارسة واقتناء الأشياء الكمالية.
- سلق ياما يبرق قالو الدور عالمستطعم .
كناية عن الناس السذج الذين لا يفرقون بين امرين متشابهين .
- يلي إلو عشي ما بزفر إديه .
كناية عن الترفع والأنفة, فمن كان لديه من يقوم بصغائر أعماله ويخدمه فانه لا يشقى في إنجاز أعماله بيده.
- تغدى وتمدى ولو دقيقتين , وتعشى وتمشى ولو خطوتين .
كناية عن استحسان النوم ظهراً "القيلولة" بعد تناول وجبة الغداء وفيما ينصح بالسير بعد وجبة العشاء (بتسهيل هضم ), وذلك بدل من النوم مباشرة كما اعتاد عليه البعض منا.
- أهل الصدقة مشتهيين المرقة .
وهو كناية عن حال الدنيا , فالذي كان يتصدق بالأمس اصبح اليوم بحاجة لمن يطعمه ويتصدق عليه اليوم .
- العين الجوعانة ما بيشبعها غير الطراب .
وهو من الأمثال القليلة التي تعبر تعبيراً صادقاً عن واقع حال شريحة من المجتمع الذي ابتلاهم الله بالجشع الذي لا ينتهي عندهم إلا عند حافة القبر فقط.
- الله بطعمي الحلاوة لهلي مالو سنان .
والمثل كناية عن الأمور الجميلة التي لا يصلح لها أياً كان ولا يقدرها حق قدرها أو حتى يحسن الإفادة بها.
- من دهنو سقيلو .
والمثل كناية عن أن معالجة بعض الأمور الحياتية قد لا تحتاج إلى جهد أو تكلفة إضافية, ففي هذه الحالة يكون الربح مضاعفاً, أن صح التعبير.
- كول لقمة كبيرة ولا تحكي كلمة كبيرة .
وهو من الأمثال التي تقع في حالة التحذير , إذ لا بد من رقابة ما يصدر من المرء من كلام يوجهه للأخرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق