رشا أرنست*
منذ نطق الانسان بحروفه الأولى وهو يستخدم الكلمات للتعبير عن نفسه والمواقف والأحداث ومخاوفه واضطرابه ويستخدم اللغة في التواصل مع الآخرين، وتعتبر اللغة أساس الثقافات التي عرفها الانسان، وتختلف ثقافة الأفراد والمجتمعات باختلاف مرجعياتهم الفكرية والعقائدية ومواقعهم الجغرافية والبيئة أيضا. ويعتبر أي عمل ابداعي هو وسيلة الانسان التي يعبر بها عن هويته وثقافته وأصالة منتجه، وفي هذا المقال نناقش المثل الشعبي المصري وتأثيره في حياة الأشخاص الذين لديهم شكل من أشكال الاعاقة.
يعتبر المثل بشكل عام حالة تعبيرية عن التجارب التي يعيشها الفرد أو المجموعة في تواصلهم بمختلف مناحي الحياة ومكوناتها، وهو أيضا تعبير عن فلسفتهم ونظرتهم لتلك التجارب. وترتبط الأمثال الشعبية بالعادات والتقاليد والأعراف لأي مجتمع. وتساعد الأمثال الشعبية المستمع أو المتلقي أن يدرك أفكار هذا المجتمع وآرائه ومعتقداته ودرجة ارتقائه أو تخلفه.
وللأمثال الشعبية في مصر حضور قوي، فلا يمر موقف أو حدث الا وتجد المصري يستدعي المثل المناسب له، وهناك الكثير من الأمثال الشعبية بمصر ارتبطت بقصص وحكايات تُحكي ضمن المأثورات الشعبية في المجتمع المصري. وكذلك الكثير من الأمثال الشعبية المرتبطة بفئة بعينها، منطقة جغرافية، جنس أو عرق، ونركز في موضوعنا هنا عن الأمثال الشعبية المصرية التي ذكرت بشكل مباشر أو غير مباشر أشخاصاً يُعانون من قصور وظيفي بأجسادهم أو اعاقة ما.
تعددت الأمثال الشعبية التي بنيت في أساسها على التمييز، عن أشخاص لديهم اعاقة، لكنه في الغالب تمييز سلبي، فنجد أمثالاً تهكمية أو أمثالاً تحذيرية تحمل في طياتها نصيحة صارمة ضد هؤلاء الأفراد أو أمثالاً لمست واقع الانسان الذي يُعاني من اعاقة تسخر من حالته مثل:
– ان قابلك الأعمى خد عشاه، انت مش أحن من اللي عماه
– اللي ميشوفش من الغربال يبقى أعمى
– الطشاش ولا العمى
– مكسح طلع يتفسح قال بفلوسه
– كل ذي عاهة جبار
– زي الأطرش في الزفة
وهناك العشرات من الأمثال بالتراث الشعبي المصري تتحدث عن أشخاص لديهم اعاقة ما، ومع الأسف هذه النوعية من الأمثال اغلبها يُعطي انطباعا سلبيا تجاههم، كما أنه يرسخ لمفاهيم التهميش والتقليل من شأنهم وكرامتهم الانسانية قبل أي شيء، وربما بعض التحريض ضدهم، وكأنهم بشر أقل وليس من حقهم العيش مثل الآخرين، فنجد في المثل « ان قابلك الأعمى خد عشاه، انت مش أحن من اللي عماه» سخرية واضحة من حالته وتحريض ضمني باستغلال الشخص الكفيف، والحض على اهدار حقه بالامتلاك من خلال سرقته.
وفي مثل «زي الأطرش في الزفة» نجد المثل يسخر من عدم الانتباه والمبالاة عند الفرد وكأنه أطرش، ناهيك باستخدام هذه المصطلحات (الأطرش، الأعمى، المكسح….الخ) وهي مصطلحات قديمة مازالت تستخدم إلى اليوم ومازالت هناك مناهج دراسية وعلمية داخل الجامعات المصرية تحتفظ بهذه المصطلحات من دون تغيير إلى يومنا، رغم تطور مفهوم الاعاقة على المستوى الدولي والمحلي وتطور أفكار المجتمع المدني تجاه ذوي الاعاقة على المستوى الفردي، الاجتماعي، السياسي والحقوقي، لكنه تطور ينمو ببطء، لم يصل حتى الآن للمواطنين.
تعتبر هذه النوعية من الأمثال الشعبية أحد التحديات التي تواجه الدولة وذوي الاعاقة أنفسهم في تغيير النظرة السلبية تجاههم، وتبطئ من ترسيخ مفاهيم جديدة لحقوقهم الانسانية على قدم المساواة مع كل المواطنين، ولها أثر سلبي كبير في حياتهم الاجتماعية والنفسية مع تداول هذه الأمثال في المواقف المتعددة أمامهم وان كانوا ليسوا طرف في الموقف ولكن سماعها وحده كاف لاحساسهم بالتحقير لوضعهم الذي لم يكن لديهم اختيار فيه.
من السهل ملاحظة ذلك عند التواجد في حدث أو تجمع ما ويسرد أحد الموجودين موقفاً نتج عنه تقصير شخص (لا يعاني من أي اعاقة) فتجد التعليقات تخرج منهم عفوية تنعته بالــ «معاق» كناية على أنه لم يفلح في فعل شيء ما، هذه أحد الصور السلبية المترسخة في أذهانهم، ربط الاعاقة بعدم القدرة على الفعل.
ورغم ان نسبة الذين يُعانون من الصعوبات في مصر تُقدر بأكثر من 10 في المئة من عدد السكان بحسب الاحصائيات الرسمية الأخيرة للتعداد السكاني للعام 2017، ونسبة الذين تربطهم صلة مباشرة معهم تصل إلى 30 في المئة من السكان، أي ان 40 في المئة من سكان مصر لهم علاقة مباشرة مع الاعاقة، الا أن هذا لم يقلل من استخدام هذه الأمثال أو انحسارها ولو جزئيا.
يستدعي تغيير هذه الصورة الذهنية في اطار استخدام الأمثال الشعبية، ابداع أمثال جديدة لها طابع جديد يعبر عن أحوال كل ذوي الاعاقة وثقافتهم ومواجهاتهم للأفكار السلبية ونجاحاتهم في كافة المجالات، أمثال شعبية من وحي واقع التحدي والصمود الذي يعيشونه في حياتهم للتغلب على الحواجز وكسر القوالب النمطية.
نحن اليوم بحاجة إلى تضافر جهود كل فرد لديه قدر من الثقافة والايمان بحقوق الانسان من دون تمييز، لنخطو إلى مرحلة عملية من ثقافة احترام الاختلاف الذي هو أساس حقوق الانسان. ليس مطلوباً أن نعقد المؤتمرات والندوات ونطلق حملات اعلانية لكي نعلن أن حقوق المواطنين في مصر متساوية، نحن بحاجة إلى ماهو أبسط من ذلك، إلى الايمان الحقيقي بحقوق المواطن كافة من دون النظر إلى الجنس أو الدين أو العرق أو الاعاقة أو أيا كان اختلافه، ايمان بالانسان أولا، ايمان بلا شروط. فسواء كنت اعلامي، معلم، طبيب، عامل، كاتب، فنان،….الخ دورك ورسالتك في التثقيف ونشر الوعي مع كل عمل تقوم به مبني على الانسانية التي تؤمن بها من دون تمييز.
يعتبر المثل بشكل عام حالة تعبيرية عن التجارب التي يعيشها الفرد أو المجموعة في تواصلهم بمختلف مناحي الحياة ومكوناتها، وهو أيضا تعبير عن فلسفتهم ونظرتهم لتلك التجارب. وترتبط الأمثال الشعبية بالعادات والتقاليد والأعراف لأي مجتمع. وتساعد الأمثال الشعبية المستمع أو المتلقي أن يدرك أفكار هذا المجتمع وآرائه ومعتقداته ودرجة ارتقائه أو تخلفه.
وللأمثال الشعبية في مصر حضور قوي، فلا يمر موقف أو حدث الا وتجد المصري يستدعي المثل المناسب له، وهناك الكثير من الأمثال الشعبية بمصر ارتبطت بقصص وحكايات تُحكي ضمن المأثورات الشعبية في المجتمع المصري. وكذلك الكثير من الأمثال الشعبية المرتبطة بفئة بعينها، منطقة جغرافية، جنس أو عرق، ونركز في موضوعنا هنا عن الأمثال الشعبية المصرية التي ذكرت بشكل مباشر أو غير مباشر أشخاصاً يُعانون من قصور وظيفي بأجسادهم أو اعاقة ما.
تعددت الأمثال الشعبية التي بنيت في أساسها على التمييز، عن أشخاص لديهم اعاقة، لكنه في الغالب تمييز سلبي، فنجد أمثالاً تهكمية أو أمثالاً تحذيرية تحمل في طياتها نصيحة صارمة ضد هؤلاء الأفراد أو أمثالاً لمست واقع الانسان الذي يُعاني من اعاقة تسخر من حالته مثل:
– ان قابلك الأعمى خد عشاه، انت مش أحن من اللي عماه
– اللي ميشوفش من الغربال يبقى أعمى
– الطشاش ولا العمى
– مكسح طلع يتفسح قال بفلوسه
– كل ذي عاهة جبار
– زي الأطرش في الزفة
وهناك العشرات من الأمثال بالتراث الشعبي المصري تتحدث عن أشخاص لديهم اعاقة ما، ومع الأسف هذه النوعية من الأمثال اغلبها يُعطي انطباعا سلبيا تجاههم، كما أنه يرسخ لمفاهيم التهميش والتقليل من شأنهم وكرامتهم الانسانية قبل أي شيء، وربما بعض التحريض ضدهم، وكأنهم بشر أقل وليس من حقهم العيش مثل الآخرين، فنجد في المثل « ان قابلك الأعمى خد عشاه، انت مش أحن من اللي عماه» سخرية واضحة من حالته وتحريض ضمني باستغلال الشخص الكفيف، والحض على اهدار حقه بالامتلاك من خلال سرقته.
وفي مثل «زي الأطرش في الزفة» نجد المثل يسخر من عدم الانتباه والمبالاة عند الفرد وكأنه أطرش، ناهيك باستخدام هذه المصطلحات (الأطرش، الأعمى، المكسح….الخ) وهي مصطلحات قديمة مازالت تستخدم إلى اليوم ومازالت هناك مناهج دراسية وعلمية داخل الجامعات المصرية تحتفظ بهذه المصطلحات من دون تغيير إلى يومنا، رغم تطور مفهوم الاعاقة على المستوى الدولي والمحلي وتطور أفكار المجتمع المدني تجاه ذوي الاعاقة على المستوى الفردي، الاجتماعي، السياسي والحقوقي، لكنه تطور ينمو ببطء، لم يصل حتى الآن للمواطنين.
تعتبر هذه النوعية من الأمثال الشعبية أحد التحديات التي تواجه الدولة وذوي الاعاقة أنفسهم في تغيير النظرة السلبية تجاههم، وتبطئ من ترسيخ مفاهيم جديدة لحقوقهم الانسانية على قدم المساواة مع كل المواطنين، ولها أثر سلبي كبير في حياتهم الاجتماعية والنفسية مع تداول هذه الأمثال في المواقف المتعددة أمامهم وان كانوا ليسوا طرف في الموقف ولكن سماعها وحده كاف لاحساسهم بالتحقير لوضعهم الذي لم يكن لديهم اختيار فيه.
من السهل ملاحظة ذلك عند التواجد في حدث أو تجمع ما ويسرد أحد الموجودين موقفاً نتج عنه تقصير شخص (لا يعاني من أي اعاقة) فتجد التعليقات تخرج منهم عفوية تنعته بالــ «معاق» كناية على أنه لم يفلح في فعل شيء ما، هذه أحد الصور السلبية المترسخة في أذهانهم، ربط الاعاقة بعدم القدرة على الفعل.
ورغم ان نسبة الذين يُعانون من الصعوبات في مصر تُقدر بأكثر من 10 في المئة من عدد السكان بحسب الاحصائيات الرسمية الأخيرة للتعداد السكاني للعام 2017، ونسبة الذين تربطهم صلة مباشرة معهم تصل إلى 30 في المئة من السكان، أي ان 40 في المئة من سكان مصر لهم علاقة مباشرة مع الاعاقة، الا أن هذا لم يقلل من استخدام هذه الأمثال أو انحسارها ولو جزئيا.
يستدعي تغيير هذه الصورة الذهنية في اطار استخدام الأمثال الشعبية، ابداع أمثال جديدة لها طابع جديد يعبر عن أحوال كل ذوي الاعاقة وثقافتهم ومواجهاتهم للأفكار السلبية ونجاحاتهم في كافة المجالات، أمثال شعبية من وحي واقع التحدي والصمود الذي يعيشونه في حياتهم للتغلب على الحواجز وكسر القوالب النمطية.
نحن اليوم بحاجة إلى تضافر جهود كل فرد لديه قدر من الثقافة والايمان بحقوق الانسان من دون تمييز، لنخطو إلى مرحلة عملية من ثقافة احترام الاختلاف الذي هو أساس حقوق الانسان. ليس مطلوباً أن نعقد المؤتمرات والندوات ونطلق حملات اعلانية لكي نعلن أن حقوق المواطنين في مصر متساوية، نحن بحاجة إلى ماهو أبسط من ذلك، إلى الايمان الحقيقي بحقوق المواطن كافة من دون النظر إلى الجنس أو الدين أو العرق أو الاعاقة أو أيا كان اختلافه، ايمان بالانسان أولا، ايمان بلا شروط. فسواء كنت اعلامي، معلم، طبيب، عامل، كاتب، فنان،….الخ دورك ورسالتك في التثقيف ونشر الوعي مع كل عمل تقوم به مبني على الانسانية التي تؤمن بها من دون تمييز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق