إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض : قصة مثل يحاكي واقعا مر !
مثل شهير جدا لما له من معاني وحكم عميقة ، ويضرب في من استأثر بنفسه ظانا نجاته ، وفي من استشعر مصيره انطلاقا من مصير غيره ، وكذلك في من آثر نفسه ومصالحه الشخصية على الجماعة .
ثلاثة ثيران وأسد
كان بأحد الأراضي البرية ذات الأشجار الكثيفة ثيران ثلاثة : أبيض ، وأحمر ، وأسود ، وبجوارهما أسد مفترس . و كانت الثيران ترعى مجتمعة بكل راحة وأمان ، والأسد لا يقدر عليهم لقوتهم .
فاقترب ذات يوم من الثور الأسود والثور الأحمر وقال لهما : إننا في هذه الأرض نعاني من قلة المرعى ، وأرى أن لونيكما من لوني ، ولا يعكر صفو معيشتنا إلا الثور الأبيض فهو منفصل عنا تماما ووجوده سيسبب لنا مشاكل عدة ، فإن تركتموني خلصتكما منه وخلا لنا المرعى ونعمنا بالطمأنينة والهناء .
وبعد محاولات متكررة تمكن الأسد من إقناع الثورين ففسحا المجال له للانفراد بالثور الأبيض ، وبالفعل تمكن الأسد من نهش لحمه ودق رأسه ، وتمتع بوليمة فخمة كان ثمنها غباء وحمق وأنانية الثورين .
بعدها انفرد الأسد بالثور الأحمر وتفنن بإقناعه وأغراه بحجم العيش الرغيد ، والحياة الهنيئة التي سينعمان بها إن تمكن من الثور الأسود ، وعندها سيخلوا المكان لهما ولن يزاحمهما أي كائن فيه .
وبالفعل اقتنع الثور الأحمق بكلام الأسد فانفرد هذا الأخير بالثور الأسود فافترسه بوحشية وبات ليلته متخما بوليمة قدمت له على طبق من ذهب .
وأخيرا وبعد فوات الأوان صحصحتِ الحقيقة وأدرك الثور الأحمر حجم المصيبة التي أوقع نفسه بها وهو يلمح الأسد متوجها إليه وأنيابه مبتسمة ومستعدة لوجبة لذيذة من لحمه الطري ، فنادى متألما بأعلى صوته :
ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض
وكأن واقع هذا المثل ينعكس بمرآته على حال أمتنا التي مزقتها التناحرات والسياسات التي تسعى جاهدة إلى تفرقتها وبث البغضاء والتنافر بينها ، وديننا الحنيف يأمر بأن نكون جسدا واحدا وسندا أوحدا وإلا سنؤكل ونؤكل ونؤكل …..فلا يتبقى لنا حتى الصوت لكي نصرخ فنقول :
ألا إننا أكلنا يوم أكل الثور الأبيض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق