الأمـــــــــــــثـــــــــــــــــــــال

المثل لغة واصطلاحا
تعريف الأمثال
لغة: الأمثال جمع مثل و هو مأخذ من قولنا هذا مثل الشيء ومِثله، كما تقول شَبهه، وشِبهه، لأن الأصل فيه التشبيه. وللعرب أمثال جيدة خلفوها لنا تدل على عقليتهم أكثر مما يدل عليها الشعر والقصص، ولعل سبب ذلك يعود إلى أن المثل يوافق مزاجهم العقلي و هو النظر الجزئي الموضعي لا الكلي الشامل. والمثل لا يستدعي إحاطة بالعلم أو شؤون الحياة.
اصطلاحا:الأمثال هي العبارة الفنية السائرة الموجزة التي تضاع لتصوير موقفا أو حادثة و لتستخلص خبرة إنسانية يمكن استعادتها في حلة أخرى مشابهة لها مثل:”رب ساع لقاعد”و”إن البغاث بأرضنا يستنسر”و”رجع بخي حنين”و”إياك واسمعي يا جارة”و”رب قول أشد من صول”.
وتعريف آخر للأمثال و هي جملة قيلت في مناسبة خاصة ، ثم صارت- لما فيها من حكمة- تذكر في كل مناسبة مشابهة . ولكي تصير الجملة مثلاً فلابد من اشتمالها علي الإيجازب وحسن التشبيه و إصابة المعني و حسن الكناية .و نماذج من الأمثال:
قَبْلَ الرِّمَاءِ تُملأُ الكَنائِنُ) معناه: قبل أن تخرج للصيد فعليك أن تملأ حافظات السهام بالسهام ( الكنائن جمع كنانة) ويُقال : للانسان يودُّ القيام بأمر لم يستَعِدَّ له، كالطالب يودُّ النجاح دون كد.
المثل في اللغة
يظهر من غير واحد من المعاجم، كلسان العرب والقاموس المحيط، أنّ للفظ “المثل” معانى مختلفة، كالنظير والصفة والعبرة وما يجعل مثالاً لغيره يُحذا عليه إلى غير ذلك من المعانى.
قال الفيروز آبادي: المِثْل ـ بالكسر والتحريك ـ الشبه، والجمع أمثال؛ والمَثَلُ ـ محرّكة ـ الحجة، والصفة؛ والمثال: المقدار والقصاص، إلى غير ذلك من المعانى، ولكن الظاهر أنّ الجميع من قبيل المصاديق، وما ذكروه من باب خلط المفهوم بها وليس للّفظ إلا معنى أو معنيين، والباقي صور ومصاديق لذلك المفهوم، وممن نبَّه على ذلك صاحب معجم المقاييس، حيث قال:
المِثْل والمثَل يدلاّن على معنى واحد وهو كون شيء نظيراً للشيء.
المَثَلَ في الاصطلاح
المَثَلُ: قسم من الحكم، يرد في واقعة لمناسبة اقتضت وروده فيها، ثمّ يتداولها الناس في غير واحد من الوقائع التي تشابهها دون أدنى تغيير لما فيه من وجازة وغرابة ودقة في التصوير.
فالكلمة الحكيمة على قسمين: سائر منتشر بين الناس ودارج على الاَلسن فهو المثل، وإلا فهي كلمة حكيمة لها قيمتها الخاصة وإن لم تكن سائرة.
فما ربما يقال : “المثل السائر” فالوصف قيد توضيحي لا احترازي، لاَنّ الانتشار والتداول داخل في مفهومالمثل، ويظهر ذلك من أبى هلال العسكري (المتوفى حوالى 400هـ )، حيث قال: جعل كل حكمة سائرة،مَثَلاً، وقد يأتى القائل بما يحسن من الكلام أن يتمثل به إلاّ أنّه لا يتفق أن يسير فلا يكون مَثَلاً.
وكلامه هذا ينم”انّ الشيوع والانتشار وكثرة الدوران على الألسن هو الفارق بين الحكمة والمثل، فالقول الصائب الصادر عن تجربة يسمّى حكمة إذا لم يتداول،ومثلاً إذا كثر استعماله وشاع أداوَه في المناسبات المختلفة”.
د. أبو شامة المغربي
الأمثال العربية في العصر الجاهلي محمد سليم اختر التيمي السنة الأولى من الماجستير جامعة اللغة الإنكليزية واللغات الأجنبية,حيدراباد
الأمثال العربية هي حكمة الشعوب و مرآتهم التي تعكس أحاسيسهم  على مختلف مستوياتهم وهي المتنفس الوحيد لمشاكلهم والمعبر عن همومهم. كما هي بمثابة معايير أخلاقية يضعها عقلاء القوم لتكون ضابطاً سلوكيا ومنهجا أخلاقيا لعامته وخاصته يتناقلها الخلف عن السلف جيلا بعد جيل فتظل محفورة في ذاكرة الشعب تعبر عن كفاح أبناءه عبر سنين حياتهم سرائها وضرائها، نعيمها وبؤسها، يسرها وعسرها، خيرها وشرها،كما هي أصدق شئ يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها وعقليتها وعاداتها ، ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي صورة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية ، وهي أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنه لغة طائفة ممتازة.قبل الدخول في صلب الموضوع يناسب لي تقديم تعريف الأمثال لغة واصطلاحا.

تقسيم الأمثال العربية:تنقسم الأمثال العربية إلى أمثال حقيقية وأمثال فرضية.
أما الأمثال الحقيقية، لها أصل و قائلها معروف غالبا ونماذج منها:
وافق شن طبقة”شَنّ رجل من العرب خرج ليبحث عن امرأة مثله يتزوجها، فرافقه رجل في الطريق إلى القرية التي يقصدها، ولم يكن يعرفه من قبل. قال شن: أتحملني أم أحملك؟ فقال الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب فكيف تحملني أو أحملك؟ فسكت شن حتى قابلتهما جنازة، فقال شن : أصاحب هذا النعش حى أم ميت ؟، فقال الرجل : ما رأيت أجهل منك، ترى جنازة وتسأل عن صاحبها أميت أم حي، فسكت شن، ثم أراد مفارقته، فأبى الرجل وأخذه إلى منزله، وكانت له بنت تسمى طبقة. فسألت أباها عن الضيف فأخبرها بما حدث منه ، وأبت ما هذا بجاهل؛ إنه أراد بقوله أتحملني أم أحملك: أتحدثني أم أحدثك. وأما قوله في الجنازة فإنه أراد: هل ترك عقبا يحيا به ذكره؟ فخرج الرجل وجلس مع شن وفسر له كلامه، فقال شن: ما هذا بكلامك ، فصارحه بأنه قول ابنته طبقة، فتزوجها شن. ويضرب مثلا للمتوافقين.
الصيف ضيعت اللبن ” قاله عمرو بن عمرو بن عدس وكان شيخا كبيرا تزوج بامرأة فضاقت به، فطلقها فتزوجت فتى جميلا وأجدبت. فبعثت تطلب من عمرو حلوبة أو لبنا ، فقال ذلك المثل، ويضرب هذا المثل لمن يطلب شيئا فوته على نفسه.
وأما الأمثال الفرضية، فهي ما كانت من تخيل أديب ووضعها عل لسان طائر أو حيوان أو جماد أو نبات أو ما شاكل ذلك والفرضية تساعد علي النقد والتهكم والسخرية وخاصة في عصور الاستبداد وهي وسيلة ناجحة للوعظ والتهذيب والفكاهة والتسلية مثل كليلة ودمنة وسلوان المطاع  وفاكهة الخلفاء.
ميزات الأمثال العربية الجاهلية
من المعلوم لدى الجميع أن الأمثال العربية في العصر الجاهلي متصفة بمزايا وخصائص تميزها كل تمييز عن أخواتها و مثيلاتها،و من أظهر وأوضح مميزاتها قلة الألفاظ وكثرة المعاني وسهولتها ووضوحها، والخلو من تكلف البديع، والإيجاز لا الإطناب والتطويل، وجمال الصياغة وحسن التعبير وجزيل اللفظ وقوي التركيب وموجز الأسلوب وسطحي الفكر وسلاسة العبارة وسيولتها وفصاحتها وبلاغتها وقوة التأثير، ولا يُلتزمُ أن يكونَ المثلُ صحيح المنحى فقد يَشتهر مثلٌ لا يصح معناه في كل وقت، ولكنْ صادفَ ظرفاً شهيراً فاشتُهر به، ولما كانت الأمثال نتاج الناس جميعاً فقد جمعتِ الصحيح وغيرَ الصحيح، ولا كذلك الحكمة، فإن الحكمة وليدةُ عقل متميز ذي ارتفاع فلا بدّ أن تكون صادقة في كل الأحوال.
وأعظم ما اختصت به الأمثال العربية الجاهلية، جريان الكلمات مع الطبع فليس تكلف ولا زخرف ولا غلو،تسير مع أخلاق البدوي وبيئته،وقال ابراهيم النظام : يجتمع في المثل أربع ميزات لا تجتمع في غيره من الكلام:إيجاز اللفظ و إصابة المعنى و حسن التشبيه و جودة الكفاية،فهونهاية البلاغة، ونماذج من الأمثال:
بلغ السيل الزبى
قَبْلَ الرِّمَاءِ تُملأُ الكَنائِنُ
جَوِّعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْك
سمن كلبك يأكلك
جزاءه جزاء سنمار
يضرب لمن يحسن في عمله فيكافأ بالإساءة
العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة
إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا
العين بصيرة واليد قصيرة