أمضى الباحث تيسير الفقيه أربعة عقود ونيفاً وهو يجمع من هنا وهناك الأمثال الشعبية والحكايات والأساطير التي تداولها أهالي منطقة حوران منذ آلاف السنين أملاً منه في تنفيذ مشروع صعب احتاج لكوادر كبيرة على امتداد سورية لتوثيقه وأرشفته وحفظه للأجيال القادمة.
ولم تثنه سنوات عمره الست والستون من محاولة إتمام مشروعه الذي بدأه قبل 44 عاماً.
وشرح الفقيه كيف أنه بدأ منذ عام 1966 بجمع التراث معتمداً على الأحاديث التي كانت تدور بين الرجال في المضافات تلتها رحلة بحث طويلة استطاع خلالها زيارة مئة وسبعين قرية ومدينة في منطقة حوران حتى تشكل لديه مخزون كبير وصل إلى 4250 مثلاً و613 حكاية وقصة شعبية.
ويرى الفقيه أن انتقاله للعمل خارج سورية لسنوات طويلة وسفره إلى عدد من الدول الأوروبية والاطلاع على ثقافات هذه الدول ساعده كثيراً في التعرف على العوامل المشتركة بين الأمثال والحكايا والأساطير التي عرفت في حوران ومع تلك التي كانت سائدة في تلك الدول.
وبين أن التراث الشعبي في حوران الذي يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد يجمع الكثير من الأمثال والقصص التي ورد بعضها من مصر نظراً لوجود تشابه في أصول الأمثال جاء ذكرها في آثار الفراعنة بتاريخ سابق لانتشارها في حوران.
ويلفت الفقيه إلى أن علاقات التجارة والزواج والظروف السياسية والحروب والاحتلال والهجرات من حوران وإليها منذ آلاف السنين خلفت هذا الكم الهائل من التراث الشعبي وقد ظهر هذا التأثر جلياً من خلال وجود مفردات في أمثالنا الشعبية تعود إلى لغات أخرى كالفارسية واللاتينية والأرمنية والصينية والتركية وغيرها إضافة إلى التشابه في قصص بعض الأمثال والحكايات الشعبية.
ويشير إلى أن ماجمعه من أمثال وقصص وجد طريقه إلى النشر عام 1995 عبر كتاب حمل عنوان "الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية" وهو عمل مشترك مع الدكتور محمود مصطفى المدرس في جامعة تشرين وهو جزء من الموسوعة الحورانية التي يعكف العمل عليها حاليا لاكمال نشر اجزائها.
وتنبع الكثير من الأمثال التي جمعها الباحث من تفاصيل الحياة اليومية وهي أمثال متعددة المصادر مثل "عرم يا جوخ صاحبك تعبان" من أصل سرياني و"ابن الداية ما عليه مخباية" من أصل فارسي و"ياللي مالو جامكية لا يعد أيام الشهر" من أصل تركي و"جاكيت عيرة ما بدفي الأميرة" من أصل فرنسي بالإضافة إلى القصص الشعبية التي استمدت أيضاً من ثقافات وحضارات سابقة.
يشار أن الباحث تيسير الفقيه من مواليد طفس عام 1944 حصل على شهادة جامعية اختصاص جغرافية من كلية الآداب بدمشق درس في مدارس المغرب والسعودية والإمارات العربية وسافر إلى عدد من الدول الأوروبية اطلع خلالها على الانتاج الثقافي لهذه الدول كما شارك في مؤتمر للتراث الشعبي في مركز التراث العربي بحلب وهو حالياً عضو اللجنة العليا للتراث الشعبي في سورية.
عكس السير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق