أمثال شعبية
"يا خبر النهاردة بفلوس.." (فرانس برس)
9 سبتمبر 2016
كانت تغضبه كثير من الأمثال الشعبية، ويجادل في صحتها أو معقوليتها، وأحياناً يعلن رفضها. وكان الأكبر سناً يضحكون من طفل لا يدري عن الحياة إلا القليل، أو يسكتون لأن بعض كلامه منطقي.
كانت أمه تكرّر عادة: "على أد لحافك مد رجليك"، وكان يعترض قائلاً: "ولماذا لا نشتري لحافاً أكبر بدلاً من اللحاف القصير الذي يمنعنا من مد أرجلنا على استقامتها ويوفر لنا الدفء في ليالي الشتاء؟". فتردّ الأم بحنان أن عليه ألا يقلق لأن لديهم من الأغطية الثقيلة ما يكفي.
وكان أبوه يكرّر كثيراً: "اللي عنده دم (كناية عن الإحساس بالناس) أحسن من اللي عنده عزبة". وكان يردّ: "ولماذا لا يكون عنده دم وعزبة معاً؟". فيشرح الأب أنه لا يقصد أن وجود أحدهما مرتبط بغياب الآخر، وإنما هي صيغة تفضيل للإحساس على المال.
مع تقدمه في العمر والتجربة، بدأ يدرك معاني تلك الأمثال وغيرها، ويربط بين تلك المعاني والأوقات التي كانت تقال فيها، والتي لم يكن يدرك الرابط بينها في صغره، خاصة بعد أن تعرّض لأزمات حياتية احتاج فيها إلى الاقتصاد في الإنفاق أو التركيز على الأساسيات، أو مطالبة من هو مسؤول عنهم ألا يبالغوا في طلب الكماليات ووسائل الرفاهية.
لم يتوقف شغفه يوماً بالأمثال الشعبية، حتى أنه كان يقضي فترات للكتابة عنها، حتى اهتدى إلى موسوعة الأمثال الشعبية للمؤرخ المصري الراحل أحمد تيمور باشا، والتي تضم شروحاً لأكثر من ثلاثة آلاف مثل شعبي.
اقتناؤه للموسوعة لم يمنعه من التفكر في معاني الأمثال وطريقة صياغتها، بل إنه في بعض الأوقات كان يتخيل مواقف حياتية يمكن اعتبارها سبباً لظهور المثل الشعبي.
كان يعتقد أن مثل "اللقمة الهنية تكفي مية" هو من اختراع الفقراء الذين يتحايلون على أنفسهم وذويهم لتجاهل قلة الطعام، وأنهم أيضاً أصحاب "بصلة المحب خروف"، وأن "الخسارة تعلم الشطارة" صكه فاشلون لمواساة أنفسهم، وأن "ابنك على ما تربيه، وجوزك على ما تعوديه" اخترعته سيدة ليس لديها زوج ولم تجرّب يوماً تربية الأولاد، وأن "يا خبر النهاردة بفلوس. بكره يبقى ببلاش" ليس إلا نموذجاً على الكسل.
لكنه كان معجباً بكثير من الأمثال التي كانت تختصر الكثير من المعاني في كلمات قليلة، فكان يكرّر "المال السايب يعلم السرقة"، ويصف كثير من معارفه بأنهم "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، وينعت أشخاصاً يكرههم بالمثل "افتكرناه موسى طلع فرعون".
وكان المثل الشعبي المفضل لديه "اللي يربط في رقبته حبل. ألف من يسحبه" ويعني أن من يحتقر نفسه من السهل أن يحتقره الآخرون، وأن من يتهاون في حماية حقوقه يسلبه الناس إياها.
كانت أمه تكرّر عادة: "على أد لحافك مد رجليك"، وكان يعترض قائلاً: "ولماذا لا نشتري لحافاً أكبر بدلاً من اللحاف القصير الذي يمنعنا من مد أرجلنا على استقامتها ويوفر لنا الدفء في ليالي الشتاء؟". فتردّ الأم بحنان أن عليه ألا يقلق لأن لديهم من الأغطية الثقيلة ما يكفي.
وكان أبوه يكرّر كثيراً: "اللي عنده دم (كناية عن الإحساس بالناس) أحسن من اللي عنده عزبة". وكان يردّ: "ولماذا لا يكون عنده دم وعزبة معاً؟". فيشرح الأب أنه لا يقصد أن وجود أحدهما مرتبط بغياب الآخر، وإنما هي صيغة تفضيل للإحساس على المال.
مع تقدمه في العمر والتجربة، بدأ يدرك معاني تلك الأمثال وغيرها، ويربط بين تلك المعاني والأوقات التي كانت تقال فيها، والتي لم يكن يدرك الرابط بينها في صغره، خاصة بعد أن تعرّض لأزمات حياتية احتاج فيها إلى الاقتصاد في الإنفاق أو التركيز على الأساسيات، أو مطالبة من هو مسؤول عنهم ألا يبالغوا في طلب الكماليات ووسائل الرفاهية.
لم يتوقف شغفه يوماً بالأمثال الشعبية، حتى أنه كان يقضي فترات للكتابة عنها، حتى اهتدى إلى موسوعة الأمثال الشعبية للمؤرخ المصري الراحل أحمد تيمور باشا، والتي تضم شروحاً لأكثر من ثلاثة آلاف مثل شعبي.
اقتناؤه للموسوعة لم يمنعه من التفكر في معاني الأمثال وطريقة صياغتها، بل إنه في بعض الأوقات كان يتخيل مواقف حياتية يمكن اعتبارها سبباً لظهور المثل الشعبي.
كان يعتقد أن مثل "اللقمة الهنية تكفي مية" هو من اختراع الفقراء الذين يتحايلون على أنفسهم وذويهم لتجاهل قلة الطعام، وأنهم أيضاً أصحاب "بصلة المحب خروف"، وأن "الخسارة تعلم الشطارة" صكه فاشلون لمواساة أنفسهم، وأن "ابنك على ما تربيه، وجوزك على ما تعوديه" اخترعته سيدة ليس لديها زوج ولم تجرّب يوماً تربية الأولاد، وأن "يا خبر النهاردة بفلوس. بكره يبقى ببلاش" ليس إلا نموذجاً على الكسل.
لكنه كان معجباً بكثير من الأمثال التي كانت تختصر الكثير من المعاني في كلمات قليلة، فكان يكرّر "المال السايب يعلم السرقة"، ويصف كثير من معارفه بأنهم "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، وينعت أشخاصاً يكرههم بالمثل "افتكرناه موسى طلع فرعون".
وكان المثل الشعبي المفضل لديه "اللي يربط في رقبته حبل. ألف من يسحبه" ويعني أن من يحتقر نفسه من السهل أن يحتقره الآخرون، وأن من يتهاون في حماية حقوقه يسلبه الناس إياها.
اقرأ هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق