الثلاثاء ٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨
بقلم إذا كان الغراب دليل قوم...
ورد البيت في (المستطرَف، ص 50) للأبشيهي دون نسبة، والبيت هو:
ومن يكن الغراب له دليلاً
يمر به على جثث الكلاب
يمر به على جثث الكلاب
والمعنى أن هذا الدليل الذي يرمز إلى الشر والخراب سيسوق من يتبعه إلى جثث الكلاب- يعني إلى الرذائل والشرور.
أما الثعالبي في (التمثيل والمحاضرة- ص 369) فيجعل البيت لأبي الشيص (ت. 811م)، وهذا المعنى أقدم ما ذكر في موضوع الغراب دليلاً:
يقول أبو الشيص الخُزاعي:
ومن يكن الغراب له دليلاً
فناووس المجوس له مصير
فناووس المجوس له مصير
(الناووس هو صندوق من خشب أو حجر منقور يضعون فيه الميت).
والمعنى أنه بسبب اعتماده على الغراب فإنه سيقع في الشر- لا محالة.
وقد حرفت بعض المصادر ما ورد في (المستطرف)، فقيل:
ومن يكن الغراب له دليلاً
يدلهم على جيف الكلاب
يدلهم على جيف الكلاب
أو:
إذا كان الغراب دليل قوم
يمر بهم على جيف الكلاب
والمعاني متقاربة.
يمر بهم على جيف الكلاب
والمعاني متقاربة.
ذُكر العجز – في بعض المواقع- في روايات مختلفة، منها:
إذا كان الغراب دليل قوم
سيهديهم إلى دار الخرابِ
إذا كان الغراب دليل قوم
فلا فلحوا ولا فلح الغرابُ
سيهديهم إلى دار الخرابِ
إذا كان الغراب دليل قوم
فلا فلحوا ولا فلح الغرابُ
ولا عجب في ذلك فبإمكان الشاعر أن يتم الصدر وفق تمكنه من بحر الوافر، وقدرته على ابتكار المعنى.
أما اليُوسي في (زهر الأكَم في الأمثال والحكم) فقد ذكر البيت مع شرح له:
"ومن يكن الغراب له دليلا
يدل به على جيف الكلابِ
يدل به على جيف الكلابِ
يريدون أنَّ من اتخذ الدنيء مرتادًا واللئيم قوادًا فهو يسوقه إلى سخفه أو يقع به إلى حتفه".
(عن الشبكة)
(عن الشبكة)
في هذا السياق إليكم قصة الغراب والحجل والتقليد في المشي، فقد وردت مركزة في قول شاعر:
وكم من غرابٍ رام مِشيةَ قَبْجةٍ
فأنسِيَ ممشاه ولم يمش كالحجلْ
فأنسِيَ ممشاه ولم يمش كالحجلْ
(البيت ورد في كتاب الثعالبي- أعلاه، والقبجة- نوع من الحجل)
وهذه الحكاية وردت في الشعر:
إن الغراب وكان يمشي مشية
في ما مضى من سالف الأجيالِ
حسد القطاة ورام يمشي مشيها
فأصابه ضرب من العُقّال
فأضلّ مشيته وأخطأ مشيها
فلذاك سمَّوه أبا المِرقال
في ما مضى من سالف الأجيالِ
حسد القطاة ورام يمشي مشيها
فأصابه ضرب من العُقّال
فأضلّ مشيته وأخطأ مشيها
فلذاك سمَّوه أبا المِرقال
(ابن عبد ربه: العقد الفريد، ج2، ص 325، والعقّال- داء يأخذ في الأرجل، والمرقال- المسرع، والقصد هنا من الكنية هو السخرية)، فهذا مثل لمن أراد أن يقلد، فنسي ما كان عليه، ولم يُصب في تقليده، فأضاع المشيتين ولم يحسنهما.
وأختم في سياق آخر بما ذكره المتنبي عن الغراب في حكمة له:
لا تشكوَنّ إلى خلقٍ فتشمتَه
شكوى الجريح إلى الغِربان والرَّخَم
شكوى الجريح إلى الغِربان والرَّخَم
أي لا تشكُ أمرك أمام أحد، لأنه سيشمت بك، وحالك يكون كحال الجريح أمام الطيور الجارحة التي تنتظر افتراسه، والتشبيه تمثيل.
أي رسالة أو تعليق؟
فيسبوكمنبر حر للثقافة والفكر والأدب
تويترمنبر حر للثقافة والفكر والأدب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق