هذا مثل من أمثال البدو التي يتوافق الاستشهاد به على ما نشاهده في الواقع وفي القنوات الفضائية هذه الأيام من سلوكيات أفرزتها حركة الجذب المغناطيسي لكل من هب ودب إلى عالم الإبل لتكون سبيلاً للارتزاق بطريقة أو بأخرى فظهر المتخصصون في تغسيل وتنظيف مزايين النياق بأنواع الشامبوهات والبلاسم!! وظهر الحلاقون والكوافيرية المتخصصون لعمل القصات الجميلة لوبر الناقة!! وازدهرت مكاتب تنظيم الحفلات، وزادت مبيعات الأعلام والرايات والخطاطين والتسجيلات، ودبّج الشعراء القصائد في الناقة وفي الذود وفي الفحل فأنشدها المنشدون وبثتها القنوات إضافة إلى التجارة القائمة على هامش المهرجان كتجارة الخيام والحطب والغنم والإبل وغيرها .
ولكن ما لا يدركه البعض أن هناك نوعاً من الناس يقلّب رأسه في وسط هذا الحراك الاقتصادي والاجتماعي ليس في ذلك الأمر كله، وليس له علاقة بشيء من ذلك كله، وليس له ناقة ولا جمل، ولكنه يحشر نفسه في كل مسيرة ويرتاد كل حفلة ويدخل في كل تجمع ويشهد كل حراج فهذه النوعية من الناس هي ما ينطبق عليه المثل (ملقّح ناقة عرب ...من جمل عرب) والمثل يتحدث عن شخص (ملقوف) رأى ناقة في الصحراء لا يملكها ولا يعرف صاحبها فعمل على الاتجاه بها إلى جمل رآه في مكان آخر ولكنه أيضاً لا يملكه ولا يعرف صاحبه ليجري عملية تلقيح بينهما دون أن يطلب أحد من هذه الخدمة ودون أن يستأذن صاحب الناقة أو الجمل اللذين لا يعرفهما أصلاً ربما لأنه يريد المساهمة في تنمية الحياة الفطرية وزيادة الثروة الحيوانية!!
جاء هذا المثل على بالي حينما سمعت من أحد ملاك الإبل المشاركين في مهرجان أم رقيبة أنهم لا يستطيعون التحكم في مسيرة إبلهم والسيطرة عليها بسبب غوغاء الجماهير الذين لا يعرفونهم وليس لهم علاقة بصاحب الإبل بل لا ينتمون إلى القبيلة التي ينتمي لها صاحب الإبل، وإنما مجرد مشجعين يشاركون في الرقص والتطبيل والغناء مع كل مسيرة إبل تتجه إلى العرض وربما تسببوا في مشاكل لصاحب الإبل وأذى لنياقه المليونية حيث كُسرت إحدى النياق الجميلة أثناء المسيرة فاستبدلها بأخرى أقل جمالاً لتكملة العدد!! فماذا يفعل مع هذه النوعية من الناس ؟! الذين يظنون أنهم ينفعون صاحب الإبل وهم ربما تسببوا في الإضرار به ورغم ذلك فهم يتكاثرون بشكل عجيب وتطفل غريب!! والمثل ينطبق على حالات نشاهدها بكثرة في حياتنا العامة وخاصة في دنيا الصحافة والإعلام!!
وعلى أي حال فللإبل حضور كبير في أمثالنا العربية والشعبية عموماً وفي أمثال البادية خصوصاً ومن هذه الأمثال التي أوردها سليمان الأفنس الشراري في كتابه الرائد عن الإبل (ما يبرك حق وبالمبرك جمل) ، (البل كبّارات الروس)، (القراد يثوّر الجمل)، (إن جت البل ما لقينا عقل..وإن جن العقل ما لقينا البل)، (الجمل من جوفه يجتر)، (كم ناقة تشرب بجلد حوار) ، (حرك لها حوارها تحن)، (البعير ما يشوف عوجة رقبته)، (من خاوى الجرباء على الحول يطلى) وأخيراً يقول مشحن بن صليهم الشراري في الملك عبدالعزيز:
حطوا بزينات العشاير دباديب
لعيون حكمٍ بالمواتر حماها
حكم الإمام اللي تجيه المراكيب
كل الخشوم اللي تروزه وطاها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق