"على الأصل دور" .. الأمثال فلسفة الشعوب

 الأحد , 12 فبراير 2017 , 01:34 م ثقافة وفنون


تعبيرية

المثل، كما يعرفه أستاذ الفلسفة الإسلامية، حامد طاهر، في كتابه "الفلسفة المصرية من الأمثال المصرية"، قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية، أو حقيقة عامة، أو ملاحظة تجريبية، أو موقف ساخر من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسي معين.
واتفقت أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، عزة عزت، أن المصريين استخدموا الأمثال للتعبير عن جميع مواقف حياتهم، فجمعت المواقف المختلفة المثل وضده، فأعد لكل موقف القول مناسب، فالأمثلة التي تقال في المصائب جمعت بين المواساة والشماتة، مما يؤكد  أن الأمثال الشعبية المصرية لم تترك مناسبة أو معنى لم تعبر عنه سواء اجتماعيًا أو سلوكيًا أو اقتصاديًا أو نفسيًا.


الأمثال فلسفة الشعوب
ويشير "طاهر" في كتابه إلى أن  خصائص المثل الشعبي تتمثل في شيوعه وكثرة استعماله بين الناس فى عصر معين، أو حتى في عصور متباعدة، نظرًا لأن الأمثال الشعبية اتصفت بالتداول الشفوي بين أفراد الشعب، فلم يهتم العلماء بتدوينها، و يرجع ذلك إلى صياغتها باللهجة العامية، التي أهملها العلماء وأسقطوها من اعتبارهم.
ويقول "طاهر" في كتابه: "الذي يصوغ المثل الشعبي، شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصةً في استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها، ولو كان علماء البلاغة قد وجهوا اهتمامهم قليلًا، إلى كثير من الأمثال الشعبية لوجدوا فيها جمالًا أدبيًا لا يقل بحال من الأحوال عن الجمال الموجود في أدب الفصحى، في الأمثال الشعبية: يوجد السجع، والجناس، والطباق، والخيال، والصورة المعبرة بدقة عن الموضوع المجرد المراد الإمساك به في شبكة الألفاظ، كما أن الأمثال الشعبية تتميز بالإيجاز الشديد وهو اختصار المعانى الطويلة أو المتعددة في ألفاظ قليلة معدودة، كما أن صياغة المثل تهدف إلى جريانه على ألسنة العامة، وسهولة حفظه لمن يسمعه ولو مرة واحدة  لذلك نذهب إلى أن (مؤلفى الأمثال الشعبية) بالإضافة إلى كونهم حكماء، كانوا أدباء بامتياز، ومع ذلك فقد فضلوا عدم ذكر أسمائهم، والوقوف بصمت وتواضع خلف إنتاجهم الذي كتب له الشيوع والاستمرار، ربما أكثر مما كتب في أدب الفصحى".


تاريخ الأمثال الشعبية
وترجع الأمثلة الشعبية التي تجري على ألسنة الشعب المصري إلى مختلف العصور السابقة التي مرت بها مصر منذ الحضارة المصرية القديمة، مرورًا بالعهد القبطي، والعصر الإسلامي في مراحل اندثاره وانهياره، حتى وصلت بأشكالها الحالية، وهذا ما أكده كتاب "الفلسفة المصرية من الأمثال الشعبية".
ويؤكد إبراهيم أحمد شعلان في كتابه "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة" في جزئه الرابع، أن الأمثال الشعبية لم تقتصر على طبقة واحدة، وإنما انتشرت بين جموع الطبقات سواء الطبقة المتوسطة أو البسيطة أو بين أبناء الطبقات الأرستقراطية والمثقفة.


ومن أشهر الأمثلة التي مازالت تجري على الألسنة في الشارع المصري تعليقًا على الأحداث والمواقف المختلفة التي يمرون بها:
"أخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك"
ويشير المثل إلى ضرورة اختيار الأهل لزوج ابنتهم من أجل المحافظة على مستقبلها وحياتها، واختيار الزوج حسن الخلق والدين.
"اللي ميعرفش يقول عدس"
ويرد المثل على ظنون الناس في الأمور التي لا يعمون عنها شيء، وترجع قصة المثل إلى لص حاول سرقة متجر غلال وأثناء هروبه تعثر في "شوال" عدس، وعندما رآه الناس ظنوا أنه سرق العدس ليأكله فكان رد المالك "اللي ميعرفش يقول عدس".


تحت القبة شيخ
ومثله "إحنا دفنينه سوا"، ويشير كل منها إلى قصة تاجرين ينقلان بضاعتهما على حمار، فوهن الحمار ومات، فخافا على نفسهما من الهلاك، فقررا دفن الحمار وبناء قبة ومقام فوقه، وادعيا أنه قبر لأحد الصالحين، مما يدفع الناس لزيارته والاستفادة مما يقدمونهم من قرابين، وفي يوم من الأيام اختصما الرجلان، فقال أحدهما سأشكوك لمقام الشيخ، فرد عليه صديقه "إحنا دفنينه سوا".
"اللي اختشوا ماتوا"
ويحكى في زمن الحمامات التركية القديمة، اعتادت النساء على استخدامها، وفي أحد الأيام شب حريق هائل بأحد الحمامات، فهرولت بعض النساء إلى الخارج بملابس الاستحمام للنجاة، فيما رفضت بقية النساء الخروج بملابس الاستحمام، فكان مصيرهن الموت ليظهر بعدها المثل "اللي اختشوا ماتوا".


"حبر على ورق"
وفي هذا يشير كتاب "موسوعة المثال الشعبية المصرية"، أنه من أمثال المثقفين، فيصف القوانين التي لا تطبق، عديمة الفائدة، بالإضافة إلى الإشارة لحالة الروتين التي تصيب القانون ولا تدخله حيز التنفيذ.
"ولا حكم قراقوش"
ويعود أصل المثل إلى حاكم يدعى قراقوش، ولكنه كان قاسي في معاملته مع عامة الشعب، والأسرى، فاستخدمهم لبناء الحصون والأسوار، لذلك استخدم المثل "ولا حكم قراقوش"، للإشارة إلى الحاكم الجبار الذي يعامل الشعب بالقسوة والقهر، وذلك بحسب ما ذكره إبراهيم أحمد شعلان في كتابه.
"اللي ما يشوفش من الغربال يبقى أعمى"
ينتقد المثل الأشخاص عديمي النفع وعديمي التمييز لطبيعة الخطأ والصواب.


"ما ينوب المقسم إلا مصمصة صوابعه"
وفي هذا يوضح إبراهيم أحمد شعلان، أن "ما ينوب المقسم إلا مصمصة صوابه" تشير إلى قضيتين، الأولى طبيعة الشخصية المصرية التي تفضل الآخرين عن نفسها، والثانية تحذير من التمادي في الإثرة، مشيرًا إلى أن القضية مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية المتدنية لدى الطبقات الشعبية في الريف والأحياء الوطنية.
"ما عفريت إلا بني آدم"
وينكر المثل وجود العفاريت، ويعكس وجهة النظر القائلةً بأن الإنسان هو العفريت، ويؤكد كتاب "موسوعة الأمثال الشعبية" أن العفريت في المفهوم الشعبي مصدر للشر ويتميز بالحركة والحيوية وعدم الثبات.
"البعيد عن العين بعيد عن القلب"
ويعبر المثل عن جفاف المشاعر وانعدام الرحمة في إشارة للبعد الجسدي والروحي.


"لبس البوصة تبقى عروسة"
ويقصد به أن الملابس والتجميل الخارجي والمظاهر يمكن أن تظهر "البوصة" وهي العصا، بمظهر الفتاة الجميلة في يوم عرسها.
القرد في عين أمه غزال
وتعود قصة المثل إلى "خرافات أيسوب" في العصر الروماني، عندما أمر الحاكم بإقامة مسابقة لاختيار أجمل الحيوانات شكلًا فتقدمت الحيوانات بدءً من الطاووس وانتهاءً بالغزال مرورًا بالأسد والزرافة، وقبل أن ينطق الحاكم اسم الفائز، ظهرت القردة وهي تحاول المشاركة في المسابقة، وحين حاول الجمع اقناعها بعدم المشاركة، ضحك الحاكم وقال "القرد في عين أمه غزال".



مقالات واخبــار ذات صلة

ارسل تعليقا على الخبر

*
*