قصة مثل كوردي
أمثال كوردية في زمن كورونا
1- "ما مضى كان بمثابة (لي لي) والآن جاء دور( لولو)
"ئەڤە لێ لێ بوو، هێشتا لو لو یێت ماین"
حين يستهل المغني الكوردي الفلكلوري(سترانبێژ)مقدمة أغنيته بهذه الترنيمة الموسيقية وبهذه الكلمات (لي لي) ولفترة من الزمن والمقابل ينتظر منه البدء بالغناء بعد ملل أصابه من تكرار تلك الكلمات التي لا معنى لها في قاموس المعاني ويأتي الرد منه بأن الدور آتِ على (لو لو) ومنها جاء المثل الكوردي وعلى لسان المغني:"ما مضى كان بمثابة (لي لي) والآن جاء دور ( لولو). أي أن ما سلف كان هينا والقادم من الأيام أشد وأعظم وذلك حين تأتي المصائب والملمات والكوارث والأوبئة على الناس على حين غرّة. فوباء كورونا خير مثال على ما يحدث الآن فالعالم مقبل نحو الأسوأ وسوف يشهد مواقف وظروف ينذر بعواقب مأساوية يعم الجميع ولا يدرك أحد مدى النتائج الوخيمة التي ينتظره هذا الكوكب من جراء أنتشار هذا الوباء القاتل والمعدي الذي لم يشهده من قبل و بهذا الشمول الواسع.
2- " أنه واضح وجلي من خلال الزجاجة البلورية"
" دموریێ را یا دیارە"
حين يلجأ الناس الى المشعوذين والدجلة وقارئي الفأل لمعرفة أماكن وجود أموالهم المسروقة أو فقدان بعض الأشياء الثمينة من بيوتهم أو معرفة مصير بعض أقاربهم, جلّهم لا يدركون حيلهم وألاعيبهم التي توارثوها أبا عن جد والتي تنطلي على معظمهم مهما كانت درجة الوعي أو الغباء عندهم. فالمرأة الغجرية أي (القرجية) وعند الأكراد يسمونهم ب( کاچولی) لها أسلوبها الخاص في التعامل مع زبائنها وبالطريقة المثلى التي تتمكن من النيل منهم من دون أن يُشْعرهم بأنها عاجزة عن فعل أي شيىء تجاه مطالبهم في الواقع بل تملأ نفوسهم بهذه المقولة المبهمة:"أنه واضح وجلي من خلال الزجاجة البلورية" وتترك نتيجة التكهن مفتوحة لدى المتلقي والتي تؤول الى شقين لا ثالث لهما وهو الأبقاء المقابل في أمل من تحقيق مبتغاه لدى تلك المرأة الساذجة المحتالة. فإن ظهرت النتائج النهائية بالأيجاب فكان بسبب فألها المتوقع وتحصل على ما تريد وإن خاب الظن ولم يحصل المقابل على ما تمنى فالغجرية تتبجح بأنها توقعت من خلال الزجاجة البلورية وضوح الرؤيا عندها بالنفي ولكن لم تبح بها لترك الأمور تجري وشأنها وتحصل على غايتها المرجوة في الحالتين. وهذا ما ينطبق على منجمي كورونا وتوقعاتهم من بقائه أو زواله في المدى القريب رجماً بالغيب.
3- "أتصور بأن السنة سنة"
"ئەز دبێژم ئەڤ سالە سالە"
في سالف الزمان وحين كان القرويون البسطاء يعيشون حياتهم اليومية في القرى والأرياف بأمان كانوا يذهبون الى القس لأخذ المشورة منه وتوقعاته حول التنبؤات الجوية على مدار فصل الشتاء والربيع والكشف عن مصير محاصيلهم ويسألونه هل السنة سنة خير أم العكس؟ فكان القس الذكي يلجأ الى مقولته المشهورة والتي تقول: "بأن السنة سني". فإن عمّ الخير فالكل قد أقتنع بأن توقعات القس كانت في مكانها الصحيح ولا غبار عليها. ولكن لو جاءت النتائج سلبية فكانوا يلومونه على تنبؤاته الخاطئة فكان يأتي الرد السريع منه بأنه نبهم في قوله بشكل تحذيري وذلك بالتشديد على مفردات المقولة بحيث توحي لهم بأنه فعلا حذّرهم بأنها سنة شؤم وبلاء عليهم. في هذه الأيام العصيبة في زمن كورونا وأنتشاره السريع وحصده للأرواح في كل مكان يلجأ معظم رؤساء الدول من خلال إيجازهم الصحفي اليومي بالأيحاء لمواطنيهم والعالم أجمع بأنها محنة وتزول وما عليهم إلا الصبر والبقاء في البيوت وانتظار الوباء كي يدق أبوابهم ويصبروا على البلاء ومن يصيبه الداء يموت من غير دواء لأن ميزانية أغلب الدول العظمى صرفت على التسليح.
29-3-2020 - دهوك - أحمد علي حسن
4- لغز للأذكياء وحكمة للأغبياء
" من يشبه جده يتساوى معه, ومن يجتاز والده يوضع أكليل غار فوق رأسه, ومن يكون أقل شأنا منهم ينثر حفنة رماد فوق رأسه".
"ئەوێ وەک باپیری سەر ب سەرە، یێ ژبابێ بوراند گولە سەرە، یێ ژوان کێمتر خولی ب سەرە".
توفي رئيس قبيلة في أحدى العشائر الكوردية قديما وبعد أنتهاء مراسيم الدفن تكالب عدد من أفراد القوم بأخذ مكانه وتنصيب نفسه شيخا عليهم بالقوة. فأحتد الصراع بينهم مما حدا بهم للذهاب الى الباشا كي يختار الأمثل منهم لتبوأ المنصب. فقال لهم من منكم ينتسب الى حاشية المتوفي؟ فجاء الرد لا أحد منا. ألم يخلف ولدا من بعده؟ فقالوا بلى له أبن ولم يأتي معنا فأمر الوالي بأن يُأتى به فورا. وعند حضوره قدّم الخدم لكل واحد منهم قدحا من العصير وأشترط عليهم بأن يفرغ المحتوى من دون شربه أو سكبه. حار الجميع من إيجاد طريقة لفعل ذلك لكن أبن الشيخ المتوفي أدخل حافة لفة رأسه في القدح فأمتص ما في داخلها فبهر الجميع من فعلته الذكية. وبعدها خاطب الوالي وقال لهم من يعرف حل هذا الغز: ما هو( قبل أمس , والبارحة, واليوم) فأخذ الجميع بحساب أسماء أيام الأسبوع الأعتيادية مما جعل الباشا يهز رأسه أستهجانا لقلة ذكائهم وأستخفافا بعقولهم. فجاء الرد من أبن الشيخ بأنه هو( جدي في السابق وأبي بالأمس وها أنا أمامك اليوم). فقرر السلطان تنصيبه شيخا عليهم بلا منازع. وهكذا كانوا في الماضي يختارون الشخص الملائم وفي المكان المناسب وفي الوقت المدروس والظرفالمقبول. ليس كما هو جاري الآن في العراق الديموغراطي في أختيار رؤساء الوزراء والجمهورية والبرلمان وما هو دون ذلك بأسلوب المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية وعن طريق الكتل والأحزاب والأغراء والرشاوي والتلاعب بأصوات الشعب والفرض من جهات خارجية ولا عن طريق المؤهلات والكفاءات والخبرة الذاتية وحب الوطن وخدمة الشعب. ورحمة الله على المطرب الغنائي الشعبي (داخل حسن) رحمه اللهحين سألته مقدمة البرنامج عن الغناء في الماضي وما هو موجود الآن في الساحة الغنائية. فجاء الرد السريع منه ومن خلال المسبحة في يده وأشار أليها وبطريقة ساخرة بنتي (وين كبل وهسه وين)! إذن: لا يصح إلا الصحيح حتى الشعب الغلبان يستريح من مطالبة من يخدم مصالحهم وحقوقهم في المستقبل.
30-3-2020 – دهوك – احمد علي حسن
5- خيرات أبو نوري لا تبتعد عن داره قيد شبر
"خێرا بابێ نویرە، بهوستەکێ ژمالێ ناکەت دویرە"
أبو نوري نموذج مصغر في المثل كناية عن أولئك الأغنياء والأثرياء في هذا الكون الذين يكدسون الأموال في البيوت والبنوك والتي حصلوا عليها بالأختلاس والفساد من أقوات الفقراء والمساكين ولا ينفقونها في سبل الخير خفية للمعوزين في أوقات الشدة كما هو الآن وإذا فعلوها فلا تذهب بعيدا عن الحاشية فتشمل بعض الأقارب الميسورين أمثالهم أو يسلموها لبعض الأشخاص للقيام بتوزيعها على شكل معونات وبثها بالفيديو ويذكرون أسم الشخص الذي قدم هذه الخيرات دعاية له وأسماء شركاته على هيئة منة رئاء الناس لا غير: يقول تعالى"وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا". والكمية الموزعة لا يسمن ولا يغني من جوع. ناسين أن النار يوم القيامة يأتي على قدر الذنوب والآثام التي أرتكبوها وتقع العقوبات والحساب عليهم فمنهم من يكون طعامه الزقوم ومنهم من غسلين ومنهم من شرابه الحميم ومنهم من شرابه الصديد فهل ممن يتعظ؟
3-4-2020 - دهوك " أحمد علي
الطحّان و المطحنة
الطحّان يلعق المطحنة والآخر يلحس الطحّان
ئاشڤانى ئاش دئالیسیت وئێکى ئاشڤان دئالیست
قصة الخال مع أبن الأخت
خرج الشاب في الصباح الباكر قاصداً الطاحونة المجاورة لقريته, وكان الطحّان خاله الحميم. فقال في نفسه ويملكه الشعورالعائلي بأن خاله سوف يجازيه بعدم قطع (المزة) أي ثمن الطحن منه وفي نفس الوقت حين شاهد الخال أبن أخته تمنى منه أن يضاعف ( کەپول) أي الحفنة أو الطاسة أثنتين له. وفي النهاية خاب ظن الأثنين لا الخال منحه ما خال في خلده اللئيم, ولا أبن الأخت منحه ما تمناه لبخله السقيم.
وهذا القصة المليئة بفحواها من معانٍ ومغزى تنطبق تماماً على وضع عراق المركز مع الأقليم من الناحية الأقتصادية والمالية. والطرفين في حالة شد وجذب وكل طرف يحاول أن يسحب البساط من تحت الآخر وبشتى الطرق والوسائل المتاحة مما تشبه لعبة القط والفأرة, ولعبة ( الكتبة والصورة) عند الصبيان أو حين تضيع الثقة وسوء التفاهم عند الجيران لأتفه الأسباب. وبين هذا وذاك وعناد الفريقين يبقى المواطن التعيس والمعدوم يدفع الفاتورة بعد لحس يديه الفارغتين من الأمام والخلف. ولقد قالها الحكيم الكوردي يوماً: " كلانا جبال, والماشية في الوادي بلا كلأ وعشب مقيدة بالحبال".
حقاً لقد توقفت طاحونة الطحّان الحكومية وباتت الخزينة خاوية وتراكمت الديون الخارجية والداخلية والنهب والسلب مستمر وبدون أنقطاع ولم يبقى من الطاحونة شيء ولم نعد نسمع منها سوى صوت الطقطقة فقط لا غير. وليس للطحّان بُدٌ من أن يلعق مطحنته في النهاية ولا ضير على الآخرين من لحس صاحب الطاحونة من الوراء. ويا أسفي عليك يا عراق الخير حين وقعت في براثن الشامتين والناقمين عليك من القريب والبعيد والقائمين على توجيهك نحو الخراب والمتحكمين في مصيرك المشئوم وسؤالي الوحيد الى متى تظل طاحونة العطاء متوقفة عن الدوران؟!
29-11-2020 – دهوك – احمد علي
تساوى الخير مع الخطيئة
"خێر و گونەهـ بەر ئێک دکەڤتن"
يُقال بأن أحدى الأرامل كانت تتعاطى فعل الزنا في بيتها وتخصص معظم النقود لشراء الحصران وتبعثها مع أحد الأشخاص للمسجد المجاور لدارها. سؤال وجيه يدور في الذهن لماذا أقدمت هذة المرأة لفعل ذلك؟ لأنها شاهدت بأم عينيها بأن المسجد بحاجة لكثير من المتطلبات الهامة ومنها الحصران للصلاة والتي لم تُلبى من قبل أغنياء وأثرياء المنطقة. والمقيمين على المسجد الملا والمعين لم يسألوا الشخص مصدر الهدايا من أين تأتي. وفي يوم من الأيام ذهبت الأرملة وبعد صلاة العصر للأستفسار عن ما تفعله. وقالت للملا لي سؤال أود منك الأجابة علية بكل صراحة ورأي الدين فيها لأن الأمر بات يقلقني ولا أعلم ما هو جزائي عند الله.
ردّ الملا وبتواضع: تفضلي يا أختي من أنت؟.
قالت الأرملة أنا تلك المرأة التي تبعث تلك الحصران للمسجد. فأجابها الملا كثّر الله من أمثالك لفعل الخير أضعافها. وما كان من المرأة أن صارحته بالحقيقة وقالت له هل تعرف مصدر المال من أين يأتي؟ قال الملا لا وبأستغراب تام. دمدمت وقالت بأستحياء مصدره من فعل الفاحشة. حينها أندهش الملا من فعلها ورد عليها لماذا فعلت ذلك يا أختي؟ فبررت موقفها له بأنها رأت الأغنياء لم يقدّموا ما يستوجب عليهم تجاه عوز بيت الله فأنا بدوري فعلت ذلك.
عند سماعه أعترافها الصريح لم يستطع الملا من الأفتاء وظلّ صامتا فترة وهو في ذهول مطبق. وحين شاهدت الأرملة السكوت من طرفه بادرت وبكل ثقة لمعرفة نتيجة فعلتها أمام الله وأنتظرت منه الرد النهائي. وحسب معرفتة بأمور الدين فكّر مليا وأراد الصلاح لها وردّ عليها بفتوى من أجتهاده الشخصي بأنه "يتساوى الخير مع الخطيئة" على أية حال ولحد اللحظة وأما من الآن وصاعدا توقفي ولا تعاودي الكرة مرة ثانية. وغايته من هذا بأن الله غفور يغفر الذنب وهو بدوره أراد لها الصلاح والرجوع عن طريق الخظأ وتتجه نحو الصواب ولا تستمر في الرذيلة.
والعبرة من المثل بأن أيادي الفساد في العراق تطاول الى جميع مرافق الدولة مروراً بالتجارة أرزاق الناس وأنتهاءً بالصحة حياة آزاد وِشمعون وخدر وعباس وراح أبعد من ذلك حتى وصل الى دور العبادة والصلاة صعوداً من السدنة والمقيمين ووصولاً الى رؤساء الوقف السني والشيعي وتلاعبهم بأموالها وعقارات وأراضي الوقف العائدة لهما بالطرق الملتوية والمقنّة. ودعائي الوحيد أن يغفر ذنب الأرملة ويرحم الملا بفتوته المقبولة عند الله ويلعن كل من تسبب بتجويع الشعب وساهم في موت المرضى وباع وتلاعب ببيت المال ودور العبادة.
9-12-2020 – دهوك – احمد علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق