اعتاد المصريون الاستعانة بالأمثال الشعبية خلال حديثهم عن تجاربهم الشخصية، أو توجيه نصيحة لأحدهم. فلا يكاد يمر موقف مهم في حياة المصري إلا تبعه بمثل للتدليل على وجهة نظره.
ويعرّف الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، في كتابه "الفلسفة المصرية من الأمثال الشعبية"، المثل بأنه "قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية أو حقيقة عامة أو ملاحظة تجريبية، أو حتى موقفاً ساخراً من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسي معين. ويصوغ المثل الشعبي شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصة في استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها".
الأمثال الشعبية المتوافرة لدينا الآن ترجع إلى مختلف العصور التي مرت بها مصر منذ الحضارة المصرية القديمة، مروراً بالعهد القبطي، ثم العصر الإسلامي في مرحلتي ازدهاره وتعثره.
ومن غرائب المصريين، أن أمثالهم الشعبية، التي تعتبر جزءاً من التراث المصري وقيمه، يتضح منها تناقض كبير. كما أن البعض يتعامل مع تلك الأمثال على أنها نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية.
رصد رصيف22 أبرز تلك الأمثال التي تمثل القيمة وعكسها، في تباين صريح يعلن مواقف المصريين من تجارب بعينها. واللافت أيضاً أننا قد نجد الشخص يستخدم المثل نفسه ونقيضه في موقفين مختلفين، بالرغم من كون مبادئ المثلين مختلفة.
ازدواجية التراث الثقافي
يفسر أستاذ علم الاجتماع الراحل سيد عويس التناقض في الأمثال الشعبية، بأن وجود تلك القيم المتناقضة يرجع إلى ظاهرة التغير الثقافي الاجتماعي، التي واجهها المجتمع المصري على مدار قرون عديدة. بالإضافة إلى التغيرات في الحكام من غير المصريين والتغيرات في اللغة، فضلاً عن التغيرات في الدين، ما نتج عنه وجود ازدواجية في التراث الثقافي المصري والأمثال الشعبية التي تعد جزءاً أساسياً منه.
المصري مراوغ
الكاتب والمفكر المصري يوسف زيدان وصف ذلك التناقض في الأمثال الشعبية بالتميع، رافضاً التحجج بأن كل مثل يقال في سياق منفصل. فهو يرى ذلك التناقض كدليل على طريقة التفكير العامة في المستويات الشعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق