google.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0 حكم أمثال أقوال قصص: العير والنفير oogle.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

العير والنفير

مكانة الإبل في الأمثال العربية

للإبل مكانة خاصة في أمثالنا العربية، وقد نالت منها نصيب الأسد، متفوقة بذلك على سائر أنواع الحيوانات الأخرى. فالإبل كانت كل شيء في حياة أجدادنا العرب فهي الحيوان الوحيد الذي يحمل عليه ويؤكل لحمه ويشرب لبنه، والإبل مال العرب، منها غذاؤهم وكساؤهم وبها تمهر النساء، وهي التي حملت الفرسان في الغزوات والحروب، ومن خلالها كانت تتم قوافل التجارة بين الشرق والغرب، فكانت تجارة قريش وكانت رحلة الشتاء والصيف، والإبل كانت وسيلة الانتقال التي معها الأمان والهدوء والاطمئنان لنساء الملوك والأمراء، وذكر القرآن الكريم كلمة الإبل بلفظها وبأسماء أخرى كالجمل والناقة والبعير والعير والهيم والبدن والأنعام والسائبة والبحيرة والوصيلة والحام والعشار.
 والإبل أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وقد قيل عن الإبل الكثير حيث إنها مصدر العطاء والخير، قال بعض من عظّم شأن الإبل: إن الله تعالى لم يخلق نعماً خيراً من الإبل، إن حملت أثقلت، وإن سارت أبعدت، وإن حلبت أروت، وإن نحرت أشبعت. ولذلك لم يترك أجدادنا العرب شيئاً من الإبل أو مما يتصل بها إلا وتمثلوا به الأمثال، وهي أمثال أنتجتها الخبرة والحنكة ومصارعة الأيام والتجارب المتنوعة التي تعرض لها أجدادنا، وتلك الأمثال نتداولها حتى يومنا هذا وهي تغنينا عن آلاف المقالات على الرغم من قلة عدد كلماتها، ونذهب إلى جولة في عالم الأمثال المرتبطة بالإبل، فهناك مثل يقول (الجمل من جوفه يجتر)، وهو يضرب لمن يأكل من كسبه، أو ينتفع بشيء يعود عليه منه ضرر.
ومثل يقول (إِبِلي لم أبِعْ ولم أهَب) أي لم أبعها ولم أهبها. يضرب للظالم يخاصمك فيما لا حَقَّ له فيه.
والمثل الشهير الذي يقول (استنوق الجمل) يُضْرب للرجل الواهن الرأي المخلط في كلامه، والمثل للشاعر طرفة بن العبد، وكان بحضرة بعض الملوك، والملتمس ينشد شعرًا فقال فيه:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره 
بناج عليه الصيعرية مكدم
فقال بناج يعني جملاً والصيعرية سمة من سمات النوق، فقال طرفَة (استنوق الجمل) أَي صار الجمل ناقة، فقال الملتمس، ويل لهذا من لسانه، فكان هلاكه بلسانه هجا عمرو بن هند فقتله.
أما المثل القائل (جاءوا على بكرة أبيهم) فهو يضرب للجماعة إذا جاءوا كلهم ولم يتخلف منهم أحد. والبكرة: الفتية من الإبل.
ونذهب إلى أكثر الأمثال شهرة والخاصة بالإبل وهو (ما هكذا تورد يا سعد الإبل) أي ما هكذا يكون القيام في الأمور، والمثل لمالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم، ورأى أخاه سَعْداً أورد إبله ولم يحسن القيام عليها، فقال ذلك، وكان مالك آبل أهل زمانه على حمقه.
وهناك مثل يقول (أوسعتهم سبًّا وأودوا بالإبل) ومعناه أي ليس على عدوك منك ضرر أكثر من الوعيد بلا حقيقة. وهذا المثل فيما يقال لكعب بن زهير، قاله لأبيه، وكانت بنو أسد أغارت على إبله، فهجاهم وتوعدهم.
وعندما يعجز العجوز عن تسيير المركوب يقول (لقد كنتُ وما يُقادُ بي البعير) وأولُ من قاله سعد بن زيد مناة، وهو الفِزْرُ، وكانت تحته امرأة من بني تغلب، فولدت له - فيما يزعم الناس - صَعْصَعة أبا عامر، وولدت له هُبَيْرة بن سَعْد، وكان سعد قد كبر حتى لم يُطِقْ ركوبَ الجمل، إلا أن يُقَاد به، ولا يملك رأسه، فكان صعصعة يوماً يقوده على جمله، فَقَال سعد: قد كنتُ لا يُقَاد بي الجمل، فأرسلها مثلاً.
ونضرب هذا المثل للشخص الذي يخالف الناس والذي يولي الأدبار دائماً (أخلف من بَوْل الجمل) لأَن بول الجمل من بين الأبوال التي إِلَى وراء، والعرب تَقول هذا لأَنه يبول إلى خلف. قال الشاعر:
وأخلف من بَوْل البعير لأَنهُ
 إذا هُوَ للإقبال وُجِّه أدبرا
ويجيء المثل الشهير (لا في العير ولا في النفير) للرجل الذي يحتقر لقلّة نفعه، والعير الإبل تحمل التجارَة، ويعنى به هاهنا عير قُرَيش التي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخذها ووقعت وقعة بدر لأجلها، والنفير يعنى به وقعة بدر، وذلك أن كل من تخلف عن العير وعن النفير لبدر من أهل مكة كان مستصغراً حقيراً فيهم، ثم جعل مثلاً لكل من هذه صفته.
أما مثل (آخِرُهَا أقَلُّهَا شُرْباً) فأصله في سَقْي الإبل، وهو يرمي إلى أن المتأخر عن الورود ربما جاء وقد مضى الناس بِعِفْوَةِ الماء (عفوة كل شيء: صفوته)، وربما وافق منه نفاداً، فكن في أول من يرِد، فليس تأخير الورد إلا من العجز والذل.
ويضرب مثل (يا إبل عودي إلى مباركك) لمن يفر من الشيء الذي لا بد منه.
أما مثل (كالحادي وليس له بعير) فيضرب للمتشبع بما لم يأكله وللمتكثر بما ليس عنده، وللرجل ينتحل مَا لَا يُحسنهُ. والحدو السُّوق من وراء الإبل.
وهناك مثل يضرب للمتساوين والمتعادلين وهو (هما كركبتي البعير).
ويضرب مثل (أساء رعياً فسقى) لمن لا يحكم الأمر، ثم يريد إحكامه فيفسده.
ويضرب مثل (هذا أمر لا تبرك عليه الإبل) للأمر العظيم الذي لا يصبر عليه، وذلك أن الإبل إذا أنكرت الشيء نفرت منه فذهبت في الأرض على وجهها.
ومثل (لا ناقة لي فيها ولا جمل) يضرب لمن يطلب منه الاشتراك في أمر لا يهمه، أو عند التبرؤ من الظلم والإساءة.
وعند أخذ الأمر بالحزم والوثيقة نقول (اعْقِلْ وَتَوَكَلْ)، ويروى أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأرْسِلُ ناقتي وأتوكل؟ قَال: (اعْقِلْهَا وتوكَّلْ).
وهناك مثل يقول (أَشْرَبُ مِنَ الهِيمِ) وهي الإبل العِطَاش، قال الله تعالى (فشاربون شُرْبَ الهِيمِ) وهو جمع أهْيَمَ وهَيْمَاء، من الهُيَام وهو أشد العطش، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هي التي بها الهُيَام وهو داء فلا تَرْوَى، قال الشاعر:
ويأكل أكْلَ الفِيلِ من بَعْد شبْعِهِ
 ويَشْرَبُ شُرْبَ الهِيمِ من بعد أن يَرْوَى
ويضرب مثل (مَا استتر من قاد الجمل) للرجل الظاهر غير الخفي الذي يفعل الأشياء في العلن ولا يستتر.
قَالَ القلاخ راجزًا:
أَنا القلاخ بن جناب بن جلا
 أبو خناثير أَقُود الجملا
أي أنا ظاهر غير خفي والخناثير بمعنى الدَّواهي.
وكما نقول أهل مكة أدرى بشعابها فهناك مثل يرادفه في المعنى وهو (لكل أناسٍ في بعيرهم خبر) ويعني أَن كل قوم أعلم بأمرهم من غيرهم، وقاله عمر رضي الله عنه في العلباء بن الهيثم السدوسي، وقد وفد عليه وهو في هيئة رثة، وكان دميماً أَعور، فلما كلمه أعجب بجودة لسانه وحُسن بيانه، وأراد بهذا المثل أن قومه لم يسودوه إِلا لمعرفتهم به. يضرب في معرفة القوم بصاحبهم دون الأجانب، وهذا المثل من شعر لعمرو بن شأس:
فأقسمت لا أشري زبيباً بِغَيْرِهِ 
لكل أنَاس فِي بعيرهم خبر
أما مثل (حَرِّكْ لها حُوَارَهَا تَحِنُّ) فمعناه ذكّره بعض أشجانه يهج لها، والحوار بضم الحاء ولد الناقة قبل أن يفطم، وهذا المثل قاله عمرو بن العاص لمعاوية رحمهما الله حين أراد أن يستنصر بأهل الشام.
وعندما نريد تشبيه الولد بأبيه فإننا نقول (هل تنتج الناقة إلاّ لمن لقحت له) أي هل يشبه الرجل غير أبيه.
وعندما نشير إلى أَن القليل إِذا جمع إلى القليل كثر فإننا نقول (الذود إلى الذود إبل)، والذود ما بين الثلاث إلى العشر من إناث الإبل ويجمع أذواداً. 
ويضرب مثل (إنّما يجزى الفتى ليس الجمل) للإنسان يجزى عمّا يعامل به من قبيح أو حسن ليس الجمل. وقائله لبيد في شعره:
 فإذا أقرضت قرضاً فأجزه إنما يجزى الفتى ليس الجمل
ويضرب مثل (اِدَّرَكَ أرباب النعم) في مباشرة الأمر من له اعتناء به، وأصله أن يرعى الإبل غير أربابها فيقل بها اهتمامهم ويسوء أثرهم، ثم يدركها أصحابها فيعتنون بشأنها ويتأنقون في رعيتها. 
(اتخذ الليل جملاً تدرك) أي عليك بالسّهر والجدّ تنل بغيتك ومرادك.
وعند استخراج الشيء من البخيل أحياناً نقول (إن الضجور قد تحلب العلبة) أي أن النَّاقة التي تضجر من الحلب ربما أُصيب من لبنها، ويروى العصوب وهى التي لا تدر حتى تعصب فخذاها.
وأصل مثل (بِئْسَ العِوَضُ مِنْ جَمَلٍ قَيْدُهُ) أن راعياً أهلك جملاً لمولاه فأتَاه بقيده، فقال ذلك. يضرب لمن اعتاض عَن الشيء الخطير بما لا خطر له.
ويضرب مثل (العُنوق بعد النُّوقِ) لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت. أي كنت صاحب نوق فصرت صاحب عنوق. والعناق: الأنثى من أولاد المعز، وجمعه عنوق، وهو جمع نادر، والنوق: جمع ناقة. 
ويضرب مثل (إذا زحف البعيرُ أعْيَتْهُ أُذناه) لمن يثقل عليه حمله فيضيق به ذَرْعاً. يقال: زحف البعير، إذا أعيا فَجَرَّ فِرْسِنَهُ عياء.
وهذا المثل (اللقوحُ الرَّبِعيَّةُ مَالٌ وطَعَامٌ) يضرب في سرعة قضاء الحاجة. قَال أبو عبيد أصلُ هذا في الإبل، وذلك أنَّ الَّلقُوح هي ذات الدَّرّ، والرَّبْعِيَّة: هي التي تنتج في أول النتاج، فأرادوا أنه تكون طعاماً لأهلها يعيشون بلبنها لسرعة نتاجها، وهي مع هذا مال.
وهذا مَثل مشهور عند العرب يضرب في قَضَاء الحاجة قبل سؤلها (كَفَى بِرُغُائِهَا مُنَادياً) قَال أبو عبيد: ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نصرته أو معونته فلا يحضرك، ويعتلُّ بأنه لم يعلم، ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقَال: أرسل من يستأذن لك ويقول: كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذناً لي، أي قد علِم بمكاني فلو أراد أذِن لي.
نكتفي بهذا القدر من أمثال العرب، لأنه لو تركنا العنان للقلم لخطَّ المئات من الأمثال، لكن حسبنا من القلادة ما يحيط العنق.
 ذو صلة
 التعليقات

ليست هناك تعليقات: