علاقة المصريين بالأكل مُتشعبة وتخطت ارتباطه بجميع بالمناسبات واعتباره مجرد وسيلة لإشباع غريزة أساسية وضمان البقاء. بالنسبالك، ممكن علاقتك بالأكل تتلخص في لحظتين: لحظة التهامك ليه ولحظة رؤيتك للشيف الشربيني في التلفزيون. بس ده مش معناه إن كل المصريين علاقتهم بالأكل زيّك، مش مقتنع أوي؟ كمِّل قراية..

الأجيال القديمة، باعتبارهم جزء من الشعب المصري "الأكيّل"، عكست في أمثالها الشعبية أهمية الأكل في الحياة اليومية، وازاي من خلاله بيستلخصوا دروس حياتية. في الأساس المثل الشعبي هو تعبير عن تجربة شعبية طويلة بتتلخص في الآخر في شكل عبرة وحكمة نستشهد بيها. من خلال أمثال شعبية -مش عارفين اللي قالوهم كانوا متغديين إيه بصراحة- هنكشف جزء من علاقة المصريين بالأكل من قديم الأزل.

بدايةً من أمثال بتتكلِّم عن أنواع الخضار والطبيخ وبتربطهم بحالة الأفراد المادية والاجتماعية، مرورًا بأمثال بتوصف أواني الطبخ القديمة نفسها، وصولًا لأمثال معناها المجازي غير مرتبط بالأكل بس برضه هو مذكور فيهم.

اللي مايعرفش يقول عدس

بيّاع عدس وبقوليات هجم عليه حرامي خد فلوسه، وهما بيجروا ورا بعض، الحرامي اتكعبل في شوال عدس ووقع. أصبح المشهد كالآتي: حرامي واقع جنب شوال عدس وبيّاع بيجري ناحيته. النتيجة إن الناس لامت البيّاع على مطاردة واحد جعان بيسرق قوت يومه. فـ ماكنش من البيّاع غير إنه يقول: اللي مايعرفش يقول عدس. من هنا اتولد المثل اللي بيُستخدم لحد النهاردة مع الأشخاص اللي بيحكموا على الشيء وهما مش عارفين حقيقته.

إذا فاتك الضاني عليك بالحمُصاني

المثل ده شاهد على إن الحمص فيه ما يكفي من البروتين، فاللي ماعاهوش حق اللحمة بأنواعها ممكن يلجأ للحمص وهو مطمِّن، طبعًا العهدة على راوي المثل.

اللي ما ناكله في هناهم ناكله في عزاهم

المثل ده كفيل إنه يخلّي أي واحد بخيل يعيد نظر في حجم إنفاقه المادي، بالإضافة لإنه بيوضَّح حقيقية مجتمعية -الأجيال الصغيرة معظمهم مايعرفهاش- إن العزا قديمًا كان بيتقدم فيه أكل للحاضرين باعتباره "مناسبة" بيخصص أهل المتوفي جزء من تفكيرهم ليها وللأكل المقدم فيها. بالمناسبة، العادة دي لاتزال قائمة لحد وقتنا ده في بعض الأماكن. "هناهم" هنا مقصود بيها عزايمهم، بما إن عزومة الأكل من أكتر المناسبات اللي بتوضَّح بخل الشخص أو كرمه.

وجع بطني ولا كب طبيخي

شعار أساسي لأمهات كتير، بالنسبالهم تعب ووجع البطن بسبب وجبة أكل غير صالحة أو "بايتة" أهون من التخلص من الطبيخ اللي تعبوا فيه. "كب الطبيخ" بالنسبالهم مشكلة أكبر من آلام المعدة مهما كانت صعبة.

افطر زي الملك واتغدى زي الأمير واتعشى زي الغفير

المثل راجع لفترة الملكية في مصر، وده ظاهر في تخيُّل العامة عن فطار الملوك، ولحد دلوقتي لمَّا تحب تشكر في أكل بتقول "ملوكي". بس بعد الدلع في الفطار والغدا، ريَّح معدتك في العشا بوجبة خفيفة.

الأكل الدِلِع ما ينبلِع

"الدِلع" في قاموس المصريين يعني الأكل قليل الملح. ومع شعب زيّنا بيحب المسبِّك، تعتبر الوجبة قليلة الملح سيئة مالهاش طعم. فـ جيه المثل بيعكس الصورة النمطية عند المصريين عن الأكل الشهي.

إذا كان عندك السمن قنطار لا تقلي للعدس ولا للبيصار

في زمن ما كانت كمية السَمنة المتخزنة في البيت بتعكس وضع صاحبه الاجتماعي والمادي. عشان كده اللي كان عنده كمية سَمنة كبيرة وبيعمل في عزايمه أكلات الفقراء -زي ما يحسبها البعض- من عدس وبصارة يبقى بخيل ودي عيبة في حقه.

بصلة المُحب خروف

الفرق بين البصلة والخروف واضح، لكن هل تعلم إن على الرغم من كده حبيبك مش هيلاحظه؟ المثل بيوضَّح مدى تقدير الشخص لهدية حبيبه، فحتى لو كانت بصلة -من أرخص السلع ومتوفر في أي بيت أيًا كان مستواه المادي- هيشوفها قيّمة وغالية زي الخروف.

آكل فول وأخرج قفاي عرض وطول ولا آكل كباب والديابة واقفة وراء الباب

المثل ده هو النسخة المرتبطة بالأكل من "على قد لحافك مد رجليك" وبيشجع أصحاب الرواتب الضعيفة على أكل الوجبات اللي يناسب ميزانيتهم بدل ما ياكلوا كباب ويقعوا في مشكلة مع صاحب المحل لمَّا مايقدروش يدفعوا.

الجعان يحلم بسوق العيش

كلنا بنحلم بوجاباتنا المفضلة، فيه بيحلم بسوشي وفيه بيحلم بكباب، لكن الجعان ماعندهوش إلا العيش يحلم بيه.

اكفي القدرة على فُمها تطلع البنت لأمها

زيارة من أم وبنتها للعرَّافة كانت شرارة انطلاق المثل ده. الموضوع ببساطة إن ست كانت قلقانة على مستقبل بنتها ولمَّا راحت للعرَّافة استخدمت حصى ورمل وجرّة، بحيث حطت الحصى جوّه الجرّة، وقلبتها على فمها، فخرجت من الجرّة حصوة صغيرة وحصوة كبيرة. وكانت دي البشارة اللي خلِّت العرَّافة تقول: "بنتك ستكون مثلك"، وأضافت: "اقلب الجرّة على فمها بتطلع البنت لأمها"

اطعم الفم تستحي العين

للأكل منزلة كبيرة هتخلّي الشخص اللي بتأكِّله يكن لك احترام وتقدير طول عمره، أو لحد ما وجبتك تتهضم أيهما أقرب يعني.

اللبن الرايب مايرجعش حليب

التغيرات اللي بتحصل بفعل الظروف أو البشر ماينفعش الرجوع فيها. ممكن نقول إنه  النسخة الأقدم من "اللي اتكسر مابيتصلحش" 

النسب زي اللبن أقل شيء يعكره

كام جوازة تعرفها باظت بسبب الأهالي ومشاكلهم مع بعض؟ كتير صح؟ عشان كده المثل صحيح وبيعكس مدى تشعب وعمق علاقات النسايب.

حط السمن على الرمل يتاكل

مثل في حب السمنة، فهي الشيء الوحيد اللي قادر يخلّيك تاكل رمل وتستسيغه كمان!

قال ايه أحلى من العسل قال المِش اللي ببلاش

إلى جانب كونهم أطعمة، كلمة "العسل" بيتم استخدامها لوصف كل حاجة جميلة، على عكس كلمة "مِش". المثل بيوضَّح حقيقة راسخة عند المصريين وفي الأجيال القديمة والحديثة، وهي إن أبو بلاش كتَّر منه ومافيش أحسن منه

في وسط انتشار المطابخ العربية والعالمية بمأكولاتهم الشهية في السوق من شاورما لمناقيش لبيتزا لأكل صيني، هيفضل المطبخ المصري ليه مكانة خاصة في قلوب المصريين وحكاوي تخصه دايرة على لسانهم.