السبت 6 مارس 2021
محسن عبدالستار
وفاء الحيوان .. وغدر الإنسان
بقلم : محسن عبدالستار
عندما نحب أشخاصًا ونثق فيهم، فإننا يجب ألا نفسر تصرفاتهم وأقوالهم، كما يحلو لنا في لحظة غضب وتهور، وفي لحظة يغيب فيها التفكير السليم، فلا نستعجل الحكم، ولنتذكر ما قد رأيناه من خير منهم في يوم من الأيام، ولحظات سعيدة خففت حدة ما نقاسيه في حياتنا اليومية، وذلك قبل الحكم عليهم.
فقد نفقد بعض المقربين منا في لحظة، ونندم على فعلتنا طوال العمر، عندما ندرك فيما بعد أنهم أحبونا بصدق، وأخلصوا لنا، وفعلوا الكثير من أجلنا، ولكننا في وقت لا ينفع فيه الندم، حكمنا عليهم وعلى تصرفهم الحميد معنا خطأ ونبذناهم.
يقول على بن أبي طالب:
مات الوفاء فلا رفد ولا طمع.. في الناس لم يبق إلا اليأس والجزع
فاصبر على ثقة بالله وارض به.. فالله أكرم من يرجى ويتبع
فالوفاء قيمة أخلاقية وإنسانية نبيلة، بها تدعم الثقة بين الأفراد، وقد جعل الله به صلاح قوام الناس، من اتصف به أحبه الله، لأنه صفة من صفاته سبحانه وتعالى
فأحيانًا نجد صفة "الوفاء" في الحيوان في حين لا نجدها في بعض البشر.
قديمًا كان يوجد شخص يعمل حطابًا، ويسكن في كوخ صغير، وكان يعيش معه طفله وكلبه.. وكان كل يوم مع شروق الشمس، يذهب لجمع الحطب، ولا يعود إلا قبل غروبها.. تاركًا طفله - في رعاية الله سبحانه وتعالى - مع الكلب، وكان يثق في ذلك الكلب ثقة كبيرة، وكان الكلب وفيًا للحطاب ويحبه، وذات يوم، وبينما كان الحطاب عائدًا من عمل يوم شاق، سمع الكلب ينبح نباحًا شديدًا، من بعيد على غير عادته، التي يعرفها عنه الحطاب.
فأسرع في المشي إلى أن اقترب من الكلب، الذي كان ينبح بغرابة شديدة هذه المرة قرب الكوخ، وكان فمه ووجهه ملطخين بالدماء، فصعق الحطاب من هول المنظر،
وعلم أن الكلب قد خانه لأول مرة، وأصاب طفله بمكروه، فانتزع فأسه الذي يحمله على ظهره، وضرب به الكلب ضربة بين عينيه خر بعدها صريعًا في الحال.
وبسرعة شديدة دخل الحطاب إلى الكوخ ليرى بقايا طفله المأكول – من وجهة نظره الخطأ_ وفور دخوله الكوخ تسمر في مكانه وجثى على ركبتيه وامتلأت عيناه بالدموع، فقد رأى طفله يلعب وبالقرب منه حية كبيرة الحجم مخضبة بالدماء، وقد لقيت حتفها بعد معركة مع الكلب - الوفي- الذي استطاع في النهاية القضاء عليها حتى لا يصاب طفل صاحبه بمكروه.
حزن الحطاب حزنًا شديدًا، على كلبه "الوفي"، الذي افتدى طفله بحياته، وكان ينبح فرحًا، لأنه أنقذ طفل صاحبه من الحية، لينتظر منه شكرًا على معروفه، فما كان من الحطاب إلا أن قتله بلا تفكير.. ظنًا منه أنه أكل الطفل الصغير وخان صاحبه.
وختامًا.. ما أشد حاجة الناس إلى الوفاء، في زمن انتشر فيه الجحود والنكران في قلوب كثير من البشر، فلا الجميل عندهم عاد يذكر، ولا المعروف لديهم صار يحفظ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق