google.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0 حكم أمثال أقوال قصص: الأبتر oogle.com, pub-5523991894117674, DIRECT, f08c47fec0942fa0

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 ديسمبر 2019

الأبتر

صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
البتر هو القطع والأبتر هو الناقص أو المقطوع. لقد صيغت منه أمثلة كثيرة وتردد ذكره في التراث العربي. كان من الأمثلة التي ضمت الإشارة إليه قول القائل: «ضاع الأبتر بين البتران». وهو مثل يضرب للدلالة على عجز الإنسان عن التمييز بين المتطابقين في الصفات. وعلى غرار ذلك جاء المثل الشعبي: «أقرع بين القرعان». وهذا مثل ينظر إلى مثل آخر مشابه في المعنى وإن اختلف في القصد ألا وهو «غراب يقول لغراب وجهك أسود». ويشير هذا المثل إلى من اشترك في النقص والعيب فيجرؤ على انتقاد من كانوا مثله في العيب.
ونجد تطبيقات عملية مستمرة لهذه الأمثلة في الحكام المستبدين في عالم الشرق الأوسط ممن اعتادوا على أن يطلقوا ألسنتهم في مهاجمة أمثالهم المستبدين، وكذلك في المفكرين والكتاب الذين يدأبون على التغني بالحرية والديمقراطية، بيد أن الأمر لا يؤول ليدهم حتى يكبتوا كل ما لا يعجبهم من رأي أو نقد.
أما حكاية المثل الذي أشرت إليه «ضاع الأبتر بين البتران» فيقال إن ثعلباً دأب على مهاجمة دجاج وحيوانات أحد المزارعين فتضايق منه، ما اضطره إلى نصب مصيدة يمسك بها ذلك الثعلب. وبالفعل جاء الثعلب كعادته ليلاً ودخل بيت الدجاج. ما إن تقدم قليلاً إلى مقصده حتى أقفلت عليه المصيدة من حيث لا يدري، بيد أنها أقفلت عليه من عند ذيله الطويل. لم يجد أبو الويو غير أن ينتفض فقطع ذيله ونجا بجسمه وعاد إلى جماعته أبتر الذنب.
أدرك عندئذ أن المزارع سيعرفه من ذيله الأبتر وينتقم منه ويقتله. وعلى عادة الثعالب المشهورة بالذكاء استطاع أن يتوصل إلى حيلة يضلل بها الرجل، ففكر في خطة يجعل بها كل زملائه من الثعالب تفقد ذيولها فيضيع بينهم ويتعذر على المزارع أن يميزه ويهتدي إليه. جاء إلى زملائه الثعالب وحدثهم قائلاً إنه اكتشف مكاناً مليئاً بالدجاج يستطيعون فيه أن يأكلوا ملء بطونهم. والطريف أن الثعالب مغرمة دائماً بأكل لحم الدجاج مثلنا. فتحمست لذلك وسألته أن يرشدها إلى ذلك المكان. فقال لها: أخشى أن تهربوا إذا حصل شيء وتتركوني بيد صاحب المزرعة. اقترح على الثعالب أن تشد أذنابها إلى أوتاد مثبتة في الأرض فيتحقق بذلك من عدم هروبها. فوافقت على ذلك وتم الأمر كما اقترح. وما إن أصبحت مشدودة من أذنابها حتى أطلق ذلك الثعلب صرخة مدوية استنفرت الكلاب الحارسة فجاءت مسرعة تعدو نحو الثعالب. لم يجد هؤلاء مخلصاً بغير أن تقطع هي أيضاً ذيولها وتهرب. ولكنها بذلك أصبحت بترانة مثل صاحبها.
شاهد المزارع الثعلب الماكر وهم بقتله قائلاً له: أنت الثعلب الخبيث الذي دأب على أكل دجاجاتي وأعرفك من ذيلك الأبتر. فقال له الثعلب: كلا لست أنا فأنا أنتمي إلى قبيلة كلها من الثعالب البتران. ثم فرجه على جماعته. فأطلق المزارع سراحه وعاد إلى قريته وقال لأهله: «ضاع الأبتر بين البتران». وأرسلها بذلك مثلاً نردده.

ليست هناك تعليقات: