الاثنين 21 مايو 201802:16 م
كثيرًا ما نقول، أو نسمع، إنّ الأمريكيين لا يحبون المسلمين وإنّ الأوروبيين عنصريون في تعاملاتهم مع العرب وما إلى هنالك من تعميمات. قد يكون ذلك صحيحًا في حالات ما، ولكن هل نحن أفضل؟ وهل نحن منزهون عن العنصريّة؟ تعالوا نتجول بين أمثالنا الشعبيّة وأقوالنا التي نرددها دائمًا دون أن ننتبه إلى معانيها، علمًا أننا أحيانًا ننتبه ومع ذلك نرددها. يقال في بلاد الشام "حبيبي بحبه ولو كان عبد أسود" ويقابلها في مصر "حبيبك اللي تحبه ولو كان عبد نوبي"، رغم تغني المقولة بالحب وقوة الحب لكن العنصريّة الفجّة الموجهة لأصحاب البشرة السوداء ولشعب النوبة أكبر من أن تُبرر في قول كهذا.
في العنصريّة القوميّة والدينيّّة والطائفيّة وحتى المناطقيّة في بلادنا يمكن أن يكتب المرء مجلدات ضخمة، فقطعة حلوى يشتريها الأطفال نسميها "راس العبد" لأنّ لونها أسود، وإن فعلنا شيئًا مخجلًا قلنا "اسوّد وجهي". ونقول "لبّس الأسمر أحمر واضحك عليه"، ونقول في استعباد الناس "شراية العبد ولا تربايته" ونردد في كلّ مناسبة "لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ/ إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ" وكأنّ العبوديّة شيء عادي في أيامنا. على فكرة، في ليبيا ما زالت تجارة العبوديّة قائمة.
يقول المثل الكردي ما ترجمته "يا سوداء اجلسي هنا ريثما أبحث عن البيضاء" لأنّ صاحبة البشرة السوداء أقل شأنًا من صاحبة البشرة البيضاء. وإن حدث وتعرف أحدهم على فتاة بشرتها داكنة يقول له أصحابه "اللي بتطلع السمرا بيحطلها بودرة وحمرة". ولأنّنا نرضع العنصرية مع حليب أمهاتنا كان الأطفال في دمشق (ويُقال في مدن شاميّة أخرى) يغنّون حين يلعبون في عيدي الفطر والأضحى "يا حاج محمد/ يو يو/ خلف بنات/ يو يو/ بناته سود/ يو يو/ شغل القرود/ يو يو/ بناته بيض/ يو يو/ شغل العفاريت….الخ".
لأنّ عنصريتنا متجذرة فينا ومتأصلة في مجتمعاتنا لم يسلم منها ذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى
جولة بين أمثالنا الشعبيّة وأقوالنا التي نرددها دائمًا
بينما يقول الأكراد عن العرب "كلّه عند العرب صابون" لأنّ العرب لا يميزون الصالح من الطالح. وفي أهزوجة عربية يرددها الأطفال في بعض المدن السوريّة "كردي لولو عالجبل، حط راسو باللبن، قالت أمه وينه، ضربة تخلع عينه….". في بيئات مسلمة، يقال في تحديد وقت انتهاء البرد "بيضل البرد قايم طول ما النصراني صايم". ويقال في وصف الفسّاد "فاسودي كلب يهودي" ويقال في وصف البخيل "اليهودي إذا أفلس، بالدفاتر القديمة نبّش".
عنصريتنا لا تتوقف عند هذا الحد بل تمتد لتكوّن عنصريّة مدنيّة في وجه القادمين من الريف. فبالنسبة لأهل دمشق "يهود خيبر ولا إسلام جوبر" والحديث بين "الدمشقيين الأصليين" الذين يعيشون "جوا السور" الخاص بالمدينة يدور حول بداوة وغباء من يعيشون "برا السور". فمنطقة الميدان هي "مربط خيل" الدمشقيين وأهل منطقة الصالحية "قلوبهم مالحة" والحوراني دائمًا يزرر قميصه حتى الرقبة. ويقولون عادة بخبث "الريفي إذا تدمشق كالقرد إذا تعمشق". في معظم المدن العربية "الدنيا مقامات" و"العين ما بتعلى عن الحاجب" لأنّ أهل المدينة أفضل من أهل الريف، فيُقال من أجل الحط من قدر الناس "جاي من ورا البقر" أو "من ورا الطرش لورا المرش" أو "إجا من ورا الحمارة وصار يركب سيارة".
لأنّ عنصريتنا متجذرة فينا ومتأصلة في مجتمعاتنا لم يسلم من عنصريتنا ذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى، فنقول بكلّ أريحيّة دون أن يرف لنا جفن "إذا شفت أعمى طبه، مانك أرحم من ربه"، ونقول إذا ما أخبرنا أحدٌ ما بأنّه يحبنا "حبك برص وعشرة خرس". ونقول "الأعور بين العميان ملك" و"قال الأعرج للمكرسح ما نجي نتفسح" و"احترنا يا قرعة من وين بدنا نمشطك" و"الله بيطعمي الحلاوة للي ماله أسنان".
وفي رواية أخرى "الله بيطعمي الجوز للي ماله ضراس". ونقول ونحن نضحك "الحلو حلو لو فاق من النوم، والبشع بشع لو غسل كل يوم"، وكأنّ القائل هو من يحدد مقياس الجمال في هذا العالم، وإن أراد شاب الارتباط قيل له انتبه فإنّ "حظ القبايح بالسما لايح وحظ الملايح بالأرض طايح"، ومثلما تعرف عزيزي الشاب أنّك حتى لو "لبست المكنسة بتصير ست النسا"، وإذا أردت النصح يا عزيزي "خود السمينة وأوعى تخاف منها مخدة ومنها لحاف". مثل كلّ شيء في بلادنا، النساء هم الحلقة الأضعف، وهم في المرتبة الدنيا من مراتب المجتمع.
ليس هنالك أضعف منهن سوى المثليين والمتحولين جنسيًا. لذلك ترى الأمثال والمقولات التي تحط من المرأة وتقلل من قدرها أكثر من أن تعد. فـ"الرجّال رحمة ولو كان فحمة" ليس مثل المرأة التي مثل "الزيتون ما بتحلى إلا بالرص". فالمرأة "مثل السجادة من فترة لفترة بدها ضرب ونفض". يُقولون إنّ "أم البنت مسنودة بخيط وأم الصبي مسنودة بحيط" لأنّ "البنت إذا ما جابت العار بتجيب العدو للدار"، لذلك يفضل الناس في بلادنا أن يتكاثروا ذكورًا دون الإناث، وترى الأمهات يقلن "عقربتين عالحيط ولا بنتين بالبيت" لأنّ "هم البنات للممات" ولأنّ "الرجّال ذنبه مغفور والمرأة ضلع مكسور".
وإن كان الوليد، لا قدر الله، بنتًا فلها إذن ثلاث نقلات في حياتها لا غير "للبنت بحياتها تلات طلعات: من بطن أمها لبيت أهلها، ومن بيت أهلها لبيت زوجها، ومن بيت زوجها للقبر". فلا حريّة للمرأة في شيء ولا حتى في الكلام، وإن تطاولت في كلامها وأبدت رأيها بما تريد أن تلبسه مثلًا، فقل لها "قصي من لسانك وزيدي عالتنورة، منه بتدفي سيقانك ومنه بتضلي مستورة"، وإذا وقعت الواقعة وطُلّقت المرأة فإنّ "مال الخراب رجع لأهله". أما إذا ماتت فلا بأس بذلك، فالمثل يقول "مات أخوي انكسر ظهري، ماتت أختي انستر عرضي". رغم كلّ ما سبق، فإنّ بلادنا الحلوة تبقى بلاد المحبة والتعايش المشترك، وأي بلاد مثلها؟ ومن يقول غير ذلك فإنّ هدفه تشويه صورة مجتمعاتنا الجميلة وأخلاقنا الحميدة وهو عميل للاستعمار والإمبرياليّة والماسونيّة وغايته إضعاف نفسيّة أمتنا، التي يتمنى العالم كلّه أن يكون عنده ما عندنا من أخلاق وعلم وأدب.
* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
يتم التصفح الآن
لمسة اللذّة الممنوعة
"الجنس حاجة طبيعية ولسنا ملائكة"... العلاقات الحميمية لذوي الاحتياجات الخاصة
"رجل واحد لا يكفي"... نساء يرفعن شعار التعدّد
9 اعتقادات خاطئة نقلها لنا أهالينا
الثلاثاء 29 يناير 201906:23 م
اسم الشيطان: نزعة محليّة وتأثيرات كتابيّة
من المرجّح أن لفظ "الشيطان"، كان معروفاً إلى حدّ بعيد في الثقافة العربيّة قبل الإسلام، ومن المحتمل أن تلك الكلمة قد انتقلت إلى العرب من أصحاب الأديان التوحيديّة الإبراهيميّة (اليهود والمسيحيين)، الذين عاشوا بجوارهم في بعض المناطق والمدن في شبه الجزيرة العربيّة. بعض المعاجم اللغوية العربيّة تذكر أن كلمة الشيطان لها أصول عربيّة، وأنها مشتقّة من لفظة "شَطَنَ" بمعنى بَعُدَ، أي أن الشيطان هو البعيد، فهو بعيد عن رحمة الله لمعصيته له. من هنا لم تكن كلمة الشيطان غريبةً على مسامع المسلمين الأوائل، الذين قرؤوا النصوص القرآنيّة المبكرة، واعتادوا على الاستعاذة من الشيطان الرجيم، والذي نُظر إليه في المعتقد الإسلامي، على كونه العدوّ الأكبر للإنسان، بسبب دوره الكبير في خروج آدم من الجنة، ونزوله إلى الأرض، ليكابد أبناؤه المشقّة والكَبَدَ عبر الأزمان. في السياق نفسه، عُرف الشيطان باسم آخر مشهور، وهو "إبليس"، وهناك اختلاف في معنى الكلمة وجذورها، فبينما يذكر البعض أنها كلمة عربيّة مشتقة من "الإبلاس"، وهو الإبعاد، فأن أكثرية اللغويّين المسلمين قد ذهبوا إلى أنها كلمة أعجميّة وغريبة عن اللغة العربيّة، وذلك بحسب ما يذكر شهاب الدين الألوسي في تفسير ”روح المعاني”، وهو الرأي الذي يتماشى مع كون تلك الكلمة، تعريباً للفظة اليونانية "ديابوليس"، والتي تعني المشتكي زوراً، والتي استخدمها الكتاب المقدّس في العديد من المرات للإشارة إلى الشيطان.تفاعلت الثقافة الإسلامية مع الأسطورة العبرانيّة القديمة عن ساكنة الجنة الأولى "ليليث"، حيث جرى إسقاط بعض صفاتها على كائن خرافي يُعرف بالسُعلاة أو الغول أو القطرب
"إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكراً، وفي اليسرى فرجاً، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً وشيطانة...".
ظهرت أسماء للشيطان ذات صبغة محليّة عربيّة قُحّة، فبحسب ما يذكر جلال الدين السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، أن من أسماء الشيطان، الحارث وقترة وأبو كردوس وأبو مرّة، ومن الواضح في تلك الأسماء، أنها جميعاً ذات صبغة عربيّة جداً، كما أنها قد تماشت مع التقليد العربي الذي يميل إلى استخدام الكُنى.
أيضاً ظهرت بعض الأسماء ذات الصبغة المحليّة العربيّة القُحّة، فبحسب ما يذكر جلال الدين السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، أن من أسماء الشيطان، الحارث وقترة وأبو كردوس وأبو مرّة، ومن الواضح في تلك الأسماء، أنها جميعاً ذات صبغة عربيّة جداً، كما أنها قد تماشت مع التقليد العربي الذي يميل إلى استخدام الكُنى. في سياق مختلف، نجد أن الثقافة الإسلاميّة، قد استوردت بعض الأسماء التي أطلقها اليهود والمسيحيّون على الشيطان، ومن ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، عندما ذكر أن من أسماء الشيطان، عزازيل، ومن المعروف أنه اسم عبراني بامتياز، وأنه قد ظهر للمرة الأولى في النصوص الكتابيّة اليهوديّة في سفر اللاويين. أيضاً توجد بعض الأسماء التي تظهر فيها أثار الدمج بين الثقافة العربيّة والكتابيّة، ومن أهمها، أبو الكروبيين، وهو اسم مشتق من كلمة "كروبييم" وهم نوع من الملائكة له أجنحة، ويختصّ بالعبادة والتسبيح، وقد ورد ذكرهم في العهد القديم للمرة الأولى في سفر التكوين. ولأن الثقافات التركيّة والفارسيّة القديمة، كانت من بين الروافد الأصيلة، التي ساهمت في تكوين وتشكيل الثقافة الإسلاميّة، فأننا نلاحظ أن بعضاً من أسماء الشيطان، قد جرى اشتقاقها من كلمات تركيّة أو فارسيّة وليس لها أي معنى واضح باللغة العربيّة، ومن ذلك اسمي الدلمز والخيتعور، واللذان يذكرهما السيوطي في كتابه.
لأن الثقافات التركيّة والفارسيّة القديمة، كانت من بين الروافد الأصيلة، التي ساهمت في تكوين وتشكيل الثقافة الإسلاميّة، فأننا نلاحظ أن بعضاً من أسماء الشيطان، قد جرى اشتقاقها من كلمات تركيّة أو فارسيّة وليس لها أي معنى واضح باللغة العربيّة، ومن ذلك اسمي الدلمز والخيتعور، واللذان يذكرهما السيوطي في كتابه
أيضاً، نستطيع أن نعثر على بعض الأسماء التي نُسبت للشيطان، وتربطه ببعض مظاهر الطبيعة، ومن ذلك اسم قُزح، حيث يروي أبو نُعيم الأصفهاني في كتابه "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، أن الرسول قد قال لأصحابه ذات مرة "لا تقولوا قوس قُزح، فأن قُزح شيطان، ولكن قولوا قوس الله وجل..."، وهي الرواية التي حكم العديد من علماء الحديث النبوي بوضعها واختلاقها، ومنهم على سبيل المثال ناصر الدين الألباني في كتابه "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة". في سياق آخر، تمّ تسمية الشيطان ببعض الأسماء التي يغلب عليها الإشارة لفكر أو منظومة عقائدية معيّنة، من ذلك ما يحكيه أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي في كتابه "تلبيس إبليس"، عندما يذكر أن أحد شيوخ الصوفية كان يقول لبعض أتباعه "إذا أردت أن تشتكي فقل أوه فهو اسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه المؤمن، ولا تقل إفرج فأنه اسم من أسماء الشيطان".كيف أنتج الشيطان ذريته؟
بحسب ما يُفهم من النصوص القرآنيّة، فأن الشيطان بعد أن نزل إلى الأرض، لم يبق وحيداً، بل إنه –بشكل ما- قد صارت له ذريّة وأبناء يساعدونه في تضليل البشر وإهلاكهم. في سورة الكهف، وردت الإشارة إلى تلك المسألة بشكل واضح، حيث جاء فيها في سياق التحذير من الشيطان "أفتتخذونه وذريّته أولياء من دوني وهم لكم عدو، بئس للظالمين بدلاً". من المرجّح أن المسلمين الأوائل لم يقفوا كثيراً أمام السؤال حول كيفيّة إنجاب الشيطان لذريّته، وأنهم لم يفهموا من الآية، إلا الأمر باتباع أوامر الله والبعد عن المعاصي والشرور، ومما يؤيّد ذلك الرأي، ما يذكره ابن عساكر في كتابه "تاريخ دمشق"، من أن رجلاً قد أتى الإمام الشعبي تـ 100هــ، وسأله "ما اسم إمرأة إبليس؟" فرد عليه الشعبي ساخراً "أن ذاك لعرس ما شهدته"، وهو الردّ الذي يشير إلى أن الاهتمام بذلك النوع من القضايا، كان قليلاً إلى حدّ ما في القرون الأولى من تاريخ المسلمين، حيث كان يُعدُّ نوعاً من الترف الفكري ليس أكثر. مع مرور الوقت، ومع الاهتمام بتخريج تفسيرات مُحكمة صلبة للنص القرآني، بغض النظر عن المعاني الكامنة فيه، ظهرت الحاجة المُلحّة لمناقشة تلك القضايا، ومن هنا نجد أن شمس الدين القرطبي في القرن السابع من الهجرة، قد قام في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" بالردّ على السؤال الذي وجه إلى الشعبي بقوله "إن إبليس قد ادخل فرجَه في فرج نفسه، فباض خمس بيضات، فهذا أصل ذريّته" أو "إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكراً، وفي اليسرى فرجاً، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً وشيطانة...". تلك التفسيرات الميثولوجيّة، والتي تقترب كثيراً مع تفسيرات توالد الآلهة بطريقة ذاتيّة في الثقافات السومريّة والأشوريّة والبابليّة القديمة، لجأت إلى الإستعانة ببعض الروايات والأحاديث المتواترة، ومنها على سبيل المثال ما ذكره الإمام النووي في كتابه "المنهاج في شرح صحيح مسلم"، والذي أورد فيه قول الرسول "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فيها باض الشيطان وفرّخ". الثقافة النصّيّة التي سيطرت على المسلمين في القرون المتأخّرة، عملت على الاستفادة الحرفيّة من الشطر الثاني من الحديث المذكور، والذي يتكلّم عن بيض الشيطان، وركبته مع النصوص التراثية التي تتحدث عن "المعاشرة الجنسيّة الذاتيّة"، لتنتج صورة ميثولوجيّة شبه كاملة لكيفيّة تكاثر الشيطان.أبناء الشيطان: ليليث التي تحولت إلى السُعلاة والغول
من الملاحظ أن الثقافة الإسلامية لم تكتف بالتفسيرات القرآنية فحسب لرسم صورة كاملة عن الشيطان وذريّته، ولكنها أيضاً عوّلت على التفسيرات اليهوديّة التلموديّة، وإن غيّرت بعض الشيء فيها لتتوافق وتتناغم مع خصوصيّتها العقائديّة. بحسب ما يرد في كتاب "الزوهار" اليهودي، فأن ليليث كانت هي الأنثى الأولى التي خُلقت مع آدم، ولكنها لم ترض بسيطرته عليها، فتركته وذهبت إلى الشيطان، فأصبحت معشوقته، واعتادت على أن تنجب منه الأطفال، ولما اشتكى آدم إلى الله، أرسل لها ثلاثة ملائكة لإرجاعها، ولكنها رفضت الرجوع معهم، فقام الملائكة بقتل 100 طفل من أطفالها كلّ يوم، وعزمت هي على الانتقام من البشر. فكانت تتعرّى أمام الرجال وتغريهم ثم تقوم بقتلهم، كما إنها كانت تأتي للأطفال خلال نومهم فتقتلهم، وساد الاعتقاد بأن الطفل إذا ابتسم في نومه فأنه يكون في تلك اللحظة يتعرّض للأذى من ليليث، فتقوم أمّه بضربه على شفته بأصبع واحدة لطردها، كما كان من الشائع أن تُرسم دائرة حول سرير الطفل، وترسم داخلها نجمة خماسية، ويُكتب بها أسماء الملائكة الثلاثة، واسمي آدم وحواء، وذلك للحماية من شرّ ليليث.
تفاعلت الثقافة الإسلامية مع الأسطورة العبرانيّة القديمة عن ساكنة الجنة الأولى "ليليث"، حيث جرى إسقاط بعض صفاتها على كائن خرافي يُعرف بالسُعلاة أو الغول أو القطرب
تلك الأسطورة العبرانيّة القديمة تمازجت مع الثقافة الإسلاميّة، حيث جرى إسقاط بعض صفات ليليث على كائن خرافي يُعرف بالسُعلاة أو الغول أو القطرب. ورغم اتفاق العديد من العلماء واللغويين والمؤرّخين المسلمين القدامى على وجود تلك الكائنات الثلاث، إلا أن هناك خلطاً وارتباكاً واضحين في التفريق والتمييز بين كل صنف منهم. الاعتقاد السائد في كتب التراث الإسلامي، أن (السُعلاة والغول والقطرب)، كائنات شريرة، وأنهم من أبناء الشيطان وبناته، وهم بذلك يختلفون عن ليليث التي كانت زوجة الشيطان في الميثولوجيا العبرانية. من المؤكد أن العرب قبل الإسلام قد عرفوا الغول، حيث عدّوه –بجانب الرُخّ"العنقاء" والخلّ الوفي- واحداً من مستحيلات ثلاثة، ندر أن يلاقيهم الإنسان في حياته. في كتابه "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات"، يصف القزويني الغولَ بقوله "حيوان شاذ مشوّه، لم تحكمه الطبيعة، وأنه لما خرج مفرداً لم يستأنس وتوحّش، وطلب القفار، وهو يناسب الإنسان والبهيمة وأنه يتراءى لمن يسافر وحده في الليالي وأوقات الخلوات، فيتوهّمون أنه إنسان، فيصدّ المسافر عن الطريق". أما الجاحظ في كتابه "الحيوان" فيذكر أن العرب في الجاهليّة كانوا يعتقدون بأن الغول تتمثّل في أي صورة تريد، وأنها كانت تظهر في صور النساء الجميلات، إلا أن رجليها كانت على صورة رجلي حمار. وبحسب ما يذكر المسعودي في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، إنّ العديد من مشاهير المسلمين قد قابلوا الغول، ومنهم على سبيل المثال عمر بن الخطاب، الذي قابلها خلال إحدى أسفاره إلى الشام، وقام بقتلها بسيفه. من اللافت للنظر، أن هناك تعارضاً واضحاً في النصوص الدينيّة التي تعرّضت لموضوع الغول، فمن جهة نستطيع أن نجد العديد من الأحاديث المنسوبة للرسول، والتي تذكر أن بعض الغيلان قد سرقت الطعام من المسلمين، وأن المسلمين قد ذهبوا واشتكوا للرسول من ذلك، وقد وردت تلك الأحاديث في مسند أحمد بن حنبل وسنن أبي داوود على سبيل المثال، وفي الوقت ذاته، وعلى الجهة المقابلة، يقول الرسول في صحيح مسلم، صراحةً: "لا غول". حاول بعض العلماء تفسير ذلك التعارض الظاهر، فعلى سبيل المثال، يقول الطحاوي في كتابه "مُشكل الآثار" أن الغيلان كانت موجودة إلى عهد الرسول، ثم أهلكها الله، أما النووي في شرحه لصحيح مسلم، فإنه يرى أن كلام الرسول "لا غول"، لا ينفي وجود الغول بالكليّة، ولكنه ينفي القدرات السحريّة التي كان العرب يعتقدون بوجودها فيها، من التلوّن والتشبّه بالصور المختلفة. من الأمور المهمّة هنا، أن الغول دائماً ما كان يُنظر له على كونه أنثى وليس ذكراً، ويذكر الجاحظ في كتابه الحيوان، قصص بعض الرجال الذين تزوّجوا من الغول وأنجبوا سوية أبناء وبنات، ولعل أشهر تلك القصص، قصّة عمرو بن يربوع الذي تزوّج الغولة، ومكث معها فترة طويلة، ثم فارقته ورجعت إلى أهلها.
من أنواع الشياطين: "زلنبور"، الذي يغوي الناس في الأسواق، و"تبر" الذي يدعو الناس لضرب الوجوه وشقّ الجيوب عند المصائب
من المُرجّح أن ارتباط الغولة بالأنثى، مردّه إلى أسطورة ليليث العبرانيّة، ولكن من الغريب أن جميع الثقافات المستمدّة من الثقافة الإسلاميّة والمتفرّعة عنها، قد حرصت هي الأخرى على تأنيث الغولة في أساطيرها الشعبية، فالنداهة في مصر، وأم الصبيان في الجزيرة العربية، وعيشة قنديشة في المغرب، كلها صور أسطوريّة مقتبسة عن الغولة وليليث ذات الأصل الشيطاني. على أن الذريّة الشيطانيّة في الثقافة الإسلاميّة لم تقتصر على النموذج الليليثي، بل ظهرت مجموعة أخرى من النماذج التي تواتر ذكرها في كتب الأحاديث والتفسير، من ذلك الشيطان "خنزب"، الذي ورد في صحيح مسلم أنه يشغل المسلم في صلاته، والشيطان "هامة بن هيم بن لاقيس بن إبليس"، والذي قابله الرسول في جبال تهامة، بحسب ما يذكر شمس الدين الذهبي في كتابه ”ميزان الاعتدال”٠ أما في تفسير الطبري، أنّ ابن جرير قد نقل عن مجاهد أسماء ما يزيد عن عشر أنواع من الشياطين، الذي تخصّص كلّ واحد منهم في مسألة معينة، منهم "زلنبور"، الذي يغوي الناس في الأسواق، و"تبر" الذي يدعو الناس لضرب الوجوه وشقّ الجيوب عند المصائب، و"الأعور"، الذي يحرّض الناس على الزنا والفجور، و"الأبيض" الذي تخصّص في محاولة غواية الأنبياء والرُسل، بالإضافة إلى "الولهان" الذي يوسوس في أمر الطهارة والوضوء. وهكذا لم تكتفِ الثقافة الإسلاميّة باستيراد الصورة النمطيّة للشيطان، تلك التي وردت في الثقافتين اليهوديّة والمسيحيّة، بل قامت بإنتاج صورة جديدة مبتكرة، تحتكم لخصائصها الثقافيّة، بقدر ما تتفاعل مع الثقافات السابقة عليها.يتم التصفح الآن
لمسة اللذّة الممنوعة
"الجنس حاجة طبيعية ولسنا ملائكة"... العلاقات الحميمية لذوي الاحتياجات الخاصة
"رجل واحد لا يكفي"... نساء يرفعن شعار التعدّد
9 اعتقادات خاطئة نقلها لنا أهالينا
الاثنين 15 يناير 201812:43 م
علاقة مدبّرة... وإعجاب
تشير الوثيقة إلى أن ماهيو اتصل بـ"محام بارز في لوس أنجلس وشخصية هوليودية" (لم يُذكر اسمه)، وفي التاسع من أبريل 1959، نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" قصة عن لقاء جمع الممثلة السينمائية سوزان كابوت بالملك حسين في حفلة لجمع تبرعات في كاليفورنيا. كان الانسجام واضحاً بين الممثلة والملك خلال إقامته في لوس أنجلس، وقد "تمنى الأخير لقاءها أثناء تواجده في نيويورك ما بين الرابع عشر والثامن عشر من العام 1969"، بحسب وثيقة "السي آي إيه". ولأن الوكالة حريصة على "إرضاء" الملك، الذي أُعجبت بشخصيته ووجدت لديه إمكانية التحول لزعيم عربي، عمدت إلى استئجار منزل له في لونغ آيلند في نيويورك، بينما حجزت لكابوت غرفة في فندق باركلي المجاور للمنزل، تحت اسم مستعار. وقد انتقلت كابوت إلى هناك، بينما تمّ تأمين زيارة الملك لها في الليالي الأربع التي قضاها في نيويورك. وكانت كابوت في تلك الفترة نجمة صاعدة، وقد سمعت من عملاء الاستخبارات ما مفاده "نريدك أن تذهبي إلى الفراش مع الملك حسين". في البداية كانت مترددة، ولكن بعد لقائه في حفل لوس أنجلس أخبرت العملاء أنها "أُخذت" بالملك، ووجدته "ساحراً".انتشرت أخبار العلاقة بين الاثنين، وتناقلتها العديد من الصحف في تقاريرها، وكان ذلك محور نقاش بين الممثلة وعناصر الأمن، الذي تخوفوا من أن تتسبب العلاقة مع الممثلة ذات الأصول اليهودية بمشكلة للرئيس المسلم. وذكرت الوثيقة أن كابوت، خلال إقامتها في لونغ بيتش، تشاركت مع الاستخبارات المصادر المحتملة لبعض المعلومات الشخصية التي تمّ تسريبها إلى الإعلام.قصة غرامية جمعت الملك الأردني السابق بممثلة أمريكيّة وأثمرت عن طفل.. هذا ما كشفته وثيقة من بين وثائق التحقيق في اغتيال الرئيس جون كينيدي
في الخمسينات، كان الأمريكيون حريصين على إرضاء الملك حسين باعتباره حليفاً محتملاً في الشرق الأوسط. وعليه، فبحثوا عن نساء للتقرب من الزعيم الشاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق