تعريف المثل:

المثل لغةً: 
إن معنى مادة «مثل» يتوزع في معاجم اللغة بين هذه المفاهيم التي يختلط فيها المحسوس والمجرد: «التسوية والمماثلة، الشبه والنظير، الحديث، الصفة، الخبر، الحذو، الحجة، الند، العبرة، الآية، المقدار، القالب، الانتصاب، نصب الهدف، الفضيلة، التصوير، الالتصاق بالأرض، الذهاب، الزوال، التنكيل، العقوبة، القصاص، الجهد، الفراش، النمط، الحجر المنقور، الوصف والإبانة» .

المثل اصطلاحاً:
إبراهيم الفارابي قد عرف المثل بقوله: «المثل ما تراضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه، حتى ابتذلوه فيما بينهم وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة» .

ويقول السيوطي في تعريف المثل نقلا عن المرزوقي صاحب كتاب «شرح الفصيح» إنه: «جملة من القول مقتضبة من أصلها أو مرسلة بذاتها، فتتسم بالقبول وتشتهر بالتداول فتنتقل عما وردت فيه إلى كل ما يصح قصده بها، من غير تغيير يلحقها في لفظها وعما يوجه الظاهر إلى أشباهه من المعاني، فلذلك تضرب وإن جهلت أسبابها التي خرجت عليها، واستجيز من الحذف ومضارع ضرورات الشعر فيها ما لا يستجاز في سائر الكلام» .

لذا فالمثل:
 وجه من الأسلوب البياني البديع يقرّب المعاني إلى الأذهان و يؤثّر في السّامع فيكون أكثر استجابة، لأنّ المعنى المطلوب ارتبط عن طريق المثل بالواقع الملموس والحياة المحيطة بذلك السّامع والبيئة التي يعيش فيها، وخاصة إذا تحقق هذا الأخير في الأمثال النبوية، فإنّها تكون نبراسا و مشعلا يضيء للبشر الطريق وهداية وتعليما لهم في مهمات الحياة.

وقالوا أنّ المثل: «هو استعارة تمثيلية شاع استعمالها ويراعى فيها المعنى الذي ورد فيه أولا، فيخاطب به المفرد والمثنى والجمع، مذكرا أو مؤنثا، من دون تغيّر في العبارة الواردة والاستعارة يجب أن يكون لفظ المشبه به فيها المستعمل في المشبّه، ثم شاع استعماله وذاع حتى صار مثلا يضرب.» .

أمّا المثل في الأدب فهو «قول محكي يقصد به تشبيه حال الذي حكي فيه بحال الذي قيل لأجله، ويطلق المثل على الحال والقصّة العجيبة الشّأن وهو قريب من تعاريف بعض المتأخرين. » .

وهذا أيضا تتضمّنه وتحويه أمثال السنّة، إذ فيها تمثيل شيء بشيء وقصّة عجيبة أو أمر ذو بال وشأن فاضل تحثّ عليه أو أمر مُخْزٍ شنيعٍ تحذّر منه، وهذا التّعريف السّابق ذكره قريب من تعريف أحد الباحثين المعاصرين، حيث قال: «والمثل - أصلا- قول سائر يشبّه به حال واقعة بالحال التي وضع المثل لها أساسا من حيث المعنى، فمن السّائغ والمقبول أن تقول لكل من فرّط في مصلحة ما كانت متيسّرة له سهل حصولها، ثمّ جاء يطلبها من صاحبها بعد فوات وقتها الصّيف ضيعت اللّبن.» .

تعريف الحکمة:
الحکمة لغةً:

(الحکمة) هي الوصول إلى الحق والواقع عن طريق العلم والعقل . وهي من مادة (الحکم) أي العقل والمنع، ومن أوائل معانيها إصدار (الحکم) والذي يؤدي إلى منع الظلم، ومن خصوصيات الحکمة أنها تمنع الجهل وعدم المعرفة عن الإنسان . (العلم) بمعنى المعرفة وإدراک وفهم حقيقة وأساس الشيء ، فتدل على الاثار الموجودة في الاشياء والتي بواسطتها يميز ما هو غريب عنها .

الحکمة اصطلاحاً: 
اعتقد عدد على أن (الحکمة) هي العلم الذي يبني شخصية الإنسان ويقويها .
تکررت مادة (الحکمة) عدة مرات في القرآن الکريم وقد ذکر المفسرون عدة أقوال مختلفة في ما هو المراد بالحکمة، فقال بعضهم، المراد هو النبوّة، ويقول البعض أن المقصود التشريعات وعلم الحلال والحرام، وذهب جمع من المفسرين إلي أن المراد هو علوم القرآن وذهبت طائفة إلى أن المراد هو التوصل إلى حقيقة الخطاب الإلهي.

والمحصلة هي أن (الحکمة) هي حالة و خاصية الإدراک والتشخيص الذي يتوقف على العلم الذي حقيقته لله تعالى، هذه الحقيقة التي تلقاها لقمان من الله سبحانه.

الاشتراک والافتراق المثل والحکمة:
تجتمع الحكمة مع المثل في سمات مشتركة، ولكن هناك سمة واحدة هي الوحيدة التي تفرق بين الحكمة والمثل ولنبدأ بالسمات المشتركة أولا ثم نأتي بالفارق بينهما.
اجتماع المثل والحکمة:
قال ابو عبيد «الأمثال حكمة العرب في الجاهلية والإسلام وبها كانت تعارض كلامها. فتبلغ به ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية غير تصريح فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال: إيجاز اللفظ و إصابة المعني و حسن التشبيه و قد ضربها النبي (ص) وتمثّل بها هو ومن بعده من السلف.» .
اذن يمکن القول بأنّ السمات المشتركة بين الحكمة والمثل أربع، وهي:
1 ـ إيجاز اللفظ.
2 ـ إصابة المعني.
3 ـ حسن التشبيه.
4 ـ جودة الكناية.

الفرق بين المثل والحکمة:
وعلى الرغم من اقتران لفظ (المثل) بلفظ آخر يعبر عن فكرة مشابهة له هي (الحكمة)، فإن الحكمة تجمع كل ما يتّصل بالعادات والتقاليد والتدبير والأقوال السائرة والعبارات النادرة، فهي تعبير عن خبرات الحياة، ـ أو بعضها ـ مباشرة في صيغة تجريدية .

انّ المثل السائر يحوي تلك الجوانب الرفيعة التي هي أروع ضروب البيان، ويوافقه في هذا ما قاله أبوإسحاق النظام: «يجتمع في المثل أربعة لاتجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ وإصابة المعني وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة.» .

يقصد أبوعبيد بقوله «كناية غير تصريح» ما تتميز الأمثال العربية القديمة من جلاء الفكرة والبراعة في تحديد المضمون من غير إسهاب في العرض أو تكرار يفضي إلي الخلل والقصور فهي تعمد علي الإشارة الخاطفة التي يتوفّر معها الإيجاز في اللفظ والإصابة في المعني و البراعة في التقسيم ولذلك كانت تلك الأسس من مستلزمات أمثالهم وبها تبلغ ذروة البيان.

ولذلك فإن المثل ليس هو الحكمة، وإن تضمّنها، ولكنه يتجاوزها أحيانا في عمق فكرته، فهو يعبر عن المراد منه حاملاً في داخله تشبيها وتصويرا وتمثيلا. وأما الحكمة فقوامها التفكر والتبصر في شؤون الحياة، في محاولة لكشف أسرارها، وغالبا ما يكون قائلها معروفاً في محيطه متمتعا بقدر من الفصاحة والعلم والفلسفة. والمثل والحكمة يتشابهان من حيث الإيجاز والتكثيف وأحكام العبارة، إلا أن الحكمة قد تميل إلى الطول والإسهاب .

ويرى البعض أن الأمثال لم تلق عناية كافية من قبل اللغويين؛ إذ لم يقوموا بدراسة الأمثال وتحليلها، واكتفوا بجمعها وتدوينها وشرحها. ويعود هذا في رأيه إلى صعوبة تحديد المثل، إذ هو يختلط بالحكمة والقول السائر أو المأثور. وهو يصنفّ الأمثال إلي: أمثال عربية قديمة، وأمثال مولدة، وأمثال عامية شعبية معاصرة .

وعلى الرغم من أن تحديد المثل بصورة خالصة مستصفاة عما يختلط به من سائر الأقوال والحكم أمر يصعب الوصول إلى غاية كاملة فيه، إلا أنه يمكن الاستئناس بأسس للميز بينهما تُستجلى من تعريف المثل السابق لابن السكيت، وتعريف المبرد له: «قول سائر يشبّه به حال الثاني بالأول.» .

وقد وصَف أبي عبيد القاسم بن سلام المثل بأنه حكمة العرب في الجاهلية والإسلام، وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ ما حاولت فيها من حاجات في المنطق، بكناية من غير تصريح .

فالأمثال مايفرقها عن الحكمة، أنها لاتتغير على مدى العصور والأزمان ،ولها مناسبات وأسباب لإنبلاج مفاهيمها على أرض الواقع. أما الحكمة ،فقد تتقلب في شكل آخر غير الذي وجدت به ذات انبعاث ،تبعا للوقت والظروف،ونظرة الحكيم إلى الوجود.

فالحكمة أقرب إلى المباشرة والمثل أقرب إلى التمثيل والتشبيه، أي إلى التصوير غير المباشر، ولعل في هذا الوجه فرقا بينهما على وجه الإجمال، وكما يقول عفيف عبد الرحمن فإن المثل والحكمة يلتقيان في الهدف والنتيجة ويفترقان في الأسلوب. والمثل لون من ألوان الحكمة .

فالمثل هو حادث يقال فيه قول نتيجة تكرار حدث مع الافراد وهو عبارة عن حكايه صورت بكلمات معدودة ذات مفردات سهلة التفسير يفهم معناه كل من يسمعها والمثل نسيج ثقافي رائع بالغ الدقة يعطي في النهايه دستورا للناس.

فالحكمه بصيغه الحال ناتجة عن خبرة ودراية وتكون ذات مضمون اعمق ونابعة عن فلسفه ورؤيا ثاقبة للامور وينطق بها شخص عارف او عالم وعالم لا هوت ويستنبط كلامها ولغتها من دراسة واطلاع وبحث وتتخضع كل فلسفة الى تحليل في التطبيق فهي في كل الاحوال فراسة.

النتائج:
فالحاصل من البحث أنه يشترط في المثل أن يكون كلاما بليغا شائعا مشهورا أو مشتملا علي حكمة بالغة فيه مبالغة في البيان والكشف، فالقرآن الكريم نهج العرب في أساليبهم فضرب الأمثال التي تجلي المعاني أتمّ جلاء، وتحدّث في النفوس من الأثر ما لايقدر قدره ولايسبره غوره.

الحکمة هي كلمة ناتجة عن دراية وذات مضمون اعمق ونابعة من فلسفة ورؤية لدى الشخص وهي فراسة وذكاء منبعهم علم.

إن المثل والحكمة تتفقان في امور وتتفرقان في امور اخرى فالاتفاق بينهما يكون في الايجاز والصدق وانها تعبر عن تجارب طويله وتفترقان في ارتباطهما أساسا بحادثة أو قصة ولا مورد ولا مضرب لها أي الحكمة وهي تصدر غالبا عن الخاصة من الناس الذين يتميزون بالخبرة والانتفاع بالتجارب وسعة الثقافه حتى يحسنو صيغتها.

وفي التالي نذکر أهم الفرق بين المثل والحکمة:
أولاً: أن الحكمة عامة في الأقوال والأفعال والمثل خاص بالأقوال.
ثانياً: أن المثل وقع فيه التشبيه والحكمة قد يقع فيها التشبيه وقد لا يقع فإذا وقع فيها التشبيه اجتمعت مع المثل وإلا اختلفت عنه.
ثالثاً: أن المقصود من المثل الإحتجاج ومن الحكمة التنبيه والإعلام والوعظ ولا يبعد أن يقال بعد ذلك إن المثل هو من الحكمة فهي تعمه وتعم غيره ومن هنا قرر الإمام أبو هلال العسكري صاحبب كتاب جمهرة الأمثال أن كل حكمة سائرة تسمى مثلاً.