في الأمثال الاسكندنافية والعربية / دراسة مقارنة
يمكننا القول إن هدف المثل الاسكندنافي يجري لغرض العبرة والنصح والارشاد والتحذير ، ويعتمد مبدأ الصدمة بصفته حلقة الوصل بين الجمل[1] ، وهي المهمة ذاتها التي من أجلها وضع المثل العربي أساسا ، وإذا رجعنا إلى الأصول الأولى نرى أن أقدم كتاب جمع فيه مؤلفه الامثال العربية هو كتاب " أمثال العرب " للمفضل الضبي المتوفى زمن الرشيد[2]، أما الامثال الاسكندنافية فإنها تعني بالتحديد تلك الأمثال التي استخدمت في الكلام والكتابة خلال 600 سنة من قبل بيدر لوله Peder Løle منتصف القرن الرابع عشر[3] ن فقد عرفت أوروبا أثناء القرون الوسطى وعصر النهضة طبعة للحِكم القديمة قام بها الشخص المذكور حيث جمع مايقرب من 1300 مثلا من الامثال اللاتينية الدنماركية [4]، وقبل أن نسهب في تفاصيل المقارنة نود أن نوضح بعض الامور الجوهرية بخصوص المثلين العربي والاسكندنافي وهي :
1- خلاف في طبيعة المثلين يرجع إلى طبيعة كل من اللغتين " العربية وأية من اللغات الاسكندنافية ".
2- مثل اسكندنافي سلبي يقابل في المعنى مثلا عربيا سلبيا .
3- مثل اسكندنافي سلبي يقابل مثلا عربيا إيجابيا .
4- مثل اسكندنافي إيجابي يقابل مثلا عربيا سلبيا.
5- متفرقات متطابقة باختلافات يسيرة .
من ناحية الخلافات نستطيع القول إنها ترجع لظروف مثل ما وقائله وعامل الزمن ، وتركيبة المثل اللغوية . إن بعض الامثال العربية بنيت على الاستعارة من صور الحيوان وسلوكه حيث خدم الاشتقاق اللغوي اللغة في هذا المجال[5]، وفي كثير من الأحيان يتعلق المثل العربي بقصة أو حادثة جرت خلال إطار زمني ومكان معينين ، وفي بعض الأحيان تتعلق الامثال العربية بشخصيات مثل سعد وسعيد ولقمان والزباء وغيرهم، وتطالعنا في قصص تلك الشخصيات حوادث نستقي منها أمثالا أخرى أطلق عليها بعض الباحثين الامثال العنقودية[6] ، ولاترتبط الامثال الاسكندنافية باشخاص وحوادث ، ولاتنسب لقائل معين لكن هذا لايعني كونها لاتستفيد في بعض الحالات من التاريخ وشخصياته:
عندما يأتي إبراهيم الحقيقي ترقص سارة[7]
فالمثل السابق استفاد من شخصيتين تاريخيتين دينيتين أسقط عليهما كثيرا من المعاني الضمنية التي يمكن أن نشتقها من هذا المثل .
ولعل المثل العربي يتكيف بمرور الزمن ليكون قصة شعبية أو نادرة في حين يظل المثل الاسكندنافي ثابتا لايطرأ عليه مثل هذا التغيير :
الشيء الذي يرضيك لايرضي الآخرين[8] ، هو نفسه المثل العربي :
رضا الناس غاية لاتدرك[9] إلا أن فكرة المثل كتبت حكاية باللهجة العامية الشامية ، العنوان أصبح " عمره الواحد مابيرضى الناس "وفكرة القصة تدور حول رجل وابنه اختلف الناس في أيهما أحق بركوب الحمار[10]في الوقت نفسه نسبت الحكاية إلى جحا الذي يخرج بحكمة مفادها مهما فعلت فإنك بالتأكيد لن ترضي كل الناس "[11]، ثم نجد نرى نصا آخر يرجع إلى زمن إيسوب بعنوان " الاب، الابن والحمار "[12] .
أما مسالة مضي المثل نحو غاية سلبية نجدها عند الطرفين فيمكن أن نقول عنها إنها محصلة لظروف صعبة عاشها شعبان أو عانتها مجمعة أمم فتبلورت فلسفتها حول مفهوم معين بشكل سلبي تكاد تتفق عليه في موقفها تجاه ذلك المفهوم مثل العامل الاقتصاديّ كما نجده في المثلين الدنماركيين التاليين :
أحببني قليلا، أحببني كثيرا لكن لاتجردني من نقودي.حب بلا نقد لايستمر طويلا[13].
فالنقود في المثلين السابقين احتلت مركزا يسبق العواطف كما نجده ايضا في الأمثال العربية :
بفلوسك بنت السلطان عروسك .حط فلوسك بكمك واشتري أبوك وأمك[14] .
إن الامثال السلبية القليلة العامية والعربية لاتعكس روح الامثال وأهدافها أو تعلقها بحياة المجتمع[15] ، كذلك المثل السلبي الدنماركي لايعكس حقيقة الشخصية بل معاناتها وموقفها من ظاهرة ما وفقا لظروف معينة عايشها المجتمع في فترة زمنية ما.
وإذا كانت هناك أمثال سلبية اسكندنافية لها مايقابلها من أمثال سلبية عربية صبت في الموضوع ذاته والمعنى المُعَالَج نفسه فإن هناك أمثالا اسكندنافية تتعارض كليا مع الامثال العربية. المثل الدنماركي:
ساعد نفسك أولا قبل أن تساعد الآخرين[16] المتطابق حرفيا مع المثل الانكليزي : واجب أي إنسان ليس واجب أحد[17]، يضاد المثلين العربيين المشهورين :
خياركم خيركم لأهله. خير الناس للناس خيرهم لنفسه[18].
وفي بعض الأحيان لايتحقق التناقض في المعنى الذي يعالجه المثلان بل في بعض مكونات المثل نفسه، فعلى سبيل المثال هناك مكونان اساسيان هما الأولاد من جهة والبنات ، من جهة أخرى الآباء والأمهات . إن أطراف المثل تكون وسيلة لتحقيق التناقض :
الدنماركي : الاولاد الجيدون يشبهون أمهاتهم والبنات الجيدات يشبهن آباءهن[19]
العربي : فلان اشبه أمه[20] .
من حيث الظاهر المثلان متطابقان لكن المثل الدنماركي يستخدم للمدح كون الولد الجيد يشبه أمّه والبنت الجيدة تشبه اباها ، أما المثل العربي فقد وضع لذم الرجل الذي يحمل خصال أمه لاصفات أبيه في السوك والخلق والخلقة، فالصحيح أن تشبه الفتاة أمها " طب الطنجر على تمها بتطلع البنت لامها "[21] والمثل الصحيح المنطبق على الرجل المتحلي بصفات الرجولة هو :
من أشبه أباه فما ظلم[22]
ومن نافلة القول أن نذكر أن المثل التالي :
الاولاد الأفضل هم من يشبهون آباءهم[23]
وهو سويدي يحمل المفهوم ذاته للمثل العربي على الرغم من أن السويديين هم اسكندنافيون كما هم الدنماركيون ، والمفروض أن تتطابق وجهة نظرهم مع وجهة نظر أبناء أرومتهم.
وقد تصبح مفردة من مفردات المثل محورا لمعنى ما تنظر إليه كل أمة من زاوية معينة فتكون المحصلة وجهة نظر من الطرفين تنطبق جزئيا فقط، يحدث ذلك في التشبيه البليغ المعتمد على المشبه والمشبه به أو الاستعارةكما في مسألة تعريف الوقت ، عند الدنماركين:
الوقت هو النقود "[24] أو " المال "والمثل أيضا في اللغة الانكليزية [25].
أما المثل العربي " الوقت كالسيف "فقد ركز على أهمية الوقت وحديته من دون حشر الزمن في زاوية واحدة هي المال أو الجانب الاقتصادي فقط لذلك عادل المثل بصيغته الأخرى " الوقت من ذهب " أهميّة الزمن في نفاسته التي تعادل نفاسة الذهب وندرته وليس قيمته الاقتصادية فقط.
ولعل الأمثال تتباين في رسم صورة متكاملة لمعنى ما في إطار هدف واحد كما في مسألة الشيب تقول الامثال الدنماركية :
يكفي الشيب أنه مرض كبير . الشيب رفيـق سوء . الشيب يعتاش على الشباب كمـا تعتاش التفاحـة على الشجرة .حمل الشيخوخة أثقل من كل حمل[26] .
والحقيقة أن الشيب مرض أو داء يتطفل على الصحة ، وهو ثقيل كل تلك المعاني لم تخرج عن الواقع ولم تدخل الأمثال المذكورة في إطار التشاؤم .إن الامثال العربية عالجت الموت إما من جانب جنسي يستند إلى حس تشاؤمي ينعي القدرة الجنسية فقط:
شيخ يعلل نفسه بالباطل " يضرب للعنين "
الشيب قناع الموت[27] " الغواني يمقتن المشايخ "
ويرجع الاختلاف النسبي أيضا في رؤية كل فريق إلى درجة المخبر عنه قياسا إلى لواحق الخبر من صفات وغيرها. المثل الاسكندنافي يقول :" العادة طبيعة ثانية "[28] ، والمثل العربي مرة تكون فيه العادة طبيعة ثانية أي تحتل الدرجة الثانية[29] ، أو الدرجة ذاتها فهي توأم الطبيعة[30]ن وقد تتراجع إلى درجة بعيدة " العادة طبيعة خامسة"[31] ،وأظن أن العرب انطلقوا من نظرتهم تلك إلى إيمانهم بوجود عناصر أساسية أربعة هي الماء والتراب والهواء والنار، ليجعلوا العادة عنصرا خامسا شبيها بالعناصر الاساسية المكونة للحياة.
بالانتقال من التطابق والاختلاف إلى حقل الموضوعات فيمكننا أن نستعرض المواضيع التي عالجتها الأمثال في النقاط أدناه :
موضوع العمل:
الاسكندنافي :
اعمل حين تكون شابا خفيفا قبل أن تصبح عجوزا ثقيلا
خلق الانسان ليعمل
العمل يمنحك الخبز والمجد[32]
تقابلها الامثال العربية التالية:
ليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر.
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .
غبار العمل خير من زعفران العطلة[33].
موضوع الاقتصاد
السلعة الغالية لاتكلف صاحبها كثيرا لانها في غنى عن التصليح باستمرار:
الدنماركي : الأغلى أرخص[34] .
المثل الشامي أشار إلى المعنى نفسه : الرخيص غال[35] .
أما ظاهرة الفقر فقد كانت محورا عند الطرفين ، فالفقر لايراه الاسكندنافيون عارا قط،بل كما يقول المثل الاسكندنافي:
فقر مع كرامة أفضل من غنى بذل[36]
والقول يكاد ينطبق مع المثل العربي: الفقر الفادح أجمل من الغنى الفاضح[37]
لكن العرب يرون الفقر من زاوية أخرى لاتتعلق بالكرامة بل بسطوة المال وتحكمه بالعالم :
الفقر الموت الأكبر
الفقر منقصة للدين[38]
الدراهم أرواح تسيل
الدراهم مراهم[39]
وهو مايثبته المثل الاسكندنافي الذي منح السطوة للنقود :
المال يتحكم بالعالم[40]
موضوع الصراع
في مسألة الصراع من أجل البقاء جعلت الامثال الاسكندنافية الغلبة للأقوى :
السمك الكبير يأكل الصغير[41] .
المثل الخليجي والعراقي : القوي ياخذ " يأكل أو يغلب " الركيك أو الضعيف.
حقل الحب
يتفق المثلان العربي السوري [42] والدنماركي[43] على أن :
الحب أعمى . أو الحب مطب والعاشق أعمى[44] .
ويمكن أن ندرس الحب من بؤرتين واحدة بسيطة ترد فيها مفردة الحب وحدها من دون معادل كما قرأنا في المثال أعلاه وبؤرة معقدة يرد فيها الحب مع معادل آخر :
الحب والكره لايمكن أن ينفصلا[45] .
إذ ارتبط الحب والكره في معادلة واحدة لفهم الحياة على أساس أنـها تآلـف من ضدين همـا " إيجاب " حبّ و " سلب " إن الضدين يتحولان إلى خصوصية وعموم في المثل العربي[46]:
المحبة خصائص والبغض عموم[47]
فقد جعل المثل الاسكندنافي من الحب والكره متساويين لاعتماد مبدأ الصراع من منطلق يرى أن الحياة عمادها الصراع بين الخير والشر ، أما المثل العربي فقد جعل من العموم للشر والخصوص للحب المنزلة في إدارة الصراع .
قضية المرأة :
الامثال الاسكندنافية التالية تحدثت عن جنس النساء بصورة عامة من وجهة نظر سلبية :
المرأة العاشقة تفضحها عيناها. " مثل نرويجي "
النساء لأنفسهن فقط.
يمكن أن يكن ملائكة بسهولة، والاسهل شيطانات .
النساء والقمل لايتحملن الأيام الجيدة .
حذاء المرأة يصلح لرجليها ورأسها .
إن المرأة والماشية والخنازير دائما عكرو المزاج.[48]
يقابل الامثال أعلاه أقوال مأثورة وحكم وردت عن المرأة العربية في الكتب العربية القديـمة مثل " المرأة شر لابد منه "[49]، فالصورتان العربية والاسكندنافية عن المرأة سلبيتان، لكن الصورة العربية أخف حدة لأن القائل لم ينزل المرأة منزلة الحذاء والخنزير، قد نلاحظ اتفاقا شبه تام بين المثلين العربي والاسكندنافي بوضع المرأة والشيطان بمنزلة واحدة في حال غضبها:
المكان الذي لايستطيع أن يأتيه الشيطان يرسل إليه امرأة غاضبة[50]
حيث يقول العرب في مثلهم " النساء حبائل الشيطان "[51] من دون تحديد في أي حال، ونظن أن المثل السويدي " دهاء المرأة غلب حنكة الرجل "[52] هو قريب من القول الشعبي " كيد النساء غلب كيد الرجال "[53] الذي يرتبط بقصة شامية معروفة في الأدب الشعبي وهناك مثل عربي قديم ساوى بين الرجال والنساء" إن النساء شقائق الأقوام "[54] كما يفسر ذلك صاحب كتاب الأمثال.
إن سبب الحملة على المرأة في الامثال العربية قد يرجع إلى " اطلاق العنان للأخيلة حول مايمكن أن يسمى تحللا في العلاقات الجاهلية دون أن يشعروا بحرج في ذلك ومن دون أن يحسوا بغيرة قومية "[55] ، أما المرأة الاسكندنافية فإن الأمثال صورتها بهذه الصورة السلبية لأن المرأة في العصور الوسطى وماقبلها كانت تأتي في المرتبة الثانية بعد الرجل. المهم إن الانتقاص من المرأة في بعض الامثال قضية عامة لاتخص العرب وحدهم ، وقد لانتفق بهذا الصدد مع الرأي الذي يميل إلى أن تلك الامثال وسيلة يتخذها البعض على دونية وضع المرأة عند العرب[56] ، لأن القضية عامة ليست بالحادثة الطارئة ترجع إلى قدم زمن الأمثال .
من ناحية أخرى إن للامر جانبا إيجابيا أيضا يتجلى فيه الايجاب حين يتم الربط بين الحصان والمرأة. في الفكر العربي يرمز الحصان إلى الاصالة والجمال، وبالمفهوم ذاته تعاملت العقلية الاسكندنافية مع الحصان، فهناك علاقة وثيقة بينه والمرأة :
المرأة والحصان الجيد يُقادان بلجام من ذات الفصيلة[57].
أيضا تُطلق العقلية الشعبية العربية أصالة الحصان على المرأة فكلمة " كحيلة" بسكون الكاف يطلقها العراقيون على المرأة الأصيلة والفرس إذ يقول المثل في شرق سوريا والعراق والجزيرة العربية " الكحيلة من خيالها "، إضافة إلى ذلك يربط المثل بين الحالة الصحية والنفسية والجمالية للمرأة والفرس أو الحصان " أقبح هزيلين الفرس والمرأة "[58].
الحقل الفلسفي :
في هذا الموضوع تحدث الجانبان عن فلسفة الحياة والموت. إن الموت عند الطرفين لايخلو من سبب .في المثل العربي: تعددت الأسباب والموت واحد،ويقول الدنماركيون : الموت له سبب[59] ، ولايغفلون مسألة الصراع الجوهري بين الحياة والموت :
يقول المثل النرويجي: الموت والحياة في صراع[60]
ويقول الدنماركيون : هناك خطوة بين الحياة والموت[61]
وأخير وفق المثل السويدي : اليوم مرد وغدا موت[62] ، لأن " الموت أقرب إلى الانسان من رمشة عين " كما يقول المثل المغربي[63] .
ومن المسائل الأخرى قضية الخير والشر التي جسدتها الملائكة والشياطين في مثل يكاد يكون عالمي الانتماء ليس للاسكندنافيين والعرب فقط : إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين[64].
فكرة القناعة
ويجسدها المثل العربي المشهور: القناعة كنز لايفنى و عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة ، ،والمثل في الجزيرة العربية" جرادة في اليد خير من عشر طائرات"[65] .
الفرصة :
حول اغتنام الفرصة يذكر المثل الدنماركي " إذا كانت القطة في الخارج ، رقصت الفئران على المنضدة "[66] ، حول هذا المثل يقول أحد الباحثين الاسكندنافيين إن المثل غير خاص بالدنماركيين،فليس هو معروفا في اسكندنافيا فقط بل من قبل الأوروبيين بل من كل العالم حتى في فيتنام يقولون : عندما يغيب القط يلعب الفأر، وأهل زنجبار يرد عنهم : يغيب القط يصبح الفأر ملكا ، وفي جزر البهاما : لايعيد الفأر عيد رأس السنة عندما يكون القط حاضرا . إن الفكرة واحدة لكن التعبير يختلف من مكان لآخر[67] .
آخر الأمور التي أودّ أن أبيّنها مسألة وقوع الخطأ في ترجمة المثل العربي إلى اللغات الإسكندنافية من قبل مترجمين إسكندنافيين، فالمثل النرويجي: من كان بيته من زجاج فلايرم الناس بحجر[68] هو نفسه عند العرب، لكنه حين يترجم إلى الدنماركية بعد المثل النرويجي مباشرة يُنسَب إلى العراق. إن المثل عربي ونسبته إلى بلد من البلدان العربية فيه تجنٍ على الحقيقة، والمثل السابق ليس الخطأ الوحيد في مجال ترجمة الامثال العربية، وأغلب نسبة المثل المكانية أو قصره على شعب من الشعوب العربية،فالمثل المشهور " شاوروهن وخالفوهن " ترجم إلى الدنماركية ونسب إلى تونس[69] ، ونحن نميل إلى أن هذا القول انتشر في البلاد العربية بدافع سياسي بعد معركة الجمل وهزيمة أم المؤمنين عائشة " رض " في المعركة المذكورة ليثبت ظلما عدم صلاحية النساء لأدارة البلدان أو الحرب ، وإن غالى فيه المتزمتون ورفعوه ظلما إلى النبي محمد " ص".
والمثل العربي " الراي قبل شجاعة الشجعان " وهو بيت مشهور للمتنبي يُنسَب إلى اليمن[70] ، والمثل العربي " صديقك من نهاك وعدوك من أغراك " الذي يقال في الجزيرة العربية والعراق بصيغة " اتبع مبكيك ولا تتبـع مضحكك " يُنسب إلى موريتانيا[71].
خلاصة القول إن المثل العربي جزء من المثل العالمي لأن التجربة البشرية تشترك في كثير من أنماط المعاناة والسلوك. يقول الباحث " أوله كراو" الذي جمع " 9000 " مثل من مائتي لغة بينها العربية إن الكثير من هذه الأمثال نشأت أو قيلت أساسا في مجتمع فلاحي لذلك كانت صورها مأخوذة من حياتهم في الحقول والاسطبلات ، إنها تتحدث عن الثيران والبقر والخيول والكلاب والخنازير والماعز ..، وهي تشهد على رؤيا للسادة والخدم والقسس والكهنة والناس الآخرين[72] ، ونضيف إلى ماسبق إذا كان الأمر كذلك فيما يخص المجتمعات غير العربية فإن المجتمع العربي يخضع أكثر من غيره للقاعدة السالفة الذكر لأنه بدأ زراعيا ومازال بهذه الصفة إلى اليوم وبذلك تصح المقارنة ليس بين المثلين الاسكندنافي والعربي بل العربي وكل الامثال العالمية وإن اختلفت الصيغة قليلا أو كثيرا .إن الاساس هو الموضوع " المحمول " الواحد والرؤيا الواحدة ، والنظرة الشمولية للقضايا العامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق