حزيران 2008 العدد (4) | مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا | June 2008 No (4) | ||||||||||||||
| ||||||||||||||||
تراثيات بيئية:
| ||||||||||||||||
حزيران شهر "إِقلاش" ناديا البطمة
عرفت أشهر السنة الميلادية بأسماء محلية، ولهذه التسميات دلالات زراعية وشهر حزيران هو امتداد لمواسم الحصيدة الذي بدأ في شهر أيار (جماد)، أما تسمية إقلاش أو قلاس اشتقت من القالوش وهو أداة من أدوات الحصاد تشبه المنجل. حزيران موسم حصاد القمح والشعير (الحصيدة). يقوم الفلاحون رجالا ونساء بحصاد الزرع بالمناجل والقواليش، بينما تقوم النساء بتغمير الزرع ووضعه على القوادم وتحميله على الدواب ونقله إلى البيدر أو (الجرون) ثم يقوم الرجال بعملية دراس الزرع بواسطة الدواب، بعدها تجمع في كومة واحدة ويقوم الرجال بعلمية التذرية، وبعد فصل الحبوب عن التبن يقوم الرجال بعملية الكربلة (الغربلة) بواسطة الكربال أي (الغربال) وبذلك تكون الحبوب جاهزة للتعبئة في أكياس لنقلها لمكان التخزين بعد أن يكون المزارع قد أخرج صاع الخليل وهي زكاة المحصول ومقدارها 10%.
وهذا تفسير للمصطلحات والكلمات الواردة في الفقرة السابقة: المنجل والقالوش: هي أدوات الحصاد. تغمير الزرع: أي تجميع الزرع المحصود على شكل أكوام القادم وجمعها قوادم: أداة مصنوعة من الخشب بطريقة معينة حيث تثبت على ظهر الدابة بعد ربط الزرع عليها. التذرية: عملية فصل التبن عن الحبوب باستخدام المذراة والاستفادة من الهواء لطرد التبن بعيدا عن الحبوب. صاع الخليل أو صاع إبراهيم (خليل الله): وحدة كيل وتقدر بحوالي 2.5 رطل. وعند تعبئة الحبوب يردد المزارع: أول صاع لأبونا خليل الله. واحد ما له ثاني ثلاثة أربعة... حتى يصل إلى التاسع والرقم العاشر يخرجه زكاه وهكذا. يقول المثل الشعبي: "كثر الأيادي في الحصيدة بركة" ويعبر هذا المثل عن أهمية "العونة" وحشد الطاقات لانجاز العمل الصعب. ويتمنى الفلاح ان تكون الغلة خصبة فيقول المثل "عند الصلايب تحمر الوجوه" والصلايب هي أكوام القمح المنتج والذي ينتظره الفلاح لسد حاجاته الكثيرة فيخاطب الزرع قائلا: "يا زارع الجوّاد يا ريتك تخصب الغل، منك نحلل، ومنك ننصب الحلة، ومنك نراضي العزب ولو كان زعلاني، زعلان زعلان بدو بنت الكرام، يا بنت الكرام ويش جابك على بالي، جابني هالشب هالغطوس هالغالي". (الجوّاد: الكريمين)وهناك ما يسمى (جرعة) حيث يترك البدو والفلاحون الجزء الأخير من الحقل بدون حصاد فيحصده الفقراء والعمال لأنفسهم ويشوي الفلاحون آخر حزمة من القمح ويحتفلون عند انتهاء الحصاد بأكلها وتدعى قلية. وعند انتهاء درس القمح يذبح خروف ويدعى أيضا خروف الخليل .
أغاني الحصاد اعتاد الفلاحون الغناء أثناء الأعمال الشاقة كالبناء والعقد، وحمل الأحمال الثقيلة، وأثناء الجداد والحصاد ليروحوا عن أنفسهم ويشغلونها عن التفكير بالتعب والجهد وللتشجيع وبعث الهمم والنشاط في النفوس, ومن هذه الأغاني والأهازيج التي يرددونها:- أنا خيال المنجل والمنجل خيال الزرع منجلي يابو الخراخش منجلي في الزرع طافش منجلي يا منجلاه أخذته للصايغ جلاه يا منجلي يا أبو رزة ويش جابك من بلاد غزة وبتمنى الفلاح دوام الخير رغم التعب فيقول: يا ريت الحصيدة كل عام تعود ونحصد الحصايد وندرس ع القاعود
أمثال شعبية ذات معان ودلالات مختلفة في تراثنا الزراعي - "أحصد بدري قبل ما تيجي الشوبة" أي فترة الخماسين الجافة لذا يختار الحصادون الأيام الندية يسمونها "سقعة السبل" للحصاد وذلك لتجنب الآلام الناتجة عن وخز الأشواك النامية والشعير. - "ما ساقطة إلا وراها لاقطة" ويعني بكلمة ساقطة هي بقايا السنابل بعد حصاد الأرض ولاقطة تعني الملقطة أو (الصيّافة). وهناك مثل يقارن بين الملقطين والحصادين فيقول المثل الشعبي "اللقاط أحسن من الحصّاد واللقاط هو ا(الصياف) حيث يسمح للأرامل والأيتام والفقراء بما يسمى (الصيافة). - "في حزيران تبقى الذرة مثل الخيزران" بمعنى أن بهذا الموعد والوقت يكون محصول الذرة في أوج نموه". - "حزيران أبو الرفاهيات" لا هو حامي ولا بارد". - "حزيران شهر البسط والكيف، أولو ربيع وآخره صيف". - "بحزيران بتشعل النيران" كناية عن نشوب الحرائق بسبب الحر". - "تعبك ع صوص حزيران ما بيروح ضيعان" بمعنى "صوصو القمح بيرمح رمح" أي قوي. - "عيد الصعود يقول للصيف عود" (عيد صعود المسيح عليه السلام إلى السماء ويصادف في شهر حزيران). - "حر حزيران بيعمل الحليب عيران" ترتفع حموضة اللبن بفعل ارتفاع حرارة الجو.
التغيرات المناخية وآثارها الضارة قيلت هذه الأمثال ذات الدلالة المناخية والبيئية على مر الزمن وقبل اختلال الظروف المناخية نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، وما ينتج بالتالي من قلة الموارد المائية والجفاف والتصحر. وقد لمسنا بوضوح هذا العام ندرة الأمطار الشتوية في مواسمها ثم اختزال فصل الربيع والانتقال إلى الصيف من حيث ارتفاع شديد للحرارة مما جفف العشب الأخضر. ففي ذاكرتنا الشعبية الربيع هو ابن الشتاء فيقولون (طلع الربيع) ويقصدون نما العشب ، وهم يظنون أن العشب يظل أسير زوجة أبيه المربعانية، وهو وبعد خلاصه من الأسر يخرج ليغطي وجه الأرض بالخضرة والجمال مع إحساس عام بالدفء والمتعة". إن هذه التغيرات المناخية تكون سلسلة من التأثيرات السلبية على الحياة والبيئة والطبيعة، وعلى موارد الحياة الضرورية للإنسان والحيوان والنبات على حد سواء. فكيف السبيل لمواجهة النتائج السلبية في بيئتنا الفقيرة والمحتلة قبل هذا الخلل في التوازن البيئي الذي سيزيد الأمور تعقيدا وإشكالا؟ وكيف نتقي شر الغلاء وارتفاع الأسعار ونقص الغذاء وما بتبعه من أمراض... إلخ؟ إن العبث في قوانين الطبيعة وتلوث البيئة وعدم الاتزان والأخذ بالحسبان بمدى الكارثة القادمة سيؤثر تأثيرا مدمرا على المنطقة. وكما ندفع ثمن الحروب التي يشنونها علينا بأثمان بترولنا سندفع ثمن استغلالهم للوقود الأحفوري - البترول- وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الوصول لمرحلة عدم التحكم بالغلاف الجوي وتغير المناخ، فالمسؤولة عنه الدول الصناعية الكبرى، علما أن المشرق العربي والبلاد المطلة على البحر المتوسط، يقول المتابعون والدارسون، ستكون الأكثر تضررا. إبداع وفن في موسم الحصاد أبدعت المرأة الفلسطينية في مجال الحرف اليدوية المنزلية؛ وهي تنشد الاكتفاء الذاتي من جهة، وتحقق ذاتها وتعبر عنها في منتوج فني من حيث الشكل والاستعمال من جهة أخرى. كما أن استغلالها لخامات البيئة ينم عن ذكاء ومهارة وخبرة متطورة. وسيقان نبات القمح أي القش هي أول المواد الخام اللازمة لهذا المنتج الفني والعملي والطبيعي 100%، ممّا يكسبه ميزات عدة وليس لها بديل حتى الآن. في حزيران (موسم الحصيدة) تقوم النساء بالخطوة الأولى بعد الحصاد، وفي البيد راو الجرن تختار السيقان الطويلة الغليظة المستوية ثم البدء بالتقشيش أي تقصم القشة من العقدة الأولى التي تلي السنبلة، تجمعها في حزم وتحفظها لفصل الشتاء حيث يتسع الوقت لعملية النسيج. ومن العادة الجميلة والطريقة والمشجعة أن تعطى النساء حرية اختيار القش المناسب من أي بيدر ولأي شخص دون اعتراض من أحد أو إزعاج، لأنهم يعتبرون الخصب فضلا من الله على الناس، ويتقبلونه بلسان شاكر ذاكر، ولا يجوز منع الاستفادة من نعم الله التي أفاء بها على عباده. وهذا يدفع المرأة أن تنسج باقة من القش بسنابلها تسمى (مشط القمح) او (كف القمح) أو (قشط القمح) وتعلقه على جدران منزلها رمزا للخصب والعطاء، وتقديرا للقمح رمز الخير وأساس الغذاء، وكانوا يعلقونه في أضرحة الأولياء كعلامة للامتنان. | ||||||||||||||||
زهرة من أرض بلادي: شجرة العبهر د. عثمان شركس / جامعة بيرزيت
الاسم العلمي: Styrax officinalis L. اسم العائلة: العائلة العبهرية (الحوزية) اصطركيات Styracaceae الاسم الإنكليزي: Syorax tree, Officinalis storax الاسم العربي الشائع: العبهر، الحوز، العبهر اللبنـي، اصطـرك، ميعة، بنجوان، لبنى مخزنية، لبنة. أصل كلمة Styrax هي كلمة يونانية من أصل سامي، وقد أعادها العرب إلى لسانهم باسم اصطرك. أما لبنى فسامية تدل على البخور، إذ أن أغصان الشجرة الكبيرة تفرز صمغ الأصطرك أو اللبنى. وصف النبتة: شجرة صغيرة جميلة أوراقها بيضوية ذات نهاية مدورة ولونها أخضر ناصل مجرد من الشعيرات على الوجه العلوي، وتغطي وجهها السفلي شعيرات بيضاء قطنية. وللورقة حافة ملساء، الأزهار بيضاء قشدية اللون، قطرها 2-3 سم، معنقة، متدلية، رائحتها زكية، وتتجمع الأزهار في تجمعات من 3-6 أزهار على محور قصير، والثمار كرزية بحجم الكرزة ومغطاة بأشعار بيضاء متلبدة. فترة الإزهار: تزهر في فصل الربيع من شهر نيسان حتى أوائل أيار. التوزيع الجغرافي: تنمو أشجار العبهر في أحراج فلسطين التي تنمو على جبال فلسطين (جبال الجليل والكرمل) ووجدت في حرج إم الريحان (جنين) ونابلس (عصيرة الشمالية، ودير استيا) ورام الله (حرج جامعة والسفح الغربي من منطقة الطيرة والقدس (اللطرون). أهميتها واستعمالاتها: هي من الأشجار المحمية والمهددة بالتراجع في فلسطين، لأنها تعرضت للاستعمال الجائر حيث أنها تحتوي على رائحة عطرية جذابة وتستخدم في صناعة العطور. وكان الفلسطينيون يصنعون المسابح من ثمارها لأنها صلبة وجذابة، وكذلك يستخرجون من لحاء الشجرة الصمغ العبهري الذي يصنع منه البخور المقدس لأنه يستخدم في كنائس القدس وبيت لحم والناصرة للحصول على روائح جميلة، هذا مما جعلها شجرة مقدسة. | ||||||||||||||||
طفلة بتيرية فلسطينية. يزيل المطر رأس النبع الدائم الجريان في قرية بتير حيث يرتفع منسوب المياه وينخفض وفقاً لمواسم الخير، فإذا كان موسم المطر جيداً يقولون "طلعت العين" أي تفجرت العين وفاضت قدرتها على التخزين. والفلاح حريص على مائه إذا جاء أهل قرية الخضر يطلبون تزويدهم بماء الشرب في إحدى سنوات الجفاف في الخمسينيات، وقد جمع المرحوم "حسن مصطفى" أهل قريته وعرض عليهم الأمر لأن الماء ملك لهم، وقد خصصوا لهم ساعات محددة من أول المساء كل ليلة كي يملؤوا خزاناتهم بما يسد حاجاتهم، وبعدها يتحول الماء كالمعتاد إلى البركة باقي ساعات الليل. وهذا كرم وتعاون بين الناس اتصف بها مجتمعنا ورغم أن الماء لريً مزروعاتهم فالأودية يستفاد منها في سدّ حاجة الإنسان لمياه الشرب. تتعرض العيون والينابيع إلى التلوث بسبب سوء تصريف المياه العادمة وقلة أو انعدام شبكات المجاري العامة؛ ولم يعد بالإمكان شرب المياه من الينابيع الصافية كما عهدنا سالفاً.
(من مجموعة صور المرحوم حسن مصطفى) | ||||||||||||||||
التعليقات | ||||||||||||||||
| ||||||||||||||||
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. | ||||||||||||||||
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق