عبارات يتمنى الموظفون سماعها من قادتهم... ماهي؟
الغالبية العظمى من القادة لا يتفاعلون مع موظفيهم في اللحظات الحاسمة التي يمكن أن تساعد هؤلاء الموظفين في أن ينظروا إلى أولئك المدراء بوصفهم أشخاصاً أهلاً للثقة
إذا كنت من صنف المدراء الذين لا يتفاعلون مع مرؤوسيهم المباشرين بشكل إنساني حقيقي وصادق، فيجب عليك أن تنتبه إلى ما يلي جيداً.
فقد تبيّن بأنّ 91% من الموظفين يقولون بأن القضايا المتعلقة بالتواصل يمكن أن تشدّ المدراء التنفيذيين نحو الأسفل، وفقاً لنتائج استطلاعنا الجديد الذي قامت به إنتراكت/هاريس والذي جرى عبر الانترنت وشمل 1000 عامل تقريباً في الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذا الاستطلاع، بيّن الموظفون أنواع الإساءات الصادرة عن المدراء في قطاع الأعمال، والتي تشير إلى نقص واضح في الذكاء العاطفي لدى هؤلاء المدراء، بما في ذلك الإفراط في الإدارة التفصيلية، والتنمّر، والنرجسية، والتردّد في اتخاذ القرارات، وغيرها من الإساءات.
وقد جرى تصنيف مشاكل التواصل الواردة في الجدول التالي بوصفها أهم المشاكل التي قال الناس بأنها كانت تمنع المدراء في قطاع الأعمال من العمل بفعالية، وذلك بحسب الترتيب التالي:
تُظهرُ هذه البيانات بأن الغالبية العظمى من القادة لا يتفاعلون مع موظفيهم في اللحظات الحاسمة التي يمكن أن تساعد هؤلاء الموظفين في أن ينظروا إلى أولئك المدراء بوصفهم أشخاصاً أهلاً للثقة.
وهذا أمرٌ مذهلٌ جدّاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم الأموال التي تنفقها المؤسسات على إجراء الاستطلاعات الرامية إلى معرفة آراء الموظفين، وعلى عمليات إعادة التنظيم والهيكلة، والاستعانة بالاستشاريين، وتطبيق مبادرات ترمي إلى إحداث التغيير.
اقرأ أيضاً من هارفارد بزنس ريفيو: عزيزي المدير، ما رأيك أن تأخذ إجازة؟
يدرك القادة الفعّالون بأن التواصل بطريقة صحيّة يتطلّب بذل مجهود للتفاعل مع الناس – حيث تعتبر أشياء مثل إشراك الجميع، وتقدير جهود الموظفين، وتقديم إرشادات واضحة لهم، والتفاعل بطريقة ذات مغزى معهم، وتزويدهم بالآراء بخصوص أدائهم بمثابة العصب الأساسي للشركة.
هم يعلمون تماماً بأن الإنتاجية مرتبطة بالتفاعل والتواصل مع الموظفين. وبالتالي هم يبذلون جهوداً مقصودة لبناء حالة التفاعل والتواصل هذه مع فرقهم، كما يعملون على إبداء التقدير لموظفيهم من خلال قول الأشياء التالية أو طرح بعض من هذه الأسئلة:
1. “دعني أخبرك ما هي الأشياء التي أقدّرها فيك وفي إسهاماتك…”
لا تعتبر الإطراءات البسيطة التي يمكن أن تقولها لأي تلميذ أو تلميذة في المدرسة كافية للناس الذين يؤدّون عملهم من أعماق قلبهم. عوضاً عن ذلك، حاول أن تقول لموظفك شيئاً محدداً من قبيل: “أنا معجب جدّاً بالطريقة التي تستعين بها بأشخاص من الأقسام الأخرى لتصل إلى أهداف فريقك – وأنت شخص يجيد الربط بين الناس”. فالقادة بحاجة إلى أن يدركوا الإسهامات الفريدة والمحدّدة التي يقدّمها الموظفون، وإلى أن يظهروا لهم بأنهم يلاحظون هذه الإسهامات.
2. “شكراً لك” (بشكل شخصي وعلني)
تمثّل التفاعلات واللقاءات اليومية مع الآخرين – من المصعد إلى موقف السيارات – فرصاً للقادة لكي يتفاعلوا بطريقة حيوية ونشيطة، ولكي يظهروا تقديرهم لموظفيهم على الجهود التي يبذلونها. كما أن إظهار التقدير علناً في اجتماع للموظفين، أو قول كلمة “شكراً” بطريقة مدروسة في نشرة صحفية، أو في رسالة إلكترونية، هي أمور ذات مغزى كبير. فعلى سبيل المثال، تترك الرئيسة التنفيذية لشركة “ديوك إنيرجي” للطاقة، لين غود، عبارات الشكر والثناء على البطاقات اللاصقة الصفراء على مكاتب الموظفين.
3. ما رأيك بهذا الأمر؟
يسعى الموظفون دائماً إلى حجب أفضل ما بحوزتهم من أفكار عن القائد الذي يظهر دوماً بمظهر العارف الذي يمتلك كلّ الإجابات “الصحيحة”، أو يحاول أن ينسب الفضل لنفسه عن أفكار يقدّمها الآخرون.
لذلك فإن القادة بحاجة دائماً إلى أن يبادروا إلى طرح الأسئلة التالية على موظفيهم: “ما الذي يبقينا عالقين في هذه المشكلة؟” و”ما هي الأشياء التي تعجبك في عملنا هنا؟” حاول تأسيس بيئة آمنة تتيح الفرصة للموظف لكي يعبّر عن نفسه، ولكي يحظى بالتقدير على الأفكار التي يطرحها.
4. دعني أخبرك ما الذي يجري الآن وما هي الأشياء التي يمكنك أن تتوقّع حدوثها…
تعمل الشركات في بيئة تتّسم بالتغيّر الدائم، وغالباً ما يتمّ إخفاء المعلومات عن أعضاء الفريق حتى اللحظة الأخيرة. وهذا الأمر يشكّل مصدر تشتيت كبير لانتباه الموظفين الذين يحتاجون إلى “الصراحة” الدائمة بخصوص مستقبلهم في مكان العمل. وغالباً ما نجد القادة يقللون من شأن قدرة الموظفين على قبول “السبب” إذا ما قدّموا لهم هذا السبب بطريقة صادقة وصريحة.
كما أن القادة سيحظون بالاحترام العميق عندما يُطلِعونَ موظفيهم على أكبر قدر يعرفونه من المعلومات حالما يكون بوسعهم إطلاعهم عليها. فالتفسيرات الحقيقية هي أفضل دائماً من عدم تقديم أي تفسيرات.
5. لديّ بعض الآراء بخصوص أدائك وأرغب في أن أقولها لك…
لا تنتظر حتى تجري عملية مراجعة الأداء لتخبر الناس برأيك في طريقة عملهم. فوجود ثقافة تقوم على الدوام على تقديم الآراء بخصوص الأداء هو أمر صحي وحكيم. وبالتحديد فإن جيل الألفية الجديدة بحاجة إلى قدر أكبر من الإرشاد والتوجيه بالمقارنة مع الأجيال السابقة.
6. دعني أخبرك أمراً تعلّمته بعد معاناة طويلة في هذه الحياة…
يحظى القادة الأذكياء ذوو القدرات الكبيرة والذين يعرفون موظفيهم جيداً باحترام كبير، لكن الموظفين لا يحبّون ويثقون بالقادة الذين يعتبرون أذكياء فقط، وإنما يحبّذون القادة القادرين بين الفينة والأخرى على الاسترخاء والسخرية من أخطائهم الشخصية في الماضي، والذين يزوّدونهم وبكل سخاء بالنصائح والعبر التي علّمتهم إياها الحياة. فلا تخشى من أن تُظْهِرَ بأنك أنت أيضاً إنسان مثلك مثل غيرك.
7. مرحباً يا سوزان…
يوماً ما قال ديل كارنيغي ما يلي: “اسم المرء بالنسبة له هو الصوت الأعذب والأهم في أي لغة.” لذلك حاول أن تتعرّف على أسماء موظفيك فرداً فرداً.
فإذا كانت الشركة كبيرة جدّاً بما لا يسمح بمعرفة أسماء كل الناس، حاول أن تبدأ من الأقربين. فليس لك عذر في أن تقول “أنا لا أجيد حفظ الأسماء.” فطالما أن أفضل الناس يعرفون كيف يحفظون الأسماء، فلماذا لا نقوم بذلك نحن أيضاً؟ تعلّم فن التواصل مع الناس.
إن الرؤية التي تركّز بشكل كبير على تحقيق الإنجازات على حساب شعور الموظفين يمكن أن يكون ثمنها باهظاً للغاية. فالدكتور إدوارد هالويل، وهو الطبيب والمؤلف والأستاذ الجامعي السابق في كلية هارفارد للطب، يؤكّد بأن أقوى تجربتين بالنسبة لمعظم الناس في الحياة هما الإنجاز والتفاعل مع الآخرين. ولكن إذا ركّزنا على الإنجاز فقط، فإننا لا نقوم بما هو مطلوب للتفاعل مع الآخرين.
فهذا التفاعل أو الارتباط مع الآخرين هو عبارة عن ذهنية وتبادل للطاقة بين الناس الذين يهتمّون ببعضهم البعض. وأنا غالباً ما أطرح السؤال التالي على طلابي في الماجستير في إدارة الأعمال: “من هو الشخص الذي سيؤثّر فيكم أكثر ويحفّزكم بشكل أكبر لتقدّموا أفضل ما لديكم: الأستاذ الجامعي اللامع الذي له منشورات كثيرة والذي لا يملك وقتاً للتواصل معكم والتفاعل معكم، أم الأستاذ الجامعي اللامع الذي ليس له منشورات كثيرة ولكنه يتواصل معكم من الناحية الإنسانية ويشعركم بالارتباط بكم؟ ولطالما كانت الأيدي ترتفع دعماً للخيار الثاني.
الفكرة الأساسية التي أودّ أن أركّز عليها في نهاية المطاف هي أن الناس هم أساس الشركة والعمل. ولطالما كان هذا الأمر قائماً دائماً، وهو سيظل قائماً على الدوام. وغالباً ما نجد الشركات تقصّر ليس لأن قادتها لا يفهمون طبيعة عملها، وإنما لأنهم لا يفهمون ما الذي يحتاجه الناس الذين يعملون لديهم لكي يبذلوا قصارى جهدهم في العمل.
يتوقّف معظم نجاح الفريق على الطريقة التي يتفاعل القائد أو يتواصل بها مع مرؤوسيه المباشرين، وعلى الطريقة التي يستعملها لتقويتهم وتمكينهم لكي يستعملوا نفس الطريقة مع مرؤوسيهم، وهكذا دواليك. ولكن في بيئة عمل تفتقر بشكل حاد إلى الالتزام من قبل الموظفين، فإن القادة الذين لا يبادرون إلى التواصل بفعالية مع الموظفين هم بحدّ ذاتهم عبء على الشركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق