دَلّل حماتَكَ تَكسَب حَياتكَ
الحماة والكنّة صراع أزليّ لا ينضب، وسلاحه الأمثال العربية الشعبية: "الحماة التي تحب الكنّة لها كرسيّ في الجنّة"؛ لذا لا ننكر بأن العلاقة بين أم الزوج "الحماة" والزوجة "الكنة" حرب طريفة متسلّحة بظرافة وكيد النساء، حتى غدا الأمر أمثالاً شعبية بليغة، لا نعلم مَن نقشها ولكنّنا ندرك مغزاها.
تسلّحت كل من أم الزوج "الحماة" والزوجة "الكنّة" بمجموعة من الأمثال، جعلت منهنَّ جيشاً وثيقاً في مجابهة الخصم، حيث أن كثير من الأمثال العربية الشعبية يتلخّص مفادها باستحالة حب الحماة لزوجة ابنها، ولربما العكس، وتتابع الأمثال حاملة في طياتها روح الفكاهة، ومن تلك الأمثال: "لو الحماة أحبّت الكنّة لدخل إبليس الجنَة"، حتى تجسّدت الفكرة الخاطئة عند كثير من الفتيات المقبلات على الزواج، وباتت متوارثة عبر الأجيال، بأنّ الحماة عبارة عن قنبلة موقوتة.
اعتادت العائلات على استقبال زوجة الابن بالأفراح والتهاني، وما إن يمضي أشهر على زواجهما، حتى تحتد المشاكسة بين زوجة الابن "الكنّة"، وأمّ الزوج "الحماة"، وأشفق كثيراً على تلك التي تقف بوجه أم زوجها، وتجابهها، وتدفع زوجها للوقوف في صفها ضد أمه، ومن هذه النافذة تُصقل هيئة المسار العائلي، فإما أن تكون بين أم وابنتها، أو بين زوجة وضرّتها. إن التعامل الحسن مع الحماة، هو أشد العلاقات وأكثرها سلاسة، وهو طريق معبّد للوصول إلى قلب أم الزوج، فإما أن تكون حلقة التواصل بين الزوجين، أو فاصلاً لعدم الاتصال فيما بينهم، فالمرأة التي تنال رضى أم زوجها، امرأة ذكية، حيث تقلب رصاصات السلاح لصالحها، فتكسب محبة زوجها وأمه، فالتعامل الطيّب، هو أصل العلاقة الناجحة التي يكون أساسها المودة والاحترام، وبهذه الأسس تنشأ الأسرة وعلاقاتها المستحبّة.
وتذكري عزيزتي في أنّ لأم الزوج وجهة نظر فيما تقول وتفعل، فمن واجب الزوجة عدم الخوض في جدال عقيم يؤدي إلى فجوة عميقة، وعليها توظيف ثقافتها لكسب مودة أم زوجها |
وإذا ما احتدم الصراع بين أم الزوج (الحماة) والزوجة (الكنة) في حلبة المصارعة، سيقع الزوج فريسة ذاك الخلاف، وستحاول كل منهما جلبه لمساندتها في خصام الأخرى، لذا تُعتبر أم الزوج (الحماة) مفتاح من مفاتيح السعادة الزوجية أو باب من أبواب التعاسة الزوجية، فإما أن تُقام علاقة طيبة حتى تصبح الحماة صديقة زوجة ابنها، أو تصبح الحياة مضطربة فيما بينهم، والزوجة الواعية هي التي تنظر لأم زوجها بمنزلة أمها، وجدة أولادها، فمن صفات الزوجة الصالحة: حسن معاشرة أهل زوجها واحترامهم وتقديرهم، فأعظم الناس حقاً على الرجل أمه ثم أمه ثم أمه، وما من شيء أشدّ بغضاً إلى قلب الرجل من الضغينة بين زوجته وأهله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البر أن يحفظ الرجل أهل ودّ أبيه"، فمن الأجدر أن تحفظ الزوجة أهل ود زوجها، وكما قيل في كتاب المرأة في التصور الإسلامي: (الزوج فلذة كبد أمه وهو أمانة أمه في يد زوجته فوجب أن تتلطف بصاحبة الأمانة وتجعلها مطمئنة على أنها لن تفقد أمانتها، وذلك يكون بالتودد إلى هذه الأم وإظهار الاحترام لها باعتبارها أمّاً للزوجين). فالكره لا يولد إلا الكره، والحبّ لا يولد إلا الحبّ، فتجنبي عزيزتي الزوجة الشكوى لزوجك عما فعلته أمه، بل تكلمي عنها بالخير والإحسان، وقابليها بوجه حسن بشوش، وبنفس صادقة مخلصة، وأن لا تكون معاملتها نديّة غليظة، وعليك أن تغرسي في نفس زوجك وأولادك حبها وإكرامها.
لا نستطيع الجزم في أي من الحماة والكنّة مغلوب على أمرها، لكنّ الذي علينا إدراكه هو أن الزمن يدور، وتلك التي كانت يوماً من الأيام كنّة، ستكون في يوم قريب حماة، وكل ساقٍ سيُسقى بما سقى، وسيطارها دورها حتماً.
إن زوجة اليوم هي حماة الغد، فالاختلاف في الرأي مع أم الزوج (الحماة) ليس باباً للمشاحنة، وتذكري عزيزتي في أنّ لأم الزوج وجهة نظر فيما تقول وتفعل، فمن واجب الزوجة عدم الخوض في جدال عقيم يؤدي إلى فجوة عميقة، وعليها توظيف ثقافتها لكسب مودة أم زوجها، وتنقية الأجواء وإزالة الشوائب والكدر، والتغاضي عن الهفوات والزلات، فتلك كلمات عابرة ليس لها في القلب مستقر. وأنت أيها الزوج إيّاك أن تفضّل زوجتك على أمك، أو أن تنصاع لقيود زوجتك على حساب أمك، فعليك أن تشعر أمك بأنها الحب الأوّل، وأن تُشعرها دائماً بأنّك محتاج لرضاها وطلب دعائها، وعلى الزوجة أن تدفع زوجها لبر أمه، وتعينه على ذلك بالأذكار الطيبة، والبعد عن أساليب المكر والخداع، ولتعلمي أيتها الزوجة ما تزرعينه ستحصدينه حتماً.
#يتصدر_الآن
- أضف تدوينة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق