السلام عليكم



شرح اقوال وامثال هديه لكم





1- قاب قوسين او ادنى



أُخذت هذه الآية الكريمة، مثلاً من قوله - تعالى - في سورة النجم، التي تحكي معراج محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - إلى السماوات العلى: ]عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)[ (سورة النجم، الآيات 5 ـ 9)، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. وتعني الآية "فكان قاب قوسين أو أدنى"، اقتراب جبريل - عليه السلام - من محمد لمّا هبط إلى الأرض، حتى كان ما بينهما قاب قوسين، أي بقدرهما إذا مداه. و"القاب" هو ما بين وتر القوس، إلى كبدها. 

ويُضرب المثل لشدة القرب من الأمر. ولكل قوس قابان، وهما ما بين المقبض والسّيَّة. وقيل: قاب قوسين، طول قوسين. وقال الفراء: قاب قوسين، أي قدر قوسين عربيتين. وفي الحديث: لقاب قوس أحدكم، أو موضع قِدّه من الجنة، خير من الدنيا وما فيها". 





اختلط الحابل بالنابل



من أمثال العرب، التي تُضرب في الشدة تُصيب الناس، وما يُصاحبها من هرج ومرج، واختلاط للأمور. 

والحابل، الذي ينصب الحبالة للصيد، والنابل: رامي الصّيد عن قوسه بالنبل. وقد يضرب المثل للقوم تتقلب أحوالهم، ويثور بعضهم على بعض، بعد السّكون والرخاء؛ أو اختلاط الأمر على الناس، حتى لا يعرفوا الوجه الصحيح، مثل اختلاط القُنّاص الذين يصيدون بالشرك، مع الذين يصيدون بالنبل، فلا يصيد أي منهم شيئاً. 



ترك له الحبل على الغارب



الغارب هو أعلى مقدم السّنام في البعير، ويُضرب المثل عند منح الحرية الكاملة، من دون قيد أو شرط. 

وكانت العرب إذا طلّق أحدهم امرأته، في الجاهلية، قال لها: حبلك على غاربك، أي خليت سبيلك، فاذهبي حيث شئتِ. وقال الأصمعي: وأصل المثل أن الناقة إذا رعت وعليها خطامها، أُلقي على غاربها، وتُركت ليس عليها خطام، لأنها إذا رأت الخطام لم يهنها المرعى، وكذلك إذا أُهمل البعير طُرح حبله على سنامه، وتُرك يذهب حيث شاء. وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت ليزيد بن الأصم: رمى برسنك على غاربك، أي خلى سبيلك، فليس لك أحد يمنعك عما تريد، تشبيهاً بالبعير يُوضع زمامه على ظهره، ويُطلق يسرح أين أراد في المراعي. وورد عن الحديث في كنايات الطلاق: حبلك على غاربك، أي أنت مرسلة مطلقة، غير مشدودة، ولا ممسكة بعقد النكاح. 





جاءوا على بكرة أبيهم



البكرة هي الناقة التي لم يضربها الفحل. ويُضرب المثل للدلالة على اجتماع القوم، من دون استثناء أحد، وجاءوا على بكرة أبيهم، إذا جاءوا جميعاً على آخرهم. وقال الأصمعي: جاءوا على طريقة واحدة. وقال أبو عمرو: جاءوا بأجمعهم. وفي الحديث: جاءت هوزان على بكرة أبيها، وهذه كلمة للعرب، يُريدون بها الكثرة وتوفير العدد، وأنهم جاءوا جميعاً، لم يتخلف منهم أحد. وقال أبو عبيدة: معناه جاءوا بعضهم في إثر بعض، وليس هناك بكرة في الحقيقة، وهي الناقة التي يُستقى عليها الماء العذب، فاستعيرت في هذا الموضع؛ وإنما هي مثل. قال ابن جني: عندي أن قولهم جاءوا على بكرة أبيهم، بمعنى جاءوا بأجمعهم، هو من قولهم بكرت في كذا أي تقدمت فيه، ومعناه جاءوا على أوليتهم، أي لم يبق منهم أحد، بل جاءوا من أولهم إلى آخرهم







زلة لسان



من مأثور القول، الزّلة هي السّقطة أو الخطأ والذنب. ويُقصد بهذه المقولة الاعتذار عن قول يصدر من دون قصد، فيندم صاحبه عليه، فيتبرأ منه، وكأن لسانه قد سقط بهذا الخطأ، وهو بريءٌ من لسانه. 





سبق السيف العذل 



العذل هو اللوم والعتاب، ويُضرب المثل لما قد فات من أمرٍ، أو وقع، ولا سبيل إلى رده، أو تداركه. وأصل المثل أن الحارث بن ظالم، ضرب رجلاً فقتله، فعندما أُخبر بعذره قال: سبق السيف العذل. 

وفي رواية أخرى، أن قائل المثل هو ضبة بن أدّ، لمّا لامه الناس على قتل قاتل ابنه في الحرم. 





على قدم وساق 





الساق في اللغة الأمر الشديد، قال تعالى: ]يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ[ (سورة ن، الآية 42) والساق أيضاً ما يعلو القدم. ودلالة المثل شدة الاهتمام بالأمر، والنهوض إليه. فيقال: قام فلان على ساق، إذا عُني بالأمر وتحزم به. وقامت الحرب على ساق، وقام القوم على ساق: يُراد بذلك الكد والمشقة، لأنّ الساق ترتكز على القدم، فيكون تمام القيام أو الاهتمام، هو الوقف على الساق والقدم معاً. 





القشة التي قصمت ظهر البعير 





قصم الشيء كسره، والقش نبات يابس، وكذلك هو عيدان دقيقة من قشر القصب والخيزران. 

يعني المثل أن الأمر الهين اليسير، الذي لا قيمة له، قد يؤدي إلى نتائج خطيرة وعواقب وخيمة. وتُقرّب صورة المثل بأن البعير القوي الشديد، الذي يحمل على ظهره قدراً كبيراً من القش، يصل حداً قد تؤدي زيادة قشة واحدة فوق حمله، إلى كسر ظهره وهلاكه. ومن هنا يُضرب المثل لعدم الاستهانة بصغائر الأمور، التي قد تورد الإنسان مورد الهلاك. 





انت تفصّل وحنّا نلبس 





من أمثال الجزيرة العربية، ويعني الثقة التامة والكاملة بمن بيده الأمر، وأن قومه أو أهله له سامعون طائعون، راضون بما يصدر عنه من قول أو عمل، أي هو مثل الحائك الماهر الذي عرف المقاس الصحيح، فكل ما يخرج من يده يناسب من يلبسه تماماً. 

وبعضهم ينطقه: "فَصِّل والبُس". 

ومعناه: قم بتفصيل أي ثوب تُريده لي. وسوف ألبُسه من دون اعتراض. ويضرب المثل في التفويض الكامل، لمن هو محل ثقة. 

وقد استخدم الملك عبدالعزيز هذا المثل، عندما خطب في الوفد السوري، الذي زار مكة المكرمة، في يونيه 1926م، لجمع التبرعات من المقيمين السوريين، وغيرهم من المحسنين، فقال في حديثه إلى الوفد السوري: "أنا رهين رغبتكم في ذلك. وأنا ألبس ما تفصلون. ولو شئت أن أستشير أحداً، لما وجدت من هو أفضل منكم. وأنا مستعد لكل ما تريدون".

والمثل موجود بلفظه عند العامة في العراق، وفي الشام بلفظ: "مثل ما بتفصل لي بلبس".

إنت فصّل، وآني ألبُس 

ويروى "فصل والبس"، و"فصل لي والبس".

ويُكنى على إبداء الرأي بـ (التفصيل)، وعن قبوله بـ (اللبس). 

وشبهوا صاحب الرأي، بخياط يفصل كيفما يشاء، وبمن يتقبل ذلك الرأي على علاته، بلابس لما فصله الخياط.

فإذا تباحث اثنان في أمر من الأمور، وقال أحدهما للآخر هذا القول، فمعنى ذلك؛ امتثاله رأيه، من دون اعتراض، ويضرب المثل: للامتثال لمن تثق به، فتكل أمرك إليه. 





غاب القط العب يا فار 





يضرب المثل عندما يجد الإنسان فرصة مواتية، لفعل ما يريد فعله في خلوة، من المحاسبة والزجر. ويرادفه من الأمثال القديمة: "خلا لك الجو، فبيضي واصفري" وهو من كلام طرفة بن العبد، وكان سافر مع عمه، وهو صبي، ونصب فخه للقنابر، عند نزوله على ماء، فلم يصد شيئاً، ثم رأى القنابر في مكان آخر، تلقط ما نثر لها من الحب فقال: 
خلا لك الجو فبيضي واصفري 

يا لك من قنبرة بمعمر 


قد رحل الصياد عنك فابشري 

ونقري ما شئت أن تنقري 



وكذلك يُضرب المثل لمن يعمل في غفلة عن الرقيب. وهو مستمد من مشاهدة العداء التقليدي بين القط والفأر. فعندما يجد الفأر الموقع خالياً من القط ، يحلو له أن يتنقل ويلعب كيف شاء. ولكن عند ظهور القط، يلزم الفأر جحره، وينتهي لعبه. ودلالة المثل أن صغار القوم أو من لا شأن لهم، يجدون فرصتهم عند غياب أولي الأمر، فيفعلون ما يشاءون. 



بيدي، لا بيد عمرو 



قائلة هذا المثل، هي هند بِنت الريَّان الغساني، ملكة جزيرة العرب، والتي تُعَدّ من ملوك الطوائف. لُقِّبت بـ "الزَّبَّاء"[1]. وعُرِفَت بالمِنْعَة والعز؛ إذ كانت تتحصَّن بمدينة عُمان، حتى غدت مثلاً، فقيل: "أَعَزّ من الزَّبَّاء". 

طمع في ملكها، مالك بن فهم، ملك الحيرة، وقاتل أبيها؛ والمُلَقَّب بـ "جذيمة الأبرش" و"الوضاح". فخطبها لنفسه، فاستجابت، مشترطة حضوره إليها. 

ولمّا رآها، قال: "إنها لعروس زبَّاء". أما هي، فرأت فيه قاتل أبيها، فأمرت بقطع عروقه، فنزف دمه، ومات. 

وكان في صحبة جذيمة الأبرش، قصير بن سعد القضاعي. فلمّا أحس بقتله، سارع إلى عمرو بن عدي بن نصر اللخمي، المُلقب بـ "رقاش"، ابن أخت الملك المغدور؛ فنعاه إليه، وحرضه على الثأر. فقال الصريخ: "من لي بها، وهي أمنع من عقاب الجو!". 

وما لا يؤخذ مباشرة، يؤخذ مداورة. مكر قصير للأمر، أدخل عمراً ورجاله، ليلاً، في صناديق، إلى قصر الزباء. ولمّا تفرَّق عنها جنودها، إلى مضاجعهم، انبرى لها رجال عمرو، فلاذت إلى نفق، كانت قد أعدته لمِثل هذه الحال. ولكنها فوجئت بعمرٍو على مدخله، فلجأت إلأى خاتمها المسموم، فمصته، قائلة: "بيدي، لا بيد عمرٍو!". وسقطت ميتة؛ وارتفعت قولتها، مثلاً لمن يقتص من نفسه، ولا يمكّن عدوه منه.